الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب جنون زمن مضطرب

يوسف حمك

2017 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


شرقنا التعيس منزلق إلى هاوية على انحدارها تفسخ الأرواح ، و في قاعها تفتت الدول .
حروب من أهوالها لاشيء أرخص من طحن الجثث برحاها .
ميليشيات بصوت التعصب و الكراهية تبيح المحرمات ، و تشطب على الكرامة ، فتزيد من سرعة الانزلاق ، وتحاسب الناس على الهوية و المذهبية و مكان الولادة .
جروح استنساخ الأفكار من جماجم غبار التاريخ تثير العتمة ، و تقنص النور ، فتقص أجنحة شمسنا و لا تسمح لها بالسطوع .
أمواج بلا مشاعر تتقاذف بأجسادنا ، و أعاصير من اللحم و الدم توزعها في كل الأصقاع .
أنهار تجري من دموع خوابي عيون لاجئين يستغيثون بلا جدوى .
أحزان تكبر و تكبر حتى بلغت أكثر مما نحتمل لتطارد أفراحنا التي لم تعد تزورنا إلا كضيف عارض ... عابر ...
حكام قطعوا العهد على أنفسهم : إما يحكمنا أو يبيدنا .
تقهقر إنساني ، و اهتراء اجتماعي ، و انحطاط أخلاقي ، و فراغ رهيب ....
مستقبل متوحش يترصدنا بضراوة فيبعث الرعب و الفزع ، و يشرع القتل و الذبح .
قوى عظمى تختلف علناً ، و تتفق علينا سراً . طائراتها تصب خزائن زيتها على حرائقنا الغارقة في الدم و الحطام .
الجميع يشارك في تدمير الأرض و الطبيعة ، و وأد الحياة .
فلا شيء أشد مرارةً من أن تكون خائر القوى ، مفلساً من الإرادة ، و تراهن على جلاديك - داخلاً و خارجاً - من الإنقاذ .
و حده الناجي من توافقت مصلحته مع مصالح تلك القوى ، و الرابح من يحظى بمصادقتها على شرعيته .
القول الفصل لزعمائها و الحسم ، و ما عداهم ليس لهم إلا الطاعة ، و المثول و الانحناء . فهم مقصوصو الجناح ، مقهورون كأحجار الشطرنج أو البيادق تحركها أياد خارجية .
منهم من يحلم بالرهان على موسكو و طهران و أنقرة ، و آخرون يعتقدون بأن ترامب سيمد إليهم يد الإنقاذ .
ترامب الذي يعد ظاهرة شاذة بكل المقاييس ، مثخن بجميع القيم الهابطة ، يفتقر للوقار الدبلوماسي ، و كافة المواصفات الرئاسية .
أو استعار من كل زعيم صفةً سلبيةً . فهو قذافي المزاج , صدامي الهوى , أردوغاني الطموح , بوتيني المنهج , سوقي الأسلوب في الكلام , تصريحاته بلا لياقة أو تهذيب , منفلت اللسان . حتى ابنته لم تسلم من لسانه البذيء .
الاتحاد الأوربي ينتابه الخوف من ا نتخابه , و فرنسا قلقة , أيران مربكة , و السعودية ميؤوسة , و لاجؤون مصدومون .
لو لم تكن سياسة بلاده مسبقة الصنع , مدروسةً بعناية فائقة - حسب مصالحها الداخلية و الخارجية - و لو لم يجري كل شيء حسب المخطط المرسوم بدقة , أو العودة للمرجعيات و المؤسسات ، لغامر بالبلاد و العباد كحصان جامح دون لجام بين فكيه , أو كحاكم مستبد و دكتادور أرعن في شرقنا كما يدمر و يقتل و يفتك دون رادع .
حكامنا يهدمون كل كبيرة وصغيرة ليتعافى أوطان الآخرين , أما حكامهم فيحطمون بلادننا , و يزلزلون الأرض تحت أقدامنا ليبنوا أوطانهم .
زمننا أصيب بعقدة نفسية ، فطاله اضطراب و قلق ، و كأن الزمن المريض لا يليق به سوى زعيم مضطرب الأعصاب .
ومرحلة بلا توازن انعكس سلباً على حكام قذفت بهم موجة القدر على شواطئ حياتنا .
بوتين يتلذذ برؤية الجثث المهروسة ، و وجوه الأطفال المهشمة لرد اعتبار زائل .
و أصحاب عمائم أيران مهوسون للأخذ بثأر شاخ زمنه و مضى .
التهمهم ندم خيبة ارتكبها أسلافهم منذ غابر القرون ، فزادوا قتلاً و فتكاً لعلهم يعوضوا تقصيراً للقدوة و السلف .
أردوغان الطوراني و طيفه السلطاني ، عنف دوار صداعه جعله يهز البلاد ، و يخون العباد ، و يحتال على الشرعية و الديموقراطية ، و يهتك السلام و الأمان .
فودع روحه رهينةً لدى بوتين ، و دفع عمره لأصحاب العمائم ثمناً لمنع إيصال حق مشروع بحوزته للكرد . بعد أن وهن حبل التواصل بينه و بين حلفائه التقليديين .
هؤلاء لاعبون في وسط الملعب ، و الكرة أمامهم ، أقدامهم تقذف بها تارةً ، و تلاحقها تارةً أخرى .
أما الآخرون فبانتظار أن تأتيهم الكرة متدحرجةً بالصدفة ، أو قد لا تنضج أوان دنوها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل