الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موليير مصر.. يعقوب صنوع

عطا درغام

2016 / 12 / 10
الادب والفن


لقد أثارت جريدة الأهرام المسائي في أحد أعدادها قضية ريادة صنوع ، ما بين مؤيدين لريادة يعقوب صنوع ومنهم الدكتور محمد يوسف نجم ، ورافضين لهذه الريادة وعلي رأسهم الدكتور سيد علي إسماعيل في كتابه ( محاكمة يعقوب صنوع ) ، ويرفض فيه ريادة يعقوب صنوع. وأياً كانت الآراء التي تؤيد أو ترفض ، إلا أنه صفحة لا يمكن أن يغفلها التاريخ أو يغض الطرف عنها، وكذلك ودوره في تأسيس أول مسرح مصري.
الخلفية الثقافية لمسرح صنوع
لم ينشأ مسرح يعقوب صنوع من فراغ ، أو يظهر علينا فجأةً ؛ إذ كانت البيئة مهيأةً تماما ، تُلح علي ظهور من يؤسس المسرح المصري. وظهر ذلك جليًا في ولع الخديو إسماعيل في أن يجعل مصر قطعة من أوربا ، فاهتم بالتعليم وإنشاء المسارح وتأسيس دار الأوبرا المصرية بمناسبة افتتاح قناة السويس ، وقدمت عليها أوبرا ( ريجوليتو) لفيردي ، وافتتاح مسرح الكوميدي الذي أقامه إسماعيل لاستقبال العروض الأجنبية.
النشأة والتكوين
ولد يعقوب صنوع في 1 أبريل سنة 1839 ، وأظهر نبوغًا مبكرًا في معرفته اللغات وتحصيله لها ، وساعده علي ذلك سفره إلي إيطاليا برعاية حفيد محمد علي الأمير أحمد يكن باشا يكن في بعثة دراسية علي نفقته الخاصة للتزود من معارفها.
وقضي يعقوب صنوع في مدينة ليفرنو بإيطاليا ثلاث سنوات ، تزود منها بالكثير من العلوم ومشاهدة العروض المسرحية، فكانت تلك الفترة التي قضاها في إيطاليا مرحلة تثقيف واستيعاب.
لم يسطر في تلك الفترة مسرحية واحدة ، حتي كانت العودة إلي مصر ، وظل فيها فترة ، وكأنما أراد أن يختزن ما شاهده وأن يستغله بعد أن يكون قد تمرس بالحياة المصرية التي أراد أن يكون لها الناقد من خلال كوميدياته.
يعقوب صنوع ..موليير مصر
ألحت علي صنوع فكرة إنشاء مسرح مصري يقدم فيه مسرحيات بلغة الشعب ، بعد أن كانت تقدم المسرحيات بلغة الفرق الأجنبية علي مصر في تلك الفترة.
افتتح يعقوب صنوع مسرحه سنة 1870 بالأزبكية بعد أن توسط له خيري باشا عند الخديو والحصول علي إذن بالتمثيل في حديقة الأزبكية. واستهل صنوع عروضه المسرحية بمسرحية ( راسبوتين شيخ البلد والقواص) والتي ضمنها الكثير من الأغاني الشائعة حتي لا يصدم الجماهير التي اعتادت الطرب.
لقي يعقوب صنوع التشجيع والاستحسان من الطبقة الاجتماعية الجديدة التي أفرزها عصر إسماعيل ، ولم يصادف صنوع في عروضه المسرحية الأولي أية مشكلات مادام التزم أسلوب التطريب.
نتيجة لهذا الاستحسان والنجاح اللذين حققهما مسرح صنوع في البداية ، دعاه الخديو إسماعيل وفرقته للتمثيل علي مسرحه الخاص في قصر النيل ، وأشاد به إسماعيل قائلا :" نحن نُدين لك بإنشاء مسرحنا الخاص . فإن كوميدياتك وغنائياتك ومآسيك قد عرّفت الشعب علي الفن المسرحي. فاذهب فإنك موليير مصر وسيبقي اسمك كذلك أبدًا" .
مسرح يعقوب صنوع
كتب يعقوب صنوع – علي حد قوله- حوالي اثنتين وثلاثين مسرحية ، لم يصلنا منها إلا سبع مسرحيات ، وقام فيها يعقوب صنوع بدور المؤلف والممثل والمدير والملقن لجميع المسرحيات التي كتبها.
ومن أهم الأعمال التي قام بها صنوع ، أنه أول من أدخل المرأة العربية في مسرحه؛ إذ وفق في العثور علي فتاتين فقيرتين وعلمهما القراءة والكتابة، وأسند لهما بعض الأدوار الصغيرة إلي أن أصبحتا نجمتين لامعتين في مسرحه. وذلك ، بعد أن كان يقوم بهذه الأدوار رجال يتزيون بزي النساء.
اتسم مسرح صنوع بالسذاجة في مضمونه ؛ إذ كان يغلب عليه طابع الفودفيل ودفعه لذلك طبيعة الشعب الساخرة المحبة إلي الغناء والتطريب. وكي يجذب صنوع إليه الجمهور إلي المسرح اتجه إلي كتابة مسرحياته باللغة الدارجة ، كما رأي ضرورة تطعيمها ببعض الألحان الشعبية الناجحة المتداولة علي الأفواه آنذاك.
ولم يقتصر صنوع علي تقديم مسرحياته ، بل كان يشرح للجمهور من فوق خشبة المسرح قبل عرض روايته . وفي نهايتها ما خفي عليهم ويبصرهم بمشاكلهم.
صنوع وقضايا المجتمع
علي الرغم مما يُذكر عن مسرح صنوع بأنه بسيط ساذج ، إلا انه كان يختار موضوعاته من المشاكل الواقعية التي تعترض الشعب في حياته اليومية. وكان يختار بها القالب الفكاهي ، وتصدي لمعالجة الكثير من الأمور في مسرحه.
نجده في مسرحية ( العليل )، يعالج مشكلة تصديق الناس لآراء المشعوذين والسحرة وسخريتهم من الأطباء. وفي مسرحية ( أبو ريدة البربري) انتقد مشكلة الخاطبة والدور الذي كانت تقوم به في الأسر لربط الشباب والفتيات سعيًا وراء الكسب المالي دون النظر إلي مستوياتهم والطبقية ومراكزهم الاجتماعية.
وتناول مشكلة الخدع والخيانات وعدم الوفاء بالوعود في مسرحية ( الصداقة) وفي مسرحية ( البورصة ) تناول مشكلة الصعود والهبوط في أسعار الأوراق المالية لتدخل بعض الحكام وسيطرتهم علي الأسعار ، وما يترتب علي ذلك من تحطيم لبعض الأسر.وتعرض كذلك لموضوع تعدد الزوجات في مسرحية ( الضرتين).
كانت مسرحياته أشبه بمقالته التي كان ينشرها في صحفه المختلفة ؛ إذ اتخذ منها وسيلة لتقريب المعاني السياسية التي يستهدفها سواءً أكانت نقدًا للخديو والإنجليز أو تحريضًا عليهم أو نقدًا اجتماعيًا.
من المسرح للصحافة
انقلب الخديو إسماعيل علي صنوع بعد أن مثّل علي مسرحه رواية ( الوطن والحرية) والتي رأي فيها الخديو مساسًا بحكمه وبحاشيته ، فأمر بإغلاق المسرح.ويُرجع نعمان عاشور ذلك إلي أن سببه الأول نشاط يعقوب السياسي الخاص وعلاقته بجمال الدين الأفغاني وإنشائه محفل ( التقدم) وجمعية ( محبي العلم( عام 1872 .
وهناك رأي آخر تمثل في أن الفرق الأجنبية كانت تريد أن تستأثر بهذا النشاط، ولا شك أن الأجانب كانوا يقيمون في مصر كثيرًا ،وبرزت أنشطتهم في مختلف المجالات فاستجلبوا الفرق الوافدة من بلادهم وشجعوها علي العمل في مصر ، واستطاعوا أن يؤثروا علي الخديو إسماعيل لإغلاق مسرح صنوع كي يخلوا لهم المجال. وشعر بذلك يعقوب صنوع عندما اكتشف مضايقة ( درانيت باشا ) رئيس الأوبرا المستمرة له، فترك المسرح إلي العمل بالصحافة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم