الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذرا أبي / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

2016 / 12 / 4
الادب والفن


...بغرفة المستشفى المطلة على البحر...و بالطابق الرابع ...تمطى صابر في فراشه ...ينظر الى النافذة منتظرا فجرا جديدا ...المكان هادىء الا من وقع أقدام الممرضات و الأطباء ...
أطلت سامية الممرضة مبتسمة و ألقت تحية الصباح ...قالت ...هل أنت مستعد للخروج عم صابر ؟
قال ...نعم ...و كلي شوق لرؤية عالم غبت عنه ستة أشهر...هل وصل أبنائي ؟ قالت...لا ...و لكن الوقت مبكر ...سيأتون ....ستغادرنا أيها الرجل الطيب ...
وصل الطبيب ...قال...جئت لأطمئن على صحتك قبل الخروج ...انتظر...قليلا....التفت الى الممرضة و قال ...هذا الرجل يتقد أملا ....انظري اليه كيف يرتدي معطفه ...كأنه يستعد لمقابلة شركائه ...لا شك أن ابنه و ابنته في الطريق...خذي حقيبته و رافقيه الى الأسفل لاتمام الاجراءات و لينتظر حتى يأتي
أفراد عائلته ...
جلس صابر بقاعة الانتظار ...و عيناه لا تفارقان باب الدخول الى المستشفى....و مرت ساعة ...نظر بعينين مغرورقتين بالدموع الى عون الاستقبال دون أن ينطق ...ثم تمشى ...و لم تهدأ حركته بين الكرسي الذي كان يجلس عليه و حقيبته الجاهزة للخروج ...جاءته سامية الممرضة و قد أدركت تغير ملامح الرجل ...و قرأت بفراستها أسئلته التي لم ينطق بها ....قالت سأتصل بهم ...و أسرعت الى الهاتف ...و الرجل واقف و كلماتها تشق صدره و تعجز خطواته عن التحرك ...قالت ان والدكم ينتظر
منذ ساعة ...هل ستأتون أم نتصرف ؟ ...عادت اليه ...و أمسكت بذراعه و أجلسته و قالت....هم آتون اطمئن...
امتقع وجهه ...و طأطأ متنهدا دون أن تغادر عيناه مدخل المستشفى...حتى رأى ابنته و زوجها مقبلين
عليه ...مكث جالسا ....و استمع اليهما و كأنه لم يدرك شيئا مما كان حوله ....وقف ....و سار في طريق الخروج بينما أخذ زوج ابنته الحقيبة و توجه الجميع الى سيارة فاخرة تربض قريبا ...جلس في المقعد الخلفي صامتا ...لا يرد على الترحاب و تمنيات السلامة...لكنه سأل عن غياب ابنه مراد ...لماذا لم يأت ؟
تحركت السيارة ...و نشب في الطريق جدال بين ابنته و زوجها ...و كان واضحا أن ترتيبا في انتظار الرجل...هو موضع النقاش بينهما ....قالت سعاد لزوجها ....لماذا جبنت ؟ ألم نتفق على ابلاغه بالأمر ؟ بينما زوجها يتردد ...ينظر الى صابر الجالس وراءه خائفا ...متحججا بأن الأمر مبكر ....و لننتظر حتى نصل ....
عند الخروج من المدينة ...نظر صابر الى الأشجار و المسلك الذي أخذته السيارة ....فسأل...ليس هذا طريق المنزل ...هل أخطأت الطريق ؟ لم يسمع اجابة ....حتى توقفت السيارة أمام بناية بها عدة طوابق ...و سياج يحيط بها ....نزلت ابنته و تبعها زوجها ...و جاءت لتحادث والدها من نافذة السيارة...قالت ...انزل يا أبي ...لم نشأ اخبارك و أنت تتعافى في المستشفى ...قد رتبنا كل شيء ...كل أغراضك و مكتبتك هي في انتظارك بغرفة تطل على البحر في هذه الدار ...قال و أي دار ؟ حينها نطق
زوجها...انها دار رعاية للمسنين ....و كأنه لم يعد يسمع بقية حديثهما ....استغرق في الصمت ...و مكث جالسا ...جاءت مديرة الدار ...و استمعت الى كل ما يجري ....قالت ألم تقولوا انه موافق ؟
نظر اليها صابر...و أشار الى ابنته فاقتربت ...قال خذيني حالا الى منزلي...ماذا يحدث ؟

كان رفضا قاطعا...استدارت السيارة على اثره نحو طريق و منه الى منزل العائلة ...نزل صابر ضاربا الباب خلفه بقوة ...و أمر ابنته بانزال حقيبته ...و اتجه صوب المنزل....لم تفعل...و تبعته و زوجها
حتى دخلوا بهوا واسعا ...أجال صابر ببصره ...و قال ...أين مكتبتي و صورة أمك يا سعاد...؟
كان مراد ابنه ...يتردد في الاقتراب منه ...تفطن اليه ...فقال....ظننتك ستكون من أول الوافدين على المستشفى لاصطحابي ؟
حينها ابتعد الابن و أسر في أذن زوج أخته ...أنت محامي و كل شيء تم على يديك...ألا تنطق ؟
ثم قال دون أن يرفع رأسه....عذرا أبي ...يبدو أنك نسيت...انك تعرضت لحادث فضيع منذ ستة أشهر
كاد يودي بحياتك....فقدنا الأمل ...كان كل شيء قانوني ...أمضيت عليه ...أنا الآن و زوجتي نسكن
هذا المنزل و استلمت الشركة...أختي سعاد استلمت منزلنا بوسط المدينة و رصيدا من الأموال مقابل تخليها عن منابها في الشركة ...لقد رتبنا كل شيء...سيصلك راتب شهري ...فتحنا حسابا للغرض...
كان المحامي....صهره....يستمع و يشير برأسه ...بينما وقفت سعاد بعيدا كمن ينتظر انفجار بركان ...
لكن ذلك لم يحدث...تمشى صابر ...و صاح أين حقيبتي ؟
قالت سعاد ...سنصحبك الى دار رعاية المسنين ...ألم تر أن هذا المكان لم يعد يتسع لك ؟ هيأنا لك غرفتك هناك ...
أراد مراد الامساك بذراعه ....ابتعد صابر حتى كاد يسقط ...و خرج صوب السيارة ...أنزل حقيبته ...
وجال ببصره نحو المنزل و الحديقة الكبيرة ...و سار مشيا ....حاملا الحقيبة ...لحق به مراد ...و ناوله ورقة نقدية ...و قال لتركب تاكسي ....
وقف صابر و نظر بازدراء الى الواقفين ...و قال ...مصروف جيب ....
اختفى الرجل بين الأشجار....و تسمر الباقون ينتظرون غيابه عن المشهد.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث