الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفن اليراع ، و علا صوت الصمصام

يوسف حمك

2017 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في خطوة راشدة موفقة ، و حكمة جليلة الأثر ، قال أمير الشعراء أحمد شوقي في عشرينيات القرن الماضي في قصيدته الشهيرة التي غنى بها محمد بن عبدالوهاب و مطلعها : ( إلام الخلف بينكم إلاما ، و هذي الضجة الكبرى علاما . و فيم يكيد بعضكم لبعض ، و تبدون العداوة و الخصاما . و أين الفوز ؟ لا مصر استقرت على حال ، و لا السودان داما ؟!(
أبيات في الجدل سامية ، و في الحكمة سامقة .... لم يخبو نور معانيها السامية ....
في طفولتنا كنا نسمع اسم زعيم وحيد ، و حزبه الأوحد .
أعوام مضت و الشعب متحد ملتف حول قائد أوحد لا سواه في كافة أجزاء كردستان .
و توجه سياسي واحد ، و لاشيء يعطل العمل الجاد ، و لا عوائق للمنافسة ، كل الجهود كانت تصب للاستثمار في سبيل القضية الكبرى .
غير أن الزمن لم يروق له ذلك ، فطاله الشح و لم يستمر ، انشطر الحزب من مخاض متعسر ، و ظهر زعيم آخر بولادة قيصرية ، و بمشرط منكوب ، و أنامل كيدية .
ثم تتالت الولادات القسرية للزعماء و القادة دون مبرر ، و تعددت الأحزاب . فكانت خلطة أوراق عجيبة ، و مواقف متقلبة متنافسة ، فعراقيل متعمدة على درب الوحدة و التكاتف .
مشروعات التعاضد تبخرت في فضاء الخلافات و لازالت وسط مكائد الدول العظمى .
لقاءات كثيرة جرت ، لكنها ازدادت تعقيداً ، و ظلت نتائجها حبراً على ورق ، و العلاقات باتت متواضعة ، أو شبه معدومة ، و عواصف النقمة تهب على مربع التوتر لتثير مشاكل عويصة .
يمتطي أحدهم على ظهر موجة عداء متعسف عار على مبدأ الأخوة .
و تسخير إعلامي شاذ رخيص يتجاوز حدود اللياقة ، فاستياء شعبي غاضب لمواقف مهزوزة ، و ضرب من النفاق السياسي ......
ظروف آنية تستدعي التفكير جدياً بتوحيد الطاقات العسكرية ، و تكاتف القوى البشرية الهائلة ، فضلاً عن مخزونات أرض يمكن أن تكون خصوبتها سلة غلال للمنطقة برمتها إن استثمرت ....
فإلام الخلف و الكيد و الخصام ؟! و أين الفوز و الانتصار ؟
فلا استقرار ولا دوام الأمان .
كيلا يذهب مجد الحكمة و موعظة القلم ، و لا يدفن اليراع ، أو يجف محابر المداد ، رجاؤنا من ذوي العقول و الفضل أعظم لاستثارة الهمم بالتحاور الجاد ، لتمتين أواصر الأخوة و التآلف .
فقد أسمعنا أمير الشعراء بصوته الأعمق في هذا السياق بقوله : ( دفن اليراع ، و غيب الصمصام ) .
نطقها شوقي في النكبات ، و نحن غارقون أيضاً في بحر الكربات ، و من صداع التشرذم ذقنا الأمرين ، و من سقم التشدد نعاني أهوال الفوضى و الجهل .
صمصامنا لم يطمر ، و لم يدفن البتة ، لكن يراع الحكمة مدفون تحت ثرى التعسف ، و بين أطباق التصدع مترهل .
هكذا حال شرقنا اللعين قادته مغامرون مزيفون ، و أبطال أثخنوا من كثرة الهزائم ، و تعثر مسارهم ، استفردوا بشعوبهم و قامروا بمصيرهم قتلاً و تشريداً .
في الفشل بارعون ، و في الإخفاق ناجحون .
وضعهم أنصارهم في خانة الأنبياء و كرستهم تصفيقاتهم في مصافي القيم النبيلة .
و بهتافات صاخبة ألهوهم بلا شركاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا