الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير و الطبقات و الأحزاب و القادة

غسان صمودي

2017 / 3 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إن قضية العلاقة بين الجماهير و الطبقات و الأحزاب و القادة هي احدى القضايا المركزية في النظرية الماركسية اللينينية عن المجتمع، و هي بالإضافة إلى ذلك، احدى القضايا الجذرية في سياسة الحزب الشيوعي.


إن الشعب يتكون، في المجتمع الطبقي، من طبقات متباينة. و لكل طبقة إجتماعية خصائصها و مصالحها الطبقية الخاصة التي ينبغي على الأحزاب و الزعماء الذين يتصدون لقيادة هذه الطبقات، أن يأخذوها بعين الاعتبار.
و ليس الحزب السياسي إلا جزءا متقدما من الطبقة، إلا طليعتها، إلا قائدها السياسي و منظمها. ليس بالنسبة إلى الطبقة سوى جزء من كلّ. و كل طبقة مدافعة عن مصالحها، تنحو إلى توطيد سلطتها، إلى توطيد قيادتها الحكومية للمجتمع. و من أجل هذا تعمل الطبقة على تأسيس حزبها السياسي الذي يدافع عن مصالحها. و يقود نضالها الطبقي الذي هو بشكل خاص، نضال في سبيل السلطة، في سبيل قيادة الدولة للمجتمع.
و يقود نضال الطبقات و الأحزاب قادة سياسيون، و شخصيات إجتماعية بارزة، و في هذا السياق يقول معلم البروليتاريا لينين في تبيانه هذه الناحية الهامة من قانونيات التطور الإجتماعي : "لم يكن بإمكان أية طبقة في التاريخ أن تحقق سيطرتها اذا لم تبرز قادتها السياسيين، ممثليها الطليعيين القادرين على تنظيم حركتها و قيادتها".
و لقد أثبتت الماركسية أفول جميع التصورات المثالية التي تريد ميتافيزيقيا، معارضة الفرد و الطبقات و الجماهير بالظروف الموضوعية و الضرورة التاريخية. اذ هي "تتميز عن جميع النظريات الإشتراكية الأخرى، بالجمع البارع في التبصر العلمي التام في تحليل وضع الأشياء، و السير الموضوعي للتطور و بين الإعتراف الجازم بأهمية الطاقة الثورية و الإبداع الثوري، و المبادرات الثورية عند الجماهير ، و الإعتراف أيضا بأهمية الشخصيات و الجماعات و الأحزاب القادرة على تلمس و تحقيق الصلة بهذه الطبقات أو تلك".
إن الماركسية اللينينية تعطي الحل العلمي لقضية العلاقة بين الجماهير و الطبقات و الأحزاب و بين الشخصيات و القادة البارزين، ناظرة إليهم نظرة حسية من خلال حركة المجتمع التاريخية القانونية.
إن طبقات معينة، كطبقة البرجوازية مثلا، تتحول في مسيرة التطور التاريخي، من طبقات تقدمية، و حتى ثورية، إلى طبقات محافظة و رجعية و مناهضة للثورة، و يتبدل وفقا لذلك، طابع أحزاب هذه الطبقات السياسية و إيديولوجيتها و برامجها و سياستها و علاقتها بالطبقات الأخرى.
إن أحزاب البرجوازية الإمبريالية تتميز عن أحزاب البرجوازية الثورية في القرن الثامن عشر. كما أن أحزاب البرجوازية الإمبريالية تتميز عن أحزاب البرجوازية الوطنية التي ساهمت في حركة التحرر الوطني ضد الإمبريالية و ناضلت من أجل توطيد الإستقلال الوطني.
و تبدو الطبقة العاملة أعظم طبقة تقدمية و ثورية. انها وحدها، بحزبها، و إيديولوجيتها، و قادتها، تعبر عن مصالح الشغيلة الجذرية و تدافع عنها. و لهذا بالذات، فإن الجماهير الشعبية، تنتقل و ستنتقل مع تطور وعيها الطبقي، بكل حزم إلى جانب الطبقة العاملة و حزبها الماركسي اللينيني، ناظرة إليهما، كحليف أمين، و منظم و قائد. و يتزايد دعم الجماهير الشعبية للسياسة التي ينتهجها حزب الطبقة العاملة.
إن مصدر التناحر بين البرجوازية و الجماهير الشعبية إنما يكمن في نظام المجتمع الرأسمالي الإقتصادي. و تدفع الرأسمالية الإحتكارية تناقضات النظام الرأسمالي و تناحراته إلى حدها الأعلى، إلى الذروة التي لا بد، بعدها، من إندلاع الثورة الإشتراكية.
كان قديماً في العصور الوسطى، يقصد بالجماهير "فئات الشعب السفلى"، أما الآن فقد دخلت تحت إدارة الدولة.
إن الجماهير الشعبية التونسية الواسعة، يتزايد ظهورها في عصرنا، في ساحة النضال التاريخي، و أصبحت متطلباتها أكثر قوة و إلحاحا، إذ هي تطالب بالشغل و بالكرامة و تحسين ظروف العيش و الزيادة في الأجور و على ضوء ذلك تنظم الإضرابات في كل القطاعات .و غدت البرجوازية الرجعية الحاكمة في تونس أعجز من أن تتجاهل هذه المتطلبات لما تستشعره من أخطار تهدد بقاءها، و أبرزها خطر المعارضة الثورية المتمثلة في "حزب العمال" و المعارضة الديمقراطية "الجبهة الشعبية" التي تأطر النضالات الجماهيرية للكادحين و الطبقة العاملة بالأساس.
و في سبيل السيطرة على الجماهير و اضطهادها، تلجأ الحكومة دائما إلى وسيلتين : إلى الإكراه و الضغط المباشر و القمع، و إلى الخداع و المماطلة و الإفساد الروحي. و من أجل الوصول إلى إفساد وعي الجماهير النفسي، تعمد البرجوازية الكولونيالية الحاكمة إلى النشر الواسع للمعتقدات الدينية و الخرافات الشعبية و إغراقه في سراديب الالتهاء بما لا علاقة له بحاجياته الأساسية من غذاء و صحة و تعليم .
إن النظام الرأسمالي يسحق بكل الوسائل، نشاط الجماهير و يضطهدها، و يبقيها أسيرة البؤس، و يحرمها من التعليم و من نِعم الحضارة. و هذا ما يجلوه لنا واقع المرأة الريفية في تونس، لقد تفشى الإضطهاد الوحشي في الأرياف و الإستغلال الفضيع للنساء العاملات في القطاع الفلاحي، و الرأسماليون يستغلون بساطة تفكيرهن و تخلف وعيهن من أجل الزيادة في الربح و تكديس الثروة.
و عليه، ما دامت الطبقات الإستغلالية تمتلك وسائل الإنتاج (الأرض) فإنها تتمتع بسلطة إقتصادية هائلة تستخدمها لفرض مشيئتها على وعي الكادحات، و بشكل عام، تتمتع الطبقة الحاكمة بسلطة إقتصادية تستخدمها لفرض مشيئتها على المجتمع. و أي نشاط يعارض الطبقة الإستغلالية يعتبر نشاطا غير شرعي يتعرض للعقاب. إن العلاقات الإجتماعية، في المجتمع الطبقي، تخضع لقواعد و قوانين تعبر عن مشيئة الطبقة الحاكمة، يدعى مجموعها الكلي بــ "القانون".
نخلص اذا إلى أن التنظيم السياسي للمجتمع هو الذي يميز و يحدد أساليب الحكومة. اذ يمكن للطبقة الحاكمة التي هي البرجوازية الإستغلالية أن تلجأ إلى الإرهاب المباشر لإخضاع الطبقات المظلومة، أو قد تحكمها وفقا للأساليب الديمقراطية. و لكن مهما تكن محدودية و شكلية الديمقراطية في المجتمع الرأسمالي، فإنها أكثر الأشكال ملائمة لنضال الطبقة العاملة من بين جميع أنواع الأنظمة الأخرى.
فقد كان الشعب التونسي، في عهد الدكتاتورية، يناضل لكي يحصل على اجراء واحد لصالح الحريات و الديمقراطية أو لكي ينتزع تنازلا صغيرا من الطبقة الحاكمة.
إن الحياة السياسية الدستورية التي فازت بها الجماهير الشعبية التونسية بعد سقوط نظام بن علي تتيح لها تنظيم نفسها على نحو أفضل من أجل خوض النضال الثوري لتقويض النظام الرأسمالي.
و حين تنتفض الجماهير، في مراحل الثورة إلى النضال الواعي ضد النظام الذي يضطهدها، حاملة "الفكر المناضل" الذي "في الحركة الثورية ينغرس و يتجذر"، تصرح الحكومة بأن "الفوضى بدأت تعم". وعليه، وجب احترام "هيبة الدولة"، أي وجب التصدي لهذه الإنتفاضة.
و أخيراً، إن المهمة الأساسية التي تواجه جماهيرالشغيلة و حزب الطبقة العاملة في مثل هذه الظروف هو الكفــاح من أجل توسيع الحريات الديمقراطية و المضي قدما نحو الهدف الأسمى، الإشتراكية فالشيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في


.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة




.. الشرطة الفرنسية تطلق غازاً مسيلاً للدموع على متظاهرين متضامن