الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجاح السفير اليمني في لندن يؤرق القوى المتخلفة!

منذر علي

2017 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لا ريب إنَّ موقع السفير اليمني في لندن، أهم عاصمة أوربية، منصبُ رفيع الشأن، شَغله العديد من السفراء "المحظوظين" خلال الأربعين عاماً المنصرمة. وخلال هذه الفترة الطويلة، كان السفير يُعيَّن في لندن ، ليس بسبب كفاءته، وإنما لقربه من مراكز القوى المؤثرة في الداخل ، سواء كان ذلك في سفارة الجمهورية العربية اليمنية، أم في سفارة جمهورية اليمن الديمقراطية، إبان عهد التشطير ، أم في سفارة الجمهورية اليمنية ، إبان الدولة اليمنية الموحدة ، إلاّ في حالات استثنائية نادرة ، والسفير اليمني الحالي ، الدكتور ياسين سعيد كان تعبيراً عن إحدى تلك الاستثناءات النادرة في تاريخ الدبلوماسية اليمنية.
لقد كان لكل سفير في بريطانيا خصائصه الشخصية والدبلوماسية والسياسية الفريدة. فقد كان هناك السفير البيروقراطي، الغارق في الملفات، المنعزل و المنطوي على ذاته ، الذي "يطلب الله بصمت"، والذي كانت معرفته بالدبلوماسية لا تزيد عن معرفة الطحان بالعلوم الطبية. وكان هناك السفير الفوضوي والفهلوي، والمتحذلق، والضحل ، المنفتح على بعض الأفراد والجماعات في الجالية اليمنية في بريطانيا ، وخاصة إذا كان أفراد تلك الجالية من قبيلته أو من منطقته ، أو مرتبطين به أمنياً أو مصلحة.
وكان ينحصر نشاط هذه الفئة الأخيرة من السفراء في استقبال وتوديع من يأتيهم من الداخل من أسيادهم ، الذين كان لهم فضل توظيفهم في وزارة الخارجية اليمنية، وتعيينهم في الخارج، وخاصة في بريطانيا ، ولكن كان جُل ذلك الانفتاح والنشاط، أقرب إلى السمسرة منه إلى النشاط السياسي الهادف لخدمة اليمن.
ولقد كان الفريقان ، على الرغم تباين خصائصهما ، حريصين على تملق مراكز القوى في الداخل ، بهدف السعي للبقاء في الخارج لأطول فترة ممكنة ، بغية تعظيم مكاسبهم المالية. لقد كانوا، في أغلب الأحيان، ناجحون في تمثيل مصالحهم الخاصة، و لكنهم فاشلين إلى حد الفضيحة، في تمثيل المصالح الوطنية لليمن.
قبل قليل ، وعقب قراءتي لبعض التعليقات الشائنة على الدور الدبلوماسي للسفير اليمني في لندن ،الدكتور نعمان ، اتصلتُ هاتفياً بأحد الأصدقاء الأعزاء ، الذي شغل منصباً دبلوماسياً رفيعاً ، ومثَّلَ اليمن في لندن وباريس ، والقاهرة ، وواشنطن لسنوات طويلة ، وسألته عن سفراء اليمن في لندن، فهو يعرف السفراء الذين مثلوا اليمن في المملكة المتحدة وغيرها بعمق كبير، فلخص لي صفاتهم ، بشكل لا يختلف كثيراً عن توصيفي السالف لهم، ولكن تلخيصه كان موجزاً وبديعاً، قائلا : " أغلبهم يتميزون بالعجرفة، و بضعف مخجل في تكوينهم الفكري والسياسي والثقافي، وبتدني مضحك في فهم لغة الضاد، وبجهل فاضح باللغة الإنجليزية، وبالبيئة السياسية والثقافية البريطانية. الأكثر من ذلك إنَّ بعضهم لصوص محترفين، ورجال أمن مجرمين ، وقلة قليلة منهم شرفاء ، ولكنهم يميلون إلى العزلة والانطواء على الذات، والدكتور ياسين نعمان هو من القلة الاستثنائية النادرة التي تتميز بالكفاءة، وتعمل بإخلاص وشرف من أجل اليمن ."
وأنا هنا ، على أية حال ، لستُ بصدد تفسير هذه الظاهرة غير السوية ، المتصلة بالتمثيل الدبلوماسي لليمن في الخارج ، فهذا حديث متشعب ، ولكن يمكنني القول ، بثقة وإيجاز ، إنَّ هذه الظاهرة ، تعكس التركيبة السياسية غير السوية للنظام اليمني عموماً. فالداخل السياسي ، كان في مغلب الأحيان ، مختطفاً من قبل جماعة قبلية عصبوية متخلفة ، والتمثيل الدبلوماسي في الخارج ، كان يشكل الامتداد الشائن والطبيعي لما هو قائم سياسياً في الداخل. نقطة على السطر!
مع الأسف ، في وطننا اليمني غير السعيد ، يُعد الجهل والحذلقة والتدين الشاذ ، والتعصب القبلي والطائفي والجهوي، جواز السفر إلى النجاح ، ومثلبة الدكتور نعمان إنه مبرأ من هذه الصفات الشائنة ، ومأساته الكبرى ، هي أنه مثقف رصين في بلد متخلف، وهذا بالتحديد ، هو سر الهجوم الوقح عليه، من قبل بعض الأرذال ، المتدثرين بالبراءة الزائفة والموضوعية الماكرة ، ليس بسبب فشله المزعوم في أداء مهمته ، كسفير لوطنه في المملكة المتحدة، ولكن بسبب نجاحه وتفوقه على كثيرين من الذين شغلوا هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع عبر تاريخ الدبلوماسية اليمنية.
فقد كان الدكتور نعمان ، على قلة الفترة التي شغل فيها هذا المنصب في أصعب الظروف السياسية التي تمر بها اليمن ، في مصاف القلة النادرة من الدبلوماسيين اليمنيين البارزين ، الذين مثلوا اليمن، بنجاح في سفاراتنا في الخارج ، وفي المحافل العربية والدولية، في مراحل مختلفة من تاريخ الدبلوماسية اليمنية، واذكر منهم: الأستاذ محسن العيني ، والأستاذ محمد أحمد نعمان ، والمرحوم عبد الله الأشطل، والدكتور عبد الكريم الارياني، والدكتور أحمد الصياد ، والدكتور فرج بن غانم ، والأستاذ سعيد هادي عوض، والأستاذ محمد هادي عوض ، والأستاذ خالد بحاح ، والأستاذة أمة العليم السوسوة والشهيد يحيى المتوكل وغيرهم.
الدكتور ياسين سعيد نعمان كان ومازال وسيظل عرضة للهجوم من قبل فريقين في الساحة السياسية اليمنية:
الفريق الأول، ويتمثل في قوى الهيمنة، المتدثرة بالتدين المنحرف، والنزعة الانفصالية و الطائفية، والتعصب القبلي، كجماعة عفاش والحوثي وحزب الإصلاح ، وغيرها من القوى المرتبطة بالخارج، التي تقتل الوطن ، تحت ذريعة الدفاع عنه.
الفريق الثاني ، ويتمثل بالجماعات العدمية البائسة ، المدثرة بالهوية الجهوية و القبلية ، المعطوبة بالجهل والتعصب القبلي والثأر ، والمرتهنة للقوى الإقليمية، المتذرعة بالدفاع عن الشرعية الانفصالية .
وعلى عكس الكثيرين من السفراء اليمنيين السابقين في بريطانيا ، فالدكتور نعمان ، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في اليمن الديمقراطي ، ومنصب رئيس مجلس النواب ، عقب قيام الوحدة في 22 مايو 1990 ، و منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ، عقب تنحي المناضل الوطني اليساري البارز: الأستاذ علي صالح عباد مقبل ، يُعد من الرجال القلائل ، الملمين بعمق بالمشهد السياسي اليمني ، و من الذين يحملون رؤية سياسية وإستراتيجية متميزة لخروج اليمن من المأزق القائم. وهي رؤية قد نختلف على تفاصيلها، وخاصة تلك المتصلة "بأطروحة الإقليمين" والأقاليم ، ولكنها رؤية جديرة الاحترام ، خاصة وأن الدكتور نعمان كان ومازال يرفض " المشاريع الصغيرة " سواء تلك المتدثرة بالروح الوطنية، والمندفعة نحو الهيمنة الطائفية والقبلية ، أو تلك المتذرعة بالهويات الجهوية ، والمنكفئة نحو النزعة الانفصالية.
الدكتور ياسين سعيد نعمان، شخصية وطنية يمنية بارزة، فهو رجل مستقيم أخلاقيا ، وسياسي من الوزن الثقيل ، ومثقفٌ كبير، وأديبٌ بارع ، و رجل مستنير ، منفتحٌ على الثقافة الإنسانية، و يتابع باهتمام شديد ما يجري في بريطانيا وأوربا والعالم. وهذا ، لعمري، هو السبب الرئيسي وراء الهجوم الوقح عليه من قبل الجماعات المتطرفة، بشقيها الطائفي والانفصالي.
فالهجوم الدعائي السفيه على الدكتور نعمان، هو امتداد للهجوم السابق عليه في صنعاء من قبل القوى المتطرفة. ففي صنعاء قصفوه بالصواريخ، بهدف قتله جسدياً، كما عملوا مع رفيقه الشهيد العظيم جار الله عمر، وفي لندن قصفوه إعلامياً، بهدف قتله معنوياً، كما عملوا وما زالوا يعملون مع الكثير من رفاقه الشرفاء.
فالدكتور نعمان شغل موقعه الدبلوماسي الحالي في بريطانيا في أصعب الظروف السياسية في تاريخ اليمن ، وهو ، وعلى الرغم من محدودية الإمكانيات المتوفرة لديه كسفير ، يقوم بدور بارز ، في توضيح الوضع السياسي القائم في اليمن ، سواء للبعثات الدبلوماسية في لندن، أم لوسائل الإعلام الغربية، ومؤسسات المجتمع المدني، أم للجهات الرسمية البريطانية ، ولكن الحكومة البريطانية، كما يعلم كل مطلع على سياستها ، تحدد توجهاتها تجاه اليمن وفقاً لمصالحها السياسية والإستراتجية والتاريخية في المنطقة ، وليس وفقاً لحقائق الأوضاع الفعلية في اليمن ، أو لتوجيهات السفارة اليمنية في لندن. ومن هذه الزاوية فأن ذلك الصحفي المغمور، المرتبط بالقوى الدينية المتطرفة، الذي تطاول على الدكتور نعمان ، يعرف هذه الحقيقة البسيطة، ولكنه يتذرع تارة، باسم حرية الرأي، وتارة أخرى باسم الحرص الكاذب على اليمن، لكي يسيء لهذه الشخصية الوطنية المتميزة التي تمثل اليمن خير تمثيل.
المشكلة إذاً ، لا تكمن في فشل الدكتور نعمان ، ولكنها تكمن في نجاحه ، فنجاح الدكتور نعمان، يؤرق المجرمين والخونة والمتطرفين والمعادين للوحدة ولقيم الحرية والعدل والتقدم ، ولهذا هاجموه تارة بالصواريخ وتارة أخرى بالإعلام. وعليه فأن نصيحتي للدكتور ياسين، هي أن يبقى متماسكاً كالعادة ، أمام هذا التطاول الوقح والبذيء ، و عليه أن يظل متمسكاً بالمشروع الوطني الكبير، أي باليمن الديمقراطي الموحد ، وأن لا ينحني للقوى القبلية و الطائفية والانفصالية، وأن لا يولي بالاً لهذه النفايات الشاذة، التي تشكك، بمكر بقدرته على أداء المهمة الدبلوماسية الموكلة إليه في لندن، بهدف تحقيق أغراضها البائسة المناهضة لليمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا