الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لطيفة عبد ولي .. حقيقة ظلم مازال حاضرا

صادق المولائي

2017 / 3 / 26
حقوق الانسان


على مر العصور كان الظلم حاضرا بشتى الصور السوداء التي مازالت اكثرها عالقة في ذاكرة الزمن، احرص ان اضيف اليها حكاية (لطيفة عبد ولي) من الكرد الفيليين لتبقى صورة شاخصة في ذاكرة التاريخ تجسد مدى الظلم الذي تعرض اليه شعبنا الفيلي.

بصراحة قد لا يساعدني قلمي من وصف حجم الكارثة التي تسبب بها زمرة النظام العفلقي الصدامي العنصري بحق عائلة المرحوم (عبد ولي حاجي) التي تتكون من ( زوجته وابناءه كل من نجم وعادل وماجد وكامل واديب وبناته كل من لطيفة واديبة وكلزار).


كانت عائلة بسيطة كبقية العوائل العراقية التي لا تطمح بشيء في هذه الحياة اكثر من الأمن والامان ومصدر رزق دائم لتدبير الأمور المعيشية. رب العائلة المرحوم (عبد ولي حاجي) كانت له الاحلام والأمنيات الطبيعية لابنائه، كان يأمل لهم النجاح في الدراسة ونيل الشهادات والوظائف المرموقة، وان يمن الله عليه بالعمر المديد ليرى بعينه وهم يحققون النجاحات ويتزوجون ويكون لهم ذرية في عيشة ميسورة كل في منزله.


انا على يقين لم تتعدى احلامه اكثر من ذلك، الا ان يد الغدر كان له بالمرصاد ليدمر تلك العائلة تدميرا كاملا قل مثيله، استشهد ولده ( نجم ) ذلك الشاب الذي كان في غاية الوسامة والذي كنت اراه غالبا اثناء ذهابه الى الكلية والى العمل حتى اكمل الكلية وتخرج، الا ان قدره ساق به الى جبهات القتال في بدايات الحرب العراقية الايرانية ليستشهد في احدى المعارك.


اثرت حادثة استشهاد (نجم) على الأب كثيرا وأمس حزينا جدا، فقرر عدم ارسال احدا من اولاده الى العسكرية وحرص على ان يبقوا داخل البيت ليبعدهم عن الانظار دون ان يعلم احدا بهم.


وخلال تلك الفترة حصلت ابنته (لطيفة) على وظيفة في مستشفى ابن البلدي للاطفال في منطقة الكَيارة قرب ساحة (83)، وهناك سألها احد المضمدين عن اخوتها وسبب اختفائهم، ولطيبة (لطيفة) وعدم تقديرها للامور بالشكل اللازم، اجابت انهم في البيت ولا يخرجون، لاننا نخشى عليهم ان يقتلوا في الجبهة كما قتل اخي (نجم).


وما ان سمع منها ذلك المضمد هذا الجواب حتى اسرع لكتابة التقرير المفصل عن تلك الحالة واخبر الحزب عنهم، وتم مداهمة البيت على أثر ذلك التقرير والقي القبض على شقيقها (عادل) وتم اعدامه رميا بالرصاص في ساحة مظفر امام الملأ، وتم مطالبة الأب (عبد ولي) بقيمة الطلقات التي تم قتل ولده بها.


اصيب الأب بفاجعة كبيرة افقدته صوابه حتى بات كالمجنون هائما غير داريا بما يفعله او يقوم به حتى ألقى بنفسه ذات مرة في نهر دجلة، أملا ان يحمل الموت له النجاة من تلك المصائب وغدر ازلام النظام المقبور، الا ان الموت قد تخلى عنه وتركه يموت موتا بطيئا في حسرة على اولاده وعائلته حتى وافاه الأجل بعد وفاة زوجته.


قرر المتبقون من عائلة (عبد ولي) بيع مساحة من دارهم الكائن في حي جميلة، وما ان قاموا بالبيع واستلام المبلغ حتى هاجمتهم عصابة مسلحة في الليلة نفسها وقامت بسرقة المبلغ كله ولم تبقي منه فلسا واحدا. وبذلك ذهبت تلك الفرصة التي كانوا يأملون من خلالها تحسين امورهم المعيشية، والنجاة من الفقر المدقع الذي كان مرافقا لهم.


توفى بعد ذلك شقيقها (ماجد) ومن ثم شقيقتها (أديبة) ومن ثم شقيقها (أديب) أثر امراض مختلفة، لم يبقى من عائلتها سوى شقيقها كامل الذي مازال على قيد الحياة وشقيقتها المريضة (كَلزار) التي هي حاليا في ايران.


كيف يمكن للاخت (لطيفة) ان تتحمل كل تلك المصائب التي جرت، وبأي رؤية يمكن لها ان تواصل حياتها الطبيعة، رغم انها كانت مميزة وتجيد اللغة الانكليزية وتتحدث به باستمرار.


ربما كان للقدر يد في تلك الاحداث الا ان السبب الرئيس لدمار تلك العائلة هو ظلم النظام المقبور الذي زج البلاد في أتون حروب لا معنى لها، تحمل العراقيون خسائرها الفادحة، ومازال البلاد يعاني من تلك السياسات الرعناء.


الأخت (لطيفة) اختفت لسنوات لا احد يعلم بمصيرها، الا ان الحقيقة هي هربت من الحياة ومصائبها الى المجهول بحثا عن الخلاص في متاهات الحياة نفسها تفترش الارصفة وتنام بين المزابل وتقتاد على الصدقات والنفايات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت


.. حاكم ولاية تكساس يبدل رأيه في حرية التعبير في الجامعات: المت




.. الأخبار في دقيقتين | مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش غزو رفح ومف