الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى السادسة لانطلاقة الثورة السورية

محيي الدين محروس

2017 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتوقع أحد ما، بأن المرحلة الأولى من الثورة السوري، ستستغرق أكثر من ست سنوات!
و المقصود في المرحلة الأولى هو إسقاط النظام، أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الانتقالية، لتأتي المرحلة الثالثة: بناء النظام الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة، و بما يخدم مصالح الشعب السوري.
فأين يكمن جوهر هذا التأخير، الذي دفع شعبنا ثمنه الكثير من الدماء و الاعتقالات و التهجير و النزوح و دمار البنية التحتية؟
كتبت في بدايات الثورة، عن خطر تسليح الثورة، عن ما قاله الخبراء العسكريون المختصون في الثورات: الثورات المسلحة تمتد لعشر سنوات، مع عدم ضمان نجاحها!
هل كان هذا التسليح خيارًا، أم أمرًا مفروضًا، أم أمرًا مدروسًا؟
لا بد لي بدايةً من التوضيح: بأن حق الدفاع عن النفس، هو أمرُ مشروعٌ في كل القوانين و الشرائع الدينية. أما حمل السلاح في عمليات ما أسموه " التحرير " للمناطق، فهو ليس دفاعًا عن النفس! بل هو تسليح "للثورة".
كيف تم التسليح؟ و لمن؟ و لمصلحة مَن؟ ( باختصار)
هنا، لا بد للعودة إلى نقطة البداية، و هي أن الثورة السورية انطلقت امتدادًا لثورات الربيع العربي في تونس و مصر و ليبيا و اليمن .. و التي أضحت تهدد الكثير من الأنظمة الاستبدادية في المنطقة! فكيف لهم أن يوقفوا امتداد هذه الثورات إليهم؟ ببساطة: بتغيير مسارها السياسي من ثورة سياسية شعبية، إلى حروب دينية سنية- شيعية ( علوية )! الآليات: هي مد الشباب المتظاهر بالسلاح و المال بشرط: تشكيل تنظيمات إسلامية، و تحت تسميات و رايات و شعارات إسلامية! و إرسال" المجاهدين" إلى سوريا !و العامل المساعد، هو تسلط الإخوان المسلمين على "المجلس الوطني" و ترحيبه بذلك، و بطلب منه المزيد من السلاح و " المجاهدين" …. حتى و لو كانوا من القاعدة و داعش ( في بدايات داعش)، تحقيقًا لشعارهم: نُرحب بكل من يحارب معنا ضد النظام العلوي)! مع رفضهم لوجهة نظر الديمقراطيين: بأن هؤلاء لهم أهداف تتناقض و أهداف الثورة.. مثل ( دولة الخلافة)!
من جهةٍ أخرى، كانت هذه الخطوات لصالح النظام في إطالة عمره، حيث جلب المليشيات الشيعية من حزب الشيطان من لبنان و من العراق و إيران .. و طلب " المساعدة الروسية " .. و أصبح النظام الإرهابي هو مَن يُعلن وقوفه ضد الإرهاب لداعش و القاعدة ..! و أخذت بعض الدول مواقف، تُعلن فيها: أولوية محاربة المنظمات الإرهابية!
و في ظل هذه الفوضى، دخلت داعش .. و هنا أردوغان لعب دوره بإعطاء الضوء الأخضر لدخول الداعشيين من كل أوروبا عبر حدوده إلى سوريا! و في دعمه " للمعارضة الإخونجية"! هذا عدا عن موضوع الاعتداءات على المناطق الكُردية من قبل الإسلاميين والنصرة و داعش و النظام! هنا، رأت بعض القوى الكُردية، بأنه من العقلانية عقد هدنة مع النظام، و تشكيل قواتها الخاصة، لرد هجمات النصرة و داعش و المنظمات الإسلامية المتطرفة عليهم، مثل الهدنات التي شاهدناها في مختلف المناطق السورية بعد تدميرها من قبل النظام (هذا يحتاج إلى بحث منفصل لإعطاء الموضوع حقه).
بالطبع، هناك العديد من الضباط و العسكريين الشرفاء الذين انشقوا عن الجيش الأسدي، و رفضوا إطلاق النار على إخوانهم و إخوتهم في الوطن، و شكلوا الجيش الحر، الذي تمت محاربته من نفس الفصائل، مع وقف تمويله و مده بالسلاح !
باختصار: التسليح لم يكن للثورة، بقدر ما هو للانقضاض على الثورة، و تفريغها من محتواها السياسي و السلمي، لأهدافِ و لمصالح الدول الممولة!و في النهاية لمصلحة النظام!

النقطة الثانية و المهمة: عدم تشكيل قيادة للثورة، و عدم التوافق على برنامج لها:
الأسباب الداخلية لعدم تواجد قيادة للثورة تعود في معظمها إلى أن الثورة تخطت كل الأحزاب السياسية التقليدية، حتى أنها فاجأتهم! من جهة أخرى، ضعف المعارضات السياسية الداخلية، في ظل النظام الاستبدادي و دوائر مخابراته و معتقلاته! المعارضة الوحيدة التقليدية التي حافظت بشكلٍ ما على تنظيماتها في الخارج: هو تنظيم الإخوان المسلمين ( بعد مجزرة حماة و هروبهم خارج سوريا).
و في ظل هذا الغياب كانت الفرصة الذهبية للإخوان للسيطرة على المعارضة في الخارج و تشكيل " المجلس الوطني " المعروف بمجلس إسطنبول! و بعد سقوطه سياسياً، تم إنعاشه من خلال دخول بعض قوى المعارضة السورية تحت تسمية " الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية ". بالطبع، مع المحافظة على سيطرة الإخوان و التنظيمات الإسلامية. من الجدير بالإشارة بأن بعض الشخصيات الديمقراطية دخلت هذا الائتلاف من باب أهمية التحالفات الوطنية العريضة!
أما المعارضات الوطنية الأخرى مثل: هيئة التنسيق و حزب الشعب و غيرها، فهي للأسف ضعيفة من حيث قوة تأثيرها، لمحاربتهم مِن قِبل الجميع!
الأسباب الخارجية: لعبت الدول العربية و الإقليمية و الدولية دورًا هامًا في تشتيت المعارضة السورية، من خلال التأثير أو حتى شراء صوت المعارضين، كلُ منها لصالحه!
و هذا ما نشاهده اليوم من منصات إسطنبول و قطر و الرياض و القاهرة و موسكو و بيروت .. !
كل دولة لها أجنداتها في وسط المعارضات، بالإضافة إلى اختراق النظام لكلٍ منها!

المعضلة الأساسية تكمن في عدم وضع رؤية سياسية توافقية بين قوى و شخصيات المعارضة، ترتكز على القواسم الوطنية المشتركة، التي تحقق أهداف الثورة و مصالح الشعب السوري بكل مكوناته. هذه الرؤية تُشكل الأرضية الصالحة للتوافق على قيادة تحالفية للثورة، كما أنها تُسهل عملية تشكيلها.
ما هو الحل؟ أيضاً باختصار:
الحل السياسي الوطني الذي يعتمد على المفاوضات السياسية مع النظام بإشراف الأمم المتحدة، و التي تؤدي لتشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، لتقود المرحلة الانتقالية، و الإشراف على تنفيذ مهامها، و التي يأتي على رأسها:
- وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، عدا مواجهة المنظمات الإرهابية مثل داعش و النصرة و المليشيات و الفصائل لأجنبية التي ترفض الخروج من سوريا.
- الإفراج عن كافة المعتقلين، و المخطوفين، و فك كل الحصارات عن كافة المناطق المحاصرة.
- إعادة هيكلية المؤسسات العسكرية و الأمنية.
- تشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط لتسهيل الخدمات للمواطن.
-العمل لعودة النازحين و المُهجرين إلى مساكنهم، أو منحهم سكناً جديداً. و البدء بمشاريع إعادة بناء سوريا.
-تشكيل لجنة لإعداد الدستور الديمقراطي الجديد المؤقت، أو إعلان المبادىء الدستورية للمرحلة الانتقالية، مع التركيز على مبدأ فصل السلطات الثلاث، و فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، و تبني مبدأ اللامركزية الديمقراطية، و تحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان الحقوق الثقافية و الاجتماعية لكل القوميات في سوريا، و تبني دولة المواطنة، و حرية الرأي و الإعلام و العمل السياسي.. إلخ.
- التحضيرات لانتخابات ديمقراطية و لإجرائها تحت مراقبة دولية.
- مع التأكيد على: إعادة توزيع الدخل القومي بما يضمن العدالة الاجتماعية .

نقطة البداية هي التوافق على رؤية سياسية و طنية ديمقراطية، و تشكيل قيادة تحالفية للمعارضات، و من ثم مفاوضات عسيرة مع النظام، و ضرورة الاستفادة من الأخصائيين في علم التفاوض (كمستشارين).
اليوم على مشارف السنة السابعة، توصلت المعارضة إلى أهمية الحل السياسي، و تم و ضع جدول أعمال للمفاوضات في جنيف 4، يتضمن المرحلة الانتقالية و هذا بحد ذاته انتصار … و لو جاء مُتأخرًا!

اليوم، كل السوريين ينادون: كفانا قتالًا و دمارًا!
نعم، للمفاوضات و للحوارات الوطنية!
كل الشكر و التقدير لكل من يُساهم في استمرارية الثورة و انتصارها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ