الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات الأمن القومي الصيني

الغنجة هشام داوود

2017 / 3 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


تحديات الأمن القومي الصيني
20 فبراير 2017 – أي تغيير سيقيّد ولوج الصين للأسواق العالمية يمثل خطرُا بالنسبة إلى الصين.
جاكوب شابيرو.

China’s National Security Challenges
Feb. 20, 2017 Any change that restricts Chinese access to global markets is a threat.
By Jacob L. Shapiro
Published by : Geopolitical Futures
Link : https://geopoliticalfutures.com/chinas-national-security-challenges

ترجمة: الغنجة هشام داوود

ترأس الرئيس الصيني كزي جينبينغ Xi Jinping يوم 17 فبراير الماضي ملتقى حول الأمن القومي أقيم في بكين. وحدد الرئيس الصيني ثلاثة مسارات ستميز جيوبوليتيكا عام 2017 -حسب التصور الصيني: الاستقطاب المتعدد في العالم، عولمة الاقتصاد، ودمقرطة العلاقات الدولية. وقال كزي بأنّ هذه المسارات تمثل تحديات وفرص في آنٍ بالنسبة للصين، لكنّ الرد الصيني سيكون نفسه مهما حدث: "يجب أن نحتفظ بثباتنا الاستراتيجي، ثقتنا الاستراتيجية، وصبرنا الاستراتيجي" يقول الرئيس الصيني. هذه الكلمات تبدو رائعة، لكنّ السياسيين يقولون أشياء تطرب الآذان في أحيان عدة.

الاستقطاب المتعدد في العالم هي طريقة فاخرة للمحاججة بأنه لا توجد قوة واحدة مهيمنة على العالم. فحسب هذه الرؤية الصينية توجد قوى عالمية كثيرة، بعضها صاعدة والبعض الآخر في طور التراجع، والتماثل بين الدول من حيث القوة الاقتصادية، العسكرية، وحتى السياسية في طور التنامي. والصين تَعتبر أنّ روسيا ضعيفة، لأنّ اقتصادها يتعرض لهزات كبرى. أما الاتحاد الأوروبي فقد خسر تماسكه، إذ أنّ نزعة الدولة-الوطنية قد عادت إلى البروز فيه. في حين أنّ الولايات المتحدة الأمريكية قد خرجت من إحدى أكثر الحملات الانتحابية توترا عبر تاريخها، وهي لا تزال غائصة في مشاكلها بالشرق الأوسط. إذن فالمستقبل حسب هذه الرؤية متاحٌ أمام الصين أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية.

وعولمة الاقتصاد هي القاعدة التي على أساسها عرفت الصين تناميا هائلاً لقوتها في 30 سنة الماضية، حيث نمت الصين بنسب فلكية إبان هذه الفترة متبعة خطى اليابان، لتصل إلى درجة صارت تعتبر فيها ثاني أكبر اقتصاد في العالم حسب الناتج المحلي الخام. وأتمت الصين هذا المسار التطوري باستخدام العدد الكبير لسكانها في إنتاح كل أنواع السلع بأرخص الأسعار مقارنة بالدول الأخرى، سواءً من حيث الأثاث أو المواد الالكترونية، وأصبحت الصين منتجة لعدد كبير من السلع المصتعة وأثرت نفسها بهذا الإنتاج. لكن النمو اليوم يتباطأ في الصين، ولا يزال لدى الصين مئات من الملايين من مواطنيها ممن لا يزالون فقراء، لذلك تستهدف الصين ولوج الأسواق العالمية لحفز النمو الاقتصادي.

أما فكرة دمقرطة العلاقات الدولية، فتلمح بشكل غير مباشر إلى فترة الاستعمار الغربي فى القرنين التاسع عشر والعشرين حين عانت الصين كثيرًا. إذ سيطر إبان هذه الفترة عدد قليل من القوى الغربية الرئيسية على معظم العالم، وكانت الصين واحدة من العديد من البلدان التي جرت السيطرة عليها واستغلالها من قبل هذا النظام العالمي الحصري. ومختلف قواعد النظام الدولي: هيئة الأمم المتحدة، منظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية - أنشئت للحفاظ على مصالح كل ما تبقى من هذه القوى بعد الحرب العالمية الثانية. ومن ثم فإنّ دمقرطة العلاقات الدولية تعني بالنسبة للصين تحدي المؤسسات القائمة واستبدالها بأخرى جديدة أو بأطر ثنائية. فحين تقول الصين بأنها لا تعترف بقرارات محكمة التحكيم فى لاهاي حول مطالب الصين الإقليمية فى بحر الصين الجنوبي, فإنها بذلك تحارب "لإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية".

بناءً على ما سبق، يمكن القول أنّ التحديات الثلاثة الكبرى التي تواجه الأمن القومي الصيني تتمثل في: هيمنة الولايات المتحدة على العالم، ردود الفعل العنيفة ضد العولمة في الوقت التي يرزح فيه اقتصاد الصين، وإمكانية انحسار النفوذ السياسي للصين بسبب هذه الوقائع. فالتحدي الأول يتجلى في أنّ النظام الدولي القائم ليس متعدد الأقطاب، بل هو أحادي القطبية في الحقيقة، حيث الولايات المتحدة لا تزال هي القطب الأوحد. وزادت الصين إلى حد كبير قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، إلا أنه لا يمكنها أن تتنافس على نفس المستوى مع الولايات المتحدة. لذلك فهدف الصين ليس تجاوز الولايات المتحدة؛ فقادة الصين يدركون أنّ هذا غير ممكن بتاتًا، وتحاول الصين بدلا من ذلك زيادة قوتها تدريجيا لتصل ببطء إلى نقطة التقاء مع الولايات المتحدة في بعض المجالات.

أما التحدي الثاني الذي تواجهه الصين فيتمثل في وجود رد فعل عالمي عنيف بدأ يتشكل ضد العولمة. الولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي لديه مشاكل مع الممارسات التجارية للصين، فالاتحاد الأوروبي لديه مشاكله الخاصة وتحفظاته تجاه الصين كذلك، ذلك لأنّ الصين مارست حسب هذه القوى تخفض أسعار صادراتها وتمارس سياسات إغراق الأسواق بشكل مستمر، والبلدان المتضررة من هذه الممارسات لم تعد مستعدة للسماح لرجال الأعمال الصينيين بالاستفادة من العولمة، في مقابل أنّ العمال والطبقات الدنيا في هذه البلدان يفقدون وظائفهم ويواجهون صعوبات اقتصادية جمة. والمشكلة لاتتمثل في رغبة هذه الدول في استعادة الوظائف الضائعة، ولكن الإشكال الأكبر أنه سياسيا لم تعد هذه الدول قادرة على تحمل الآثار السلبية للنظام الاقتصادي المعولم الذي لم تستفد منه إلا قلة صغيرة. لذلك فالسياسة تتطلب نوعا من التغيير، وأي تغيير يقيد الوصول الصيني إلى الأسواق العالمية يشكل تهديدا للأمن القومي الصيني.

أما بالنسبة لدمقرطة العلاقات الدولية، فلدى الصين الكثير للقيام به في هذا المجال، فقد استثمرت الصين أموالاً طائلة في مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء آسيا بما في ذلك البنك الآسيوي للتنمية والبنية الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والعديد من الدول صارت تقبل بسرور كبير هذه الأموال. إلا أنّ النقود ليست مرادفا للقوة، فرغم حجم المشاريع الصينية في آسيا إلا أنها ضئيلة مقارنة مع نفوذ المؤسسات الدولية اليوم. يضاف إلى ذلك أنّ دولاً آسيوية كثيرة تتخوف بشكل كبير من التحركات الصينية ولديها مصالح مشتركة في عرقلة الطموحات الإقليمية الصينية. لذلك من الممكن أن تتشكل هياكل تحالف جديدة تنشأ في المنطقة تهدف إلى احتواء الطموحات الصينية.

ورغم أنّ كزي Xi قد عبر عن هذه التحديات بشكل مبطن، إلا أنّ الكلمات التي استعملها توضح أنّ الصين تتعرض لضغوط شديدة بشكل واضح. الثبات يعني به كزي Xi أنه يحتاج من خلاله إلى ترسيخ قاعدة سلطته قبل مؤتمر الحزب الشيوعي لهذا العام (CPC) حتى يتمكن من السيطرة على السخط الشعبي ومحاولة فرض إصلاحات في الاقتصاد الصيني. أما الثقة فيعني بها الحزب الشيوعى الصيني بأنه يجب تقديم الصين كقوة عالمية باعتبارها وسيلة لزيادة الفخر الصيني بدولتهم أمام العالم. لكن تصريحه يخفي بعض ما يحدث في المدارس الابتدائية، فعندما لا يستطيع طفل ما كسب شجار أو معركة مع طرف آخر، فإنه بلجأ إلى بث شائعات حول مدى قوته في القتال حتى لا يهاجمه الآخرون. أما الصبر، فيعني بكل بساطة أنّ التصدي لهذه التحديات سيأخذ وقتا طويلاً.

لذلك فالصين تواجه اليوم العديد من التحديات الاستراتيجية التي يجب التغلب عليها. فالقوة العالمية الكبرى؛ الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد لديها نفس المواقف مع الصين تجاه عديد القضايا، حيث أنه هناك رد فعل عالمي واضح ضد النظام الاقتصادي المعولم الذي سمح للصين بالوصول إلى ما وصلت إليه، ولكن لحسن الحظ فنفوذ الصين لا يسمح لها على الأقل على المدى القصير بتهديد مصالح القوى المهيمنة على العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا