الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون يزورون تاريخهم القريب

احمد عبدول

2016 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بداية اود ان اشير الى انني كنت قد كتبت مقالي ما قبل الاخير والذي كان يحمل عنوان (من مقارنات العراقيين الظالمة ايهما افضل زمن صدام ام زمن ما بعد صدام ) واذا بأحد المعلقين ويبدو انه من اخوتنا في العروبة التي لم نجن منها سوى الويل والثبور وتجييش طوابير الانتحاريين الذين يفجرون انفسهم وسط جموع الاطفال والنساء من المدنيين الابرياء بعد ان تعرضوا لحملات غسل الادمغة التي خضعوا لها من قبل شيوخ السوء وارباب الكراهية .
والحقيقة انني كنت وما زلت موظفا في احدى الدوائر الخدمية العراقية وقد اضطررت ايام النظام البائد لترك وظيفتي لانخرط في اعمال شاقة كالفلاحة والعمالة ثم ما لبثت ان عدت ادراجي لوظيفتي قبيل السقوط المدوي بشهرين فقط واليوم اخذت افكر مجددا ان اترك ذات الوظيفة لأنها لا تسد رمق عائلتي الصغيرة .
للأسف الشديد انني عندما اذكر البعض بمأسي وسلبيات وكوارث النظام البائد فان البعض يتهمني باني من المستفيدين من الوضع الحالي كما حصل مع هذا الذي علق على منشوري ما قبل الاخير بقوله وبالحرف الواحد (كلام فارغ او انك تسفيد من شيء ما ) .
واليوم اريد ان اشير الى حقيقة مرة , وفي الحلق شجى ,وفي العين قذى , كما يقال ذلك ان شريحة واسعة من العراقيين اخذوا اليوم يقومون بأكبر عملية تزوير لتاريخهم القريب الذي لم يمض على مروره سوى عقد من الزمن فقد اخذ الكثير من العراقيين يروج الى فكرة مفادها ان مدة حكم (صدام حسين ) حين انما كانت تشهد نظاما سياسيا وامنيا واقتصاديا مزدهرا ومقبولا عاش في كنفه العراقيون بوئام وسلام وهذا لعمري من زور القول وبهتان الطرح والمشكلة ان من يتبنى هكذا طرح يستدل على صحة ما يذهب اليه بقوله ان من جاء بعد صدام ونظامه لم يكن بأحسن منه ولا ادري ما هو وجه المنطق بين ربط حقيقة من اتى بعد عام 2003 الى سدة الحكم وبين نظام صدام وحزبه الفاشي .
لا زلت اتذكر تلك القوة التي كانت تعود لما يسمى بفدائيي صدام وقد اخرجت الصبي (وسام ) من عقر داره لأنه قبل يوم كان قد تفوه بكلمات نابية بحق حرم القائد الضرورة (سجودة) وقد كان وسام شابا يتعاطى حبوب الهلوسة التي ادمن عليها الكثير من اقرانه بسبب سياسات نظام صدام التي تسببت في ضياع الشاب العراقي وسط متاهات الحروب والعوز المادي والنفسي والثقافي , ما زلت كيف تم استلال لسان (وسام ) وسط جموع النساء والأطفال وهم يرتجفون فرقا وخوفا من بشاعة ما يشاهدونه من فعل تقشعر له الابدان ويجعل الولدان شيبا .لا زلت اتذكر كيف انتشرت شبكات الدعارة وسط الاحياء الشعبية وكيف اصبحت المرأة العراقية مادة للعرض والطلب في بلدان الجوار بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته الامم المتحدة بسبب سطو صدام على الجارة الكويت لا زلت اتذكر كيف كان الجندي العراقي يستجدي (الكروة ) في كراج النهضة والعلاوي وهو يهم بالالتحاق بوحدته العسكرية حتى كان الكثير من هؤلاء من صغار السن يسقطون فريسة لبعض ضعفاء النفوس من الشاذين جنسيا .
لقد وصل الحال بالعراقيين وقتها انهم صاروا يخافون ان يتركوا ملابسهم على الحبال ليلا كي لا تمتد لها عصابات السطو والسرقة مما اضطر البعث آنذاك لاستحداث ما يسمى بظاهرة (نواطير الشعب ) الذين كانوا يقطعون الطرقات ذهابا وايابا خوفا من تلك العصابات الجوالة هذا وغيره كثير قد تم نسيانه وتناسيه ليصبح العراق ايام صدام بلدا امنا مستقرا يأتيه رزقه رغدا بأذن ربه .
لقد اصبح الشعب العراقي برمته في عهد (صدام حسين) مطية يمتطيها هو وحزبه الفاشي فيمضي به من حرب الى حرب ومن محرقة الى اخرى حتى اصبح الشعب العراقي آنذاك مادة للتندر والسخرية حتى ان الراحلة (مارغريت تاتشر ) رئيسة وزراء بريطانيا وقد سألها احد الصحفيين عن امكانية قيام الشعب العراقي بثورة ضد حكم البعث ردت قائلة (ان الشعب الذي يأكل البرسيم لا يمكنه القيام باي ثورة )
العراقيون اليوم يقومون بتزوير التاريخ بكامل قواهم العقلية والنفسية وحجتهم في ذلك ان من جاء بعد صدام اسوء منه .اننا بطبيعة الحال لا نريد ان ندافع عن طبقة سياسية لم تكن بالمؤهلة بالشكل المطلوب لحكم العراق والعراقيين اضافة لما يتخلل تلك القوى والاحزاب من تنافر وتضاد وتقاطع في الرؤى والبرامج والاجندات فضلا عن جملة من الاسباب والعوامل والضغوطات التي تعرضت لها تلك القوى , والتي ادت في نهاية المطاف الى سقوط تلك القوى السياسية في وحل الفساد والافساد لكننا في ذات الوقت لا نتفق مع هؤلاء الذين يزورون تاريخهم القريب فيصورون لنا طاغية الامس على انه منقذ اليوم .
يبدو ان الشخصية العراقية هي شخصية مزاجية انفعالية كما انها تتسم بالنسيان السلبي ومثل تلك الاسباب مازالت سببا في تراكم الويلات السياسية والاجتماعية التي تحل بساحتها منذ قرون خلت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات