الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المديونية الأردنية ..والمصباح السحري

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2017 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لم تختر الأردن موقعها على الخريطة الجيوسياسية في منطقة تعاني من إلوهية المناصب والضحية الحلال ذبحها..إن هذا النزاع الذي نشب بين النظام السوري والشعب رغبة من الشعب النجاة من يد الذباح فإذ بالذباح يقضي أمره بالذبح وذلك بالتنويع في أشكاله ناهيك عن التمثيل والاغتصاب والتهجير والتي فاقت بجميع صورها المذبحة الأرمينية ومذبحة الهلوكست والتي مازالت ادعاء يهوديا لاستدرار الاستعطاف العالمي وقد استبدل الأسد الأرض السورية مقابل الاحتفاظ بكرسيه فتقاسمت كل من إيران وروسيا وحزب الله ما تبقى من أرض سورية خالية من أهلها ومن بقي فقد احترق بنيران القصف الروسي ولم تكن العربية السعودية بعيدة عن مشهد المعارك ضد التمدد الشيعي وظهور الحوثيين ونظام عبد الله صالح هذا المشهد جعل من عاصفة الحزم نقطة تحدي أمام السعودية ودول الخليج في منع وصول الحوثيين إلى السلطة ومنعهم من التوغل في الأراضي السعودية والذي كلف الخزينة السعودية أموالا طائلة من التسليح وما صعدته عصابة داعش وتبنيه لكثير من حرب العصابات باسم الدين والتطهير العرقي داعش في عملياتها الإرهابية تهدف إلى إحداث الفوضى وبث بذور الخوف وهي ضرب من الجنون وبخاصة محاولاتها الفاشلة في الأردن وحيث أن الأردن هو موطن اللجوء..فكان نزوح الفلسطينين بين عامي 1948-1967 وتلك اللحمة التاريخية التي لن يفرقها سوى الموت واحتضان الأردن للأشقاء العرب باستقبال النازحين من العراق إلى الأردن والذي شهد إثره المستوى المعيشي للأردنيين انخفاضا شديدا..بسبب الارتفاعات المتتالية بالحاجات الأساسية أولا ومن ثم الارتفاع الفاحش في أسعار العقارات والأراضي وسيطرة الرساميل العراقية على معظم الاستثمارات المحلية ثم كانت الأزمة السورية وأزمة اللجوء والتي تحملتها الحكومة الأردنية بوعود كاذبة من مؤتمر لندن بتحمل الدول المانحة أعباء هذا اللجوء وبقي الاقتصاد هو الذي يعاني الأزمة الحقيقية من الكلاشيهات الكاذبة من نسب النمو في الميزان التجاري وارتفاع نسب التصدير من المدن الصناعية والتي تعتبر مدنا للمستثمر الأجنبي على الأرض الأردنية والتي نال المستثمرون فيها أعلى مستويات الدعم ورفع الضريبة فكانت نسبة التكلفة الاستثمارية لا تتعدى الصفر إن ما لجأ إليه المشرع والذي عرف فيه على مدى عشرين عاما من تخبط في القرار ورغبة في الحل السريع للأزمات المالية المتلاحقة مما أدى إلى بيع الكثير من ثروات الوطن ومقدراته والتي تعتبر مراكز الاستثمار الحيوية وذلك ضمن مشاريع الخصخصة وبيع حصة الحكومة الأردنية فكانت خصخصة شركة الاتصالات والكهرباء وشركات البوتاس والفوسفات بل وتعدى ذلك إلى بيع السواحل المطلة على البحر الحمر..ربما كان ذلك حلا وضعيا هزيلا في تلك المرحلة والذي زاد من العبء الحقيقي على الاقتصاد مع مرور الوقت لهزالة الاستثمارات الحقيقية التي تسيّر عجلة التنمية وضمان ديمومتها فعمدت الحكومات المتعاقبة إلى اللجوء إلى جيب المواطن وليس المستثمر ولا التاجر ولا الوزير أو الموظف في المراتب العليا فقد استثني كل هؤلاء وبقي المواطن هو القشة التي تتعلق بها الحكومات في برامجها الإصلاحية والتي زادت من الطين بلة بلجوئها إلى البنك الدولي الذي فرض شرطا للإقراض وهي ضمن ما يدعيه شروطا إصلاحية وهي في حقيقتها كالبرامج الإصلاحية التي تعمد إليها الحكومات عندما تعتمد الحكومات على مفهوم الضريبة والذي بالمنطق الاقتصادي يعني انحسار الاستثمار الحقيقي وهو استثمار المواطن المحدود ولكنه إلى حد ما يمكن اعتباره حقيقيا دون أن يدرس المشرع في منطقه الإصلاحي فقه الضرائب أو أبجديات ابن خلدون في الفقه الضريبي والتي اعتمدت عليها الكثير من نظريات الاقتصاد التي مازالت إلى اليوم تعتبر أساسا في الاقتصاد العالمي والتي تتضمن تخفيض الضريبة ويمكن إزالتها حتى يستعيد الاقتصاد عافيته ومن ثم فرض ضرائب معقولة وكان من المضحك أن جدلية البرامج الإصلاحية التي اعتمدت كما أسلفنا على جيب المواطن لم يعمد معارضوها على رفضها جذريا بل ضمنوا اعتراضهم بالكيفية فكانت بدعم اقتراح كانت الحكومة على الدوام تعتبره ورقتها الرابحة في تخدير المواطن وهو عدم رفع الدعم على الخبز والطحين فجاء المعارضون ليقدموا لها هذا الاقتراح على طبق من نحاس على الرغم من كل هذه المعاناة التي يمكن أن تحل بالمواطن وسياسات التقشف وشد الحزام على البطون إلا أن المواطن الأردني سيضرب أنموذجا رفيعا في احترامه لبلاده والتفافه حول الوطن ومحافظته على قداسته حتى لو كان الأمر يتعجل نهايته من الغريب الذي لم يُطرح في ما يقدمه الأردن بجيشه الممتد على أطول حدود مع العربية السعودية والذي يعتبر خط الأمان للعمق الخليجي ومحافظته بكافة الصور على أمن الوطن والذي يعتبر المنفس للسياحة العربية وكما يعتبر الأردن محققا للأمن في المنطقة التي تسعى الولايات المتحدة والغرب لتحقيقها ..إن المحافظة على وضع الأردن وأمنه ليس خيارا خاصا بالأردن وحده وأن أي معضلة وأزمة داخلية تهمه وحده وتعتبر شأنا داخليا أمر مثير للسخرية إذ أن المراهنة على محافظة الأردن على مصالح الآخرين ينطلق من معادلة محافظته على نفسه وأمنه وحدوده..والرهان على عزل الشعب عن حكومته ونظامه أمر لا يمكن افتراضه في الأساس لأن الشعب الأردني كالسوار بالمعصم بالتفافه حول قيادته ولن يفلح أحد بالمراهنة على غير ذلك.. ..فلن يكون الأردن فرصة للتمدد الشيعي ولن يقف على لائحة الانتظار من الدول الخليجية رغم ما يقدمه من دور استراتيجي في المنطقة وما تتحمله حكومته وشعبه.. إن من الحمق التغيب الدولي عن مشهد الإصلاح الاقتصادي في الأردن باعتبار الأردن الخيار الوحيد في الأمن الجيوسياسي وغير ذلك يعتبر انحدارا كبيرا يهزئ بالشعب ومن مقدار الوعي لديه كما يمنح فرصة للسياسة الأردنية في التفكير بجدوى ما تقوم به لمساعدة الدول المحيطة..
تعتبر المديونية الأردنية قضية المرحلة التي يسعى الاقتصاديون حلها وفق نظام اقتصادي إصلاحي وذلك باللجوء إلى منظمة دولية محايدة ..وهي صندوق النقد الدولي، ومن الجدير بالذكر أن هذا الصندوق يقدم مساعدات مالية لبلدانه الأعضاء بما يتيح لها الفرصة لتصحيح مشكلاتها المتعلقة بميزان المدفوعات، حيث تصمم السلطات الوطنية برامج التصحيح الاقتصادي بالتعاون الوثيق مع الصندوق وبدعم تمويلي منه؛ و يرتهن استمرار هذا الدعم بمدى فعالية تنفيذ هذه البرامج...وهي التي تسعى إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية التي تمس المواطن بشكل أساسي وهي بذلك توجد نوع من التدخل السياسي في وحدة الدولة واستقرارها السياسي وهي بموجبه تراهن على أمن الشعوب، على الرغم من أنها تخدم مفهوما عالميا لمواجهة الأزمة الاقتصادية، إن الأزمة الاقتصادية ليست حكرا على دول العالم الثالث بل أيضا عانت منها الدول المتقدمة ومازال الكثير منها يعاني ولعل من أبرز الأزمات العالمية أزمة العقارات التي لعبت فيها دول الخليج الدور الرئيس في إنقاذ كثير من المنشآت الاقتصادية العالمية. لقد بادر الصندوق بتعزيز طاقة الإقراض المتوافرة له ووافق في إبريل 2114 على عملية الإصلاح الشاملة التي تحدد مقدار الدعم المالي وتشترط فيه وجود مراقبين.
من الجدير بالذكر إن كان البرنامج الإصلاحي يشترط رفع الدعم الحكومي وزيادة أسعار المحروقات وغيرها فهذا ما تقوم به الحكومات المتعاقبة على مدى سنوات دون اللجوء إلى هذا الصندوق الذي يمكن اعتباره إخطبوط الاستعمار الحديث..
وفي كتاب "عولمة الفقر" للعالم الاقتصادي الكندي ميشيل تشوسودوفيسكي ومن ترجمة محمد مستجير مصطفى الصادر عن مكتبة الأسرة لعام 2012، يشير الكاتب إلى المفارقة التى تحكم علاقة مؤسسات بريتون وودز مع الدول التي تستدين من دول الشمال الغني؛ حيث تمارس المؤسسات الاقتصادية الدولية أقصى درجات التعنت والتدخل في سياسات الدول المدينة برغم إدعاءها بتبنيها سياسات الليبرالية الجديدة وإيمانها بالسوق الحرة حتى أصبح رهان الدول الرأسمالية الدائنة على تلك المؤسسات بقيامها بدورها الرقابي والتدخلي المتعنت الذي لا يقبل النقد.

ويخلص تشوسودوفيسكي في خاتمة الكتاب الذي يتكون من ثلاثة عشر فصلا إلى عدم وجود حلول مباشرة وميسورة للأزمة الاقتصادية التي تحوم في الأفق قريبا وبرغم ذلك فلابد من فضح دور الفاعلين الماليين بما فيهم البنوك والشركات متعدية الجنسيات ولابد أن تفتح الحركات الاجتماعية والمنظمات الشعبية التي تتضامن سويا نيرانها على أعداءها الحقيقيين، ويشير إلى أهمية وجود سياسات ومؤسسات ترصد بعناية أنشطة مؤسسات بريتون وودز بالإضافة إلى ضرورة خلق وعي وضبط مجتمعي وتدخل في الأسواق المالية لمواجهة النهب الرأسمالي بأشكاله المختلفة وانتزاع البنك المركزي من بين قبضة الدائنين والمقرضين ولن يتحقق شيء من هذا إلا بوجود قوة دافعة تتمثل في العمال والمزارعين والمنتجين المستقلين والمهنيين، فالنهب الاقتصادي الرأسمالي يتغذى على الخلافات والانشقاقات المجتمعية ووحدة وتضامن الحركات الاجتماعية على النطاق العالمي بداية القضاء على الفقر العالمي.
وبناء عليه يستطيع الأردن كما استطاعت اليابان من قبل في أعقاب الحرب العالمية الثانية وويلاتها من تكوين أقوى قوى اقتصادية عالمية ويستطيع أن يحقق بنية اقتصادية قوية كما في ماليزية التي رفضت دعم صندوق النقد الدولي وآمنت بقدرتها على تجاوزها....
..إن ما نعنيه هو العمل على الأخذ بالأسباب والتي من الجدير بالذكر تعتمد على السياسات الخمسية وطويلة الأجل..والتي يجب أن تشكل منظومة متعاونة ومتفاهمة بين المواطن والحكومات ومن الضرورة التنويه إلى أن الجميع عليهم تحمل المسؤولية والتي تعني تحمل المواطن والحكومة ما يوجب التقلص في المستوى المعيشي..
و الذي لن يستمر ضمن المنظومة الإصلاحية المحلية والتي يقودها المواطنون..إن أحسن الطرفان قيادة دفة القيادة..
إن من أبرز المشاريع التي يمكن تبنيها التي بالضرورة يمكن لها أن تستفيد من عناصر الإنتاج و توافر البنية التحتية وهذه البنية يمكن أن تتواجد في المدن الصناعية والتي تتميز بوجود عنابر ضخمة لاستقبال العمالة المحلية ويجب أن ترتكز على المشاريع الالكترونية لأنها لغة العصر والتي تعتبر أساسا في التوجه الاقتصادي الحديث، وتوافر الأسواق الاستهلاكية والأسواق المحتملة.. والتي يجب أن تكون المهمة التصنيعية فيه على أساس ريادة الأعمال، وعلى سبيل المثال تصنيع شرائح الكترونية صغيرة يمكن استخدامها على أكثر من جهاز أو يمكن الاستفادة منها بعد تلف الأجهزة، إن آلية التطوير الصناعي الريادي الممنهج تسهم بفاعلية وبخاصة ضمن بيئة استثمارية ايجابية نجاحا أكيدا وبخاصة في بيئة ديناميكية في مجال تكنولوجيا المعلومات. ناهيك عن الصناعات الاستهلاكية كصناعة رب البندورة التي تم إيقاف العمل بها بعد بيع مصنع رب البندورة إلى مستثمر عراقي بقيمة 150 مليون دينار، إن الاستثمار بمحصول البندورة يعتبر شيء أساسي وبخاصة في الغور الأردني حيث يعتبر بيئة ملائمة لزراعتها و زيادتها عن الاستهلاك المحلي..
تعتبر هذه الاستثمارات ولو كانت تكلفتها الإنشائية مرتفعة إلى حد ما من أبرز الصناعات التي يمكن الاستثمار فيها والتي تعتبر استثمارا فعالا يغطي رأس المال بعد فترة وجيزة.. وبعيدا عن الاستثمارات في الصناعات التحويلية التي يفترض أن تؤتي ثمارها بهذه الفترة الحرجة..
وعلى صعيد آخر لا بد من توفير الرساميل من نسب إجبارية تفرضها الحكومة على الشركات الخاصة والمستثمرين من ذوي الاستثمارات المرتفعة وإيقاف الاستثمار بالمشاريع العقارية وعلى رأسها الفنادق..لأن السوق المحلي لا يستوعب هذا الارتفاع غير المبرر..ترحيل الاستثمارات الحكومية إلى مرحلة متقدمة كمشروع الباص السريع ..ودعوة المستثمر إلى الاستثمار بقطاع الطاقة البديلة وإيقاف كل جيوب النزف المالي، ويمكن أن تكون بتقليص الحقائب الوزارية والمناصب المتكررة واقتطاع من الرواتب العليا وتقليص نظام الحوافز وغيرها من إجراءات مرحلية..
ومن الجدير بالذكر أنه يشترط تزامن تغيير الأنظمة الاقتصادية وفق المرحلة والتي تعنى بالسلوك وهو السلوك الجماعي الإيجابي وتوجيهه للمصلحة العامة وهو بتبني أنظمة ذات فاعلية ونجاعة وبخاصة في اليابان والصين والتي تعتبر من أقوى الأنظمة الاقتصادية ..حيث يجب أن تتغير عقلية المواطن والحكومات ضمن النظام الأبوي، والذي يعتمد على احترام النفس أولا قبل احترام الرئيس والعلاقة التبادلية مع المرؤوس.. والإخلاص في العمل وتحمل المسؤولية..
إن المطلوب من كل واحد فينا أن يقوم بما يستطيعه في المنظومة السلوكية، وانتهاج المنهج المستقيم في التعاملات واعتبار المصلحة العامة ومصلحة الوطن أولا..
باعتباره الوطن الذي من حقه علينا أن نحميه.
كما لا يمكننا إغفال مفهوم الاكتفاء الذاتي الذي يجب أن يكون شرعة المرحلة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية