الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون في الجزائر يريدون دستورا على مقاسهم !

مولود مدي
(Mouloud Meddi)

2017 / 2 / 3
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


في ظل الظروف الدولية الصعبة التي لا تبشر بالخير على كل المستويات و خاصة في العالم العربي الذي يعيش أزمة أمنية لا مثيل و حروب طائفية تنهك جسد الأمة الاسلامية العليل لم يجد ما يسمون أنفسهم بالمفكرين الاسلاميين في الجزائر موضوعا يتناقشون فيه و يطرحوا على الأقل حلول لها سوى مواضيع التي توقظ الفتنة المذهبية في الجزائر و تعيد الى الواجهة تفاهات التقسيم المذهبي للشعب الجزائري.
شكلت قضية " الوحدة العقائدية و الفكرية للأمة الجزائرية" موضوع ندوة علمية نظمتها مديرية الشؤون الدينية لولاية قسنطينة في الشرق الجزائري في الفاتح من هذا الشهر بحضور أمة و دعاة و طالب المشاركون في الندوة العلمية بدسترة المرجعية الدينية و تقنينها.
لقد جذبت انتباهي جملة ’’ دسترة المرجعية الدينية و تقنينها ’’ و بدأت افكر في الاسلامويين الذين بالأمس كفّروا الدستور اصبحوا يطالبون به اليوم و المهزلة الكبرى هي الدعوة الى فرض مذهب معين للجزائر و كأن المجتمع الجزائري مجتمع متجانس مئة بالمئة و يتبع مذهبا واحدا ... انهم يدعون الى فرض رؤيتهم على المجتمع الجزائري بل و تقنينها و جعلها قانونا يجب الالتزام به و لا ندري ما الذي سيطالبون به ان خرجنا على ذلك القانون اهل بقطع ارجلنا و ايدينا و صلبنا ام بقلينا في الزيت او رمينا من الجبال الشاهقة ؟ المشكلة لماذا هذا التهويل غير المبرر و التحذير مما يسمونه التفسخ الديني في هذا الوقت بالتحديد ؟ لماذا لا ينظمون الندوات التي تدعوا الشعب الى التلاحم و الوحدة لتفادي تسرب الفتن المذهبية و التي ستسهل التدخل الغربي في الجزائر و تحويلها الى مستنقع للإرهاب ؟

و أضاف المحاضر بأن هناك مؤامرة تحاك في الخفاء لضرب المجتمع الجزائري .. و المشكلة التي يجهلها المحاضر هو أنه في هذه الحالة يشكل بنفسه طرفا في المؤامرة بالدعوة الى التمذهب و اثارة مشاعر الطوائف الاخرى مثل الاباضية في الجزائر, فكيف سيكون رد المحاضر ان طالب الإباضيون في الجزائر يوما الى الى اعتبار المذهب الاباضي المذهب الرسمي في الجزائر ؟ بالطبع سيتهمهم بالعمالة و الخيانة و بلا شك سيكفّرهم و سوف يحرض الجزائريين ضدهم اذن اليس الفتنة في الدعوة الى فرض مذهب معين و تقنينه ؟ اليس دعوة سيادة المحاضر الى فرض المذهب المالكي و دسترته هو تجاهل غير مباشر و غير اعتراف بأصحاب المذاهب الأخرى ؟ اليس اصحاب المذاهب الأخرى بجزائريين ؟ بعد ذلك يخرجوا علينا و ويتحدثون عن المساواة بين المواطنين والحرية و الديمقراطية !
من غير المفهوم، الإصرار الذهاني الغريب على وضع مواد غير دستورية في صياغة الدستور، ولمزيد من النكاية للعقل، وللقانون و الهلوسة و التظاهر بالنصح و حماية المجتمع الجزائري بمثل هذه الدعوات التي يتساهل معها النظام الجزائري المشلول و المعاق مثل رئيسه, ان هذا التساهل يعيد الى الاذهان تساهل الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي مع حركات الاسلام السياسي ايام الثمانينات حيث فتح لهم المجال لمواجهة النفوذ الاشتراكي و بقايا نظام الرئيس الأسبق هواري بومدين لكن ذلك الأمر عاد بالوبال على الشعب الجزائري و ادخله في حرب أهلية كلفت زهرة شبابه من مائتي الف قتيل و مائة و خمسين صحفيا مغتال, ان النظام سيتحمل المسؤولية المترتبة على مثل هذه الدعوات فهؤلاء المفكرين يستغلون السبات العميق للشعب الجزائري و عزوفه التام عن السياسة بحيث اصبحت الهوّة السّحيقة بينه و بين السياسة لا يمكن تجاوزها بسبب فقدانه الأمل في النظام البوتفليقي الراشي و المرتشي و بأحزاب المعارضة الجزائرية التي تدّعي المعارضة و التي تكتفي باجتماعات الفنادق و مناقشات اطباق اللحوم المشوية و التي تعتقد ان التغيير يأتي على روّاد الفنادق و شاربي القهوة.

ان الاستجابة لدعوات هؤلاء و تقنين مواد لا علاقة لها بالدستور سيبرر في المستقبل تصرفات الجماعات السلفية و المتسربلة بالدين كما أن المادة الدينية عموما في الدستور ، لا تعترف للجماعات الإسلامية بالوجود وفقط، بل تميزهم عن بقية أفراد وجماعات الوطن، بتمييزهم فكريا كمنفذين للشرع السماوي، وهو التميُّز المُستند لتميُّز طائفة دينية من طوائف المجتمع عن غيرها من طوائفه، وتسييد الفرقة التي تعلن تأسلمها على باقي عباد الله في البلد، لا لشئ أنجزته للوطن، ولكن لميلادها داخل الطائفة المُختارة للسيادة، هكذا علنا, وذلك لأن هذه المادة هي ركيزتهم الخراسانية، التي تضمن لهم الوجود والحياة في المجتمع، دون الالتزام بضوابطه القانونية، فيمكنهم إنشاء الجماعات السرية العلنية دون عقوبة، وكسر أي قانون ما دام تصرفهم مباحا في الشرع، والعمل على تدمير عقل الوطن، بتدمير ملكة التفكير الناقد لدى الناس، وحشوهم بالخزعبلات والخرافات، واحتلال مفاصل الدولة، وعدم تنفيذهم أحكام القانون الصادرة ضدهم، مما يجعل الدولة ذات رأسين.
ان الدعوة الى تقنين مذهب معين قد صنعتها مصالح بين أطراف تتاجر بالدين لمكاسب دنيوية، مع أطراف تتجمل بالدين لمزيد من التحكم برقاب المواطنين، ولم يصنعها دين الإسلام، ولم يأمرنا الدين بوضعها بالدستور، ولن تخلق لنا ديننا، فنحن أصحابه ووارثوه في الأرض، وعلى من يريد التميُّز بين المواطنين ألا يجعل هذا عبر نص دستوري، لأن مثل هذا النص ضد معنى الدستور نفسه، وكفيل بهدم الدستور قبل كتابة بقية مواده، إنما يكون التميُز بالإنجاز لصالح الوطن والمواطنين، أو انتظار التميز بالدين في الآخرة وليس في الدنيا، حيث سيميزه الله هناك بما قدم في حياته، أما نحن فلسنا بآلهة حتى نحتمل تميُز أحدهم، لأنه ولد مسلما.

وأوضح الدكتور رمضان يخلف أن "الطائفية " في الجزائر هي حلقة من أعمل مخطط لها ، و تابعة لتنظيم معين و لها امتدادات، و لها آثارها السيئة ، غير أنه لا ينبغي أن نقابلها بمفاهيم متباعدة، متسائلا عن سبب تكامل و تحالف الدول الغربية سياسيا و اقتصاديا و عسكريا فيما بينها؟ ان هذا السؤال من المفروض ان لا يطرحه الدكتور الفاضل فكيف يعقل ان يحاول ان يتبع النموذج الغربي الذي وجد حلا نهائيا للصراع المذهبي بقرار صارم لا رجعة فيه الا وهو علمنة الدولة بتنفيذ عكس ما نفذه الغرب, فيجب على صديقنا الدكتور ان يعلم ان الدول الأوروبية متكاملة و موحدة لأنها ساوت بين شعوبها رغم اختلافها في العقيدة و المذهب و لا تقترح مشاريع دسترة المذهب ولا تقول ’’ دين الدولة المسيحية ’’ او ’’ مذهب الدولة هو المذهب البروتستانتي ’’ اما الدكتور فيحاول توحيد الجزائريين بجعل المذهب المالكي مذهب الدولة ثم يضرب الأمثال بالغرب !
عند وضع الدستور لشعب معين, فان هذا الدستور هدفه الحفاظ على حقوق هذا الشعب بغض النظر عن عقيدته و مذهبه, إن الدستور عقد يتوافق عليه بشر، هم جمع المواطنين، عن فهم ورضى، ودون ضغوط من أقلية أو أغلبية، عنصرية أو طائفية، وتحديد دين بعينه، ومذهب بعينه، للدولة في دستورها، يعني اللا اتفاق قبل أن نبدأ شيئاً بعد، يعني عدم المساواة بترك كل دين كي يظهر بقدرته الذاتية، وذلك قبل أن نبدأ شيئاً بعد، إن ألغيت الحرية، وألغيت المساواة، فهل يكون ما تضعه دستوراٌ وعقداً اجتماعيا، يعبر بصدق عن صالح جميع المواطنين على التساوي ؟، أم يكون عبثا سخيفا ؟ ان محاولة دسترة المذاهب الدينية هو اصلا ضد الدستور فأن كان مذهب الدولة هو المذهب المالكي فما الداعي من وجود الدستور الوضعي و لدينا الدستور المالكي ’’ الموطأ ’’ ؟ و ما الداعي الى وجود البرلمان اصلا ؟ ان هؤلاء الاشخاص و اشباههم يؤكدون لنا للمرة الألف ان همّهم الوحيد هو ضرب الدستور و حقوق الانسان و مؤسسات الدولة عرض الحائط بحجة الحفاظ على هوية الشعب و لا نفهم بأي حق يتكلمون باسم الشعب الذي حمل امثالهم السلاح ليقتلوه من اجل جزائر على شاكلة نظام الملالي .

ويبدو أن انعدام الديمقراطية في المجتمع الجزائري هومن المحرضات الأساسية على استقواء الطائفة على من حولها من الطوائف، إذ أن النظام الديكتاتوري الجزائري أنه يخلق فوضى اجتماعية وسياسية تحرض الطوائف على الظهور والتبلور، لأن في ذلك مصلحة للديكتاتور من حيث أنه يستفيد من تحريض بعضها على البعض الآخر، أو يعمل على تجيير القوي منها لدعمه أمام الآخرين، ذلك أن الديكتاتورية هي نوع من الطائفية، طائفية الحاكم والمقربين منه والمنتفعين من وجوده والتعامل معه، ونظراً لأن الطائفة تتمركز حول قياداتها التاريخية، فإنها تكون سهلة الانقياد والتوجيه وفي المجتمع الذي لا تمارس فيه الديمقراطية لأسباب محلية وتاريخية، لو أرادت الزعامات الطائفية حماية طوائفها من الأخطار الدائمة مثلما يدعي منظمي الندوة، فما عليها سوى الاندماج بالطوائف الأخرى عن طريق التزاوج، وذلك برفع الحواجز بين قلوب الشبان من أبنائها، وبهذا تؤسس لحياة سعيدة هانئة يسودها السلم والمحبة بين الجميع وليس التحريض و التضييق ضدها، لكن طالما استمرت الطائفة في الإصرار على الانغلاق على نفسها، والتمحور حول ذاتها و حصر الدين و الحقيقة في اتباعها فقط، فلتبشر بمستقبل لا يحمل إليها سوى الشؤم والمتاعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج