الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الأمريكية الإيرانية

جعفر المظفر

2017 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



محبو إيران وأتباعها يؤكدون على أن كل التهديدات الأمريكية ضد إيران هي محض إعلامية, فالقول بإمكانية وقوع الحرب يعني أن إيران ستخسر مقدما الكثير من الذين إلتفوا حولها, لا لسبب عقائدي وإنما لأنها كانت مهيأة وحدها لملء الفراغ الذي نشأ بسبب الإنسحاب الأمريكي من المنطقة, خاصة في أعقاب تقلد أوباما للرئاسة الأمريكية.
بالأمس كان صدام أيضا قد راهن على الفوبيا الأمريكية من الحروب بعد مآسي الحرب الفيتنامية التي أدت إلى سياسة العزلة ما وراء البحار. عقدة فيتنام كانت أحد أهم العوامل التي راهن صدام على أنها ستلعب دور الردع, ودخوله إلى الكويت كان قد تقرر إلى حد كبير بإيحاءات من تلك العزلة, وبإيحاء أن منطقة الخليج هي برميل نفط لن تجازف أمريكا بتفجيره.
ليس من الحكمة أبدا تجاهل الدروس الخطيرة التي أفرزتها تلك الهزيمة المرة بالقول أن إيران, ليست كما العراق في عهد صدام, لأنها باتت تمتلك جيلا من الأسلحة القادرة على أن تتسبب باضرار حقيقية لأمريكا مما يجعل هذه الأخيرة تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على أي عمل عدواني ضدها, حتى كأنهم يتصورون أن أمريكا كانت منشغلة بتطوير صناعة الدراجات الهوائية في الفترة التي كانت فيها إيران منشغلة بتطوير صواريخها البالستية.
والآن لنتذكر ما كان يقال وقتها عن جيش صدام ثم نقارن. لقد كان هناك تضخيم مخيف للقدرات العراقية بشكل إستثنائي. لقد جعلوا من الجيش العراقي خامس جيش في العالم من حيث العدة والعدد. كان هناك المدفع العملاق و القنبلة الصوتية والأسلحة الكيمياوية والجرثومية, وحتى القنبلة الذرية التي كانت مدفونة في حديقة أحدهم !.
من جانبنا نحن نتمنى أن لا يصل خامنئي إلى ما كان قد وصل إليه صدام : حرق الإطارات المطاطية والنفط الأسود في شوارع طهران للتعتيم على رادارات القاذفات الأمريكية وتغطية اسوار الجسور الحديدية بأقمشة البالات حتى لا يكتشف الطيارون تلك الجسور ويذهبون إلى تهديمها.
صدام كان لديه أيضا جيشا للقدس بتعداد بلغ السبعة ملايين مقاتل. لكن هذا الجيش كان تبخرقبل ايام عدة من الضربة العسكرية, كذلك فعل الحزب والجيش الرسمي, ليس بسبب الخوف من أمريكا وإنما لغياب القضية التي يستشهد من أجلها المقاتلون كما كانت عليه الحال في حرب الثمانية سنوات ضد إيران.
بعد غزو الكويت لم يستطع صدام إقناع جيشه, ولا جيش قدسه, ولا حزبه او جيشه الشعبي, بأن قضية الكويت هي قضية إضطرار وطني. لقد كان بإمكان عراقي بسيط ان يفسرها على أنها كانت مغامرة دفاع عن ذات الحاكم وليس عن ذات الوطن, في حين كان سلوك صدام وعائلته أثناء الحصار قد أكل ما تبقى من كاريزمته.
يقول النظام الإيراني ومحبوه, أن أمريكا لا تملك حجة قانونية أو أخلاقية ضد إيران معادلا لثقل الحجة الكويتية, لذلك فهي سوف تلقى مقاومة دولية لأي إجراء عسكري تقوم به ضد إيران, والأمر نفسه سيضمن تأييد الداخل الإيراني لأن النظام لن يتصرف بالجنوح الذي كان عليه صدام حسين أثناء دخوله إلى الكويت.
لكن ذلك ليس سليما بالمرة لأن إيران لها أكثر من كويت واحدة. إن لها كويتها اللبنانية وكويتها السورية وكويتها العراقية وكويتها اليمنية وكويتها البحرانية, وبعض هذه الكويتات ليست أقل خطر من قيمة الكويت الأصل. الواقع ان إيران قد حولت نصف محيطها الإقليمي إلى كويت كبيرة, وبإمكان إعادة الحصار ضدها وتصعيده ان يدمر العملة الإيرانية تماما. وفي هذه المرة سوف لن تجد إيران من يعينها على مجابهة الإفلاس كما فعل العراق في اثناء حكم المالكي لأن العراق نفسه بات يستدين من أجل دفع رواتب موظفيه.
ويبقى ان نقف أمام الخاصرة الرخوة التي تراهن إيران عليها, وهو تهديدها بتدمير منطقة الخليج. أي تفعيل قضية الخليجوفوبيا الذي تظن دولنا أنها تسكن العقل الأمريكي وتردعه عن شن الحروب في تلك المنطقة. هذا التهديد قريب الشبه من تهديدات صدام, لكن من الحق القول ان صدام لم يكن لعبها كما تحاول إيران أن تلعبها. مراهنة صدام كانت قامت على أساس الإعتقاد أن أمريكا هي التي سوف تمتنع عن شن الحرب لكون المنطقة اشبه ببرميل نفط قابل للإشتعال بما يهدد الإقتصاد العالمي, أما إيران فإنها تفعل العكس, إذ انها هي التي تهدد بتدمير المنطقة حال نشوب الحرب, ولا تراهن فقط على رخاوتها, وهي بالتالي تفضح نفسها بنفسها حينما تقدم نفسها للعالم جميعا ولأهل المنطقة على أنها دولة لا تملك من القوة سوى جانبها الشمشوني. أما المدافعون دون إدراك عن مصدر القوة هذا فهم ينسون أنهم يقدمون إيران بمنطق الدولة التي لا تقيم وزنا لأية قيمة أخلاقية وليس لها إستعداد لحفظ أمن الناس حينما تتعرض مصالح نظامها إلى الخطر.
إن أخطر ما تتضمنه الإستراتيجية الشمشونية هو غياب جانبها الأخلاقي. إيران تشيع هنا لمفهوم أن أمريكا أحرص منها على شعوب منطقة الخليج, وإلى الدرجة التي سوف تجعلها تمتنع نهائيا عن إرتكاب حماقة الحرب. بهذا تقوم إيران بنفسها بتسليم أمريكا شهادة الأخلاق الرفيعة, ولما كانت شعوب الخليج تضم أقواما ليست كلها عربية, وفي مقدمتهم العنصر الفارسي, إضافة إلى كون هذه الأقوام تتوزع على طوائف مختلفة يشكل فيها الشيعة جزءا اساسيا فإن إيران تقدم نفسها أيضا كدولة لا تقيم في الحقيقة اي إعتبار سوى لذلك الذي يتعلق بتخريفات ومصالح أياتها الحاكمة.
ما يجب ان تفعله إيران هو إنتهاجها لسياسة إحترام حقوق جيرانها العرب والكف عن التخل في شؤونهم الداخلية أو التوسع على حساب أراضيهم, فالسياسة العالمية متغيرة من وقت إلى آخر, ولقد آن آوان (الدهاء الإيراني) المبالغ فيه أن يحسبها بهدوء وان ينسحب إلى قم وطهران حماية للشعب الإيراني الذي نتمنى له من جانبنا كل الخير وندعوه لكي يتمنى لنا ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحرب الســــــعودية الايرانية
كنعان شـــماس ( 2017 / 2 / 21 - 21:05 )
تحية يا دكتور جعفر المظفر تحية لهذا التحليل المتزن . يقال ان امريكا صرفت (3) ترليـــــــــــــــــــون دولار وعشرات الاف من القتلى والجرحى على حربها في العراق وقطع اخبـــار صدام والذين معه وواقعا انه منتهى الغبــــــــاء بعد كل هذه الترليونات والدمــاء ان تترك ملالي ايران يبلعــــــون العراق يحتمل ان نرى الامريكان يبحثون في بلعـــــوم الملالي عن دولاراتهم تماما كما بحثـــــوا في بلعوم صدام عن اسلحة الدمار الشـــــامل تحيـــة


2 - إدعاء الحكمة
جعفر المظفر ( 2017 / 2 / 21 - 23:19 )
تحية استاذنا الشماس
يعتقد ساسة إيران أنهم أكثر حكمة من غيرهم , في حين ان سياستهم في المنطقة لا تخلو أبدا من عدوانية وتهور وحتى حماقات.. اين الحكمة في كل هذه الغطرسة والتبجح ومحاولة بناء إمبراطورية لا تمتلك عوامل المنعة والقوة والإمكانات بالمقارنة مع الدول الكبرى.
.أنه الإيحاء للذات بالعظمة والذكاء الفارغ وهو نوع من أنواع الهذيان الذي يعمي صاحبه


3 - الملالي شر على الشعب الايراني والمنطقة
nasha ( 2017 / 2 / 22 - 00:52 )
ايران هي اصل كل الحروب الاهلية والتخريب الواقع في منطقة الشرق الاوسط..
جريمة وحماقة صدام حسين في حروب الثمانينات وغزوه للكويت لا تقارن بالجرائم والحماقات التي اقترفها ويقترفها حكام ايران الى اليوم في المنطقة كلها.
حكام ايران هم من استفز صدام لارتكاب اخطائه وهم من استفز السنة لانتاج داعش وغيرها وسبب تدمير العراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة .
ايران من فتح باب الحكم للاسلام السياسي ومن شجع الاسلام السياسي السني للصراع على السلطة.
ايران هي السبب الرأيسي للحروب الدينية والطائفية في المنطقة
ايران هي السبب في تدمير سمعة المعتقد الديني الاسلامي.
ايران ستدفع الثمن غالي جدا
تحياتي


4 - طبول الحرب
د.قاسم الجلبي ( 2017 / 2 / 22 - 12:00 )
من يقرأء مقالتك هذه وكأن الحرب ستقوم اجلا ام عاجلا, نعم هناك استفزازات بين الطرفين الآمريكي والآيراني, وبينهم السعودية التي لا تقل ادانة وحقارة في تأجيج الطائفية وبث روح الحقد والضغينة بين اطراف ومذاهب ابناء المنطقة , ان المنطقة لا تحتمل ولا بأي شكل من الآشكال حربا مدمرة اخرى , حرب داعش واليمن وليبيا الهبت نارا سعيرة في المنطقة وان تأثيرها ستطول لمدد طويلة , الآ في حالة واحدة وهي جلوس الآطراف بين الفلسطينيين والآسرائيليين والرجوع الى حل الدولتيين ستهدىء المنطقة ويعم السلام بعد الآعتراف بوجود اسرائيل كدولة معترف بها, وما مغازلة وزيري دفاع اسرائيل والسعودية في مؤتمر ميونيخ الآ علامة مضيئه باعتراف دولة اسرائيل,, وتطاولهما على ايران بأنها هي العامل الرئيسي في استفزاز دول المنطقة وهي التي تمد السلاح للارهابين , ان امريكا لا يمكن لها ان تشعل حربا رابعة في المنطقة بعد ان فقدت اكثر من 5 الاف جندي امريكي في حربها في العراق وهناك الالف من المعوقين عقليا وجسديا , مع التقدير


5 - الأستاذ قاسم
جعفر المظفر ( 2017 / 2 / 22 - 13:17 )
نعم أنا معك استاذي الدكتور قاسم .. الحرب ليست هينة وإتخاذ قرارها ليس سهلا على الإطلاق, لكنه مع ذلك تحدث وتقوم وانت لا شك تدري بالحرب الامريكية ضد العراق التي كان صدام يراهن حتى آخر لحظة بان أمريكا لن تبدأها
ما أناقشه هنا ليس موضوعة قيام الحرب في هذه المرحلة من عدمها فذلك موضوع آخر كما ان الإجتهادات فيه كثيرة ومختلفة ومتناقضة. إن ما أناقشه بالضبط هو الأسباب التي يفكر البعض انه كافية بالمطلق لمنع قيام هذه الحرب.
تقبل تحياتي وتقديري لمروركم الدائم


اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا