الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة اللادولة

مالوم ابو رغيف

2017 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا يوجد تعريف واحد للدولة، فهي مختلفة ومتعددة ايديلوجيا وسياسيا وحقوقيا ، نعرض هنا تعريفين الاول التعريف القانوني والذي ينص على ان الدولة بناء اجتماعي على ارض يعين القانون حدود السيادة الإقليمية عليها ويرتبط بها شعب مستقر( غير متنقل من مكان لاخر) ولها نظام له صلاحية ممارسة السلطة على جميع الارض التي يحددها الدستور. وهنا يمكن الاشارة الى
ارض الدولة
شعب الدولة
سلطة الدولة
وحدة الدولة
التعريف الثاني للدولة هو التعريف الماركسي الذي يخلص الى ان الدولة هي البناء الفوقي( الحقوق والقوانين) للطبقة المتسيدة واداة قمع طبقية بيدها.
وان اختلف التعريفان في النظرة العامة الا انهما يلتقيان في ان الدولة لها سلطة السيادة وممارسة القانون على جميع اراضيها( اكانت سلطة قمع او سلطة حق وفق القانون).
ان اي اختلال في المكونات الثلاثة يطيح بمفهوم الدولة ولا يبقى منه سوى ادعاء مخادع، فلا توجد دولة دون ترابط مكوناتها التي تقود الى وحدتها، اما الاخلال فيها فيعني تفكيكها وزوالها.
النظام السياسي للدولة يحدد نوعها جمهوري او ملكي، مركزي او فدرالي رئاسي او برلماني، والارض هي تلك المعرفة بحدودها وبصلاحية ممارسة السلطة عليها.
لكن ما هو الشعب؟
الشعب هم المواطنون الذين يعيشون على الارض المعينة حدوديا والخاضعون لسلطة نظام سياسي بغض النظر عن قوميتم وأديانهم وطوائفهم ولغاتهم.
ووفقا لهذا التعريف لا يصح تقسيم الشعب الى مكونات طائفية او عرقية او قومية او دينية اذ ان هذا يطيح بمبدأ المواطنة ويعزز ثنائية الانتماء، فيكون الانتماء الى المكون اوليا بينما الانتماء الى الوطن ثانويا.
وما هو المكون حسب التعريف العراقي؟
من خلال استعراضنا للتعريف القانوني للدولة لم نلاحظ بان الدين او القومية احد الاساس التي تستند عليها الدولة، لكن في العراق ولاصرار الاحزاب الاسلامية الحاكمة على ان يكون الدين الاسلامي دينا رسميا للدولة، واعتبار العراقيين الناطقين بالعربية جزء من الامة العربية، ادى ذلك الى تقسيم الشعب الى مكونات حسب الانتماءات اللمذهبية والدينية والطائفية والقومية.
اي دولة لها دين رسمي او هيمنة قومية لا بد وان تتجزأ الى مكونات من الاديان او المذاهب او القوميات في داخلها مما يؤدي الى اضعافها او حتى انتهائها بصفتها الكيان الاجتماعي والقانوني الاعلى والسقف الذي يقف تحت ظله الجميع.
ان تقسيم الشعب الى مكونات لا يعني بان هذه المكونات تبقى موحدة، اذ انها بدورها ستتجزء وتتشعب وتنقسهم هي الاخرى على نفسها الى شيع وملل ومذاهب واصول وفصول ومرجعيات دينية وتكون السيطرة فيها للاقرب الى مركز الدائرة ويخف تأثير السيطرة على الابعد كلما اتسع المحيط وابتعد عن مركزها ، من ناحية اخرى، يؤدي الصراع في داخل المكون الى نشوء دوائر سيطرة اخرى مولدا صراعا تناحريا مما يؤدي الى نشوء اسطفافات معادية في داخل المكون نفسه مثل الصراع الشيعي الشيعي والكوردي الكوردي والسني السني.
ان تقسيم الشعب الى مكونات ينتقص من حقوق المواطنة، اذ انه يعطي للانتماء الطائفي او الديني او القومي او العرقي اهتماما اكثر من الانتماء الى الوطن مما يؤدي الى نشوء شعور لا يعترف بالوحدة الوطنية قد يتحول في حالة اشتداد الأزمات الى صراع تناحري بين المواطنين، ذلك ان المكونات لا تشعر بوحدة المصير ولا وحدة المستقبل، كل منها يرسم مستقبله الخاص منفردا.
نشير هنا الى اعتراض المرجعيات الدينية السنية وكذلك الاحزاب السياسية على دخول الجيش العراقي الى محافظة الانبار لمحاربة داعش والقول بتفضيل الجيش الامريكي على الجيش العراقي، كما سمعنا نفس النغمة تعاد وتتكرر بعملية تحرير نينوى برفض اشتراك الحشد الشعبي بعملية التحرير، بينما يخشى الكورد تنامي قوة الجيش العراقي ويخشى الشيعة من استحواذ السنة على السلطة.
كلما زاد الانتماء الى المكونات، وخاصة في زمن الصراعات والتناحرات، فانها ستتحول الى كيانات نفوذ وسيطرة لتهميش سلطة الدولة راسمة حدودا في اذهان المواطنين تتخذ شكل الواقع وان لم تكن مشرعة بقانون.
في العراق ليس المحاصصة وحدها هي التي سببت هذا الوضع المزري، بل حقيقة تقسيم الشعب الى مكونات التي اصبحت مركز حديث الحكومة والبرلمان والمرجعيات الدنية والاحزاب السياسية والشارع حتى غدت في ذهنية السياسية العراقية بانها نوع من الحق والعدل والانصاف.
ان تسويق تقسيم الشعب الى مكونات، بانه الضمانة الامثل لاستمرار العملية السياسية وانه تطبيق ديمقراطي هو تستر على الفساد المستشري في العراق، وهو احد اسباب نشوء سوق لبيع وشراء المناصب العليا في الدولة بملايين الدولارات. العراق اصبح مثل بيت كبير ليس له مالك تقطنه عوائل مشتركة في ادارته لكنها متخاصمة تتصارع فيما بينها للاستحواذ على اكبر عدد من غرفه ومساحاته..
لذلك فان الحكومة العراقية بالاضافة الى عدم كفائتها وعدم خبرتها والى فساد ذمتها، فان غياب الدولة قد ازاد هزالها وشل قدرتها فهي لا تتحرك ضمن انسجام وطني بل ضمن تشتت مذهبي وعرقي وطائفي وفساد متعمد يحاول ان يضر بالاخر.
انها حكومة اللادولة..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ مالوم
جلال البحراني ( 2017 / 1 / 12 - 13:36 )
أليس هذا شبيها بما حدث بأمريكا على يد عصابات السرقة، ألكابوني وغيرهم، ثم تكونت دولة
أليس هذا يؤشر أيضا لقول ماركس بسراق أدوات و وسائل الإنتاج عبر التاريخ، ثم تؤسس الدولة كبناء فوقي
بالتأكيد عصاباتنا في الخليج بدأ تاريخهم ينتشر
أحد أقربائي المعممين، قال غاضبا عندما انتشرت فيديوهات (من طب بيها بو عمامة)، و الله فشلونا و الله طيحوا بحظنا!!
قلت له هكذا تبدأ الدول، السرقات، وليس كما نظر الصدر، أن الدولة من الله!!


2 - شخصت فاين الحل
علي عدنان ( 2017 / 1 / 12 - 15:18 )
اللادولة؟؟؟ وهو مايريده اللصوص في كل مكان وهو ماعملوا عليه طوال ثلاث عشر سنة فانهوا على مابقى بعد الاحتلال
المتاسلمين لصوص بالفطرة وهو اغبياء ولكن في تهديم بنى بلدنا التحتية او مجتمعه تراهم اذكياء جدا بل يتفننون بالهدم والتحطيم
وما الحل بعد هذا التشخيص الواقعي والموضوعي؟؟
اعتقد ان شرفاء شعبنا من اللبراليين واليساريين وعلى راسهم الشيوعيين هم البديل والحل الوحيد الظاهر للعيان والذي يحفظ البلد ويصون دماء شعبه
على شعبنا ان يتيقن ان الحل امامه وليس هناك غيره بتاتا وهو مساندة الشرفاء والنزيهين الشيوعيين


3 - الدولة والتطور والصدر
مالوم ابو رغيف ( 2017 / 1 / 13 - 10:13 )
الزميل جلال البحراني
تحياتي لك
انا اعتقد ان القضاء على العصابات السياسية والعصابات الدينية والعصابات الاجرامية وعلى الاخص المنظمة منها هو اساس وضع اللبنة الاولى في بناء الدولة..ـ
العصابات والمليشيات وجماعات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من العصابات المتنكرة باسم الله كلها معاول تهديم اي مشروع لبناء الدولة.ـ
امريكا لم تنشأ دون الحاجة الى الوحدة، دون القضاء على العصابات التي تنشر الرعب بين الناس،
دون القضاء على الكابوني وعلى عصابات كو كلوكس كلان والتي لا تختلف من حيث المباديء عن الاخوان المسلمين اذ انها نشات ايضا باسم المنظمات الاخوانية
White Racial Brotherhood
الدولة لم توضع، انها سلسلة من تطورات العمل والتنظيم عبر مراحل واشكال بدأت بتأسيس العائلة ثم المجموعة ثم القبيلة ثم العشيرة ثم المشيخة ثم احلاف القبائل ثم الاقطاعيات ثم الحاكميات ثم المليكات الصغيرة والكبيرة والامبراطوريات ثم الدول البرجوازية والقومية والدكتاتورية والجمهوريات والديمقراطيات، ولا زالت هذه الاشكال موجودة في العالم.ـ
الصدر والاخوان لا يؤمنون بالانسان ولا بالتطور، كل الاشياء عندهم جاهزة ومن الله
تحياتي


4 - الصدمة الديمقراطية
مالوم ابو رغيف ( 2017 / 1 / 13 - 18:29 )
الزميل علي عدنان
تحياتي لك
لا اعتقد ان حلا يلوح بالمستقبل القريب لمشكلة العراق، اذ ان الديمقراطية في المجتمعات المتخلفة ثقافيا وسياسيا تأتي في اغلب الاحوال بالعناصر غير الكفوءة والسبب عدم قدرتها على التمييز.ـ
اعتقد ان العراق بحاجة الى حركة ثقافية علمانية مدنية ليحسن عملية الاختيار وليس حزب او اثنان يفوزان ببضع مقاعد في البرلمان، هذا وهم كبير جدا.ـ
انها خيبة لم يكن يتوقعها احد من الاحزاب المطالبة باللجوء الى الديمقراطية لحل مشكلة الدكتاتاتوريات والعائلات الوراثية، فالشعوب المغسول عقلها دينيا، لا يمكنها ان تعي مصلحتها او تعرف نفعها من ضرها.. انها تعتقد ان انتخاب الاحزاب الاسلامية هو واجب اسلامي اضافة الى ان رجال الدين المتنفذين يفتون دائما بانتخاب الاحزاب الاسلامية.ـ
اكرر التحية

اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات