الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة السياسية والمقاومة الثقافية كل لا يتجزأ

المريزق المصطفى

2017 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لا نريد أن يصبح زمننا السياسي قطعة من الظلام، تطارد نومنا، وتعكر مزاجنا، وتحولنا إلى كائنات سياسية بدون جسد ولا روح. كما لا نريد أن نحول بعض انتصارات زمننا إلى كومة دخان أسود، خوفا من التدجين والاحتواء.
طبعا، هناك قضايا ومستجدات تخترق، بسرعة البرق، كل ساعات ليلنا ونهارنا، من دون توقف ولا تردد، وتعد بما لا يستطيع أن يفي به إلا الزمن الذي يجيء، وهو حتما يجيء. ورغم ذلك، لا بد من أن نستحضر نوعين من مهامنا المستعجلة: مهام المقاومة السياسية ومهام المقاومة الثقافية، من أجل المساهمة في بناء المشروع السياسي والثقافي الوطني، استجابة لتطلعات شعبنا وحقه في العيش الكريم، وفي الولوج إلى كل الخدمات الاجتماعية.
وإذا كان لا بد من مقاربة الحقل السياسي والثقافي في المغرب من وجهة تاريخية للوقوف على مواقف الفاعلين الرئيسيين في هذان الحقلان، فربما آن الأوان للكشف عن الظلم الذي لحق بهؤلاء من طرف السلطة السياسية المساهمة في الحكم، وتهميشها للعلماء وللمثقفين اليساريين على صعيد أشكال معينة من السلطة، وهذا عكس ما كان في مراحل سابقة عن الاستقلال وحتى قبل الحماية.
إن ما نعيشه اليوم من مقاومة سياسية وديبلوماسية من أجل استرجاع مكانة المغرب ودوره في وطنه الإفريقي، يذكرنا بما حصل في منتصف السبعينات مع نفس القضية/قضية الصحراء المغربية.
أزيد من 40 سنة من المقاومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل الوحدة الوطنية، ومن أجل الحفاظ على المؤسسات، وبناء علاقات سياسية وعلاقات ايديولوجية جديدة بين الفاعلين في المشهد الوطني. وهذا، رغم الاختلالات التي عصفت بالعديد من الحقوق والحريات باسم الإجماع الوطني والسلم الاجتماعي.
واليوم، نعود من جديد لنفس النقاش باحثين عن آليات الربط بين المثقف والحقل السياسي، ومحاولة فهم طبيعة التعارض بين المثقف والسلطة في واقعنا، رغم أن كلاهما يشكل سلطة.
وربما، وعلى ضوء المستجدات السياسية والدبلوماسية الجديدة، وعودة المغرب للإتحاد الإفريقي، وما ينتظره من ارتباط عضوي بقضايا وتطلعات شعوب إفريقيا، يبدو ضرورة إدراك جديد للسلطة ولأهمية الثقافة، من أولى الأولويات من أجل تحرير الطاقات من كل الآليات والأدوات الإكراهية، وجعل الأجهزة الإيديولوجية، وعلى رأسها الجهاز الثقافي، في خدمة الإجماع الوطني الجديد، الذي نريده أن يتأسس على دفع المثقف إلى تحمل المسؤولية وإدماجه في الفعل الثقافي، بنكهة المعارضة الايجابية وبرؤية نقدية، من أجل المساهمة أكثر فعالية في السلطة.
بلادنا تزخر بالنخب، وبالمثقفين في كل التخصصات وفي كل ميادين الثقافة والفن والإبداع، وهؤلاء يجب إدماجهم، مادامت المقدسات التي تقوم عليها الدولة المغربية لم تعد تفرق بين الفاعل السياسي والفاعل الثقافي، ومادامت المقاومة السياسية والثقافية كل لا يتجزأ، والرابط بينهما هو المجتمع الحداثي الديمقراطي، على قاعدة حقوق الإنسان والحق في التعبير والرأي والحرية والمساواة.
إن استرجاع المغرب لدوره التاريخي في القارة الإفريقية، يأتي اليوم في وضع دولي تخترقه العديد من التناقضات باسم النظام الدولي الجديد، في ظرفية خاصة تميزها خريطة عالم جديد لم ترسم حدوده بعد، مع ما تبقى من الشرق وما تم توريثه عن الغرب.
فإذن، علينا أن نختار ما ذا نريد؟
إن استكمال مهام المقاومة السياسية وتحرير الوطن من كل جيوب الاستعمار، والحفاظ على وحدة الوطن وكيانه، يعتبر اليوم معركة شعب بكامله وليس، معركة طرف ما دون الآخر. فالضرورة اليوم تستدعي تقوية جبهتنا الداخلية، من دون مغامرة سياسوية ترضي جهة ما.
وإذا كان الخطر الأحمر قد تراجع نسبيا، فلا يجب أن نستبعد أخطارا جديدة قد تحمل معها ألوان أخرى من الشعارات ومن الآليات المدمرة للاستقرار المغربي.
عندما ننظر إلى بؤس الثقافة في وطننا من حيث الإنتاجية والمردودية، وتهميش دور الأندية الثقافية، ومراكز البحث الثقافي، ودور الإبداع والفنون والمحافظة على التراث، نبكي ما وصلنا إليه منذ أن حصلت الثقافة على استقلال مؤسساتي، ابتداء من سنة 1979، تاريخ أول وزارة خاصة بالثقافة، بعدما ظلت ملحقة لسنوات طويلة إما بوزارة التعليم أو بوزارة الشؤون الإسلامية.
لقد استخدم التكنوقراط والنخب الاسلاموية شعارات مناهضة للإجماع الوطني الجديد لمغالطة الشعب، في إطار التقاء المصلحة مع مناهضي البناء الديمقراطي الحداثي، لتبقى المقاومة السياسية معزولة عن المقاومة الثقافية، ولكي يتسنى لهؤلاء ممارسة النهب المستور، من أجل عودة الاستبداد والنكوصية التي تساعد على تكديس الثروات وعدم استثمارها في المجالات الاجتماعية الحيوية. لهذا، إن معركة الوحدة الوطنية اليوم لن تستكمل مشروعها إلا بعودة المقاومة الثقافية إلى جانب المقاومة السياسية، و عودة مجموعة من المثقفين المغاربة للمكانة التي يستحقونها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات