الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روايتان مختلفتان عن معركة جبل هندرين وحيثيات بيان 29حزيران 1966, تكملة (2/2)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2016 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ثانياً-حيثيات بيان 29 حزيران لعام 1966
في بغداد:
حميد عثمان جالس، منذ مايقارب الساعتين، في غرفة السكرتيرة الجميلة للوزير في مقر وزارة الخارجية، يتأمل في مغزى مقابل عبدالرحمن البزاز، الذي كان رئيس الوزراء وقائماً بأعمال وزير الخارجية أيضاً، له في وزارة الخارجية بعد أيام طويلة من طلب اللقاء، ودلالة هذا التاخير عن الموعدالمحدد. يدور في ذهن حميد فيما إذا كان البزاز أراد أن يعامله كأي أجنبي لا يستحق الاحترام والاهتمام، دفعه كل هذه الاشارات السلبية ليمعن النظر بهدوء وعمق أكثر في رقعة الشطرنج التي أمامه؛ حيث يحتل كل ضلع من أضلاعها الأربعة لاعب: اللاعب الكوردي في ناوپردان وعلى يمينه خصمه في بغداد، وعلى الطرف المقابل العدو التأريخي الماكر الجالس على عرش الطاووس في طهران وعلى يساره لاعب من تل أبيب. لعبة شطرنج مركبة ومعقدة حيث تداخلت وإختلطت الآهداف الستراتيجية مع التكتيكية بحيث تحول الخصم إلى عدو وبدأ العدو يتحول إلـى حليف: اللاعب الكوردي يدخل في تحالفات جانبية لتحقيق أهدافه الآستراتيجية عند الخصم في بغداد الذي لا يألو جهداً لكسر عظم اللاعب الكوردي أما اللاعب الجالس على عرش الطاووس دخل تحالفاً تكتيكيا ماكراً مع عدوه التأريخي - اللاعب الكوردي بهدف إذلال عدوه في بغداد لكي يرضخ لمطالبه التأريخية من طرف ويثبت مركز حلفاءه في بغداد ويجعلهم أوصياء على الأكراد بعد إزاحة عدوه التأريخي اللاعب الكوردي في ناوپردان من الساحة وإذلاله ومراقبة ما يفعله اللاعب من تل أبيب بحذر وبعيون مفتوحة أما اللاعب من تل أبيب يريد أن يستغل صداقته مع الجالس على عرش الطاووس ليحقق عن طريق تحالفه مع اللاعب الكوردي في ناوپردان استراتيجته لاستنزاف القدرات العسكرية للجالس في بغداد وانهاكها وشل حركتها.
كان واضحاً لدى حميد عثمان أبعاد التحالفات التكتيكية لتحقيق أهداف استراتيجية لكل طرف لا تلتقي مطلقاً. ويدرك بأنه لا توجد طريقة لإعادة فاقد الوعي في بغداد الى وعيه غير الصدمة، وأن يفهم بأن الخصومة شيء والعداء شيء أخر.
بعد مرور ساعتين يؤذن لحميد عثمان بالدخول الى غرفة الوزير لمقابلة عبدالرحمن البزاز، يتصافح الرجلان ويبادر حميد عثمان بالكلام بدون مقدمات:
حميد عثمان: هل سافرتم الى طهران؟
عبدالرحمن البزاز (بدون تأخير): نعم.
حميد عثمان: هل التقيتم بالشاه؟
عبدالرحمن البزاز: نعم.
حميد عثمان : هل كانت مقابلتكم معه وفق البروتوكول التقليدي أو العصري؟*
يتأمل عبدالرحمن البزاز في وجه حميد عثمان مندهشاً ويقول له : إنت سياسي.....! تعالى إجلس لنتفاهم.
بعد أن يجلسان ويتبادلان كلاماً عابراً يترك البزاز مقعده ويذهب الى الطرف الأخر من الغرفة بعيدا عن المكان الاعتيادي للجلوس ويقف عند الشباك، عندها يدرك حميد عثمان بأن البزاز يريد أن يتكلم كلاماً بعيداً عن أذان الاخرين، يترك حميد مقعده بهدوء أيضا ويذهب الى حيث يقف البزاز عندها يهمس البزاز: عاونوني لأقدم العسكريين إلى المحاكمة لما فعولوه تجاه هذا الوطن.
حميد عثمان: وهذا مانفعل.
ويعود الرجلان بهدوء الى مقعديهما.
هكذا كانت المقدمات التي أدت الى إصدار عبدالرحمن البزاز بيانه في 29 حزيران 1966 وقبول اللاعب الكوردي في ناوپردان للبيان، حيث اتفق الخصمان على اللقاء في منتصف الطريق بدلاً من تحويل الخصومة الى عداء لا يستفيد منه غير العدو الحقيقي للطرفين الحالم الذي كان جالساً على عرش الطاووس، وكان حصيلة تغليب هواجس ومخاوف استراتيجية على نشوة تكتيكية لم تخلقها غير حرارة دماء غزيرة أُسيلت في جبال كوردستان ووديانه بسبب غياب الحكمة وفقدان الوعي.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر من صدور البيان أُزيح عبدالرحمن البزاز من مركزه بعد أن تمكن بذكاء خارق من خلط الأوراق على من هيئوا كل شيء لإخراج ما أُتفق عليه خلال شهري تموز وأب 1965 آي قبل شهر من تكليفه بمهام رئيس الوزراء في 21 أيلول 1965 الى حيز التطبيق.
خلال قرائتي لكتاب عيسى پژمان الضابط السافاكي الذي كان الملحق العسكري للسفارة الايرانية في بغداد بعد تموز 1958 وهو "المهندس" الذي أشرف من وراء الستار على عملية تنقية الپارتي الى الأبد من العناصر اليسارية وكذلك الموالين للحزب الشيوعي فيه بدعم تيار تحالف إبراهيم أحمد-جلال الطالباني في هذا الحزب ويتفاخر بأنه كان من وراء إشعال ثورة أيلول 1961 واخمادها عام 1975 توضح لي خلفيات كراهيته لملا مصطفى و ووصفه بالجاهل وإعجابه الشديد بإبراهيم أحمد وجلال الطالباني، وما كان يملكه من غريزة مخابراتية تجعله أن يحدد منابع الخطر عندما حذر روؤسائه منذ بداية تشكيل اسرائيل لعلاقتها مع الحركة الكوردية وقد تكون ذلك سبباً في دفع إيران لإجراء إتصالات سرية على مستوى رفيع أثناء وجود عبد السلام عارف في الرئاسة وقبل أن يُقال طاهر يحي وتكليف عبدالرحمن البزاز لرئاسة الوزراء لتمرير إتفاقية قد يكون طاهر يحي لم يكن متحمساً لتنفيذها، وكانت نسخة مشابهة للإتفاقية التى وافق عليها صدام حسين في الجزائر عام 1975.
*كان لدى حميد عثمان معلومات بأن عبدالرحمن البزاز إنحنى و قبل يد محمد رضا شاه أثناء زيارته السرية الى طهران لتخليص العراق من المشكلة الكردية بغلق الحدود و... لهذا كان سؤال حميد عثمان صدمة قويه له، وعبر بسكوته بيان فهمه لما قصده حميد عثمان ضمناً وفق مبدأ: السكوت في معرض الحاجة بيان.






















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في