الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمارة راوندوز ودور الأمير مير محمد في إدارتها / الحلقة الثانية والأخيرة

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2017 / 2 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إمارة راوندوز ودور الأمير مير محمد في إدارتها / الحلقة الثانية والأخيرة

بعد أن أنهى الأمير مير محمد الصراع مع الأقارب, قام بتوحيد الممتلكات العائلية تحت سلطته, وراح يستعد لغزوا أراضي الحكام الكورد المستقلين, ووجه الضربة الأولى إلى حكام برادوست, سليم خان ونجله, وتمكن في أغسطس عام 1815م من أسر الأثنين بالقرب من قلعة هاركيل. بعدئذ سار لمحاربة حاكم آخر من حكام برادوست, هو حسن بك, وبعد معركة دامية لاذ حسن بك بالفرار, وفي أوائل سبتمبر عام 1815م دخلت قوات مير محمد إلى القلعة الريسية في برادوست/ سارو.
وبعد برادوست أرسل مير محمد قواته الرئيسية لمحاربة حكام مناطق مركور, وشو, وفي طريقه إلى مركور أخضع لحكمه, ودون مقاومة, ومن ثم قلعة نلوس. وفي العام نفسه أخضع لحكمه عشيرة زيباري أيضاً. أعاد مير محمد اهتماماً كبيراً لتعزيز قدرته الأرضية الدفاعية, فدعا صنّاع الأسلحة المشهورين والبنائين, وأنشأ في راوندوز صناعة الأسلحة النارية واليدوية والذخيرة. وفي الوقت ذاته جرت إعادة تشكيل القوات البالغ عددها زهاء 15 ألف مقاتل مسلحين تسليحاً جيداً, كما تم تزويدهم بالألبسة, وكانت ملابس المشاة تختلف عن الخياّلة, وقاد القوات لمجلس عسكري يتألف من خمسة أفراد.
أدى انضمام مناطق جديدة إلى إرغام مير محمد على إجراء عدد من المتغيرات في الإدارة المدنية, فقد تم تشكيل مجلس يتألف من ستة أشخاص (سردار), يديرون القضايا الإدارية, ويشرفون على بناء القلاع والقنوات والجسور ومسائل التجارة وغيرها. وشرع مير محمد في سكّ العملة النقدية من الذهب والفضة والنحاس, وذلك تعبيراً عن استقلاليته عن الدولة العثمانية, وضرب على أحد وجهي العملة توقيع (الأمير منصور محمد بك), وعلى الجانب الآخر (ضِربَ في راوندوز). وكان من أهم إجراءات مير محمد إنشاء مجلس للعلماء والحكماء لوضع مجموعة من القوانين, وتدوين التاريخ, كما بلغ بناء شبكة الري والجسور نطاقاً واسعاً, وكان من أكبر ما شيّده مير محمد, مبنى مقر الأمير والسرّحان. وقد أعير اهتماماً كبيراً لتحسين إدارة المدينة, فكل مدينة أو مركز سكاني كبير تقوده إدارة يعينها الأمير, وبعد أن قام الأمير بتنظيم الحياة الاقتصادية عاقب بشدة كل من أقدم على السلب أو السرقة(1).
وفي عام 1881م نصّبَ مير محمد نفسه (أميراً منصوراً) حاكماً مستقلاً, وتمكن من ضمّ منطقتين حرير وخوشنا وبطريقة سلمية, بسط مير محمد في أوائل الثلاثينات سلطته على أراضٍ شاسعة, تمتد من الموصل حتى الحدود الإيرانية. وبعد أن وطد دعائم سلطته في المناطق الكوردية الواقعة في الإمبراطورية العثمانية, عقد مير محمد العزم على ضم المناطق الكوردية في إيران أيضاً إلى أراضيه. بدأت وحدات مير محمد العسكرية بقيادة مراد بك في لاهيجان, ولأجل تعزيز مؤخرة قواته في الأراضي التي حررها الأمير, قام ببناء القلاع, وإعادة بناء التحصينات التي تهدَمت جزئياً, ومنيت القوات الإيرانية الموجَّهة لمحاربة الكورد بالفشل بالقرب من قرية (محموج)(2).
إلا أن الخطر يحدق في هذه الفترة بقيام دولة كوردية فتية, ولم يأتِ هذا الخطر من جانب إيران, فقد قام السلطان التركي في أعقاب عقد اتفاقية صلح مع محمد علي باشا, حاكم مصر عام 1833م, بتزويد جيش كبير بالسلاح بقيادة رشيد باشا والي سيواس, بغية التخلص وإلى الأبد من الانفصالية الكوردية. وفي عام 1834م شنَ الجيش الذي بلغ قوامه 40 ألف مقاتل هجومه من الشمال على المناطق الكوردية في العراق. كما أمر السلطان حكام بغداد والموصل بالانضمام مع قواتهما إلى قوات رشيد, وذلك لما للهجوم القادم من أهمية كبيرة, وفي عام 1936م شاركت إيران في الحرب ضد حاكم راوندوز الكوردي, قام مير محمد بتحصين مشارف المدينة وأخذ يستعد لصّد الهجوم, ونشبت المعركة الفاصلة في وادي نهر هرير حيث شارك فيها ضد الوات التركية, الجيش الكوردي الذي بلغ تعداده 40 ألف مقاتل بقيادة أحمد بك, شقيق الأمير, فاضطر العدو إلى التراجع تحت ضغط القوات الكوردية, وبعد ذلك لجأ رشيد باشا إلى الحيلة والخديعة, فوجّه رسالة إلى الأمير, دعاه فيها كمسلم حقيقي إلى عدم إراقة دماء المسلمين.
وتلقف هذه الدعوة عدد من الملالي وغيرهم من رجال الدين من حاشية الأمير, ورفض مير محمد الاقتراحات بشأن المفاوضات, بيد إن الخيانة فتحت بعض الثغرات إلى راوندوز, وفي نهاية عام 1836م اضطر الأمير إلى الاستسلام, لأن القوات لم تكن تكفيها المؤن والمياه, وتعرّضت القلعة للنهب, وأرسل مير محمد الأسير إلى استنبول حيث سرعان ما قتل فيها بأمر من السلطان محمود الثاني, وتفككت إمارة راوندوز, وأصبح خلفاء مير محمد يبحثون عن الدعم لدى الأتراك(3).
كانت الأسباب الرئيسية لإخفاق الثورات الكوردية في القرن التاسع عشر نجد منها العوامل التالية:
1- الانشقاق الداخلي والتحاسد.
2- ظهور الإمارة الصورانية في راوندوز كقوة جديدة ظهرت تعمل على التوسع على حساب الإمارة الراوندوزية.
3- ظهور الثورات قبل أوانها دون الاستعداد لها.
4- قيادة هذه الثورات كانت عشائرية يمينية.
5- ضعف إدارة الحكم من قبل القائمين على هذه الثورات.


المصادر :
1- J.B. Frazer. Travels in koordistan, Mesopotamia,Vol 1-2, London, 1840,p65.
2- د. حامد محود عيسى. القضية الكوردية. مصدر سابق. ص19.
3- جليلى جليل. المرجع السابق. ص17.

الحلقة الثانية والأخيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة