الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في الوجود – 8– عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 2

نضال الربضي

2017 / 3 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة في الوجود – 8– عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 2 .


نستكمل ُ اليوم َ الجزء الثاني من المقال السابق (ر1: تجدون رابطه في الأسفل)، لنتعرف على العلاقة الثلاثية بين: الدماغِ كعضو و وظائفِه البيولوجية، و بين العملياتِ العقلية الناتجة عن تلك الوظائف البيولوجية و التي عنها يصدر الوعي بكل صفاتِه، و بين بعض قدرات و خصائص و صفات الوعي المُتعلِّقة بموضوع دراستنا و هي: الإدراك، الخيار، الإرادة، المسؤولية،،،

،،، بهدف أن نقترب أكثر من فهم الوعي بالدرجة الأولى، و الحُرِّية من جهتيْ كونِها: خاصية ً أصيلة صادرة عنه، و عاملاً مؤثِّرا ً على القيام بالأفعال المختلفة.

و أذكركم قارئ الكريم بما ختمت ُ به مقالي السابق من أنني سأستخدم ُ مثالا ً من كتاب ِ مؤسس علم النفس التحليلي: "سيجموند فرويد"، المُعنون: Psychopathology of everyday life ("الاضطرابات العقلية في الحياة اليومية": العنوان ترجمتي الخاصة و هي ترجمة غير رسمية لغرض تبسيط التقديم)، شاكرا ً لأخي الكبير و زميلي الفاضل المختص في العلاج النفسي: العزيز قاسم حسن محاجنة، اقتراحَه ُ بأن أستخدم مُصطلح: الاضطرابات النفسية؛ حتى لا يخلط القارئ بين ما أرمي إليه من اضطرابات سنتبيَّـنـُـها و بين مرض التخلف العقلي. (الحوار القصير بيننا موجود على صفحة المقال السابق).

سرد ُ المثال
----------------
يذكرُ فرويد أنه كان يركبُ عربة ً فيها شخص ٌ أخر، قاصدا ً محطةً في الهرسك Herzegovina، و أثناء الحديث سأل فرويد ذلك الشخص إن كان قد: زار كاتدرائية أورفيتو Orvieto في إيطاليا، و شاهد َ لوحات ِ "الدينونة الأخيرة" و التي أبدعها الفنان.......

هنا يتوقف فرويد عن الحديث إلى ذلك الشخص لأنه لا يستطيع أن يتذكر الاسم الأخير للفنان و هو: Signorelli (تُلفظ: سينيـُر يللي) و بالتالي لا يستطيع ُ نُطقه، و بدلا ً منه يتذكر اسمين آخرين هما: Botticelli (تُلفظ: بُتيشِ يللي) و Boltraffio (تُلفظ: بُلـ ترافيُـ)، فيُدركُ فورا ً أن لا علاقة َ لهما بهذا الفنان لكنهما و على الرغم من ذلك و غصبا ً عن إرادته الحُرَّة يستمرَّان في الظهور ِ و احتلال ِ مساحة ِ الإدراك المحسوس لديه كلما حاول استدعاء الاسم الصحيح.

لاحقا ً يذكر أحدهم الاسم الصحيح أمام فرويد فيتعرَّف ُ عليه في الحال و كأنما كان موجودا ً طوال الوقت لكن لسبب ٍ ما يَرفضُ أن يَخرُجَ (الأصح أن نقول: ترفضُ قوة ٌ ما أن يُخرَجَ) إلى إدراكه المباشر المحسوس.


تفسير فرويد
-----------------

أ‌. الأحداث، الأشخاص و اللغات:
-----------------------------------
عادَ فرويد إلى نفسه لُيحلِّل ما حدث بالتفصيل، فتوصَّل إلى نتيجة ٍ مفادُها أنَّ: التشويش الواقع على استذكار الاسم الصحيح: Signorelli (تُلفظ: سينيـُر يللي) سببُه تعاقبُ أحداث ٍسبقت جميُعها جزئية َ الحديث الخاصة بلوحات الكاتدرائية، أعرضها أمامكم فيما يلي:

- في بداية الحديث كان فرويد يُخبر رفيق العربة عن معلومة ٍ وصلتهُ من طبيب ٍ صديقٍ له، بأن الأتراك الذين يسكنون في البوسنة Bosnia و الهرسك Herzegovina يثقون في الأطباء ثقةً مُطلقة في ذات الوقت الذي يقبلون بتسليم ٍ تام بالقضاء ِ و القدر. و أورد َ فرويد جُملة ً يستخدمها بعض هؤلاء الأتراك حينما يُتوفى لهم مريض ٌ كان يعالجه طبيب، نقلها له ُ صديقُه بنصِّها التالي:

"سيدي Herr (بالألمانية) ماذا أستطيع ُ أن أقول. أنا أعلم أنه لو كان بالإمكان ِ إنقاذُه، لأنقذتَـهُ أنت"
(لاحظ الثقة بالطبيب، و التسليم بالقدر، و حدوث الموت)


- ثم َّ أراد فرويد أن يسترسل َ في عرض ِ صفة ٍ أُخرى للأتراك و هي حُبُّهم للذة الجنسية لدرجة ِ مساواة قيمتها بقيمة ِالحياة نفسِها، فتذكَّر جُملة ً أخرى يستخدمونها للتعبير عن انعدام معنى الحياة حين تنتفي اللذة الجنسية، نقلها لها الصديق بنصِّها التالي:

"و كما تعلُم يا سيدي Herr (بالألمانية)، إذا انتفت (أي اللذة الجنسية) فلا يعود ُ للحياة ِ أيُّ جاذبية (بريق، جمال، دافع)"
(لاحظ انتفاء اللذة الجنسية، و حدوث حالة تشبه الموت).

- لكن َّ فرويد لم يُترجم إرادتَه إلى فعل السَّرد أمام رفيقه، و فضَّل َ ألا يذكر هذه الجزئيَّة الجنسية، لسببين اثنين يذكرهما، و هما:

أولا ً : كون رفيق العربة غريبا ً عنه، و بالتالي تحرَّج َ من التطرُّق إلى موضوع ٍ حسَّاس ٍ كالجنس ِ أمامه.

ثانيا ً : لأن "الموت و ارتباطَه باللذة الجنسية" كموضوع ، يثير ُ أمامه ُ ذكريات ٍ مؤلمة يحاول ُ أن ينساها، عن خبر وصله و هو في بلدة ِ Trafoi (تُلفظ: ترافُوي) عن أحد مرضاه و الذي كان يُعاني من مشكلة جنسية مُستعصية على العلاج، قاد َ الفشل ُ في معالجتها إلى انتحاره.

ب‌. العلاقات العقلية بين الأحداث، الأشخاص و اللغات.
-----------------------------------------------------------
أدّى فحص ُ الأحداث السابقة إلى إدراك فرويد أن علاقات ٍ مُعقَّدة قد نشأت في الشعور و اللاشعور بين: إرادته أن يتذكر الاسم الصحيح، و إرادته أن يتجنب الخوض في مسألة الجنس مع شخص غريب ٍ عنه، و إرادته أن ينسى ألمه الناتج عن موت مريضه المُنتحر (و عن فشله في علاجه بدرجة كبيرة ٍ أيضا ً، فهذا يؤلم ُ كبرياءه ُ كطبيب ٍ نفسي، لا يجب ُ أن ننسى هذا)، و العمليات ِ العقلية ِ الذكية الواعية الخاصة بـ: الاستذكار، و إنشاء الصلات بين المواقف و الكلمات.

توصَّل فرويد بعد الفحص إلى أن دماغه قد أنشأ العلاقات التالية:
- ع1: علاقة بين اسم الفنان الصحيح: Signorelli (تُلفظ: سينيـُر يللي)و بين منطقة الهرسك Herzegovina (حيث كان الأتراك موضع أحد أجزاء الحديث كما بينت ُ في الأعلى) و بين اللفظ المهذب: سيدي Herr (بالألمانية) الذي استخدمه الأتراك في حديثهم مع الطبيب.

منشأ العلاقة هو تطابقان:
1. تطابق معنى المقطع الأول من اسم الفنان (أي مقطع Signor و يعني بالإيطالية: سيدي) مع معنى المقطع الأول من اسم منطقة الهرسك (أي مقطع Her) مع معنى Herr نفسه (أي: سيدي).

2. تطابق لفظ المقطع الأول من اسم منطقة الهرسك (أي مقطع Her) مع لفظ Herr نفسه.


في دماغ فرويد صار اسم الفنان الآن يرتبط ُ بمنطقة الهرسك و بموضوع "الموت و اللذة الجنسية"، على الرغم أن جميع َ هذه لا ترتبطُ منطقيا ً، لكن علينا هنا عزيزي القارئ أن نتنبَّه َ أننا أمام عمليات ٍ عقلية ٍ ذكية بحتة، ناجمة عن طريقة ِ عمل الدماغ البشري كعضو، أي أننا قد نزلنا إلى المستوى التقني (إن جاز التعبير) لعمل الدماغ في تجليه ِ كوعي ٍ ذكيٍّ، نزولا ً يستدعي منا وضع مفاهيم الإدراك و الإرادة و الحُرِّية كما نعرفها جانبا ً كونها لا تنطبق ُ على هذه العمليات، أو لنقل بدقَّة ٍ أكبر أنها تنتمي لأحكامنا البشرية و لا تتعلق بماهيِّـة تلك العمليات أو منشئها الُعضوي، فنحن ُ هنا أمام مثال على عمليات عقلية تستخدمها المفاهيم السابقة كأدوات إنتاج نفسها و كمؤثِّرات ٍ عليها، و ما قبل َ صدور الفعل (في مثالنا) و أثناءه و بعده (في أمثلة أخرى).


- ع2: علاقة بين الاسمين البديلين عن الاسم الصحيح: Botticelli (تُلفظ: بُتيشِ يللي) و Boltraffio (تُلفظ: بُلـ ترافيُـ) و بين منطقة البوسنة Bosnia حيث يقيم الأتراك.

منشأ العلاقة هنا تطابق ُ المقاطع Bo في اللفظ بين جميع ِ الأسماء الثلاثة. لاحظ أن التطابق هنا لا يطالُ المعاني، خلافا ً للعلاقة ع1 حيث ُ وجدنا تطابقا ً في اللفظ بين مقطعين و المعنى بين ثلاثة مقاطع، أدى إلى علاقة تطابق بين الثلاثة.


- ع3: علاقة بين الاسمين: Boltraffio (تُلفظ: بُلـ ترافيُـ) و Trafoi (تُلفظ: ترافُوي).

منشأ العلاقة تطابُق جُزئي في اللفظ بين المقطع الأخير من الاسم: Boltraffio أي traffio (ترافيـُ ) و بين الاسم الكامل لبلدة: Trafoi (ترافوي). في عقل فرويد نشأت العلاقة حتى حينما اختلف نُطق آخر جُزء ٍ من المقطع، لأنَّ التشابه َ في نُطق أغلب المقطع كفى لتحقُّق الإنشاء.



- ع4: علاقة بين بلدة Trafoi و بين اللفظ المهذب: سيدي Herr (بالألمانية) الذي استخدمه الأتراك في حديثهم مع الطبيب.

منشأ العلاقة: اشتراكُ البلدة Trafoi و اللفظ Herr بموضوع ٍ واحد في عقل فرويد هو " الموت و ارتباطَه باللذة الجنسية".


ج. العمليات ُ العقلية المُنتجة لفعل نسيان الاسم الصحيح
-----------------------------------------------------
تصارعت في عقل فرويد إرادات كثيرة، أنتجت في النهاية فعلين هما: 1 نسيان الاسم الصحيح: Signorelli 2 استذكار الاسمين: Botticelli و Boltraffio، كما يلي:

- ر1: إرادة ُ عدم ِ الخوض في موضوع الجنس مع غريب.
-ر2: إرادة ُ نسيان الألم الناتج عن موت مريضه المُنتحر.
أدت هاتان الإرادتان إلى نسيان الإسم Signorelli لأنه ارتبط ارتباطا ً شرحناه في ع1 و ع4 (في الأعلى) بالأتراك في منطقة الهرسك (وبالتالي بموقفهم من الطبيب و الموت و الجنس) و بالكلمة التي استخدموها لمخاطبة الطبيب و بالموت بشكل ٍ مباشر كما ورد خبره لفرويد و هو في بلدة: Trafoi.

لاحظ قارئ العزيز مرة ً أخرى أننا لا نتعاملُ مع المنطق بهيئته المعروفة لدينا، لكن مع منطق ٍ عقلي آخر َ تماما ً يُنشئ الروابط كتجلٍ لُعضو ٍ مادِّي محسوس هو: الدماغ، إننا هُنا أمام عضو ٍ بدائيٍ تطوَّر َ لكنَّه ُ ما زال يحمل في تطوره عناصر َ ارتباط ٍ بدائي بين متشابهات ٍ تُصبح ُ فيما بعد ٍ أسباباً لنتائج، بينما هنَّ في الحقيقة مجرَّدُ متشابهات لا مُتعلِّقات و بالتالي لا ينفعُ منطقيا ً في عالمنا (خارج الدماغ في الواقع المُعاش) أن نعتبرهن َّ أسبابا ً نمضي منهنَّ للنتائج، إنَّما هي إحدى طُرقِ عمل ذلك العضو الدماغي و تجليه العقلي و التي يجب أن تخضع دوما ً للفحص ِكون تصحيحها يأتي من العقل نفسه الذي بعمليات ٍ أُخرى يُدرك صحيح َ الاستدلال ِ من فاسده (نقطة جديرة بالتوقف عندها قارئ الكريم)

- ر3: إرادة الاستمرار في الحديث مع رفيق العربة (تتعارض مع ر1)
- ر4: إرادة تذُّكر اسم الفنان (إرادة قوية لا يتعارض هدفها مع ر1، ر2 و ر3 لكنَّ مسيرة تحقُّقها تتعارض)
أدَّت هاتان الإرادتان إلى حضور اسمين خاطئين Botticelli و Boltraffio بديلا ً عن الاسم الصحيح Signorelli، كون الإرادتين ر1 و ر2 كانتا كمحصلة ٍ أقوى بكثير من ر3 و ر4، إي أن إرادة نسيان الموت و ألمه جاءت أقوى من إرادة استذكار اسم فنان.

كيف حصل ذلك بالضبط؟ رافقني قارئ العزيز و انظر معي!

في اللاشعور، ذلك الوعي الذي لا نُدركُه محسوسا ً، جاءت إرادةُ نسيان ألم الموت كبيرة ً، و ارتبط بها الاسم Signorelli كما شرحنا، فصار بالنتيجة: منسيَّا ً بإرادة،،،

،،، لكن إرادة التذكُّر الشعورية المحسوسة كانت قويِّة ً هي الأخرى، و إن كانت أضعف َ من إرادة نسيان ألم الموت، ففرضت سلوك َ تذكُّر ٍ “ما” على العقل،،،

،،، أما هذا الأخير و بحكم ِ كونِه عضوا ً مُلزما ً بقوانين البيولوجيا، و يعمل على أُسسِها، فكان َ لا بُد َّ له أن يستجيب لوجود الإرادتين، فهذا الوجود هو في النهاية تفاعلات ٌ كيميائية مُتحقِّقة عضوياً داخل الدماغ كعضو و مادة، و عليه أن يُشبعهما بحسب ِ ما تطلبانه:

1- فأشبع الأقوى بأن أعطاها النسيان الذي طلبته: نسيان موضوعات الموت و اللذة الجنسية و الأتراك، و كمُنتج ٍ جانبي نسيان الاسم Signorelli لأنه ارتبط بهم كما شرحنا.

2- و أشبع القويِّة (الأضعف من سابقتها) بأن أعطاها تذكُّرا ً ما، مُرتبطا ً بـ Signorelli لكن دون أن يذكر Signorelli!
لقد استخدم ُ العقل العلاقة ع1 ليربط بين Signor و Her ، ثم العلاقة ع4 ليربط بين Herr و Trafoi ، ثم العلاقة ع3 ليربط بين Trafoi و traffio ، ثم العلاقة ع2 ليستحضر المقطع Bo إلى traffio و بالتالي يحصل َ على Boltraffio و المُرتبطة بدورها بـ: Botticelli لاشتراكهما نفس المقطعBo ، ليعتبرهما البديل المُعادل َ و المُماثل لكلمة: Signorelli، على اعتبار ِ أنه بدأ من Signorelli فوصل َ إلى Botticelli و Boltraffio ، بارتباطات و علاقات ٍ جرت عليها عملياتُه، بحسب قوانينه، و بالتالي تُعتبر ُ بحقيقة التتابُع و التناوب و التدفُّق التقني لعمليات الدماغ: بدائل صحيحة، وبهذا يكون ُ الدماغُ بعقلِه ِ: قد أرضى جميع الإرادات العقلية المُتصارعة بأن أعطى كلَّا ً منها ما تطلبه، و بتصالح الصراعات، لكن مع أفضلية ٍ لإرادة النسيان.

قراءة ما بعد السرد و التفسير
----------------------------
يظهر ُ أمامنا بوضوح ٍ كبير: إدراك فرويد لحقيقة ِ نسيانِه الاسم الصحيح و تذكُّر اسمين بديلين خاطئين، و هذا الإدراك ُ في ذاته ناتج ٌ عن علمه المُسبق و خبرته الحياتية الذين اكتسبهما في حياتِه، و عن عمليات ٍ عقلية ٍ مُختصَّة ٍ بالذاكرة و الإدراك و التميز ِ و الحُكم، عمليات ٍ واعية تؤدي إلى الفهم. و سيقودُنا هذا بالضرورة إلى إدراك أن المعرفة كعمليات عقلية بدورها تلتقي مع الإرادات المُختلفة في الشعور و اللاشعور و تتفاعلُ معها، و أن الفعل الأخير الذي يأتيه الإنسان هو: مُحصِّلة ٌ للعمليات ِ العقلية جميعها و الإرادات المتصارعة كلِّها، التي يعلم عنها الشخص و التي يجهلُها،،،

،،، و هذه الأخيرة: أي الإرادات المجهولة و المُخبَّأة في اللاشعور، تؤثِّر ُ بقوَّة ٍ شديدة على قُدرة الفرد على الاختيار، فها نحن ُ أمام عالم ِ نفس ٍ معروف بل مؤسِّس علم النفس التحليلي، في موقف ٍ يختار ُ بكل ِّ إرادته (المحسوسة) و حرِّيته (المُعلومة ِ لديه) أن يتذكَّر اسماً مُختزنا ً لديه، معروفا ً عندّه، لكنه يأتي بإسمين آخرين، و يتعرَّض ُ لموقف ٍ مُحرج ٍ أمام رفيق العربة التي كانا يستقلانها، فيصير ُ مُجبرا ً على أن ينحا بالحديث منحى ً آخر فُرض عليه، غصبا ً عن إرادته، و عن حُرِّيته.

تُرى لوتوسَّعنا في المواقف لندرُس الإجرام، و سلوك َ المُعتدين، و بحثنا في دواخلهم (على فرض ِ أنهم سيوافقون على تزويدنا بالمعلومات، و أنهم سيستطيعون ذلك –من جهة مقدرة – و بشكل ٍ واضح وضوح َ فرويد)، ألن نرى أيضا ً صراعات ٍ شديدة، منشؤها: التربية، المُجتمع، تطبيقات الثواب و العقاب، المقدرة الجينية الفردية؟

بلى سنجدُ كلَّ ذلك و أكثر، فلدينا اليوم َ علوم ٌ تدرس الأعصاب َ و الدماغ َ و السلوك، و تُجيب ُ على كثير ٍ من هذه الأسئلة.

أردت ُ في هذين المقالين أن أُحفِّز القراء الكرام على البحث أكثر فأكثر في موضوعات: الوعي، الإدراك، المسؤولية، الحُرِّية و الخيارات، فلعلِّي نجحتُ في تسليط ِ ضوء ٍ و لو بسيط يكشف ُ بابا ً يفتُحه قارئ ٌ و قارئة نحو استنارة ٍ مُشبعة، في الطريق نحو الوعي، فهم الوجود و الحياة، و تحقيق ِ الإنسان الأعلى!



---------------------------------
روابط مُتعلقة بالموضوع:

ر1: قراءة في الوجود – 7 – عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 1

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=552139



ر2: تحميل نسخة PDF للترجمة الإنكليزية لكتاب سيجموند فرويد: Psychopathology of Everyday Life

http://www.reasoned.org/-dir-/lit/PEL_freud.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظة للقراء الكرام
نضال الربضي ( 2017 / 3 / 22 - 13:19 )
تحية طيبة لكم و شكرا ً لتفضلكم بالقراءة،

لاحظت ُ أن عملية نشر الموضوع من خلال الموقع أضافت إلى رابط تنزيل كتاب سيجموند فرويد إشارتي - -

الأولى قبل كلمة -dir- و الثانية بعدها و بالتالي تغير الرابط و لن يعمل بشكله المنشور.

أرجو منكم إزالة إشارتي - - و سيعمل الرابط.

مع تحياتي المخلصة.


2 - الاخ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2017 / 3 / 22 - 13:52 )
اسعدني صديقي نضال نشاطكم في سرعة البحث والتنقيب والنشر..

احب التعليق على موضوع الدماغ والوعي ...

الدماغ يمتلك ذاكرة انتقائية وليست ذاكرة فوتوغرافية لذا فان كتابة احداث التاريخ العربي وهو تاريخ شفاهي هو تاريخ انتقائي وايديولوجي بامتياز وهو تاريخ غير حقيقي..
الدماغ يستبعد المناظر والاحداث التي لايرغب الشخص في الاحتفاظ بها ..لذا فاننا لانمتلك ذاكرة حقيقية لتاريخنا القديم . فاذا تم تزوير التاريخ المعاصر فما بالك بالتاريخ القديم ؟

الدماغ يمكن خداعه بصريا مثل العاب الخفة وهو يعمل كعمل الحاسوب مع وجود المشاعر والاحاسيس ونسبة من الخطا لانجدها لدى الحاسوب ..

دماغ الانسان يتطور باستمرار وبسرعة فائقة وسنشهد ولادة الانسان نصف الرقمي والمعدل وراثيا ..

يسعدني التواصل معكم اخي نضال والى لقاء قريب ....


3 - العزيز وليد يوسف عطو
نضال الربضي ( 2017 / 3 / 22 - 14:15 )
تحية طيبة لك أخي العزيز وليد و أهلا ً بك على صفحتك،

التطور الرئيسي على دماغ الإنسان (و أسلافه من جنس: Homo) حدث تقريبا ً قبل مليون و 800 ألف عام، على النوع Homo Habilis حيث نما الدماغ إلى ما يعادل 600 سنتيمتر مكعب (من 400 لأسلاف أسبق).

قبل 500 ألف عام كان الدماغ قد وصل إلى ما يقارب أو يزيد عن 1000 سنتيمتر مكعب، بينما يبلغ اليوم 1400 أو يزيد قليلاً.

نمو الحجم أدى إلى ازدياد التعقيد و بالتالي إلى توسُّع الإمكانيات العقلية، فاستطعنا خلال القرن العشرين أن نبني المركبات الفضائية و نخرج لاستكشاف الفضاء.

النمو العقلي الحالي بطئ، و أعتقد أن أمامنا سنوات طويلة قبل أن نشهد تطورا ً كبيرا ً للعقل البشري، إلا إذا كما تفضلت، تم تعديله جينيا ً!

أرحب بكم دوما ً!


4 - هى مداخلة للترحيب بعودتك للكتابة ولقرائك
سامى لبيب ( 2017 / 3 / 22 - 17:33 )
تحياتى حبيبنا نضال الربضى
بالطبع المقال رائع ولا يتحمل الإضافة ليكون حضورى لتحيتك بعد غياب عن الحوار والكتابة فأهلا بك بكتاباتك وبإستكمال هذه السلسة الرائعة من( قراءة في الوجود ) وهنيئا لقرائك بك.


5 - الأخ العزيز سامي لبيب
نضال الربضي ( 2017 / 3 / 22 - 18:01 )
أجمل التحيات لمفكرنا الكبير و الباحث الصادق عن الحقيقة، القريب إلى قلبي سامي لبيب،

شرفتني بحضورك فلك موصول الشكر و الامتنان أيها الطيب!

لا يمكن للكاتب أن يُعطي إذا لم يتلقى إلهامه، إن مات دافعُه، و غابت جذوة ُ التوقُّد الداخلية، و بهذا يغيب صادقا ً،،،

،،، فإن تلقى الإلهام لا خيار له إلا أن يعود للكتابة أيضا ً صادقا ً لأن النكوص عن ذلك خيانة.

كلما وجدت ُ في نفسي ذلك الإلهام، و حضرت المادة المفيدة ستجدني يا صديقي الجميل.

أتابع ُ صفحتك باستمرار فهي مصدر ُ قوَّة ٍ و تذكير مستمر. و سأحضر فيها إذا أحسست أنني يمكن ُ أن أضيف جديدا ً.

مع احترامي الموصول و مودتي الدائمة!


6 - عزيزي نضال الغالي
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 3 / 22 - 20:17 )
تحياتي الحارة
وهذا لطف كبير منك ان تدبج اسمي في مقالتك .
سر قدما على هذا المنوال فقد تشجعني للكتابة والتعليق المطول على مقالاتك الرصينة ..
ليلة سعيدة


7 - الأخ العزيز قاسم حسن محاجنة
نضال الربضي ( 2017 / 3 / 23 - 06:54 )
صباح الورد و الياسمين أيها الطيب!

على الإنسان أن يبحث دوما ً عن الأفضل، و يسعى للمشورة، و يسأل المُختصِّين، و يعترف للعالِمين بالفضل، و يكون له رأي ٌ و موقف، و إني أجدك َ دوما ً على قدر ثِقَل ِ المشورة سائرا ً بحكمة ٍ نادرة تتجلى في اختيارك لمقالاتك و طبيعة تعابيرك لإيصال ما تريد ُ قوله.

أثق أنك ستقدم في مجال المعالجة النفسية ما هو جديد ٌ و نافع حين تتلقى إلهامك و تنضج في داخلك الدوافع و المضامين، فحتى ذلك الوقت، دم عزيزا ً عندي مُفيدا للجميع كعهدنا بك!

تشرفني بحضورك دوما ً!

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا