الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يصح بذل الزوجة في الطلاق الخلعي (الاختياري) إذا كانت قاصرة

سالم روضان الموسوي

2017 / 2 / 18
دراسات وابحاث قانونية


هل يصح بذل الزوجة في الطلاق الخلعي (الاختياري) إذا كانت قاصرة

تعليق على قرار محكمة التمييز العدد 119/ش/1972 في 24/2/1972

إن قرار الحكم الصادر عن محكمة التمييز محل التعليق منشور في مجلة القضاء التي تصدر عن نقابة المحاميين في العراق العددان الثالث والرابع – السنة السابعة والعشرون – شهر تموز – كانون الأول عام 1972 صفحة 317

المبدأ الوارد في القرار أعلاه

( إذا كانت الزوجة قاصرة فيتوقف الخلع الواقع بينهما وبين زوجها على موافقة وليها إذا لم تكن تعقل إن الخلع إسقاط )

قرار محكمة التمييز

رقم الاضبارة : 119/ش/ 1972

تاريخ القرار : 24/2/1972

المميزة : المحكمة وفق المادة 309 ف1

المميز عليه : (ي)

أصدرت محكمة شرعية الرصافة السنية حكماً وجاهياً بعدد 2572/71 يقضي بصحة الطلاق الخلعي الواقع بين المدعي (ي) والمدعى عليها (خ) وتحميل المدعى عليها المصاريف ، بلغت المحكوم عليها بالحكم بتاريخ 19/12/971 ولعدم تمييزه أرسلته المحكمة للتمييز عملاً بالمادة 309 ف1 من قانون المرافعات.

القرار

لدى التدقيق والمداولة وجد إن المحكمة أصدرت حكمها وفق الصيغة المبسوطة في ضبط الدعوى وبينونة المدعى عليها من المدعي البينونة الصغرى وإبراء ذمة المدعي من نصف مهري المدعى عليها المؤخر والمقدم البالغ مجموعهما ثلاثمائة دينار ونفقاتها السابقة وكافة حقوقها الزوجية دون أن تلاحظ بان الزوجة قاصرة حيث إنها تولد سنة 1954 بموجب دفتر نفوسها وان الخلع إذا جرى بين الزوج وزوجته القاصرة واشترط عليها بدلاً معلوماً، توقف على قبولها فان قبلت وهي من أهل القبول بان كانت تعقل إن النكاح جالب والخلع سالب تم الخلع ولا مال عليها ولا يسقط مهرها، كما يجوز لأبي الصغيرة أن يخلعها من زوجها فان خلعها بما لها أو بمهرها ولم يَضْمِنه طُلِقت بائناً ولا يلزمها المال ولا يلزمه ولا يسقط مهرها و إن خلعها على مهرها أو على مال والتزم بأدائه من ماله للمخالع صح ووقعت الفرقة ولزمهُ المال أو قيمته إن استحق، ولا يسقط المهر بل تطالب به المرأةُ زوجها وهو يرجع به على أبيها إن كان الخلع على المهر وحيث إن المحكمة أصدرت حكمها دون ملاحظة ما تقدم مما اخل بصحته لذا قرر نقضه وإعادة أوراق الدعوى إلى محكمتها لإصدار حكم فيها موافق للشرع والقانون وصدر القرار بالاتفاق.)

مفاهيم قانونية

قبل الولوج في حيثيات قرار الحكم أعلاه والتعليق عليه لابد من توضيح بعض المفاهيم التي وردت فيه لأنها إما غير متداولة حالياً أو إنها تغيرت بتعديل القانون النافذ في حينه وعلى وفق الآتي :

1. المحكمة الشرعية السنية في الرصافة : إن قضاء الأحوال الشخصية في العراق مر بعدة مراحل في فترة الاحتلال العثماني كان العراق بولاياته الثلاث بغداد والموصل والبصرة يعرف نوعاً واحداً من المحاكم وهي المحاكم الشرعية وتعتمد في أحكامها على المذهب الحنفي في الشريعة الإسلامية فقط[1] ثم أصبحت مجلة الأحكام هي المرجع والتي كانت عبارة عن مجموعة الفتاوى التي تصدر عن فقهاء المذهب الحنفي ومنها قضايا الأحوال الشخصية ثم بعد الاحتلال البريطاني وصدور بيان المحاكم لسنة 1917 جدد لهذه المحاكم الاستمرار في نظر قضايا الأحوال الشخصية وبعد ذلك اصدر الحاكم المدني للعراق في عام 1918 بيان تم بموجبه تشكيل مجلس التمييز الشرعي الذي تأسس في 14/8/1918 وبلغ عدد المحاكم الشرعية عام 1920 ثلاثون محكمة[2] وكان مجلسان للتمييز الشرعي احدهم المجلس السني والآخر المجلس الجعفري وفي فترة الحكم الملكي بعد عام 1921 بقى الحال على ما عليه في ظل الاحتلال البريطاني حتى صدور قانون تشكيل المحاكم رقم 3 لسنة 1945 حيث أشار إلى القضاء الشرعي بنوعيه السني والجعفري وكذلك المجلسين التميزيين للقضاء السني والجعفري وعلى وفق ما ورد في الفقرة (4) من المادة (1) من قانون تشكيل المحاكم رقم 3 لسنة 1945 الملغى ثم صدر قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 الملغى الذي ألغى المجلسين التميزيين الشرعيين السني والجعفري وأناط مهامهما إلى هيئة في محكمة التمييز وعلى وفق حكم المادة (11) من ذلك القانون إلا أن القضاء الشرعي استمر بنوعين القضاء الشرعي السني والقضاء الشرعي الجعفري ثم ألغيت التسمية وتوحد العمل بعنوان محكمة الأحوال الشخصية التي حلت تلك التسمية بموجب المادة (65) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل الذي حل محل قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 الملغى . وبما قرار الحكم محل الطعن في قرار محكمة التمييز اعلاه كان قد صدر عام 1972 في ظل التسمية القديمة .

2. وردت عبارة ( حكماً وجاهياً) : ويقصد به حضورياً وعبارة وجاهيا كان قد اشير اليها في الاسباب الموجبة لتشريع المادة (57) مرافعات علما ان عبارة المحاكمة الوجاهية كانت عنوان الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون قانون اصول المرافعات المدنية والتجارية رقم 88 لسنة 1956 الملغى بموجب قانون المرافعات النافذ رقم 83 لسنة 1969 المعدل .

3. يبلغ المدعى عليه الحاضر بقرار الحكم : ورد في القرار المطعون فيه بان المحكوم عليها لم تميز القرار رغم تبلغها بالحكم ، ان قانون المرافعات كان يوجب تبيلغ اطراف الدعوى بقرار الحكم بعد صدوره حتى وان كانوا حاضرين جلسات المرافعة إلا أن تم تعديل المادة (161) مرافعات بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 709 لسنة 1979 وجعلها على وفق النص الحالي الذي اعتبر الطرف الحاضر مبلغ تلقائيا بالحكم.

4. إرسال الدعوى تلقائيا عملاً بأحكام الفقرة (1) المادة (309) مرافعات: كان حكم المادة (309) مرافعات يلزم المحكمة بإرسال اضبارة الدعوى او الحجج الموصوفة في المادة أعلاه تلقائيا ووجوبا الى محكمة التمييز ، حتى لو لم يميزها أي من الطرفين وكان من بين تلك الأحكام الواجب تمييزها تلقائياً القرارات التي تصدر بالحكم بالتفريق أو الطلاق لغاية تعديل المادة تلك المادة بحذف هذين النوعين من الأحكام من نص المادة (309) وعلى وفق ما جاء في قانون تعديل قانون المرافعات رقم 116 لسنة 1973 .

التعليق

إن الحكم أعلاه ينم عن دراية تامة بمفهوم القاصر والزواج وعقد الخلع فضلاً عن اللغة التي صيغ بها فكان قطعة أدبية يكمن فيها الذوق الفني في الكتابة التي نفتقدها أحيانا في الوقت الحاضر فكانت الكلمات والجمل المستعملة في كتابة القرار منتقاة بعناية لتوضيح مدلول الرأي الذي كان محل جدل لدى الهيئة التي أصدرته في حينه حيث صدر بالأكثرية بمعنى وجود الرأي المخالف ولما جاء فيه من حكم قانوني يستند إلى فقه الشريعة الإسلامية في الأحوال التي يرد فيها نص في قانون الأحوال الشخصية النافذ في حينه وجدت من النافع ان اعرض للقرار بالتعليق الذي اقصد به استذكار هذه الأحكام والتمتع بلغتها الجميلة وأسلوبها الرائع وسأعرض للتعليق على وفق الآتي :-

أولا – مفهوم الطلاق الخلعي وسأعرض له بقدر الحاجة للتعليق في بيان ماهيته مع ترك الفرصة للعودة إلى أمهات الكتب القانونية والفقهية التي تناولته لمن شاء التوسع فيه.

‌أ- إن الطلاق الخلعي أو كما يطلق عليه في قانون الأحوال الشخصية في العراق (التفريق الاختياري) وعلى وفق ما ورد في المواد (46) أحوال شخصية وهذا النوع من التفريق يعد بائناً على وفق حكم الفقرة (2) من المادة (46) أحوال شخصية إلا أن بعضاً منه ينقلب إلى رجعي إذا كان عقد الزواج وقت وقوع الطلاق على وفق أحكام المذهب الجعفري الذي يجيز للزوجة الرجوع عن بذلها أثناء فترة العدة الشرعية وينقلب الطلاق الخلعي إلى طلاق رجعي للزوج الحق في إرجاع زوجته أثناء فترة العدة[3]

‌ب- الطلاق الخلعي يتكون من مرحلتين الأولى الاتفاق على الأمور المالية بين الزوجين وهو ما يطلق عليه عقد الخلع والمرحلة الثانية تكون بتلفظ الصيغة الشرعية لإيقاع الطلاق[4] وهذا الأمر يولد أثار قانونية منها :-

1- إذا كانت الزوجة ناقصة الأهلية وقت حصول الاتفاق على الطلاق الخلعي فان عقد الخلع لا ينفذ بحقها واقصد به إن بذلها لا يصح لان البذل هو إسقاط للحقوق ويستوجب أهلية كاملة وبما ان البذل يعد إيجاب من الزوجة وقبول من الزوج وباتحاد الإيجاب والقبول يتم عقد الخلع فإذا كانت الزوجة قاصرة وقت الاتفاق على البذل فإنها لا تملك الأهلية القانونية لإجراء البذل لأنه تصرف قانوني يسقط حقوها وتكون إرادة الزوجة قد شابها عيب وهو النقصان أما لأنها قاصرة أو مجنونة أو أصابها أي عارض من عوارض انعدام الاهلية وتسمى عيوب الارادة الواردة في المواد (111ـ 132) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل وبذلك يعد هذا الاتفاق باطل إلا أن الطلاق الواقع بعد تلفظ الزوجة بصيغة الطلاق نافذ ولا يبطل ويكون طلاقاً رجعياً لأنه لم يقترن بمال وذلك لبطلان بذل الزوجة على وفق ما تقدم إلا إذا كان الزوج فاقد للأهلية أو من الأشخاص الذي لا يقع طلاقهم والمشار إليهم في المواد (35، 36) أحوال شخصية فهذا الطلاق غير صحيح.

2- أما إذا بلغت الزوجة أو زال العارض وأجازت البذل فان البذل يصح بإجازتها عملا بأحكام المادة (134) مدني لان عقد الخلع وهو الاتفاق على البذل بين الطرفين ويخضع لأحكام القواعد العامة للعقود .

3- إن إجازة ولي أمر الزوجة القاصرة لا يؤثر في بطلان عقد الخلع لان البذل فيه إفقار للذمة المالية للزوجة ويعد من الأعمال الضارة ضررا محضا للقاصر والتي لا تصح الإجازة فيها إذا كان يتعلق بحقوق القاصر عملاً بأحكام المادة (97) مدني، وإنما لولي الأمر أن يدفع هذه الأموال من أمواله الخاصة ويعد بحكم المتبرع ولا يسري على أموال القاصر وهذا ما أشار إليه قرار الحكم محل التعليق عندما جاء فيه (إن خلعها على مهرها أو على مال والتزم بأدائه من ماله للمخالع صح ووقعت الفرقة ولزمهُ المال أو قيمته إن استحق ولا يسقط المهر بل تطالب به المرأةُ زوجها وهو يرجع به على أبيها إن كان الخلع على المهر)

ثانيا – مفهوم الزوجة القاصرة :

‌أ- هي البنت أو المرأة التي تتزوج ولم تبلغ سن الرشد القانوني وهو سن الثامنة عشر وعلى وفق ما ورد في المادة (106) مدني أو التي كانت وقت إتمام عقد الزواج أو وقوع الطلاق الخلعي فاقدة الأهلية القانونية بسبب عارض من عوارض الأهلية والمشار إليها في المواد (111 ـ 132) مدني فهذه الزوجة تعد قاصرة ولا يقبل منها إي تصرف فيه إفقار لذمتها المالية لأنه يعد عملا ضاراً ضرراً محضاً ولا يعتد به وعلى وفق ما تقدم عرضه ، إلا أن قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة (1980) المعدل قد أورد استثناء يجعل احد الزوجين كامل الأهلية حتى وان لم يبلغ سن الرشد إذا تزوج بإذن المحكمة و اكمل الخامسة عشر من العمر فيعد شخصا كامل الأهلية وله أن يبذل ما يشاء من أمواله عند إتمام عقد الخلع في الطلاق الخلعي (الاختياري) وعلى وفق حكم الفقرة (1) من المادة (3) قاصرين وسوف لن أتعرض إلى سائر العقود لان حكم المادة اعلاه كانت وما زالت محل جدل قانوني وقضائي والبعض يرى إن هذا الاستثناء عام يشمل كافة التصرفات سواء كانت المتعلقة بعقد الزواج وأثاره أو الطلاق وأثاره أو سائر العقود الأخرى لأنه أصبح كامل الأهلية بحكم القانون، بينما يرى فريق آخر إن الاستثناء جاء حصراً بآثار عقد الزواج والطلاق ولا يسري على سائر العقود الأخرى وساترك الأمر لمن يرغب في البحث في هذا الأمر بمراجعة الكتب والأحكام القضائية التي صدرت بموجبه .وبذلك فان الزوجة تصبح كاملة الأهلية تجاه بذلها في الطلاق الخلعي حتى وان لم تبلغ سن الرشد وهو ثمانية عشر عام إذا تزوجت بعد إكمالها الخامسة عشر وبأذن المحكمة .

‌ب- أما إذا تزوجت بإذن المحكمة ولكنها وقت الزواج كانت لم تكمل الخامسة عشرة إي ان عمرها اقل من الخامسة عشر حتى ولو بيوم واحد فإنها لا تتزوج ولا ينعقد زواجها أمام المحكمة إلا إذا وجد القاضي إن الزوجة لها أهلية وقابلية بدنية بمعنى أن تكون قد بلغت مبلغ النساء أو ما يسمى البلوغ الشرعي وهذا الأمر أصبح عرفا في العمل القضائي بإصدار حجة بلوغ بعد أن تعرض الفتاة على احد الأطباء الاختصاصين فيؤيد بلوغها الشرعي وقابليتها البدنية للزواج وعرض الأمر على الطبيب الاختصاصي في المستشفيات الحكومية هو ما سار عليه العمل القضائي إلا أن ذلك لا يمنع من إثبات تلك القابلية البدنية بمعرفة الباحثة الاجتماعية إذا كانت لها معرفة بالأمور النسائية وللمحكمة أن تسترشد بها أو بمعرفة طبيب اختصاص حتى وان لم يكن يعمل في مستشفى حكومي إلا أن هذا الأمر يكون عادةً في حال تعذر وجود المستشفى الحكومي او الطبيب الاختصاص فيه. فإذا إذا كانت الزوجة تكمل الخامسة عشر من العمر وتزوجت بموجب حجة البلوغ وموافقة ولي الأمر وعلى وفق ما ورد في المادة الفقرة (1) من المادة (8) من قانون الأحوال الشخصية فإنها لا تكون كاملة الأهلية وليس لها أن تتصرف بالتصرفات الضارة بها ضرراً محضاً ولا يعتد بإجازة ولي أمرها وعلى وفق ما تم عرضه آنفاً.

‌ج- إن بذل الزوجة التي تتزوج وهي لم تكمل الخامسة عشر من العمر وحتى لو كان بموافقة القاضي وولي أمرها فان بذلها لا يعتد به ولا يرتب اثر لأنها قاصرة حتى وان وقع الطلاق بعد اكمالها الخامسة عشر ودون بلوغها الثامنة عشر من العمر ولا يعتد بإجازة ولي أمرها لان البذل يعد إسقاط للحقوق وهو من الأعمال أو التصرفات الضارة ضرراً محضاً وان حصل فان ذلك الولي يتحمل الآثار المالية من أمواله الخاصة وليس من أموال الزوجة القاصرة ولها أن تطالب بهذه الحقوق التي بذلت بموافقة ولي الأمر ومنها المهر والنفقة والأثاث البيتية وسواها

‌د- اذا تزوجت بعد إكمالها الخامسة عشر ولكن خارج المحكمة ومن ثم صدق الزواج لاحقا أمام القضاء بحكم قضائي أو بحجة تصديق الزواج الخارجي فإنها تبقى قاصرة ولا يعتد ببذلها إلا إذا بلغت سن الرشد القانوني المشار أليه في المادة (106) مدني وهو سن ثمانية عشر سنة كاملة ، لان الاستثناء الوارد في المادة (3) قاصرين اشترط أمران متلازمان وهما اكمال الخامسة عشر من العمر وموافقة وإذن القاضي فان تخلف احدهم فان الزوجة أو الزوج يبقى قاصراً ولا يعتد بتصرفاته التي فيها ضرراً محضاً. وخلاصة القول إن البذل لا يعتد به الا إذا كانت الزوجة وقت البذل أكملت الثامنة عشر من العمر أو إنها وقت البذل كانت بعمر اقل من الثامنة عشر إلا أنها تزوجت بعد إكمالها سن الخامسة عشر وبموافقة القاضي عملا بأحكام المادة (3) قاصرين

ثالثا :- المبدأ الوارد في قرار محكمة التمييز

أما ما ورد في قرار الحكم محل التعليق فانه اورد عدة أمور ساعرض لها على
وفق الآتي:
‌أ- إن الخلع الذي يسري بين الزوج والزوجة القاصرة واشترط فيه بذل الحقوق او مال معلوم فان من شروطه أن تكون الزوجة أهلا للقبول واشترط الحكم في حينه علامات توفر الأهلية للقبول بان تعقل الزوجة (إن النكاح جالب والخلع سالب) فان قبولها يصح على الخلع على أن لا مال عليها ولا يسقط مهرها والمعنى في ذلك إن الخلع يكون في بعض الأحيان بان يعطي الزوج مبلغا من المال الى الزوجة وليس بذل الزوجة مهرها او حقوقها فان قبول ذلك المال لا يؤثر في المطالبة بحقوقها الأخرى في المهر المؤجل وسائر الحقوق وهذا لا يخرج عن نطاق ما هو وارد في الأحكام القانونية التي صدرت لاحقا ومنها حكم المادة (3) قاصرين لان الحكم محل التعليق صدر قبل صدور قانون رعاية القاصرين ولم يكن في حينه وجود نص يجيز ذلك وعلى وفق ما تقدم .

‌ب- معنى ان تقبل الزوجة (ان النكاح جالب والخلع سالب) لان الزواج فيه منفعة محضة للزوجة ولا يحتاج إلى قبولها وإنما إلى قبول ولي أمرها حتى وان كانت في سن اقل من السن القانوني للرشد وهو الثامنة عشر من العمر وبذلك فان الزواج سيكون مصدرا لجلب الحقوق إلى الزوجة ومنها المالية مثل المهر والنفقة ومنها المعنوية مثل المودة والسكينة والاستقرار على وفق الآية الكريمة (21) من سورة الروم التي جاء فيها الآتي (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). وبما ان الحكم المميز صادر عن المحكمة الشرعية السنية فان عقد الزواج يكون على وفق احكام المذهب الحنفي يورى فقهاء المذهب الحنفي ان الزوجة الصغيرة مميزة وخالعت زوجها وقع عليها الطلاق ولا يلزمها المال[5] واشار فقيه اخر الى ان الزوج اذا طلق زوجته الصغيرة العاقلة على بذلها مهرها وقبلت يقع الطلاق ولا يبرء من حقوقها حتى وان قبل ابوها أو ولي أمرها[6]

‌ج- إن قبول ولي أمر الزوجة القاصر على الطلاق الخلعي وكان على أن تحتفظ الزوجة بحقوقها من مهر وغيره وقع الطلاق وأصبح بائنا أما إذا وافق ولي أمر القاصرة على الطلاق الخلعي وأبدى استعداده لدفع الالتزام الوارد ولمصلحة الزوج من أمواله الخاصة يكون الطلاق صحيح وتقع الفرقة ويلتزم ولي الأمر بدفع تلك الأموال إلى الزوج ويبقى للزوجة حق المطالبة بكافة حقوقها المقررة لها وفق القانون والشرع وللزوج حق الرجوع على ولي أمر القاصرة إذا كان الخلع على بذل المهر المؤجل .

وما خلص إليه الحكم أعلاه إن الطلاق لا يعد طلاقاً خلعياً حتى وان كان بالتزام ولي أمر الزوجة بدفع الأموال إلى الزوج او قبول الأموال للزوجة إذا كانت من القاصرين الذين لم يشملهم حكم المادة (3) قاصرين وإنما يكون طلاقاً تلفظ به الزوج بماله من سلطة شرعية في إيقاعه متى شاء لكن هذا الطلاق يصبح بائن ليس لأنه طلاقا خلعياً وإنما لأنه كان بمقابل مال مدفوع سواء منه أو من أموال ولي أمر الزوجة القاصر لان في فقه الشريعة الإسلامية يعتبر كل طلاقٍ بمال بائن وليس رجعي .

القاضي

سالم روضان الموسوي


الهوامش


[1] القاضي مدحت المحمود ـ القضاء في العراق ـ ط3 عام 2011 ـ منشورات دار ومكتبة الأمير في بغداد ـ ص21


[2] القاضي مدحت المحمود ـ مرجع سابق ـ ص29


[3] للمزيد انظر سالم روضان الموسوي ـ الرجوع عن البذل المنشور في مجلة الحوار المتمدن الالكترونية عام 2007 على الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=87408


[4] للمزيد انظر سالم روضان الموسوي ـ الخلع طلاقٌ أم تفريق (تعليق على قرار تمييزي) ـ مجلة التشريع والقضاء العدد الثاني سنة 2016


[5] سيد سابق ـ فقه السنة ـ ج2 ـ منشورات دار الكتاب العربي في بيروت ـ ط 1977 ـ ص 302


[6] ابن نجيم المصري ـ البحر الرائق ـ ج4 ـ منشورات دار الكتب العلمية بيروت ـ ط 1977 ـ ص 152








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع