الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد الروسي المتنامي في عهد الرئيس بوتين

جورج حداد

2017 / 3 / 13
الصناعة والزراعة


إعداد: جورج حداد*

التفوق العسكري
ان الفكرة السائدة لدى غالبية المراقبين الخارجيين هو ان النجاحات الدبلوماسية الخارجية لروسيا، وتثبيت نفسها بوصفها قوة دولية عظمى لا يمكن حل اي مشكلة دولية بدونها، وقادرة على الوقوف بنديّة في وجه اميركا والاتحاد الاوروبي ودول الناتو والكتلة الموالية للغرب مجتمعة، هي لكونها تمتلك ترسانة عسكرية هائلة، خصوصا صاروخية ـ نووية، موروثة من العهد السوفياتي، وتثير الرعب المبرر لدى جميع عواصم العالم ومراكز القرار في الكتلة الغربية، خاصة بوجود قيادة روسية حازمة، "لا تمزح" في مسألة الحرب والسلم، كقيادة الرئيس بوتين.
الاقتصاد هو الاساس
وهذه الفكرة هي صحيحة بحد ذاتها، الا انها ناقصة. والواقع ان القدرة العسكرية الروسية، الموروثة والمجددة والجديدة معا، لا يمكن ان تكون، وان تستمر، الا بوجود قاعدة اقتصادية صحيحة وصلبة.
وهذا ما نحاول القاء نظرة سريعة عليه، من خلال ما تنشره وسائل الاعلام الروسية:
التحول الكبير في عهد بوتين
خلال 16 سنة من وجود فلاديمير بوتين على رأس السلطة تحولت روسيا الى دولة قادرة وتنموية ذات قاعدة اقتصادية واجتماعية صلبة. والان ينسى الكثيرون انه في سنة 1999 كان الدين الخارجي لروسيا يبلغ 140% من الناتج المحلي القائم، وكان الجيش في حالة انهيار، وكانت تخاض في شمال القوقاز حرب مفتوحة ضد الدولة. وقد نجح بوتين في اخراج البلاد من الازمة. وبنتيجة ذلك توفرت الامكانية للتحرك التدريجي الى الامام، ولا سيما في الحقل الاقتصادي.
الكارثة "الدمقراطية"
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لوحظ هبوط اقتصادي عميق، مرتبط بتدمير نظام العلاقات الاقتصادية الذي كان يعمل جيدا بين الجمهوريات السوفياتية، وكذلك تغيير انظمة الحياة الاقتصادية للمجتمع باسم "الدمقراطية" و"لبررة" الاقتصاد. وفي اب 1998 اعلن في روسيا الفيديرالية العجز الاقتصادي، او ما يسمى "العجز عن الدفع"، وعلى الاثر وصلت البلاد الى الحضيض اقتصاديا.
ارتفاع اسعار النفط عنصر مساعد لا اكثر
وتغير الوضع بعد وصول فلاديمير بوتين الى مركز الرئاسة. وهناك العديد من المعارضين والاقتصاديين المختصين يعلنون ان النجاحات التي تحققت بعد ذلك في البلاد انما تعود فقط الى ارتفاع اسعار الطاقة. ولكن الواقع ليس كذلك. فحينما شغل بوتين منصب القيادة في البلاد، فإن اول ما قام به هو الحد من نفوذ رجال البنوك والاعمال على السلطة، الذين كانوا في عهد يلتسين يملون القوانين التي هي لمصلحتهم. واقيمت مراقبة حازمة على التداول المالي، وجرى الحد من "غسل" الاموال في الخارج. ولدعم رجال الاعمال المحليين، طبق "معدل منخفض" جدا للضريبة على الدخل، كان هو الاكثر انخفاضا في كل اوروبا. وأعير اهتمام اكبر لتطوير البيزنس الصغير. وهكذا بلغ النمو الاقتصادي في السنة الاولى من عهد بوتين 8,6%.
تشجيع الانتاج والعلوم
ولوحظ الارتفاع في نمو الانتاج الصناعي والاستفادة القصوى من القدرة الانتاجية. وفيما بعد وضع الرئيس امام البلاد تحقيق مهمات كبيرة جديدة اهمها: مضاعفة الناتج المحلي القائم، زيادة الوزن النوعي في الاقتصاد للصناعات الاستخراجية، وتكثيف العلموية في الانتاج.
تطوير الانتاج الزراعي
وأرسيت التوجهات الايجابية في الاقتصاد الزراعي. وفي سنة 2001 ازداد انتاج الحبوب بمعدل الضعفين عما كان عليه سنة 1998، وبلغ 82 مليون طن. وفي سنة 2015 بلغ انتاج الحبوب في روسيا 100 مليون طن. وفي الـ16 سنة الماضية بلغ المعدل السنوي لزيادة الانتاج الزراعي 3،3%.
مكافحة البطالة
وأعار فلاديمير بوتين اهتماما خاصا لمكافحة البطالة. وفي سنة 2000 كان معدل البطالة حوالى 11%. اما اليوم فهو قد انخفض الى5,8 %. فالاجهزة المعنية اخذت تتفاعل في الوقت المناسب مع التغيرات في سوق العمل، ولهذا انخفض معدل البطالة الى حد مقبول. وللمقارنة نذكر ان معدل البطالة هو 10,5% في فرنسا، و 12,4% في ايطاليا، و22,7% في اسبانيا.
التخفيض النسبي للدين الخارجي
ومن الملفت ان الدين الخارجي لروسيا اليوم هو حوالى 515 مليار دولار، الا ان التزامات الدولة تبلغ 270 مليارا، اي 25% فقط من الناتج المحلي القائم. في حين ان الدين الخارجي للدولة الروسية سنة 1999 كان يبلغ 146% من الناتج المحلي القائم. ومن المثير الملاحظة ان الدين الخارجي للولايات المتحدة الاميركية زاد منذ وقت قريب عن 19 تريليون دولار، اي ما نسبته 110% من الناتج المحلي القائم لهذه الدولة.
التطور الصناعي
وفي الـ16 سنة الماضية لوحظ نمو كبير في الانتاج الصناعي لروسيا. ففي سنة 1998 انخفض مؤشر الصناعة الى 48% بالمقارنة مع 1991. ولكن الاجراءات التي اتخذتها ادارة الرئيس بوتين ادت الى النمو السريع للصناعة الوطنية: فحتى سنة 2008 استعادت البلاد قسما ملحوظا من الخسائر، بحيث بلغ حجم الانتاج 85% من المؤشر السوفياتي الاخير. وفي الربع الاول من سنة 2010 بلغ معدل نمو الانتاج الصناعي في روسيا المرتبة الثانية بين "الثمانية الكبار"، وتقدمت عليها فقط اليابان في هذا المؤشر. وبالرغم من الازمة الراهنة، فإن عددا من الاختصاصيين يتوقعون نموا سريعا للانتاج الصناعي الروسي بمعدل 15 ـ 20% في السنة.
التنويع الاقتصادي
وتحاول روسيا جهدها ان تتخلص من التبعية لتقلبات "مؤشر النفط". وفي اذار 2016 فإن المداخيل من قطاع النفط والغاز بلغت 34% من الميزانية الروسية ، و64% من بقية قطاعات الاقتصاد. وقبل ذلك كانت مداخيل الميزانية من مبيعات الطاقة تشكل اكثر من 50%. وبالاضافة الى ذلك زادت روسيا من مبيعات الانتاج من غير الخامات. ونخص بالذكر منتوجات التكنولوجيا الحربية، والطائرات والسفن المدنية، ومنتوجات الانشاءات الميكانيكية، والاسمدة، والطاقة النووية للاغراض السلمية.
احتياطي الذهب بدلا من الدولار
وتواصل روسيا زيادة احتياطها من الذهب. وفي سنة 2000 بلغ احتياطي الذهب لاجل دعم العملة الوطنية 343 طنا، اما الان، بعد فصل الروبل عن الدولار، فقد بلغ الاحتياطي الذهبي 1476 طنا. واحتياط الذهب يضطلع الان كما في السابق بدور مورد ثابت لمواجهة الازمات، ودور ضامن للاستقلال الاقتصادي للدولة ودعم وتعزيز العملة الوطنية.
وتنبغي الاشارة الى النجاحات في برنامج استبدال المنتوجات المستوردة بالمنتوجات المحلية. وهو البرنامج الذي اعلن عنه سنة 2014 ردا على قرار المقاطعة والعقوبات ضد روسيا من قبل الكتلة الغربية. وكما اشرنا آنفا فقد سجلت نجاحات مرموقة في الاقتصاد الزراعي، ويتوقع الاختصاصيون انه في سنة 2020 ستتوصل البلاد الى الاكتفاء الذاتي في المنتوجات الغذائية والاستغناء عن الاستيراد. وهناك نجاحات في الاستغناء عن استيراد المنتوجات الاستهلاكية للصناعة الخفيفة، والصناعة الكيماوية، وبعض منتوجات التكنولوجيا الحربية الخ. واليوم يستمر الاقتصاد الروسي في التطور بالرغم من العقوبات الاقتصادية وغيرها من الصعوبات. وحسب تعبير بوتين فإن روسيا تحافظ على ميزان تجاري ايجابي مع الخارج، ويمكن ملاحظة النمو في تصدير المنتوجات ذات القيمة المضافة العالية. وهذه المؤشرات وغيرها تشهد على العمليات الايجابية الجارية في صلب الاقتصاد الوطني الروسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



فلاديمير بوتين... نظرة الى المستقبل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟