الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون والنظام العالمي الجديد ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 3 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يشكل هذا الموضوع أهمية قصوى في الفكر التنويري التجديدي أهمية قصوى في مخاض التحولات الكونية الكبرى ةعلاقة ذلك بهم كونهم جزء من عالم متصل ومتشابك بعلاقاته وأرتباطاته البينية، كما أنه يسجل أهمية أخرى هي كيفية العودة للتوافق مع هذا العالم والتعامل الإيجابي معه بواقعية، بعيدا عن هاجس فقدان الهوية الخاصة وأدعات البعض من أن عملية التواف هذه ستؤدي حتما إلى ضياع الدين وثوابته، فالفكر الذي ليس له قدرة على التجدد والمقاومة لا محالة أن سيموت ويندثر في سيرورة الحركة الوجودبة، وطالما أننا نؤمن بأن للدين حكم البقاء وقدرته أن يتعاطى مع التقلبات والتغيرات بكينونته فلا داع للخوف على هذا الإيمان والتمسك به.
من هنا كان لا بد أن نفتح كل الملفات التي تشكل أساس هاجس الخوف والتعامل معها بشجاعة فكرية لنثبت أولا أن الدين سيبقى واحدا من المحركات المعرفية التي تساهم في بناء الحضارة العالمية والفكر الإنساني وأن لا ندع الفرصة التي طرحتها الظروف في أن نلعب الدور الحضاري المنشود أن تمر دون أن نفعل ملاكنا العقلي ونصحح الطريق للعودة للحياة من جديد، عالم اليوم بكل ما فيه من حركة وتجدد يطرح على الفكر الإنساني ليس سؤال الهوية تجريدا، بل يطرح تساؤلات الكيف والنتائج وعلاقة الإنسان في خلق عالمه الخاص بكل وضوح وأخلاص لنفسه.
لذا فالأنخراط بهذا الحراك الكوني يستوجب منا كمجتمع وكإنسان مسلم أن يعيد للفكر قيمته الحركية بتخليصه أولا من التناقضات الذاتية التي ترسم الريق المسدود، وثانيا أن يقدم النموذج الأكثر قدرة من قراءة للدين بروح العصر كي يطرح وجودا مغايرا للإرث التأريخي الذي يأبى مغادرة الماضي ويصر على أن الحلول كل الحلول فيه، هذا يعني لنا أن نمارس تفكرا لمرحلة ما بعد النقد الذاتي مرحلة البلورة والطرح المتجدد لأفكارنا ومحاكة حركة الزمن فيه.
النظام العالمي الجديد تسيره قواعد مادية حقيقية تتعامل مع العلم والمعرفة على أنها هي الحل لكل إشكاليات التخلف والرضوح للواقع، وتطرح قيمة العمل الفكري كواحدة من أهم مؤسسات التجديد ووسائله العملية، فلا حداثة ولا مساهمة فيالمسيرة الكونية دون أن نتسلح بالعلم والمعرفة والشعور بالأنتماء لهذه السيرورة المتواصلة والمتعاظمة بذاتها لأنها سيرورة تأريخية بمعنى أنها تتعاقب وتجدد لتكتب تأريخها الخاص، تأريخ ليس ماضويا بأصوله ولكن خاضع بالتأكيد للسنن التي سطرها الإنسان من تجربته المتواصلة، فالحاضر اليومي سيتحول بمجرد حدوثه إلى تأريخ يبحث عن حاضر جديد ومستقبل يسابق فيه العقل الواقع ويتقدم عليه.
عندما نفهم أن الحركة التأريخية هي حركة أمتداد غير منقطع وأنها تملك في جوهرها التحول والتغير، لا بد أن نقر لهذه الحقيقة قيمتها وأن نعمل لتجسيد مستحقاتها ليس في التنظير الخالي من ممارسة على الواقع، بل أيضا أن نفرض رؤيتنا المبتكرة والمبتدعة بالتجدد على هذه الحركة ونساهم بها كأمة منتجة للفكر وليس مستهلك لفضلاتها ومتلق سلبي لما تطرحه من واقع عملي.
على المجتمع والفكر والإنسان المسلم أن يباشر وجوده ويكشف عن قدرته فيأن يكون عنصرا إيجابيا في الحركة وتفاصيلها والمساهمة في صنع هيكل الحضارة المتجدد، وهذا أيضا يعني أن نعيد قرائتنا لكل مخزوننا الثقافي والفكري والحضاري، ونستقري تجربة الإنسان فيه وفي مجمل ما في الواقع من حقائق، وأن لا نخشى التجديد مهما كان قاسيا في حكمه لأننا فقط متأخرون ومستغرقون فيه حد التوقف والذوبان في أسبابه وعلله.
التجديد أذن أستنهاض لروح الإنسان وأستنهاض للعنصر الطبيعي فيه تغييرا وتحولا نحو الأكثر قدرة على إعادة الواقع إلى الزمن، وإلى قوانين الحركة والحضور الفاعل، بعض الأصوات الفكرية في داخل المجتمع الإسلامي والتي تمثل قطاعا واسعا وكبيرا منه، تبدو مخاوفها علنا ليس لأن التجديد حاجة، ولكن لأن أساسه الفكري الذاتي مرتبط وجودا وعدما مع بقاء الحال على ما هو عليه، الشيخ اليعقوبي واحد من تلك الأصوات التي تحاول الخلط بين التغيير والتجديد إنهزام المشروع الكلاسيكي التقليدي للفكر الكهنوتي (مما يلاحظ على تلك النظريات الغربية أنها حاولت تأطير فكرة العولمة وتصديرها إلى الشعوب الاخرى ليكون لها الأثر المؤثر لا سيما في العالم العربي الإسلامي إذ كان الهدف من تلك النظريات وغيرها من المحاولات الغربية طمس الهوية والشخصية والثقافية الاسلامية، وإعلاء ثقافة الغرب لا سيما الامريكية التي تتصارع مع الثقافة الاوربية على أذواق الشعوب) .
هذا التبرير المبالغ به واللا واقعي يفضح ضحالة ومحدودية الفكرة المتوجسة من محاولات التغيير، ففي الواجهة عادة ما يصد هؤلاء بأن الإسلام دين متجدد وقابل للحياة في كل الظروف، ولكنهم يضمرون القلق من تجديد أنماط التفكير وطرائق التعقل التي تصاحب أي عملية تغيرية وتجديدية، فالهدف ليس الإسلام وقدرته على التعايش مع عالم متغير ولكن عجز العقلية الإسلامية أن تتفوق على نفسها لتقول أننا في مرحلة أستماته حقيقية ومغادرة للواقع العقلاني، ولا بد من تجديد إذا أردنا أن نكون جزء فاعل من هذا الواقع وهذه الوجودية الحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24