الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والاحزاب

يوسف الصفار

2017 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الدولة والاحزاب
يمكن تعريف مصطلح الدولة كونها ادوات لخدمات تقنية للمجتمع وبذلك تخرج من نطاق مفهومها الايدلوجي وبدون هذا تتحول الدولة الى سلطة والسلطة غير الدولة . السلطة هي صيغة للتسلط والتفرد بالحكم فعلى مر التاريخ اتخذت السلطة لها عدة اشكال ..قومية اثنية او ثيوقراطية يكون الدين من سماتها الاساسية او رأسمالية احتكارية تسهل للا حتكارين واصحاب الرؤية الاقتصادية الاحادية من السيطرة على المجتمع واخلاقياته ..وحتى الاشتراكية السوفيتية سقطت في متون السلطة البيروقراطية حينما تحولت الى رأسمالية الدولة .
السلطة في كل تعريفاتها هي توتارية تستلهم وجودها من العسكرة والحروب لالهاء شعوبها لتزجهم في اتونها من اجل ديمومتها واستمرار تسلطها ودائما السلطة تشعر بوضعها القلق فتستدرج الحوادث المفتعلة لتلزم بها كينونتها . وما الشعارات القومية الانفعالية او التوجهات الدينية المتطرفة سوى ادوات للسيطرة على الجماهير ومصادرة اراداتها فمن خلال هكذا سلطة تتضخم الدولة وتقف عائقا امام اخلاقيات المجتمع .وتصادر بذلك مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة التي هي من اساسيات متطلبات المجتمع .
يبين لنا (عبد الله اوج لان ) في كتابه دفاعا عن الشعب ان مشكلة الدولة والاحزاب السياسية تتطلب دراسة مستقلة بحد ذاتها هي في وضع اكثر سوءا وفداحة.. فكل الاحزاب (بلا استثناء ) تتخذ الهدف الى الدولة اساسا لها سواء موضوعيا او عن معرفة واحزاب معينة كهذه انما تفقد منزلتها منذ البداية بايلائها الاولوية للدولة . وبينما يتطلب من الاحزاب تكفلها بتحقيق التوازن بين متطلبات المجتمع والدولة كمهمة اولية في مؤسساتها , واتخاذ المجتمع اساسا لذاتها على الدوام ,وتوعيتها وتنظيمها اياه , نجدها دائما , اما تنتظر حدوث الثورة على يد الدولة , اوتبحث عن دعم سياسي منها , او غالبا ما تنظر اليها كباب للسمسرة . ويضفي هذا الموقف طابعا لا ديمقراطيا على الاحزاب منذ بدايتها ,رغم انها تعتبر مؤسسات لا غنى عنها لترسيخ الديمقراطية . بل و حتى يبلغ بالاحزاب الى حالة تصبح فيها دولة الظل الثانية وكانه لا يكفي وجود دولة واحدة فيغدوا كل حزب في حد ذاته نموذجا للدولة , ليضع ذاته مكان رجل الدولة . بالتالي , يعتمد كل حزب على الدولة في تأمين قوته وقوت مواليه , مما يثقل كاهلها ,ويزيد من الاضراراللاحقة بها ( انتهى الاقتباس )..
ليس افضل من هذا الوصف لاحزابنا القائمة في العراق فاضافة لما ذكره نجدها بمجملها احزاب دينية بعيدة كل البعد عن مفهوم التنمية والاقتصاد اضافة انها تقوم بفعاليا ت تجر المجتمع الى معارك جانبية ضيقة الافق فتشرذمه وتجعله حطبا لنزواتها واطماعها مغلفتا اياها بحرصها على الدين والمذهب والاخلاق العامة . وبهذا فهي ليست فقط تفقد فعاليتهاعلى انتاج السياسة اللازمة لصياغة سياساتها الاقتصادية وتطوير الديمقراطية ومساعدة الدولة بمنح المجتمع الحل الجذري لمشاكله اليومية والمستقبلية وانما تحوله الى مجتمع من الذئاب يتقاتل من اجل المنافع الضيقة والاطماع . فيستشري الفساد ويصبح منهاج عام لمعظم افراده .
احزابنا غدت وسيلة للازمات بدلا من ايجاد الحلول لها هدفها ابتزاز الدولة وسرقتها وتساهم بشكل فعال في تهديم الديمقراطية وتضع العصي في تروس تقدمها وتحول المجتمع المدني الى مجتمع عشائري متخلف يحارب جذريا تطلعات المجتمع الحضارية . وهي تنأى بنفسها عن الاقتصاد كمصطلح عام لاجرائات البيع والشراء وتبادل السلع .. فالانشطة الاقتصادية هي عمليات ايضية لتغذية المجتمع لديمومته وتنشيط حياة افراده .. من هذا المنظور تصبح الحاجة للاحزاب ضرورة تفاعلية لايجاد السبل الكفيلة لتنمية المجتمع ..والحزب الذي بدون نظرية اقتصادية يفتقر الى برنامج لان البرنامج هو مقياس تغير المجتمع . فمن الصعوبة اطلاق تسمية حزب على جماعات تفتقر الى برامج تنموية وتعليمية حديثة يمكن من خلالها صياغة اهداف الحزب ..
حتى الشرائع السماوية جاءت من اجل الانسان ....فهجرة النبي ابراهيم الخليل صاحبا معه قبيلته كانت من اجل انقاذ ها من طاغوت نمرود وتسلطه اللا انساني انها الرغبة بالحرية باسمى معانيها.. وما ظهور النبي موسى وقيادته لابناء جلدته في التيهه اربعين من السنين غير ارادة حرة للخلاص من فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب والاذلال ..اما حركة المسيح فجاءت خالصة من اجل الانسان وحريته رافضا باصرار اللاهوت اليهودي وكهنته الفاحشي الثراء .. وما ظهور الاسلام سوى مكافحة التفرقة والمحابات التي اتخذتها الاوليغاركية القريشية كفلسفة للحياة وبذخها .... نجد الايات المكية كلها تنبع من مفاهيم العدل والمساواة ..
فما الذي تريده الاحزاب الدينية التي اتخذت من الديمقراطية وسيلة للتسلق ..فباسم احياء الدين مارست طقوس اذلال شرائح كبيرة من المجتمع العراقي وتغيب كل مفاهيم الحرية والديمقراطية وشيدت نماذج مشوه لديمومة بقائها . انها كتل الضياع وسرقة المال العام وليست احزاب لبناء الانسان العراقي الذي عانى على مر تاريخه من كبت الحريات والقسر الاجتماعي ..الاتجاه نحوا التنمية وتركيز المناصب بايادي كفوءة بعيدة عن المحابات و وضع منهاج اداري للنهوض الاقتصادي هو هدف البشرية القادم والتاريخ سيبقى مؤشر حقيقي للصدق والايثار ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو