الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معذرة يا ولدي...

محمد علي زيني

2017 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


جائني طلب صداقة على الفيسبوك، فانتفضت كالملدوغ ورفضت الطلب فوراً حين علمت أن صاحب الطلب هو موظف لدى المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات. حدث ذلك في ليلة الأمس، ولكن عندما حل الصباح سألت نفسي، مؤنباً، لم هذا الأستعجال؟ إنه لصحيح حقاً أن "المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات" هو إسم على غير مسمى، فهذه المؤسسة غير مستقلة قطعاً، إذ هي مملوكة بالمحاصصة، ولكن هل العاملين فيها كلهم أنذال؟ كلا بالطبع!

لقد تولد لدي الشعور بالنفور الشديد من هذه المفوضية في نيسان 2014 عندما كنت مرشحاً للأنتخابات العامة عن محافظة بغداد. إذ استجوبتني في المرحلة الأولى هيئة المسائلة والعدالة، وعندما مررت من خلالها بسهولة ويسر مرور الكرام تولتني هذه المرة المفوضية العليا للأنتخابات. استدعتني المفوضية لبيان رأيي في ادعاء وزارة الداخلية كوني ارتكبت جريمتين في السابق، وقد صدرت بحقي أحكام قضائية، واحدة بموجب المادة 4 إرهاب، والثانية بموجب المادة 430 عقوبات "هدر المال العام". من جانبي قدمت طعناً على الفور، منكراً ارتكابي تلك الجرائم – والعياذ بالله – ومؤكداً في ذلك الطعن أنني لم أرتكب جرماً، ولم أر سجناً، ولم أدخل محكمة في حياتي سوى مرتين في الولايات المتحدة الأمريكية لمخالفة قوانين المرور.

نعم، هكذا وبكل سهولة امتثلت المفوضية لطلب وزارة الداخلية وقررت – بأسرع من لمح البصر – أن المتهم محمد علي صالح زيني مذنباً حتى تثبت برائته، ورفعت إسمي من قائمة المرشحين! لقد سارعت المفوضية للتخلص من هذا "المحمد علي" الذي طالما أزعج الكبار في دولة القانون لنقده سياسة الحكومة الضارة بمصالح البلاد، وبيان تمددها في الأعتياش على ريع النفط فيما البلد يتهدم باستمرار في كل مكان خارج قلعة المنطقة الخضراء، وفضح لصوصيتها وإدمانها على سرقة أموال الشعب العراقي المظلوم فيما شريحة الشعب العراقي التي تعيش تحت خط الفقر تكبر كل يوم.

لم تنفع مع مدير قسم الشكاوي في المفوضية شهادة عدم المحكومية التي أصدرتها بحقي مديرية تحقيق الأدلة الجنائية لأنني جلبتها لهم باليد. فقال لي هذا المدير إن الوسيلة الوحيدة المتوفرة لديه للمساعدة هي أن يقوم من جهته بإرسال إحدى سيارات المفوضية مع كتاب الى مديرية تحقيق الأدلة الجنائية طالباً منها تزويد المفوضية بشهادة عدم المحكومية وترسل الشهادة برفقة كتاب الى المفوضية بيد معتمد مقبول. وعند وصول الكتاب ستقوم المفوضية بإحالته الى المحكمة المختصة والمكونة من سبعة قضاة، حيث ستقوم المحكمة البت به واتخاذ قرار يرسل الى المفوضية للعمل بموجبه. قلت له إن هذه العملية ستستغرق لتنفيذها مدة طويلة جداً غير متوفرة لدي، في حين أن المدة المتبقية من فترة الأربعة أسابع المخصصة للدعاية الأنتخابية هي أقل من أسبوع، ويبقى بعدها يومان فقط لتجرى خلالها عملية الأنتخابات في داخل وخارج العراق. عند هذا أجاب مدير الشكاوي – ذو السحنة الصفراء والملامح الجامدة على قسوة اللامنطق - إن ما عرضه علي هو كل ما يمكن أن يقوم به للمساعدة، ثم اقترح أن أكلم مدير الكيانات السياسية إن شئت.

ذهبت الى مدير الكيانات السياسة وكان مع موظفيه بغرفة كبيرة واحدة. دخلت فوقف الجميع احتراماً وهم مبتسمين، نساءً ورجالاً. أدرك هذا المدير الطيب بأن حقي في الترشيح سيضيع إن هو لم يسرع بحل معقول. فوافق على الفور بعودتي كمرشح للأنتخابات شريطة تسليم المفوضية تعهد بصحة صدور شهادة عدم المحكومية، فإن ظهر ادعائي غير مطابق للواقع فسأتحمل حينئذٍ كافة التبعات القانونية المترتبة. غادرت الغرفة بعد أن صافحتهم واحداً واحداً وهم وقوفاً مبتسمين.

فلعلك يا ولدي كنت واحداً من بين أولائك العراقيين الطيبين، وما أكثرهم! أنا آسف يا عزيزي لتسرعي فيما فعلت. فإن صادف أنك ستمرّ على هذه الرسالة فأرجوك أن تعود بطلبك من جديد. وسأضعك هذه المرة بحدقة العين. نعم ولي الشرف والأعتزاز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس