الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراحيض العمومية ومراحيض البرلمان!!

حميد طولست

2016 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المراحيض العمومية ومراحيض البرلمان!!
دفع بي خبر تخصيص ميزانية ضخمة لإصلاح مراحيض البرلمان المغربي قدرت بمليار و400 مليون سنتيما –بغض النظر عن صحته أو كذبه –إلى إعادة نشر مقالة كنت قد كبتها قبل اليوم بزمان ، لطرافتها .
المقالة: المِرْحَاض و التواليت Toilette والـWC. و Cabinet و الكَنِيف عند البعض ، والمرافق الصحية ، أو الحمام ، وبيت الراحة ، وبيت الخلاء ودورات المياه ، عند البعض الآخر ، أو بيت الماء ، وبيت لُوضُو ، والمِيضَا ، والكَابِينَا ، والتواليت ، عندنا في عاميتنا المغربية : كلها أسماء لمكان واحد ، يلجأ إليه الإنسان لتصريف حاجاته البيولوجية ، ويرتاح فيه بعد تخلصه من فضلاته البشرية البول والبراز .. ويمنحه حق الحلم ، بل هو المكان الذي يمارس فيه حلمه بحرية ، والذي يجرؤ فيه ليس على الحلم فقط ، بل على البوح بأحلامه الخاصة مهما بدت أحلامه صغيرة أو كبيرة ..
المراحيض ، عمومية كانت أم خاصة ، هي أماكن ينأى فيها المرء عن عناء السياسة التي تلاحقه عبر شاشات الفضائيات ومن خلال المواقع الالكترونية ، وفي المقاهي والحافلات والطاكسيات وباقي مرافق الحياة المختلفة ، لكنها هذه المرة، وعلى ما يبدو قد تأثرت بمتغيرات الزمان والمكان ، وسايرت هي الأخرى الظروف العامة ، فلم تبق بمنأى عن السياسة التي ملأت على إنسان حياته ، حيث لم تعد مؤخرا تستحق تسمية "بيت الراحة " التي أطلقها عليها العرب ، ولم تبق هي المكان السانحة للاستراحة من جدلية السياسة العقيمة ، وتحولت لجدل سياسي عقيم ، فرضه الواقع الممارس خارجها ، والذي أصبح الإنسان مع احتدامه ، محاصرا به في داخلها كما في خارجها .
ربما يقول قائل أن ظاهرة الكتابة على أبواب وحيطان المراحض العمومية ، ليست جديدة على المجتمع المغربي ، قول فيه من الصحة الشيء الكثير ، إلا أنه فات أصحابه ، بأن كتابات الماضي ، كانت تتركز في مجملها على المشاكل العاطفية والنكات البذيئة ،مع قليل من "السياسة "، قبل أن تجبر الأحوال العامة القاسية التي يعاني منها المجتمع ، إلى احتلال الجدل السياسي المرتبة الأولى في تلك الكتابات التي اكتسحت كل ابواب وحيطان المراحض العمومية ، ومراحض المدارس والمقاهي والجامعات وحتى مراحض المساجد ، بل وأضحت تشكل متنفسا سياسيا لظهور بعض الكتابات ذات المضمون السياسي والايدلوجي ، للتعبير عن مختلف الآراء الفكرية أو الدينية أو السياسية أو العقائدية بكل حرية ودون تكميم أفواه ، ودون خوف ، أو تخوين أو تهويش أو تهميش أو اتهام أو قتل ..
ورغم أني من الرافضين لهذا المسلك فإني ، وفي كثير من الأحيان ، لا أشعر بنفسي ، إلا وأنا أمسك بالقلم لأكتب ردا على ما جاء في تعليق أرى أنه مخالف للصحة ، أو أنه مجانب للمنطق ، أو أهنئ الكاتب على عبقرية أسلوبه المرحاضي ..
لاشك أن الأمر يبدو مقلقا في ظاهره ، وأن البعض يرى أن مشهد تلك الكتابات لمقرف ومقزز ، ومن أبشع ما يمكن أن يتأمله الإنسان وهو يقضي حاجته ، إلا أن البعض الآخر يرى أنه "ظاهرة صحية" ، ولا يرى غضاضة في التوعية ببعض القضايا الحساسة ، باستغلال جدران المراحض وأبوابها ، ويعتبره ، سبيلا للتوعية عموم الناس ، كلما استعصى عليه إيصال صوته إليهم عبر الطرق الديمقراطية الأخرى والمُتحكم فيها ..
إن ما يحدث في مراحيضنا شهدته مراحيض بلدان متقدمة أخرى في أزمان ماضية ، لم تكن تتوفر فيها على الحد الأدنى من الحرية و الديموقراطية ، لأن ظاهرة الكتابة على مختلف الجدران سواء داخل المراحيض العمومية أو خارجها ، مرتبطة بقلة التمرس على الديمقراطية ، وناتجة عن عدم توفر مرافق ووسائل تعبير المقهورين من مختلف الفصائل والتيارات السياسية عن مظالمهم ومطالبهم المختلفة السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية والنفسية ، والتي تمتص في كثير من الأحيان غضب السياسيين ، وتخفف من الآثار النفسية والصحية التي يمكن ان يتعرضوا لها في حياتهم ، كما هو الحال في الدول الغربية ، وعلى رأسها بريطانيا ، التي تنبهت إلى جدوى البوح والتعبير عن مكنون النفوس ، فأنشأت ب" الهايد بارك" Hyde Park ما يسمى "بزاوية المتحدثين" " Speakers Corner وهي المكان الذي يجتمع فيه المتحدثون كل يوم أحد لإلقاء كلمة أو محاورة حول موضوع ما بكل حرية ، الشيء الذي قلل من الكتابة على حيطان وأبواب مراحيضهم ..
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي