الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان وخلفيات معركة الباب

زياد عبد الفتاح الاسدي

2016 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في شهر أغسطس آب الماضي جاء الضوء الاخضر من روسيا والرئيس بوتن بالسماح بدخول وحدات من الجيش التركي الى الاراضي السورية في المناطق القريبة من الحدود السورية التركية تحت شروط ومتطلبات محاربة داعش وليس فقط الجماعات الكردية المقاتلة ضمن قوات سوريا الديمقراطية . وقد جاء هذا الضوء الاخضر ليعزز من غباء أردوغان والطموح التركي في التدخل العسكري المُباشر في الازمة السورية والغرق في أوحال المعارك الدائرة في المستنقع السوري .. ويزيد بالتالي من الازمات الحادة التي تُعانيها تركيا بقيادة أردوغان ليس فقط على الصعيد الاقتصادي والداخلي والامني, بل أيضاً على صعيد التورط العسكري في سوريا والعراق والدعم المُتزايد للجماعات الارهابية المسلحة المُقاتلة في الشمال السوري ....الخ
وبالتالي يُمكننا القول أن الروس (وبموافقة إيرانية) قد تمكنوا بالفعل من جر أردوغان بهدف إضعافه الى المستنقع السوري "ولكن" بعيداً عن مدينة حلب وأريافها القريبة وإشغاله بالتالي بمناطق أخرى من الشمال السوري ريثما يتم الانتهاء من معركة حلب الكبرى ... وهنا تم توريط أردوغان في صفقة بدت في حينها مُغرية له, ولكنها خاسرة على الصعيد الاستراتيجي .... وقد أقدم الرئيس بوتن على اعطاء التدخل التركي هذا الضوء الاخضر في اللحظة التي اتخذ فيها الجانب الروسي مع الدولة السورية قرار الحسم النهائي لمعركة حلب بعد استكمال الحصار الجغرافي على الجماعات المُسلحة في الاحياء الشرقية لحلب .. وهي كما نعلم جماعات موالية على نحوٍ شبه كامل لاردوغان والقيادة التركية ..... وعندها شكل دخول القوات التركية لمدينة جرابلس في شهر أغسطس آب الماضي من دون قتال مع مسلحي داعش ارتياحاً كبيرأً لاردوغان ... حيث حول أردوغان هذا الدخول العسكري الى جرابلس والاراضي السورية من خلال الاعلام التركي الى انتصار عسكري كبير في محاربة داعش والجماعات الكردية في شمال سوريا وذلك في محاولة بدت ضرورية له لامتصاص أزماته الداخلية بعد محاولة الانقلاب الاخيرة في تركيا , والتي استغلها أردوغان لتصفية الآلاف من القيادات العسكرية والشخصيات القضائية والتعليمية والدينية والاعلامية المناهضة له , أو حتى التي لاتُؤيده .
ولكن مع انهيار الجماعات المسلحة التابعة لاردوغان في شرق حلب, ثم خروجها من كامل أحياء حلب الشرقية , كان الضغط الروسي قد بدأ يتزايد بشدة على القيادة التركية من خلال مطالبتها بالمحاربة الفعلية وليس الشكلية للارهاب والتصدي الحقيقي من قبل الجيش التركي للجماعات الارهابية من تنظيم داعش وغيره من تنظيمات القاعدة الناشطة في شمال سوريا , وذلك حسب الاتفاق الذي تم بموجبه إعطاء الضوء الاخضر لدخول الجيش التركي للاراضي السورية ..... وهنا لم يجد أردوغان بعد تقليم أظافره ومصادر قوته الرئيسية من الجماعات المُسلحة في شرق حلب وأريافها , وتراكم أزماته الاقتصادية والامنية والدكتاتورية في الداخل التركي , مهربا سوى الانصياع للضغط الروسي والداخلي على أمل تحويل أزماته الداخلية الى
انتصارات خارجية , والتخلي بالتالي عن دعمه المستتر لتنظيم داعش وإظهار نواياه الجدية في محاربة هذا التنظيم , ولكن مع وضع ماتبقى من الجماعات الارهابية التابعة له ( من النصرة ونور الدين الزنكي وغيرها من الجماعات المُسلحة ) تحت راية ما يُسمى بالجيش الحر لاظهارها أمام الجانب الروسي كجماعات معارضة لا تتبع لتنظيمات القاعدة .... وهنا كان لابد من الصدام الفعلي للجيش التركي مع مسلحي داعش في محيط مدينة الباب حيث يُرابط الجيش التركي , وذلك في معارك شرسة وضارية قام فيها الجيش التركي بمشاركة الجماعات المُسلحة المُرافقة له بقصف مدينة الباب على نحوٍ عشوائي في اطار ما يُسمى بعملية درع الفرات , مما أوقع المئات من الضحايا المدنيين وحيث تكبد فيها الجيش التركي في هذه المعارك خسائر بشرية جسيمة في صفوفه لم يُحسب لها حساب بلغت ما يزيد عن مائة جندي وأعداد كبيرة من الجرحى , وذلك أثناء محاولة الجيش التركي والجماعات المُسلحة المرافقة له الدخول الى مدينة الباب التي تُعتبر واحدة من أكبر معاقل داعش العسكرية المُحصنة بعد الرقة ودير الزور .... وهذه المعركة التي خاضها الجيش التركي في مواجهة داعش في محيط مدينة الباب قد أظهرت بوضوح بداية التورط العسكري التركي وعلى نطاق واسع في الازمة السورية التي ساهم أردوغان في اندلاعها بكل إجرام وغباء , بدعم وتمويل شامل من السعودية وقطر وبتشجيع وتسليح غربي وصهيوني .
أخيراً يُمكننا القول أن بوتن في سعيه لاضعاف الطموح التركي في الازمة السورية والوصول بالتالي الى حلٍ سياسي وشامل لهذه الازمة قد ورط أردوغان والجيش التركي بالفعل في المستنقع السوري حيث بدأت وعلى نطاق واسع معارك استنزاف خاسرة ومُحبطة للجيش التركي ليس فقط مع قوات سوريا الديمقراطية والجماعات الكردية المُسلحة في الشمال , بل أيضاً ما يجري حالياً من معارك ضارية تعتبر الاشرس في مواجهة تنظيم داعش وفصائله الاكثر تسليحاً وخبرة في خوض المعارك وحرب الارياف والمدن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع