الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب ونزعة التطهير في الانسان

عادل الامين

2017 / 3 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني






نزلت الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام وانتقل الإنسان إلى مستوى رفيع من الأخلاق المرتبطة بالغيب ، ويحده منهج تعبدي محدد .. الأديان السماوية مركزها الفرد وحدودها العالم .. فعندما نزلت الديانة اليهودية بمنهجها المعروف السن بالسن والعين بالعين كانت تتلاءم مع الحالة النفسية للإنسان اليهودي آنذاك ، الإنسان الذي لا يتنازل عن حقه أبداً (2) وظلت هذه المفاهيم الغليظة سائدة في تلك الفترة من قبل ميلاد المسيح ، لقد تشوهت فطرة اليهود نتيجة لحرصهم الشديد على المادة وعرض الحياة الدنيا واختل الانسجام بين رسالة الدين السماوي وبين الدين الطبيعي وانحطت بذلك الأخلاق من قممها الروحية إلى درك المادية وتوجهت لإشباع رغائب الجسد الفاني ، ثم جاءت الديانة المسيحية للتسامح غير المحدود والذي هو من أبرز سمات الديانة المسيحية لتنقل الإنسان إلى الطرف الأقصى والنقيض لليهودية ، دعت المسيحية للتسامح غير المحدود والذي هو من أبرز سمات الديانة المسيحية ، قال المسيح عليه السلام "ومن ضربك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن" كان لا بد أن تأتي الديانة المسيحية على هذا المنوال طبقاً للقاعدة الفيزيائية لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه وبذلك اختل الوسط المعنوي بين الديانتين ومع ذلك فقد أضافت المسيحية نزعة التطهير وحاجة الإنسان الماسة للغفران فكان الاعتراف بالذنوب لشخص وسيط يجعل الإنسان يحس بالسلام الداخلي العميق ، وهذا شيء افتقدته الديانة اليهودية والتي قادت الناس إلى طريق مسدود وجعلتهم يعانون دائماً من الإحباط ومركبات الذنب التي تجعلهم في آخر أعمارهم يشعروا بالندم والحسرة على ما فعلوه في الماضي وذلك لأن حياة الآثام حياة الألم (Sinful Life is painful Life) ، بما أن المسيحية منسجمة كثيراً مع النفس الطيبة إلا أنه من سلبيات الاعتراف لشخص ما هو إحساس الإنسان بأنه يتعرى من الداخل أمام إنسان آخر وهذا في حد ذاته كاف لأن يشعر الإنسان بالتعاسة وينغلق على نفسه مع ذنوبه المؤلمة .

مسك الختام كانت رسالة الإسلام العالمية الخالدة بمنهجها العلمي الجبار الذي يطابق بين الدين السماوي والدين الفطري ويضع الإنسان في مواجهة مع نفسه ، إن الإسلام يتيح للإنسان ثلاث مستويات من الأخلاق ، السن بالسن أولاً ، التسامح ثانياً بالإضافة إلى القيمة الاسلامية الإصلاح والنصح للمسيء قال تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين)40( الشورى)

وقد ربط الرسول صلى الله عليه وسلم تماماً بين الدين والأخلاق "الدين المعاملة" حيث تمثل الأخلاق الصورة والدين الجوهر .. وقوة الإسلام أيضاً أن الأخلاق الحقيقية ليس إطاراً زائفاً من تعاطي الطقوس العبادية والتي تمثل التزامات العبد للرب ، بل هي انعكاسات تلك العبادات في السلوك الفردي قال تعالى ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتي المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) 177) البقرة

تميز الإسلام أيضاً بأسلوب متفرد في التطهير مبني على أسس علمية ، إن الإنسان يرتكب نوعين من الذنوب ، أولاً أخطاء في حق نفسه وهذه نواقص إنسانية ينحصر علمها بين العبد والرب ويتم التكفير عنها وتجاوزها بالاستغفار إلى الحي القيوم دون واسطة وهذا الاستغفار يجعل الإنسان يحس بالرضا ، كما أن قاعدة التوبة تجب ما قبلها تجعل الإنسان في حالة ميلاد دائم وجديد كل يوم تشرق فيه الشمس ، النوع الثاني من الأخطاء هي التي يرتكبها الإنسان في حق الآخرين وهذه أعمق أثراً وأكثر ضرراً وقد تستوجب العقوبة والقصاص وتضع الإنسان تحت طائلة القانون ، وقد حفظ الإسلام كرامة الإنسان حتى حين ارتكابه الجريمة ، إذ لا يجوز لأحد أن يعيره بما فعل ، وغاية الإسلام هي إعادة تأهيل الإنسان المنحرف وليس سحقه وتدميره قال تعالى ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت إيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم )( 33) النور

كما نجد أن عبادة الحج بمثابة التطهير الأكبر والكامل للإنسان وفرصة ليولد من جديد .
إن تطهير النفس بقتلها أو قتل الآخرين كقربان...نزعة بدائية وأيضا ارتبطت بالدين اليهودي مرحليا عندما عبد قوم موسي العجل فجاءهم الأمر الإلهي بقتل أنفسهم ثم نسخ بان إحياء النفس خير من قتلها...
ان تطهير النفس بالاعتراف للآخرين/القسيس هي أمر يخص الدين المسيحي
ان تطهير النفس في الإسلام بالتوبة النصوح وأركانها
ا- الندم
ب- الاستغفار
ج- رد المظالم إلى أهلها
د- العزم على عدم العودة إلي الأمر مجددا
************
كيف ينشا الضمير؟
نشا الضمير نتيجة للصراع بين عقل المعاش وعقل المعاد. .اي بين رغبات الجسد السفلية ورغبات الروح السامية وتدرجت النفس الإنسانية إلى سبع درجات وفقا لذلك....
النفس الأمارة والنفس اللوامة والنفس الملهمة والنفس المطمئنة والنفس الراضية والنفس المرضية والنفس الكاملة والكمال هنا نسبى يتفاوت فيه الناس من الحظوظ....

لماذا يأتي منها الانتحاريين؟
من المعروف أن هناك مجتمعات حرة ومجتمعات مكبوتة...وعندما نقول مجتمعات حرة..نعنى أن المقاييس العالمية لحقوق الإنسان تكون مطبقة وان الدستور فوق الجميع...ونعود لنتساءل..ما الذى يجعل المسلم البسيط يتبع المنهج اليهودي القديم في التطهر(إفناء الذات)..وليس بالانتحار مثلا..ولكن بفتوي ومفتي تدفعه للذهاب إلي العراق مثلا او سوريا او أي بلد اخر ليفجر نفسه ويرحل الآخرة مع وفد كبير من المواطنين ولا باس بعدد من الشرطة لزوم حفل زواجه بالحور العين...
من المعروف ان المجتمع العربي المعاصر مجتمع مكبوت فكريا ,ثقافيا واجتماعيا..والحياة فيه يضجر من نفسه فيها الضجر كما قال نزار قباني ويهرب الشباب بالمخدرات..ثم مركبات الذنب التي تحولهم الى متشددين...ثم كراهية الجسد بغرض إفنائه..وليس هذا فقط بل حتى شرائط الاعترافات والتي اقتبسوها من المسيحيين مع العلم ان المسيحي يعترف لشخص واحد مخلص وهو القسيس بينما هذا ينشر فضائحه/اعترافاته علي الملا في الشرايط التي تنعق في كل مكان في الوطن العربي الكبير بشكل ممجوج..ان قيم المجتمعات العربية المعاصرة الواقعة تحت الاديولجيات سواء كانت سلفية او أخوان مسلمين..هي التي تولد مركبات الذنب..وحب تدمير الذات والآخرين بحجة التطهر ودخول الجنة بالموت عمدا كطريق وحيد...وان رفض اهل الحكم واهل الدين لأي شكل من اشكال الحرية السياسية او غيرها سيكون مصدر دائم(للحشاشين))..وهذه جماعة معروفة تاريخيا نجمت منها كلمةassassins المعروفة بالقتلة....وإعادة لإنتاج الأزمة في المنطقة
لنتعرف أكثر على البيئة العربية والمؤثرات علي الفرد فيها ..فقط يجب ان نعرف المعادل الموضوعي لتجاوز ظاهرة مركبات الذنب... والأمر في السودان يبدأ في التخلص من الوعي الايدولجي الوافد من خارج الحدود سلفي/أخواني..الذي يخل بقيم المجتمع السوداني الراسخة منذ القدم...والتمسك بالمنهج الصوفي الجبار الذي ربي الشعب السوداني علي الثقة بالله والتسامح والتصالح مع النفس ومع الآخرين دون ادني شعور بالذنب...حتى لا يكون الحج "فرمتة فقط" كما حال أهل الإنقاذ من الأخوان المسلمين والحديث ذو شجون..

الإسلام في مستوي الفكر وفوق مستوى المذاهب هو الأصلح لإنسانية القرن الحادي والعشرين وقديما قال المعري
إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا للرؤساء
كالذي يقوم بجمع الزنج في البصرة والقرمطي بالإحساء

لذلك يجب إعادة النظر في أشكال الأيدولوجيات الدينية التي تخيم علي المنطقة مثل السلفية في المملكة العربية السعودية والأخوان المسلمين في مصر وأصحاب ولاية الفقيه في إيران...لأنها ايدولحيات سياسية تستغل الدين من اجل السلطة.... وتقف خلف الفوضى الخلاقة المخيمة في المنطقة...
كاتب من السودان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة