الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما العلاقة بين المهاجرين غير الشرعيين والمسيحية؟

عادل صوما

2017 / 1 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البابا فرنسيس لم يزل يبحث عن دور قيادي خارج مسألة الايمان لكنه يفشل حتى الان. الدور الذي يبحث عنه لابد ان يكون اليوم داخل اطار البحث عن ايديولوجية ايمانية جديدة تساعد اوروبا الكاثوليكية على الصمود امام خطر الارهاب حاليا، وفقدان هوياتها لاحقا تحت وطأة نشر مذهب متزمت يحاربه معظم المسلمين أنفسهم، ويتهم المسيحيون بعضهم بعضا، عندما يحاربه احدهم، بدعاوى معاداة الإنسانية والرحمة وحرية الرأي وتنوع الايمان!
الايديولوجية التي يمكن ان يتبناها البابا قد تكون دعوة الكاثوليكيين الاوروبيين للرجوع الى مبادىء المسيح الانسانية واحياء مؤسسة الزواج التي يتجنبون تحمّل مسؤولياتها وعدم التنكر لجذور ثقافتهم، لأن الهجوم الذي حدث على الكنيسة بعد عصرالتنوير كان في واقع الامر على دور الكنيسة السياسي وفسادها الاخلاقي وليس على انسانية مبادىء المسيح.
مسائل شائكة
كاد البابا في البحث عن دور قيادي له ان يتورط في مسألة شائكة عندما حاول ان يضع المثلية ضمن اجندة مشاكل "العائلة الكاثوليكية" لكنه تراجع تحت وطأة ضغوط كثيرة اتهمته بعضا بخيانة مبادىء الانجيل. واليوم يكاد ان يتورط في مسألة سياسية سيادية شائكة هي احترام حدود الدول وأصول الهجرة، وهو بذلك واهمٌ يشارك وسائل اعلام كثيرة (اسيرة فقاعات تصديق معلومات مُلفقة غذت بها الكمبيوتر فخرج بنتائج وهمية من اختراعها، ما يعني انها تقبل واقعها الافتراضي ولا تعترف بالواقع الحقيقي) في الهجوم على رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.
مسألة الهجوم على الرئيس ترامب تحديدا تفقد البابا لقبه معنويا فالبابا "اب" للجميع ويقف على مسافة متساوية بينهم. صحيح ان البابا اصاب عندما حذر من صعود نزعة شعبوية، لكنه أخطأ عندما حذر من خطر أن تفرز الأزمات السياسية ديكتاتور جديد مثل أدولف هتلر. قصد البابا فرنسيس مورابة احزاب اليمين المتطرف في أوروبا، لكنه تجاهل تماما سبب ارتفاع شعبيتهم! تجاهل صراحة الارهاب الذي يهدد اوروبا ودولته جزء منها. كما قصد مواربة ايضا الرئيس ترامب، لكنه تجاهل ايضا شعار "اميركا اولا" الذي رفعه الرئيس ترامب، لدرجة ان الصين أعلنت ان لا مفر من قيادتها للعالم إذا تقوقعت اميركا داخل حدودها.
اخطأ البابا في تحيلاته السياسية عندما أعلن عن قلقه حيال انتشار النزعة الشعبوية في الولايات المتحدة، لأنه قال إن "الأزمات تثير المخاوف والقلق، وأرى أن أوضح صور النزعة الشعبوية في أوروبا كانت في ألمانيا عام 1933، لأن "ألمانيا كانت تعاني الانكسار، وكان عليها أن تنهض وتعثر على هوية، وزعيم قادر على استعادة شخصيتها. وبرز في ذلك الوقت شاب يُدعى أدولف هتلر قال: أستطيع .. أستطيع، وكل الألمان صوتوا لصالح هتلر. هتلر لم يسرق السلطة، بل صوّت له شعبه، ثم دمر شعبه".
اميركا ليست منكسرة بل سارت في سياسات خاطئة لمواجهة الارهاب منذ احداث سبتمبر 2001، والرئيس ترامب يواجه عواصف تلك السياسات ومنها الديون الداخلية والخارجية وفقدان العملة لقيمتها وارهاب الذئاب المنفردة الذي يهدد اميركا، ناهيك عن تورط اميركا مجانا في مشاكل دولية هي في غنى عنها، ومساعدة دول أغنى من الحكومة الفيدرالية الاميركية نفسها.
انتقد البابا استخدام الأسوار والأسلاك الشائكة لمنع الأجانب من دخول دول غير دولهم، لكنه أكد أنه لا يفضل استباق الأحداث أو أن يصدر أحكاما مسبقة، مرجحا أن من الأفضل أن ينتظر الجميع ليروا ماذا يفعل "ترامب"، و"حينها نكوّن رأيا".
مسألة الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك شأن سياسي سيادي بين بلدين لا يحق للبابا الحديث عنه ولا رأي له فيه الان أو مستقبلا، ويؤدي إلى اربعة اسئلة : لماذا دولة الفاتيكان محاطة بسور عال؟ لماذا يطلب الحرس البابوي من الداخلين إلى الفاتيكان رؤية التصاريح التي يحملوها لمقابلة احد المسؤولين، ويمنعوا المتطفلين من الدخول بينما يرفض البابا الامر نفسه بالنسبة للولايات المتحدة؟ ما العلاقة بين عدم اتساق دعوة ترامب إلى بناء جدار عازل على الحدود المكسيكية مع مبادىء المسيحية؟ ما هي الكلمات التي قالها المسيح أو الرسل عن حدود الدول ليقحم البابا مبادىء المسيحية مع بناء سور يمنع المهاجرين غير الشرعيين من التسلل إلى الولايات المتحدة؟
السور وسؤال الحرس البابوي على مدخل الفاتيكان امران طبيعيان لأن الفاتيكان دولة مستقلة حتى عن إيطاليا وإن كانت على اراضيها، وما يحق للفاتيكان كدولة مستقلة يحق بداهة لكل الدول.
مسألة الحدود من ثمة شأن سياسي يرى الرئيس ترامب، وهو على حق، انه يؤدي الى انتفاع مهاجرين غير شرعيين من منافع صحية واجتماعية المواطن الاميركي أولى بها، ناهيك عن انخراط بعضهم في نشاطات اجرامية تسبب مشاكل عديدة أخطرها عدم معرفة الشرطة واجهزة الامن وإدارة الهجرة عناوينهم ومن ثمة القبض عليهم لترحيلهم أو محاكمتهم في الولايات المتحدة.
هل سأل البابا نفسه قبل إقحام نفسه في مسألة سيادية شائكة: لماذا يدفع المهاجرون الشرعيون ألوف الدولارات للحصول على الجنسية الاميركية بشكل شرعي، ويحصل عليها المواطن المكسيكي مجانا بعد عفو رئاسي تقليدي يحدث كل عدة سنوات للمقيمين بشكل غير شرعي في الولايات المتحدة؟
لاهوت التحرير
إذا كان البابا غير قادر على العثور على دور خارج نطاق الايمان، فمن الأفضل له عدم التورط في مسائل شائكة، في عالم ينوء فعلا تحت وطأة ضغوط لم يعد أي مواطن في أي بلد قادرا على تحملها، أو تحمّل تصاريح مبنية على نفاق دولي يناقض الوقائع.
البابا فرنسيس القادم من الارجنتين حتى اليوم ورغم محاولاته البحث عن دور قيادي، لم يزل قامة قصيرة لا تضاهي قامات كهنة "لاهوت التحرير" في اميركا الجنوبية، ومنهم اوسكار روميرو رئيس أساقفة سان سلفادور الذي اغتالته "كتائب الموت" داخل كنيسة اثناء إقامته لقداس، لدوره الانساني الفاعل في صراع مع السلطة والجيش والطبقة البرجوازية، مُدافعا عن حقوق الفقراء ومستنكرا مجازر واغتيالات وتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان كانت ترتكب بحق الشعب السلفادوري، تحت نظر وسمع دولة الفاتيكان ودول العالم المستعدين لمشاهدة الفضائح وتجاهلها أو شجبها في مؤسسة لا حول أو قوة لها هي الامم المتحدة، وقد أطلق الجيش خلال جنازته، التي حضرها أكثر من خمسين ألف شخص، الرصاص على المشيعين تحت سمع ونظر دول العالم ومنها دولة الفاتيكان، ما تسبب بسقوط الكثير من الضحايا، وكان لحادثة اغتيال ذلك الاسقف العظيم دوراً أساسياً في نشوب حرب أهلية في السلفادور، تحت سمع ونظر دول العالم ومنها دولة الفاتيكان، استمرت 12 عاماً تحت سمع ونظر دول العالم ومنها دولة الفاتيكان، وراح ضحيتها أكثر من 70000 شخص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان