الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع الثّورة السّوريّة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


إلى الأمّهات، الآباء المنكوبين ، إلى المغتصبين، والمغتصبات من قبل الأجهزة الأمنية بداية، ومن قبل آخرين فيما بعد، وإلى سجناء الرّأي. لم يكن أمامنا جميعاً إلا هذا الواقع المرّ. لم يكونوا ليسمحوا لنا بصوت الحريّة، وهنا لا أقصد النّظام، فالنّظام جزء من كلّ، والكلّ كبير جداً، وربما كان بعض أعضاء الجبهة الوطنيّة أشد فتكاً من النّظام. هؤلاء سحبوا البساط من تحت النّظام، وتربّعوا على مناطق نفوذ كبيرة، أغلبهم يعيش عيشة هانئة حتى في هذه الظّروف، ويسرد أدبيات بوهيميّة ممجّداً فيها المرأة، والطفل،والكفاح، ولا زالت اإمبرياية العالميّة جزء من خطابهم دون اإشارة إلى الاستبداد. لهم منظّمات مسموح لها التّفاعل، ولهم دور نشر، ممثلون، وكتّاب، وباحثون، وكلّ الذين يستلمون مناصب همّهم هو المال، وهم يربحون الكثير.
عندما بدأ تشويه قيم الثورة، وبدأت الشتائم تأخذ مكانها بين الجميع أصبح الوضع أسوأ، وآخرها شتائم البعض لجورج وسوف. الحقيقة أنّني أتمتّع بغناء جورج وسّوف على سبيل المثال أكثر من أصالة، وهذا ليس موقفاً سياسياً. أسمع له منذ زمن طويل، وهذا السّجال العقيم بين الفنّانين لا نعرف سببه، ربما كان موجوداً على الواقع ، ففي كلّ مكان يحقّق الرّبح تنشأ التّجمعات المتنافسّة. نفس التّجمعات التي كانت تتنافس على الأرض، أصبحت تتنافس خارج الأرض، وجميع تلك المجموعات مغلقة لا تقبل بك عضواً إن كنت حقيقياً، وإن قبلت بك فسوف تكون مصفّقاً لا أكثر، ولا تخترق سريّة قادتها. هو الاستبداد ومنظومته.
الشّعب السوري ليس المعارضة، ولا الموالاة الحقيقيّة، لأنّه هناك موالاة مرغمة كونها في مناطق النّظام. الشّعب السّوري هو كلّ الأفراد الذين كانت تحكمهم المعارضة، والموالاة سابقاً، وهي تحكمهم اليوم.
كنا نسأل أنفسنا كيف يرسل الحزب الشّيوعي، أو ربما الأحزاب الشّيوعية هذا الشّخص أو ذاك للدّراسة مجّاناً في الاتحاد السّوفياتي السّابق، وأغلبهم من غير الشّيوعيين، لم نكن نعرف اللعبّة، والحياة "لا تحمي المغفلين" كنّا مغفّلين ، وربما مبتدئين لم نفهم اللعبة، وهذا ما جرى مع الشّباب الذي ذبح وسلخ، وقنص على مرأى من كلّ هؤلاء. فهل كان الشّباب مغفّلاً مثلنا نحن الأجيال التي سبقته؟
أبداً. كان الشّباب سوف ينفجر لو لم يثر، وسواء كانت الثّورة أم لم تكن فإنّ هذا القتل كان قادماً. الرأسمال العالمي يدعم الاستبداد، ويخلق له طرقاً لاستمراره.
ليس صحيحاً أن حزب البعث وحده كان بيده الحلّ، والرّبط. حزب البعث كان يضمّ أغلب السّوريين، وللأمر أسبابه التي يعرفها الجميع، لكن الأحزاب الأخرى كانت تشارك حقيقة، وليس شكلاً، وتحكم بشكل مباشر، أو غير مباشر، والغير مباشر هو من خلال العلاقات مع رؤوس الأجهزة الأمنيّة الفاعلة.
أما اليوم، وفي "أستانا" فسوف يكون الأمر فيها، وبعدها ، وبعد جنيف، وبعد، وبعد. دكتاتورية مكتملة الوجوه في سوريّة. دكتاتوريّة طائفيّة، قوميّة، عشائريّة، ومناطقيّة، وسوف تكون سوريّة فقيرة أكثر مما كانت. نتحدّث عن خمسين سنة قادمة، سوف يكون الثّأر سيّد الموقف، وسوف نترّحم على الدّكتاتوريات السّابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة