الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه الليلة لي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 2 / 12
الادب والفن


أعيش ليلتي على الحنين. أبحث عن إعادة بعض الأيام في رحلة عبر الزمن، فقد
كان تشرين. جلسنا وحيدين على حافة كنبة قديمة نتعارف من جديد. سنوات الحبّ التي مرّت كانت تعاندنا، وكأنّ العالم يجتمع ليلغي مشروع فرح وجمال. أتينا من وحشة الحياة، فلا أنا تعلّمت شيئاً حول الرّجل، ولا هو تعلّم كيف نبدأ ليلة حبّ. سألني: هل أنتِ سعيدة؟
-لا أدري!
وأنت؟
أخشى أن تشعري معي بالورطة. يمكننا أن نقبل بعضنا .أليس كذلك؟
أحدهم يقرع الجرس.
لن نفتح الباب فهذا اليوم لنا. من تبعنا في هذه الليلة ليحلّ ضيفاً؟
وانتظر الضيف أمام الباب لم يتزحزح حتى الصّباح، ودخل عندما فتحنا الباب دون حرج. كان اليوم الأوّل على مسيرة حبّ طويلة.
قال لي: عشت من أجلك، فعندما كنت أحارب في تشرين لم أعرف من هم الأعداء. كلّ ما أعرفه أنّنا كنّا في الملجأ والدبابة الإسرائيلية فوقه، والجرحى ينزفون، وأنا أنظر إلى الخاتم بأصبعي، وأتمنى أن أعيش لنلتقي، وقد عشت. لو لم يفجّروا تلك الدّبابة لكنت اليوم ميتاً. مشينا لبضعة أيّام، وعندما وصلت إلى دمشق وأرغب في المجيء إلى البيت بسرعة . استوقفني شرطيّ . قال لي: طمنّي عن النّصر. قلت له لا تسأل. الأمر ليس كما تسمع. الدبابات تجاوزتنا. نظر إلى نفسه، وقال: "تفو علينا".
لم تنته حرب تشرين في تشرين. بل أتت حرب الاستنزاف، وكلّفتُ بمهمة الدخول لفتح ممرّ لدبابة. صحيح. انتظري لحظة: أحضرت لك تلك العملة العبرية ، وتوراة. وغلاف قذيفة .رأيتهما في الأمكنة التي تركها الجيش الإسرائيلي.
أراك قد أصبحت مسكينة حبيبتي. تستمعين لكلماتي، وقبل أيّام كنت قطّة بريّة لا أتجرأ على الاقتراب منك. ابقي على طبيعتك . لا تتغيّري. أحببتك بريّة.
كنتُ مربكة قليلاً، وكان يسرد عليّ سيرته الذاتية، ثم أصبح يبكي، وضعت رأسه بين يديّ: لا تخف. لن يفرّقنا سوى الموت، ولم يفرّقنا سواه.
اضطررنا بعد عقود لمغادرة البلد، وبقي كي يجلب بعض النقود معه ، ثمّ أتى إلينا بعد أربعة أشهر و جلب لي مغلّفاً مليئاً بزهر ياسمينتي المجنونة. كتب على المغلّف: إلى حبيبتي، تحدّث لي عن عريشة العنب: اعتنيت بها كثيراً، يبدو أنّها حزنت عليكِ، اصفرّت أوراقها، نزلت دمعة من عينه، وقال لي: ذلك البيت الذي كان مليئاً بالحبّ والحياة أصبح فارغاً.
قلت له: لا عليك. سوف نعود. فقط أرغب أن تعيش طبيعياً. أرغب أن تلبس بدلة، وربطة عنق كما كنت تفعل فيما مضى، وسوف نعيد الأيّام. كنا نجلس في الحديقة حتى الصباح، أتحدّث وهو يستمع. طلبت منه أن يتحدّث لأستمع، فقال لي: إنّني مؤمن بما تقولين، وأنّك قادرة على تحقيقه. إن لم يكن مئة بالمئة يمكن أن تكون تسعين بالمئة، ثمّ أردف قائلاً: آسف . كنت أرغب أن تكون حياتنا أفضل، وأن أقدّم لك أكثر.
لكنّه رحل، وكان الرّحيل ذنباً .لماذا رحلت حبيبي قبل أن أراك؟
لم نبدأ بالتعارف بعد. كنّا نحتاج لبعض الوقت .كنت أراقبك عندما تنحني فوق وجهي بينما أتمدّد أمام التلفاز. ترغب أن تعرف إن كنت مستيقظة، فأفاجئك بأن أقول لك" بأ"
كانت عيناي الصغيرتان تموّهاني، عيناك ترصداني، تمسك بيدي:
لا تتركيني مهما جرى. أخجل منك حبيبتي عندما ترعينني كطفل، أنا ذلك الطفل الحزين. آه لو كنت تدرين! طفولتي وجع السّنين. ابتليتِ مع طفل قادم من الضّياع
أحذرك حبيبي: إيّاك أن ترحل. الحمل ثقيل
كان الحمل ثقيلاً، خذلتني، رحلت، تركت في قلبي فزعاً . أعانق الفراغ، أشعل في خلوتي شمعة الوفاء، تطفئها الرّياح، وأغلق صفحة الكتاب. أنظر إلى لا شيء، أهدّد الهواء: لا أخاف الرحيل ، أعاند المستحيل.
وعدتني بالنّجاح، ولم تنتظر. لم تمسك بيدي. غادرت قبل أن نبدأ ،بعد الرّحيل لم أعد بريّة. يداي المرتجفتان تبحث عن دفء، وعمري يبحث عنّي، ولا يعرف أين اختبأت. لو تعرف كم ركضت. بل تعرف، وأنت فقط من يعرفني في هذا العالم الموحش، فقد قرأتني من الألف إلى الياء، بينما أعتزّ بغموضي.
لم يكن الأمر رحيلاً. كان هرباً . نجوت بنفسك، وبقيت هنا أرصد الأيّام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع