الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنين إلى ذكرى

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 1 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تقول الرّاوية:
الأماكن متشابهة، فقد كان لي في كلّ مكان أقمت فيه أربعة جدران وسقف، وطريق أحفظه عن ظهر قلب. أظهر فيه عندما يأوي النّاس إلى بيوتهم. أحياناً أبارك الطريق بدعواتي التي تسير معي، وأنا أفكّر في الله كيف سيستجيب لها. لا أرفع رأسي في الذهاب، ولا في الإياب، ولو عدّت إلى المكان لما عرفته. لم أكن أختزن الصورة في ذهني. كانت محطّة عابرة أحاول تمريرها كي أصل إلى المحطّة الأخرى التي ربما تكون أجمل.
ضمن دائرة الضجيج. يحدثنا أحدهم عن بيته الجميل، وآخر عن عمله، وشركته، بينما يعمّني الصّمت. لماذا يحظون بمكان يستطيعون الحنين إليه؟ ليت أمكنتي تناديني!
في السّهرة الأخيرة التي أقحمت نفسي فيها كي أقضي على العزلة. التقيت بهم. الأسماء التي كنت أعتقد أنّها سماويّة كلّها هنا. حتى تلك المرأة التي كان يصرف عليها دولاراته القليلة -إن صدف، وحجزت له دورا-أراها ناعمة، لطيفة، وكما تقول فإنّ خبرتها كبيرة سوف تساهم في إيقاظ البشريّة من سباتها.
في طريق عودتي إلى المنزل. ترجّلت من السّيارة ، ضعت في الغابة. أرغب أن يساعدني أحد على القضاء على الخوف من هذا الظّلام، وأن يفتح لي طريق العودة، عندما تضيع تعتقد نفسك في حلم، لجأت إلى الدّعاء، وإذ بالسّماء تمطر حكمة، ويطلّ عليّ الرّب من بين المطر: هل عرفتِ الآن معنى الإيمان؟
إنّني ضعيفة ، تائهة. أرغب بالخروج، خذ يدي يا رب، وامش بي إلى قرب السّيارة. أرغب أن أعود إلى بيتي، وقبل أن أكمل رأيت الناس شبه عراة يجتمعون ليرقصوا خوفا ًمن ذلك المطر الغزير، وجوهم مرفوعة إلى السماء يتضرّعون لها كي لا يمسّهم الضّر . لا يمكن أن أكون من هذا العصر، ولكنّني منه. أراني أصرخ معهم ووجهي إلى السّماء. الخوف يملأ كياني، والرّب يراقب حركاتي، وخلجات صدري، يشهد على عذابي.
أخيراً أخذني من يدي. مررنا على كلّ العصور، رأينا الأنبياء في جنان الخلد، تبدو الجنّة تشبه الدّنيا . على أطرافها يعيش المؤمنون الضّعفاء، وفي وسطها يعيش الأقوياء-أعني الذين كانوا لهم مركز وسلطان في الدّنيا- لكنني أحبّ الدّنيا، أرغب بالعودة إلى بيتي كي أودّعه، وألقي نظرة أخيرة عليه. لا أعرف أيّ بيت منهم. هل هو ذلك البيت المسكون بالفئران، أم ذلك المسكون بالصراصير، أم ذلك المسكون بالجرذان. الأماكن الثلاثة لا تشجّعني على الحنين. سوف أعود إلى بيتي الأخير المسكون بالصمت.
وصلت. أردت أن أصلي صلاة السّلامة على روحي. مرّة أخرى تتملّكني الحيرة. لا أعرف إلى أين أتوجه. لا أعرف الجهات. تلك الرّحلة أثّرت عليّ ، كأنّني فقدت جزءاً من إيماني. عندما مررت على الأنبياء في الجنّة كانوا متجاورين في مساكنهم يتناولون القهوة معاً ، بالعكس عمّا يجري في الدّنيا. كما أنّ كلّ الآلهة اليونانية كانت تشاركهم.
أجلس على سجادة صلاتي أقيم طقوس الصلاة التي ورثتها من أبي، وذهني مشغول بذلك الطريق الذي كانت تسير به دعواتي كي يصطلح حالي ، أضيع مرّة أخرى، وأنسى نفسي راكعة، وأطرافي تتجمّد دون أن أمارس بعض الحنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات