الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية ،مفهوم التقمص، قرأته ، منطقيته ، فلسفته ؟!

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2017 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عشتار الفصول:100105
مرة ثانية أشعر أنني أمام إشكالية ،مفهوم التقمص، قرأته ، منطقيته ، فلسفته ؟!
لن ندخل في تفاصيل ،من يؤمن بالتقمص، وتاريخية هذا المفهوم ،إلا أننا نتوقف عند مفاصل هامة في تاريخ المدرسة الفلسفية اليونانية، لابل المدارس الفلسفية اليونانية، ومن قبل كيف قرأنا ملحمة جلجامش، وحتى مفهوم الديانات الثلاث ، السماوية .
وحين نُرك أهمية مفهوم التقمص بمعناه الحقيقي ونحن لنا من المعرفة الفلسفية والدينية مايؤهلنا للحكم، سنحكم على أن هذا المفهوم أو الاعتقاد هو غير منطقي، لا بل ينسف العديد من القضايا بمقدماتها وأسبابها وعللها.لهذا نرى فيه معتقداً غير سليم.ويأتي هذا من خلال ما تقدمه لنا الفلسفة اليونانية ومدارسها الكبرى والتي تُقسم إلى قسمين كبيرين هما :
1=القسم المادي .2=القسم الثاني المثالي أو الروحي.وهناك المذهب الثالث الذي يجمع بين الفلسفتين .على شكل توافقي وأحيانا ، ميكانيكية العقل خلقت ما يتشابه، ولا يتشابه في نفس المفهوم الواحد .ونعني بتلك المدرسة التي تحمل في طياتها من المفهوم المادي والمفهوم الروحي معا..وتزاوج تلك الآراء في وحدة تنتهي إلى نهايات يبدو أن أصحابها يثقون بما يحملونه من فكر قادر ٍ على البقاء ما دامت الشخصية الإنسانية بحد ذاتها تتكون من الجسد والروح، المادة والعقل، القوى الانفعالية وما تحمله من صفات ووظائف ..وقد استرسلنا هنا لأنّ ما يعنينا في هذه الجزئية من الفلسفة اليونانية بشكل عام ،هو المنطق الأرسطو طالي.
فلو أخضعنا مفهوم التقمص لمنطق أرسطو ، لوجدنا عدم قدرة الأخير على استيعاب هذه الأفكار برمتها،حيث يرى المنطق الأرسطو طالي في مفهوم التقمص ، وبحسب فهمي له ما يحتوي عليه من ازدواجية غير مقبولة للفكر السليم ذاته، حيث لا تستقيم منابعه ،ولا قوائمه التي يقف عليها هذا المفهوم ،كما نجد صعوبة في استيعاب نفي صفة القدرة الدائمة، والدينامية في الخلق عند الخالق.هذه أولى النقاط . لأنّ في عمق التقمص فوضى في أسس خلق الجواهر الأولى والمكوّنات الأولى التي تمت عملية الخلق لها، ولو اعترفنا بهذا المفهوم فإننا ، وعليه أن نصوب المفاهيم التي تخالط عقلنا من حيث تميز كل المعادن عن بعضها، والملائكة عن غيرها، والأرواح كلّ من خلال وظائفها ، ولا أحسب نفسي أنني هنا من أجل دحض كامل المفهوم برمته واعتباره أحد نتاجات العقل من حيث نهاية الكائن العاقل.ولما كان أمامنا موضوع الحساب في الأخرة ، فإنّ عائقاً وسبباً وعلة تدفعني للقول بأن مفهوم التقمص يتنافى مع مفهوم العقاب والثواب وبهذا المعنى يتنافى مع المسيحية ، لابل ينسفها من أساسها لو صح، كونها تعتقد بما لاشك في إيمانها أن السيد المسيح مجيئه وصلبه وموته وقيامته هي في أساسها لإتمام عمل الكفارة العالمية والشاملة للخطيئة الأدمية الأولى.وكما يتنافى من كون الإنسان ،يتكون في جوهره من ، روح ٍ ونفس ٍ، وجسد يحمل القوى الحية العاقلة .
وهل يأتي مفهوم التقمص لبريء الجسد دون عقابه لكون النفس هي التي تمر في عدة مراحل وتتعذب مع تلك الأجساد في الحياة الحاضرة ؟!!، وبعدها تنتقل لمرحلة الخلاص أو الخلود .
أم أنّ الجسد هو المسؤول عن جزء من العقاب عند مخالفته قواعد ما تضمنته الوصايا للخالق؟
أم أنّ كل هذه الوصايا، والضوابط عبارة عن خُرافة هي الأخرى ،لكون موضوع التقمص يطرح إشكالية أخرى تصطدم مع جميع المفاهيم التي توارثناها من خلال الديانات؟!!
إن مفهوم الخلود، الذي قالت به الفلسفة اليونانية،ومن قبلها الأفكار الفلسفية في بلاد مباني النهرين ،ومصر، يؤكد على أن النفس خالدة، ولكن مع تلاقح للديانة الآمونية (آمون أول ديانة للميثولوجيا المصرية)والأفكار التي حملها معه إبراهيم (أبرام) الكلداني القادم من مدينة أريدو( أبو شهرين حالياً).التي كانت تعتقد بإله واحد ،ومع تطور وتمازج للفكر الفلسفي لبلاد مابين النهرين ،وما نضجت من خلاله تجربة السبي البابلي لليهود ، والديانات التي سبقت المسيحية ، ثم المسيحية ،وما حملته معها من فكر لمفهوم الحساب ،والعقاب، للغفران ،والثواب.وكذلك الإسلامية التي تؤمن بنفس المفهوم الثوابي والعقابي.
كما أننا لو عدنا وقرأنا، ملحمة جلجامش ، سنجد بأنّ جلجامش الذي يفتش عن نبتة الحياة الدائمة ،والتي تشكل أول منعطف للأسئلة الوجودية ،من خلال ملحمة تتكامل ،بكلّ صفاتها ووجودها أسئلة ذاك الزمان وأهله حول النفس والآخرة.والسؤال لماذا يفتش جلجامش في دلمن(البحرين حاليا) على نبتة الحياة الدائمة مالم يُدرك سلفا بأهميتها لقاء الفناء؟ ثم مع الأسف تؤكد الملحمة على أنه فقد النبتة حين رأى واحة من الماء(تجمع مياه)وكان الجو قائظاً فقام وأراد أن يستحم أو أن يدخل الماء وما إن دخلها وإذا بالحية تأتي وتأكل نبتة الحياة الدائمة.
هنا أيضا في هذه الملحمة نقرأ عن الخلود، وخلود النفس خاصة.وكأن الهاجس للجنس البشري الواعي هو أن يبقى دوما وأبداً،وكيف نقرا هذا المطلب الأبدي في كينونة الإنسان؟!!
كما أن الديانة الغنوصية التي انتشرت في مصر بشكل خاص وأخذت مكانها في الشرق الأوسط ، فيها الكثير من محتويات هذا المفهوم ، ونعني به مفهوم التقمص.ولكننا نواجه السؤال ذاته.
الذي تُقدمه الديانات السماوية ، حيث يجب أن يكون هناك عقاباً وثواباً.وفي جوهر السؤال يحتوي ضده ، فلو كان سليما ما يقوله مفهوم التقمص. فأيّ نفسٍّ وأيّ جسدٍ ستتم معاقبته؟!!!
أم أننا في ورطة دينية ثلاثية أمام العلم والمنطق التناسخي؟!!
ونعود ونسأل كيف تُقنعني بأن الروح التي فيّ كانت قد حلت في أجساد عدة ،؟!!وكيف وعلى أيّ أساس تُعاقبها لما يرغب به جسدي؟!! هل أنّ النفس لا تُحاسب إلى أن تتحول إلى مرحلة الصلاح بالمنطق التناسخي ولكن كيف يستقيم هذا مع اليهودية والمسيحية والإسلام؟!!
إنّ هذا المنطق يُخالف فهمنا لمبدأ القدرة الإلهية.لأننا بهذا المفهوم التناسخي نحنُ ننفي عن الخالق القدرة أولا ، وعلى أنه يستخدم حالة ليس من عدم وإنما آلية ميكانيكية لانتقال الأرواح من هذا الجسد لتحل في غير الأجساد البشرية وهذا أيضا يُخالف المنطق ذاته. سؤال كيف لروح إنسان عاقل أن تحل ببقرة أو حمار أو طير؟!!
نعتقد باستحالة استقامة هذا المفهوم من خلال ـ لو سلمنا ـ بقدرة الخالق على أننا نتاج خلقه .فإنّ سبب التقمص يتضمن فساده في مقدمته، كيف للعاقل أن يُشارك غير العاقل؟ وكيف تخلط مابين حساب العاقل ،وعدم العاقل؟ولماذا خلق الله أولا الموجودات وبعدها خلق العاقل( الإنسان).ووضع له حالاً ما يُحاسبه عليه؟!! بأن أمره من كل شجر الأرض (الجنة) تأكل إلا من هذه الشجرة وبغض النظر عما ترمز إليه تلك الشجرة بمفهومها (العضو التناسلي للمرأة)أو غيره؟!! وهو القائل لهما.(أثمروا ،وأكثروا، واملأوا الأرض.وأخضعوها )…
إنّ مبدأ التناسخ أو التقمص ،يجعل بعضنا في حالة حيرة وشك من أمره .
فهل مفهوم التقمص يرتبط بمفهوم الحلول الذي تقول به المسيحية ،والجماعة الشيعية والموحدون الدروز؟
إلى أي منهما هو القرب؟!! وكيف ينتهي العقل من هذه الإشكالية؟!!
نؤكد على أنه جزء من نتاجات العقل ،لكنه يتضمن أسس تدمير ذاته .وإنه لايستقيم مع الفكر الإنساني السليم .
اسحق قومي
8/3/2017م
شاعر وكاتب وباحث سوري مستقل ، مقيم في ألمانيا
رئيس الرابطة المهجرية للإبداع المشرقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة