الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في البحث عن كبش فداء!..

فاضل الخطيب

2016 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في البحث عن كبش فداء!..
خلال أكثر من سنة من بداية عمر الثورة قلّما، أو نادراً ما تطرقت لقضية دينية انتقادية، حتى أنني دافعت حينها عن المجاهدين وشعاراتهم، وأذكر أنني مثل العديد دافعنا عن تلك الشعارات وحتى أسماء كتائبهم غير المريحة، وقلنا أنهم من خلفية إسلامية ولا يحركهم فكر "سارتر"، والمهم تسخير كل شيء من أجل الانعتاق والحرية وإقامة البديل الديمقراطي الحقيقي، ودافعنا بدون تحفظ عن خروج المظاهرات من الجوامع واستشهد بعضنا اليساري بأن ستالين نفسه أمر في بعض المدن السوفييتية خلال تصديها للوحش النازي أن يقرعوا أجراس الكنائس تحفيزاً للمؤمنين والمواطنين بشكل عام على الصمود والثبات!، باركنا ذلك "الخطاب الذي لا يُلبي ولا يعكس رؤيتنا ورغباتنا بشكل كامل" لأننا كنا نجد قواسم مشتركة حينها مع الإسلاميين"، لأن خطابهم كان فيه الوطن والحرية وشعارات الثورة أكثر مما كان فيه ذلك الإنشاء الديني، لأنه كان الله ونبيه ودينه وإيمانه يخدم الثورة وأهدافها، أو هكذا اعتقدنا وقلنا نحن مع الشيطان إن كان يساعد على انتصار الثورة، وكنا نرى أن الحلقة الرئيسية من الصراع هي مع النظام، والباقي ثانوي، وكتبت على الفيس بوك في 13اوكتوبر2011 أي بعد نصف عام على انطلاقة الثورة (رغم الاكتشاف المتأخر لبعض أعضاء المؤتمرات والمجالس والجمعيات والتنسيقيات و...إلخ. أن النظام فاسد قمعي ويجب إسقاطه، ورغم التأخر في تعليق وتجميد ثم تسخين معارضة البعض للنظام، إلا أن الثورة باعتقادي تتسع للجميع وبحاجة لكل الأصوات الداعية والعاملة لإسقاط النظام /كل النظام، وإقامة البديل الديمقراطي التعددي، وبحاجة قبل كل شيء للمزيد من الأخلاق. أعتقد أن الشعب السوري يريد بناء سوريا هنا ولكل السوريين وفي هذا العصر وعلى أساس العصر، وقبل انقضاء العصر).. كان هذا قبل قدوم جماعات القاعدة الداعشية وغيرها، وبعد قرابة سنتين على انطلاقة الثورة صار واضحاً أكثر أن "موازين" قوى الحرية والثورة تنقلب لصالح شعارات تهدم الثورة وهدفها الأكبر هو الحرية وإقامة البديل الوطني الديمقراطي ودولة القانون، حينها ظهر نشطاء الثورة في التلفزيونات بمقدماتهم الدينية وقراءتهم بعضاً من آي الذكر الحكيم، حتى أن أحدهم قدم ركعات في برنامج الاتجاه المعاكس وآخر قدم التحية العسكرية بلباس عسكري والكثير من مسرحيات "السيرك الديني"، حينها ظهرت شعارات العرعور وصبيته من جماعات "الدم السني واحد"، وكان العرعور قد كتب على العلم ذو النجمتين "الله أكبر"، تقليداً بصدام حسين، ثم بدأت تظهر أسماء الجمع البعيدة كثيراً عن روح العصر، وبعدها ظهر أبو صقار، ومن جهز غاز كمن غزا، وما خرجنا إلا لنصرة هذا الدين، وحينها أطلق أردوغان آيته المقدسة الشهيرة "لن نسمح بحماه ثانية"، وحينها أطلق أوباما "أيامه المعدودة"، وحينها طغت شعارات المجوسية والنصيرية والنصارى والكفار والقرامطة والزنادقة وغيرها من المفردات السامة القاتلة داخلياً وعالمياً، بعدها بدأت الثورة تلفظ أنفاسها وبدأ صعود التيار الجهادي السني بشكل سريع مغتصباً الثورة وقضى على غالبية كتائب الجيش الحر، وقضى على كل الفصائل العسكرية غير السنية بشعاراتها وتركيبها البشري، وحينها تم قتل العشرات من دروز إدلب لأنهم دروز، وحينها حدثت اعتداءات على مدينة السلمية ذات الغالبية الاسماعيلية وعلى صدد وصيدنايا المسيحيتين، وسقطت الرقة وغيرها من المدن وضواحي المدن بيد جماعات الإرهاب التكفيري، وصار العداء للنظام بسبب علويته وليس بسبب قمعه وفساده ولاوطنيته، أي أنه غاب تقريباً مشروع الحرية ليظهر مكانه واضحاً مشروع الخلافة والدولة الإسلامية، وكان التيار الجهادي قد أجهز بالكامل على الثورة بمساعدات إقليمية وعربية وعالمية!.. هناك بعض الناس لا تؤمن بحدوث الأشياء، حتى بعد حدوثها، واليوم لا فرق بين رؤية الجماعات الجهادية والنظام الأسدي من مسألة الحرية ودولة القانون والديمقراطية، أي أن الحلقة الرئيسية للصراع صارت ضد الأسدية والجهادية.. ومن جهة أخرى يمكن القول أن استمرار بعض "مثقفي" الإسلام تبرير فشل الإسلام السياسي وجمهوره في صناعة الحرية بتحميلهم الأقليات المسؤولية، لا يساعدهم على صنع الحرية..
عندما قامت الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي قبل أكثر من تسعة عقود، لم يطرح الدروز أسئلة عن نسبة مشاركة السنة أو غيرهم في الثورة، ومن يقرأ التاريخ بحيادية، يجد أن حوالي 67% من مجموع شهداء الثورة السورية الكبرى في كل سورية، هم من الدروز، رغم أنهم كانوا ومازالوا يشكلون حوالي 4% من مجموع السكان، ولا يملكون سنداً نفطياً أو امتداداً دينياً لمليار إنسان أو أقل أو أكثر، ولم "يتمضرطوا" حتى على الذين استقبلوا غوروا بالترحاب في دمشق وتعاونوا معه، لم يتسلقوا الثورة ويغتصبوها ويشحذوا عليها ويتاجروا بدماء ضحاياها، بل هم صنعوها بتلك الـ4% وبتمويل ذاتي 100%، لم يحتكروا النصر يوم كان انتصار، ولم يبحثوا عن كبش فداء يوم كان هزيمة وانكسار. الكرامة والوطنية لا تتعلق بدائرة النفوس، الكرامة والوطنية ليست بطولة إلا للذي لم يتعود عليها/وهذا لا يخفف عدائي لشبيحة الأسد من الدروز..
قامت الثورة السورية ضد حكم عائلة الأسد يوم كان شيوخ المساجد تمجد الأسد، يوم كان الإسلام السياسي "معلّقاً معارضته" لسنوات عدة قبلها، بل أنه بقي شهوراً بعد الثورة متفرجاً دون أي مشاركة، وبعد أن شعروا أن ذلك الحراك الثوري هو ثورة، سال "لعابهم الثوري"/المسعور، وانقضّوا نهشاً حتى قتلوا الثورة فساداً وشحاذة وتكفيراً و"انسحابات تكتيكية عسكرية ومدنية ضمن دولة الإغاثة"، سرقوا الأخضر واليابس، شرَدت شيوخهم في شوارع الفضائيات تفتي بالحلال والحرام ودماء أهلهم تسيل تحت الأقدام، كانوا "الحرس الجمهوري الحقيقي" الذي أنقذ نظام المجرم الأكبر من السقوط، وساعدوه وغيره في تسهيل خلق الدواعش، كانوا الشماعة في ابتعاد العالم عن التضامن مع شعبنا والذي يُمثل أهلهم غالبيته، واليوم يبحثون عن حجة يضعون عليها كل تبعات فسادهم وتواطئهم على دماء أهلهم وعمالتهم للخارج..
نعم، فيكم بقي الأسد حتى الآن، وفيكم فشلت الثورة.. لا أريد إهانة من يعتقد أن تأخر غالبية الدروز عن اللحاق بالثورة هو سبب فشلها وسبب ظهور الدواعش والنصرة، أقول إن كان 4%(نصفهم مهجّر) منذ بدايات عصر "الـ99% نعم للأبد"، أقول أن ذلك إهانة لشجاعة ووطنية وثبات ونزاهة حوالي 80%.. يا جماعة لا تساهموا في الإساءة لأنفسكم وفضح العلاقة بين حجمكم وعطائكم..
لا يملك الشجاعة للمطالبة بإلغاء فتوى ابن تيمية التي تدعوه لقتلي، لكنه يملكها ليعتب عليّ أنني تخلفت عن اللحاق به...

فاضل الخطيب، شيكاغو، 22 ديسمبر 2016.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار