الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعونا نعترف

عمار محمد علي

2017 / 1 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


دعونا نعترف
الباحث عمار محمد علي النجفي
يعد البحث عن الدين ودوره في الحياة المعاصرة من المباحث التي كتبت عنها الاقلام كثيرا، فيجد من يقلب صفحات الكتب ان الكُتّاب اتخذوا اتجاهين كان الاول ناقماً على الدين مطالباً بإلغائه أما الآخر فقد كان مناصراً مدافعاً بقسوة عن الدين وما يجب ان يمارسه من دور في المجتمع، وما النتيجة يا تُرى؟ ان النتيجة، ومع الاسف أن رجال التيار الثاني أنتهوا الى تكفير كل من لا يستن بسنتهم بحجة الخروج عن دائرة الشريعة.
وأود ان اركز بحديثي عن الاسلام والمجتمعات الاسلامية تحديداً، وليس عن باقي الاديان، وذلك لأن ذكر كلمة دين تنطوي ضمناً على ثلاثة افتراضات يتم الاعتراف بها على نحو عام كما قال هيتاجاوا في كتابه تاريخ الاديان، وهذه الافتراضات هي : 1- ان الدين يفترض مسبقا التجربة الدينية، تجربة المقدس التي تحيط بكل الظاهرة الدينية، 2- ان النقطة المركزية التي تعد محل اهتمام لاي دين هي ما يعرف بالـ (ستريولوجي) او مفهوم الخلاص والنجاة كما يُعرف، 3- وان الدين ينطوي على ثلاثة ابعاد: النظري، العملي، والاجتماعي. فهذه المضامين تشمل بدورها كل دين سواءاً أكان سماوياً او وضعياً.
فمدار الحديث اذا هو الدين الاسلامي والسؤال الذي يُطرح هنا: ألا يجب ان نعترف بان الدين الاسلامي فشل في واقعنا المعاصر بتقديم اطروحة للادارة والسياسة تتناغم مع الواقع ومتطلباته؟ والجواب هو في الحقيقة نعم.!
فالدين الاسلامي –حاله كحال اي دين- يطرح في مضامينه نظرية تخاطب الفرد واخرى تخاطب المجتمع، فما يخاطب الفرد هو ذاتي فردي شخصي وله آثار فردية، أما ما يخاطب المجتمع فيتجاوز المجتمع الى دائرة الحكم والسياسة.
فأما الخطاب الفردي للدين فلا نراه يخلو من ايجابيات فهو خطاب يبني الفرد من ناحية تعزيز ثقته بنفسه، وينظم تعامله مع اسرته ومجتمعه بعلاقات يسودها الاحترام المتبادل، ويقلل من نسب الانحراف في حياة الفرد العملية كتقليل نسب الجريمة بسبب الوازع الديني وما إلى ذلك.
في حين أن الخطاب الاجتماعي أو الذي ينتهي بالنتيجة الى نظرية سياسية لنظام الحكم هو خطاب يحتاج الى مقومات ثيوقراطية حتى ينجح علمياً، وان محور هذه المقومات هو مفهوم الاستخلاف او الخلافة؛ فالشيعة يعتقدون بوجود إثنا عشر خليفة منصوص عليهم من قبل الرسول محمد (ص)، أما السنة فيؤمنون بنظرية الخلافة التي بدأت بأبي بكر وانتهت بالبغدادي خليفة المسلمين الداعشي.
ومن الضروري الاعتراف بأن هذا الجانب خطر على حياتنا المعاصرة وذلك لأن الشيعة اختلفوا في ماهية طبيعة المستخلف في زمن الامام الثاني عشر وهل يجب أن يكون مجتهدا اخباريا أو اصوليا، وهل يجب ان يؤمن بولاية الفقيه –كإيران- أو يؤمن بنظرية الولاية الحسبية المقيدة –كالعراق-؛ وقد ولّد هذا الاختلاف انشقاق نشهد مدى تأثيره الى الان فالكثير من الممارسات الانسانية –حتى حق التعبير عن الرأي في بعض الاحيان- ممنوعة في ايران، في حين أن المرجعية لا تقوم بدورها الصحيح في العراق فهي تدعم –من خلال بعض شخوصها- بعض حكام العراق الفاسدين وتمتنع في المقابل عن استقبالهم او الحديث لهم، فضلا عن العصابات المسلحة التي تشكلت باسم المرجعية والتشيع، فنظرية الحكم الشيعية أخذت وتأخذ دورا منقوصاً عليه الكثير من علامات الاستفهام على مر التاريخ.
وفي الوقت ذاته تتخلل النظرية السنية الكثير من الثغرات التي ولّدت في النهاية هذا المسخ المشوه المدعو (أبو بكر البغدادي) ودولته الاسلامية المزعومة (داعش)، فهي تقول بحاكمية الامة ولكنها لا تضع اي ضوابط لخلع الخليفة وذلك لأنها واقعة في فخ المقدّس –هذا الفخ الذي وقع فيه الشيعة أيضاً-. فالخليفة أو المرجع مقدس ولا يمكن التصحيح لافعاله او المناقشة حتى، وهذا هو ما انتج في الحقيقة طغياناً ثيوقراطياً في المجتمع الاسلامي. لأن الخليفة او المرجع يحكم على أساس أنه ظل الله في الارض مما يؤدي الى هالة القداسة التي لا حدود لمدى تأثيرها.
فدعونا نعترف اذا بان الدين هو نظرية فاعلة لبناء الفرد ولكنه نظرية منقوصة في الادارة والحكم.
دعونا نعترف بان المجتمع الديني بافراده يختلف عن المجتمع الديني بنظامه وحاكميته، فالاول مهيأ لأن يكون مجتمع ديمقراطياً حقيقياً، في حين أن الثاني مهيأ ليكون مجتمعاً محكوماً من قبل دكتاتور يلبس لباس الدين، وبالتالي هو مجتمع يريد أن يأسلم الحداثة والديمقراطية بدلاً من تحديث ودمقرطة المجتمع –كمايقول هنتنجتون-.
دعونا نعترف بذلك علّنا نجد حلاً لما يدور في مجتمعاتناالاسلامية اليوم فنستطيع تخليص العراق من افواه الفاسدين المتدينين الذين يعتقدون بانهم يمثلون الله في الارض من سنة وشيعة، وتخليص سوريا من قبضة الدول الاسلامية المستبدة كايران والسعودية وغيرهما، وانقاذ المغرب العربي من حركات التطرف التي تنتشر فيه كالنار في الهشيم.
دعونا نعترف لنعيش! لأننا نريد أن نعيش فقط.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م