الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطلح الأنتصار( 2 ) تبعات الاعتقاد بان النصر من عند الله

سعادة أبو عراق

2016 / 12 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


مصطلح الأنتصار( 2 )
تبعات الاعتقاد بأن النصر من عند الله
لقد كانت نتيجة الاعتقاد بأن النصر من عند الله كارثية علينا وعلى تاريخنا، نستطيع إيجازها بما يلي :
أ - إن إيماننا بأن النصر من الله وليس من تخطيطنا الواعي يشبه إيماننا بأن الله هو الذي يشفينا من المرض. وهو الذي يرزقنا ويغنينا، ولكن في واقع الأمر فإن المرضى الذين لديهم هذا الاعتقاد، لن ينتظروا الشفاء من الله، بل يذهبوا إلى أطباء الاختصاص في أرقى المستشفيات، ولو في أقاصي الأرض، ومثلهم المعتقدون بأن الله هو الرزاق ، فلا يجلس أحد منهم في بيته كي يأتيه الرزق، وفي اعتقادي أن الإسلام قد ربط أية قضية حياتية بالله، وذلك لتكثيف استحضار الذات الإلهية في الذهن، وليس ليكون الله ولي أمر المسلم يقضي له كل حاجاته مقابل صلاته وصيامه.
ب - لقد سلبنا هذا الاعتقاد القدرة على تحليل المعارك واستنتاج أسباب النصر وأسباب الهزيمة، وبالتالي اكتساب الخبرة القتالية ونقلها، فكل المؤلفات التاريخية لم تقم بالتحليل اللازم لكل معركة، بل كانت كتابتها كتابة أسطورية، أما القصائد الشعرية التي وصلتنا فلم تتناول أيضا المعارك تناولا موضوعيا، فالانتصار في المعركة هو مادة للفخر والاعتزاز كما هي قصائد أبي تمام والمتنبي، والهزيمة للاتعاظ والتباكي كما هو في قصيدة أبي البقاء الرندي.
ج - بما أن خبرتنا قي الحرب لم تتراكم كذخيرة، فإننا لا نعرف ما يجب فعله قبل شن الحروب، ومن هنا كانت حروبنا عشوائية لا انتصار فيها، وإن القادة الذين نعتز بهم هم قلائل جدا كخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي ، فصلاح الدين ما كان تقيا ورعا فقط، إنما مكث عشرين سنة وهو يبني عناصر المعركة، قبل أن يدخل معركة حطين، لقد بنى تحالفاته مع الدول المحيطة كالدولة الزنكية والشريف بركات أمير مكة وعشائر وبدو السماوة والأنبار وبنى الجيش ودربه وسلحه تسليحا جيدا، وزرع الفرقة بين قادة الصليبيين، ووحد المجتمع العربي إسلاميين ومسيحيين وسنة وشيعة، وأجرى مناوشات اختبار، وبعد ذلك دخل المعركة.
هـ - إن الإيمان بأن الله هو الذي ينصرنا، جعلنا متكلون عليه، يلذ لنا الدعاء المنمق الذي ناب عن الفعل، نضرع بالدعاء إلى الله أن ينصرنا ويهلك أعداءنا، ويجعل تدميرهم في تدبيرهم ويجعلهم غنيمة للمسلمين، وكأننا استبدلنا الأسلحة والخطط الحربية بالدعاء وأعفينا انفسنا من تقدير قوة عدونا لأننا مؤمنون أن الله سيستجيب لدعائنا وينتصر لنا ونحن قاعدون.
و - هذا الركون إلى الدعاء والاستكانه إلى وقوف الله معنا دون سائر خلقه، جعلنا نحلم جادين باستعادة الأندلس وإقامة خلاف هناك، وكأنها صحراء ليس بها أحدا، ولا يعلمون أن بها حكومة من أقوى الدول وأغناها وأعرقها حضارة.
ز - إن هذا الاعتقاد المَرَضِي ما هو إلا محاولة لرد الاعتبار لأنفسنا وذواتنا المهزومة، بأن نتخيل سيطرتنا على العالم، ولكن المشكلة حينما استغلت أمريكا هذا الهوس، وفتحت لهم على أفغانستان سبيلا لتحقيق أمنياتهم وترسل بهم لإزعاج الاتحاد السوفيتي هناك، وذهبوا كمجاهدين، وبعد خروج الاتحاد السوفيتي أصبحوا غير مرغوب بهم وتحولوا إلى إرهابيين، وها هو العالم العربي يئن تحت هذا الإرهاب، حيث يمكن لأي جهة أن تخلق منظمة باسم الإسلام لكي تحاب بها حروبها القذرة.
ح - إن الحرب في كل العصور وفي كل المجتمعات والأديان تستهوي الشباب والفتيان ، فهي مطلب في ذاتها وتخاطب فيهم عنفوان الشباب المتدفق، ولا تحتاج إلى إيمان وإسلام، فالشباب في كل الملل هم عنصر الحرب، لكننا نتميز عن غيرنا بإغرائهم بما يلقاه الشهيد من نعيم في أحضان الحور العين، إنه عمل غير مقبول، ومضر بالإسلام والمسلمين، فالحرب لا يشنها شباب متحمسون، بل الحاكم هو الموكل بذلك، وعلى الحاكم أن يستشير الشعب قبل شن الحرب, مهما كانت محدودة، لأن الشعب سوف يتحمل نتائج هذه الحرب وليس الحاكم وحده، فالحرب ستكون وبالا على المؤيدين والرافضين معا، وهنا فإن الحرب ليست حماسة يستجيب لها الشباب، ولا طريقا للحور العين، بل باب يفتح على آلاف الاحتمالات الكارثية ، فلا يوجد في التاريخ حرب نظيفة.
ط - إن الحرب في سبيل الله أصبحت لا تعني شيئا، فما كانت الانتصارات العسكرية وقهر الشعوب يوما وسيلة لنشر الإيمان، فالإسلام انتشر بالقدوة الصالحة وليس بالترهيب والترغيب، وتقسيم الناس إلى فسطاطين ، والوسائل الإعلامية اليوم ، يمكن لها أن تصل إلى أقاصي الأرض، وإلى أكثر الشعوب تخلفا ،فما الداعي لحرب لا تنشر الإسلام بل تسيء إليه؟
ك - بعد هزيمة 67 ذهب الإخوان المسلمون وحزب التحرير إلى القول ان الشهيد من مات في سبيل الله وليس من مات في سبيل الوطن ، لذلك فإن العمل الفدائي الذي اجتذب كل الشرفاء في العالم ، لم يجتذب واحدا من الإخوان المسلمين او حزب التحرير أو أي مجموعة إسلامية، وهذا يرينا كيف يكون التلاعب بالنصوص الدينية لخدمة التوجهات السياسية، فلا ندري إن كانوا يخططون لحرب يجعلون بها اليهود مسلمين ، وبذاك يموتون في سبيل الله ويكونون شهداءـ ويحظون بالحور العين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلن مقتل 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني شمال العرا


.. كرّ وفرّ بين الشرطة الألمانية ومتظاهرين حاولوا اقتحام مصنع ت




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج


.. اعتداء الشرطة الهولندية على متظاهرين متضامنين مع فلسطين




.. الألعاب الأولمبية: تحقيق حول مدى التزام الحكومة الفرنسية بوع