الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في المتخيل الشعبي المغربي

سليمان العثماني

2017 / 2 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لعل من المفيد ان نتطرق لصورة المرأة و الرجل داخل المجتمع المغربي ، انطلاقا من استحضار قضية التميز بين الجنسين وفق النوع الاجتماعي ( ذكر، انثى) ،الذي نجده حاضر بقوة داخل الثقافة الشعبية المغربية .و يظهر بجلاء في المجتمع المغربي التقليدي المحافظ.
لا يستقيم الحديث عن صورة المرأة و الرجل في المجتمع المغربي التقليدي إلا باستحضار نماذج توضح مسألة التفرق بين الجنسين كمعطى يفرض وجوده من داخل المجتمع المغربي ، فالمرأة مكانها الطبيعي في منزل و الرجل في الشارع اي الحياة العامة يفعل ما يريد دون رقيب ولا حسيب ، والمرأة تتقبل هذا الوضع باعتباره امر طبيعي وهذا ما اكدته فاطمة المرينسي في وصفها للمرأة التقليدية المحافظة " اللواتي عشن التفرقة كمعطى طبيعي 1 "
بمعنى أن المرأة تعودت على مسألة التفرقة ، و أن تظل بدون هوية تحدد جنسها داخل المجتمع الذي حاصر المرأة في مفهوم الحريم المرادف للشقاء .
بمعنى أن الحريم محكوم بفكرة الملكية الخاصة و القوانين التي تسيرها 2 تحول هذا الإحساس بالحرمان في ذهن الطفلة الصغيرة فاطمة التي فتحت عينها على معاناة نساء عائلتها " اللواتي كن يحلمن بحرية التجول في الأزقة و أشهر حكايات عمتي حبيبة التي كانت تحتفظ بها المناسبات الكبيرة هي حكاية المرأة ذات الأجنحة التي تطير من الدار حين ترغب في ذلك و كل مرة تحكي فيها القصة تشد النساء تلافيف القفاطين إلى الحزام ، ويشرعن في الرقص فاتحات أذرعهن كما لو كن سيطرن" 3
تصور لنا فاطمة المرنيسي وضعية المرأة المغربية التقليدية المحافظة من داخل المجتمع التقليدي الذي تتداخل فيه التقاليد و العادات الاجتماعية التي تشكل قيودا ضخمة على حرية المرأة بالمعتقدات و الموروثات الدينية خصوصا أن القوانين المتعلقة بها تستند إلى أصول دينية ، وهنا استحضر قول المرنيسي حينما قالت " هم يحبسونها وراء الأسوار لكي يتبلد ذهنها " 4
إن الرجل يعارض كل ممارسة للمرأة خارجة عن التقاليد فالمرأة التي تمضغ الشونكوم تقوم بفعل ثوري لمجرد كونها غير وارد في التقاليد و لأنها لا تكرر ما خطه السلف فهي تبتكر جديدا وبالتالي تأتي بدعة .
يتضح من خلال ما تقدم أن المرأة التقليدية في المجتمع المغربي المحافظ عاشت وضعيات من التهميش و الإقصاء بدعوى العادات و التقاليد التي لا يمكن أن نغيرها على أساس أنها من الثوابت التي تتأسس عليها الهوية الثقافية المغربية . ويمكن أن نلامس وضع المراة المغربية المحافظة انطلاقا من وضعية العزلة و الإقصاء ، الذي نجده حاضرا في المتخيل المغربي .
عزلة
إن الناظر لهندسة البيت التقليدي المنفتح من داخله بنوافده و شرفاته التي تظل دائما من الداخل على البهو و الفناء و الحديقة ( الرياض) و المنغلق من خارجه إلا فوهة صغيرة ، حتى لايتسرب بصر النساء الى الخارج ، وحتى في طقوس الضيافة نلمس تيمة العزلة" اد يستوجب أن يدخل الرجل الضيف الى البيت بعد فترة انتظار بالباب يعلم اهل البيت ( النساء) بقدوم ضيف حتى يخلى الطريق و تحتجب النساء في الحجرات و تسدل علهن الستائر" 5 فلا يحق للمرأة في هذه الحالة أن تغادر المنزل الى الحياة العامة ( الشارع) فمكنها الطبيعي هو المنزل أي مكان لمزولة الطبخ و العمل اليدوي وللمحافظة و الاحتجاب لصيانة العرض للتستر و عدم إفشاء السر ثم المحبة وإسعاد الرجل الذي يتمتع بكامل حريته من داخل المجتمع المغربي التقليدي .
فعلا ، المرأة التقليدية المحافظة عانت من وضعية العزلة عن العالم الخارجي أي الحياة العامة، وهذا راجع الى العادات و التقاليد التي كانت سائدة في المجتمع المغربي التقليدي .



اقصاء
بالنظر الى المجتمع التقليدي المحافظ الذي يعتبر الحياة العامة بعلاقتها و أنشطتها و مشاغلها هي عالم خاص بالرجل دون النساء اللواتي عليهن ملازمة بيوتهن هذا التهميش و الاقصاء يتم على مستويين :
تهميش و اقصاء المرأة التقليدية داخل بيتها بسبب عزلتها و عدم اتصالها بغير محارمها .
تهميش و اقصاء المرأة التقليدية المحافظة خارج بيتها بسبب محاصرتها وراء جدران من ثوب الحايك ، فلا يرى من جسدها سوى ثقب تظل منه على عالم الرجل وهي تتلمس بالكاد طريقها ، ويعد الحايك مظهر آخر من مظاهر تهميش وإقصاء المرأة التقليدية المحافظة .
المراجع المعتمدة
1. فاطمة المرنيسي ، الجنس كهندسة اجتماعية بين النص و الواقع beryound the veil ترجمة فاطمة الزهراء زريول مطبعة فضالة المحدية ، 1989 ص 76
2. فاطمة المرنيسي ، نساء على اجنحة الحلم ، ترجمة فاطمة الزهراء زريول منشورات الفنك الداربيضاء 1998 ص 71
3. فاطمة المرنيسي ،المرجع السابق، ص 30
4. فاطمة المرنيسي ، المرجع السابق ، ص 199
5. Mohammed Boughali . « la représentation de l’espace chez le marocain illettré Mythe et tradition orale , Ed , Anthropos , Paris 1974 , p , 46








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإعلامية دانيا جمال


.. الناشطة المدنية ورئيسة مجلس إدارة منظمة هيروديت للتنمية المس




.. رئيسة منظمة مراس للتنمية بسمة الورفلي


.. لوحة الرحلة الأخيرة




.. -الإشهارات تسيء وتهمش دور المرأة المغربية-