الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات مدينة كان من الصعب الخروج منها!

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2016 / 12 / 27
الادب والفن



مضت خمسة شهور على مغادرتي لمدينة واد زم التي ترقد أسفل هضاب الفوسفاط، لا أحتفظ بذكريات كثيرة تركت الانطباع في داخلي اللهم الحزن والخيبة، حقا لقد تعرفت على بعض الوجوه الجميلة قضينا معا الحلو والمر، إلا أن ذلك لن يثنيني عن القول بأنها أسوأ اللحظات في حياتي، عرفت هذه المدينة منذ أن دخلتها في سبتمبر 2013، شعرت بوحشة كبيرة وانعدام الأفق والضيق والحزن، طيلة مروري على هذه المدينة في اتجاه بني ملال لم أر فيها إلى الغبار وجبال من الأتربة والدخان الذي يتصاعد من المزبلة التي تتموقع شرق المدينة، بدت لي مدينة مهمشة ومنبوذة بين الصخور المتكلسة المترامية على هامشها، في ذلك الحين لم أعرف أن المستقبل يخبئ لي أسوأ اللحظات، لم تكن فترات هينة، بل ثلاث سنوات من التمام والكمال من التضحية والنضال الجسام، بدت صفعتي الأولى حينما انهار كل ما كتبته في مذكراتي الخاصة عن بطولات المدينة في بداية الخمسينات، لقد تغير كل شيء الآن، فمن مقاومة الاستعمار إلى قرصنة الخليجيين، صار المشهد أكثر حضيضية، بدت صفعتي الثانية مع أول شخص اكتريت عنده وهي سيدة، في الشهر الثاني أردت الخروج، فلعنت أصلي ومفصلي، لن أنس يوم 22 من غشت 2013 حينما أتيت باحثا عن الكراء كانت الحرارة ترخي باشعتها في السماء وأنا أتجول رفقة صديقي العياشي، لقد طفنا المدينة بطولها وعرضها شبرا شبرا لكن لا أحد أنصت إلينا، اللهم امرأة رق حالها إلينا واتفقنا معا على الثمن، فإذا بأخيها الملتحي يرفض الكراء لأنني أعزب ما رأيت عنصرية تضاهي عنصرية هذا الموقف، جلسنا نتلظى تحت الشمس ونحن قطعنا طريقا طويلا من مدينة بن سليمان ولم نصل إلا بشق الأنفس، وصلنا خائبين يكتنفنا اليأس، رق حال تلك المرأة بعدما رفض أخوها الملتحي أن يكتري فزودتنا بالمياه وقادتنا إلى صديقة لها واكترينا في منزل منعزل عن العالم، فلم يعجبني وقررت مغادرته بعد مضي شهر، فلعنتني، فكانت صفعتي الثانية، وعرفت أن القاموس المتداول هو قاموس العراة، لقد تفاجأت حقيقة بامرأة في سن 60 تتلفظ بكلمات نابية في حق مكتري ذنبه الوحيد أراد مغادرة المنزل لأنه لم يعجبه . في شهوري الأولى في مدينة وادي زم كانت نفسيتي محطمة بلا قياس، شعرت أنني افطم للمرة الثانية، لقد فطمت من قبل في مدينة ملال، لكن سنة التكوين كانت مفتوحة، قد أعين في مدينتي، لكن الفطام الثاني كان أصعب لأنني لا أدري كم السنوات التي سوف أقضيها في هذه الأرض الجرداء، حينما سمعت بتعييني في هذه المدينة كنت في بني ملال وكان لي صديق بجعدي وسألته عن المنطقة وقال لي : " لن تجد أحسن من لحم المعزي المرابط بين مراعي السدر"، لا شيء يتميز في هذه المنطقة لا مكتبات، لا كتب، لا محاضرات، مدينة يعمها السكون وتتميز برتابة، لا أحتفظ بشيء جميل سوى انطوائي على ذاتي بعد رجوعي من الثانوية وانفرادي بكتاب أو كتابتي لذكرياتي، ومن حسنات هذه الفترة أنني أحييت صلتي بالريف وكتبت مقالات وقصص عن العالم القروي وعلى سبيل المثال : "منزلنا الريفي"، كان العام الأول صعبا جدا، ولكن حينما تعرفت على حسن بدا أقل قسوة .
ع ع / 27 دجنبر2016/ الدار البيضاء - المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم