الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنفتاح المشبوه والاجماع المخدوم . انفتاح على الصدفيات واجماع ضد الشعب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الانفتاح المشبوه والإجماع المخدوم
انفتاح على الصدفيات وإجماع ضد الشعب
ظل الشارع السياسي منذ العشرية الأولى من الألفية الثالثة ، يطرح سؤالا في غاية الدقة ، ويتعلق فيما إذا كان هناك انفتاح سياسي من النظام ، على مختلف الفاعلين السياسيين ، والمهتمين بالشأن العام ، أم آن الأمر يتعلق بمجرد خدعة مقصودة ، قصد تغليف ، وتلفيف الجميع ضمن بوثقة النظام ، ومن ثم إفراغ أية معارضة شريفة ، من شعاراتها الجماهيرية ، وتحويلها مع مرور الزمن ، الى لفيف تابع للنظام لا خارجه . وبخلاف النظام الذي درج عبر مختلف أجهزته الإيديولوجية ، من سمعية وبصرية ، ومن خلال مختلف الجرائد الورقية والالكترونية ، الترويج لمثل هذا الانفتاح المشبوه والمزعوم ، فان الفاعلين الحقيقيين المرتبطين بالجماهير وبالشعب الكادح ، سرعان ما اكتشفوا زيف الخدعة ، وسرعان ما فهموا ان ما يسمى بالانفتاح ، لا يعدو ان يكون غير تذويب للمجتمع ضمن بوثقة النظام ، ومن ثم القضاء على أية معارضة شريفة تجسد الاختلاف السياسي الأساسي ، مع القوالب الجامدة للنظام الفيودالي ، والمتعارض كليا مع الديمقراطية .
وكمثقفين ، وكتاب ، وفاعلين سياسيين ، ومهتمين بالشأن العام لبلدنا ، سنحاول مناقشة إشكالية الانفتاح بمفهوم النظام الملكي ، من خلال مناقشة ثلاثة محاور أساسية هي : مشروعية الحكم ، و تجديد التحالف ألمصلحي حول الحاكم بأمر الله ، و العمل على تقنين كل ذلك بأساليب القمع البوليسي والسياسي ، والإيديولوجي .
لكن قبل هذا ، لا بد من إثارة العديد من الملاحظات الدالة ، على حقيقة الوضع كما هو ، لا كما يحلو للنظام تقديمه .
1 ) ان ما يسمى بالانفتاح السياسي المفترى عليه ، لم يكن في الحقيقة سوى انفتاح للنخبة الهجينة والخائنة ، على نفسها وعلى بعضها البعض ، والذين باعوا ماضيهم لجلادهم بحفنة دراهم وسخة ، سرعان ما قذفت بهم إلى هامش الجماهير ، لا إلى قلبها وهمومها . كما انه انفتاح للقيادات الانتهازية داخل الأحزاب السياسية الملكية ، على المصالح الشخصية الضيقة ، لا على البرامج والمشاريع التي تجعلها متعارضة البتة ، مع خطط ومناهج النظام ، المعادية للطبقات الشعبية . وبما ان الهدف من الانفتاح المشبوه ، هو خلق تصور لإجماع مصطنع و أكثر من مشبوه ، فان هؤلاء لم يكونوا يمثلون داخل الإجماع المشبوه ، إلاّ أنفسهم ، ومصالحهم الفئوية الضيقة . ان ما يسمى بالانفتاح والإجماع ، كانا بالضرورة انتقائيان ، لا يتوجهان إلاّ لمن استعد للعمل في دائرة التزكية اللاّمشروطة ، لاستراتيجيه النظام ، وخططهم الجهنمية ، مقابل الانفتاح ألمصلحي الضيق ، والحال ان هذا الانفتاح ، وهذا الإجماع المخدوم والصوري ، لم يكن ليعود بأية فائدة ملموسة ، لصالح الجماهير المسحوقة ، لا على المستوى الاقتصادي ، ولا الاجتماعي ، ولا السياسي .
2 ) ان الغرض من الترويج للانفتاح المشبوه والمخدوم ، هو خلق صورة نمطية مضللة لما ينطبق به الواقع ، وهو إقناع المانحين الدوليين الأوربيين والأمريكيين ، بان هناك إجماع وطني حول العرش ، يتجسد في الاستقرار الذي تفتقده كل الدول العربية ، وهو ما يشكل حافزا لتشجيع المانحين في الزيادة في منحهم ، وتشجيعهم على الاستثمار العائد عليهم وحدهم بالربح ، ومن ثم فأي معادلة تنطوي على إفراغ هذه الصورة عن غرضها ، يبقى عملا منافيا للأغلبية الممثلة للشعب ، والحال ان ما يسمى بالانفتاح الصانع للإجماع ، هو انفتاح النظام على كراكيزه وموميائه ، التي لا حل لها غير الاقتيات من فتاة مائدته . ان الإجماع المصطنع الذي خلقه في المخيلة هذا الانفتاح المشبوه ، هو إجماع أشخاص دمية بيد النظام ، يترأسون ك ( زعماء ) أحزاب ، صدفيات تحتوي على عناوين ، وبمسميات شتى من ( الاشتراكي ) إلى ( الشيوعي ) إلى ( الاسلاموي ) ، أضحت عبارة عن علامات تجارية يستعملها ( الزعيم ) ، لتحقيق أرباح ومنافع شخصية ، باسم الدفاع عن مواطنة ملفوفة ، في قميص عبد لن يزيغ عمّا يأمره به سيده .
ان ما يسمى بانفتاح النظام على موميائه وذمياته ، وهو ليس بانفتاح ، بقدر ما هو تهجين للتوظيف حالا ومستقبلا ، في خدمة مخططات لا علاقة لها بشعارات الشعب والجماهير ، وان ما يسمى بالإجماع الوطني المخدوم بسبب هذا الانفتاح المشبوه ، لا يعدو ان يكون غير إجماع ضد الشعب الذي قاطع انتخابات الملك بنسبة تراوحت بين 75 و 77 في المائة ، واجماعا على تحنيط الواقع بما يركز للجمود ، واستمرار الأوضاع اللاّعقلانية . وما مسرحية الأغلبية والأقلية ، الحكم والمعارضة ، وأكذوبة ما يسمى ( بالبلوكاج ) التي حمّلوه لبن كيران ، في حين انه كان ( بلوكاجا ) ضد بنكيران من قبل دولة البوليس داخل دولة ( المؤسسات ) ، وما الإتيان بسعد الدين العثماني الضعيف الشخصية المسالم والمهادن ، والشروع باسم التكليف الملكي ، في ربط الاتصالات مع مختلف ( زعماء ) الصدفيات الفارغة لتشكيل حكومة الملك المشكلة سلفا ، إلاّ تعبير كاشف ، على الانفتاح المؤدي الى الإجماع ، هو انفتاح الموميئات والذميات ، والإجماع الذي أدى له الانفتاح ، هو إجماع ضد الشعب .
3 ) يلاحظ ان ما يسمى بالإجماع بين الصدف الفارغة ، حول النظام الذي هو وليُّ نعمتها ، تُأتمر بأوامره ، وتسير على خطاه ومناهجه ، يجري فوق أرضية اقتصادية واجتماعية متفجرة . إنها أزمة خانقة قذفت بملايين المغاربة الى أوضاع التهميش ، والتشريد ، والنفي داخل بلادهم ، وجعلت قوتهم اليومي قاب قوسين او أدنى من الإتلاف ، في حين زادت ثروة الملك ، وعائلته ، والحاشية المرتبطة به نفاقا ، والتي خلقت دولة بوليسية عدوانية ، داخل الدولة الواضحة للعوام .
4 ) رغم وجود دولتين ، دولة بوليسية ، او ما كان يطلق عليه بالحزب السري ، ودولة ظاهرة للعلن ، فقد فشلت خطط النظام في إخفاء وجهه البوليسي العدواني ، أمام الأغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية ، وأمام الدول الأوربية وأمريكا ، التي غابت عن حضور كرنفلاته حول حقوق الإنسان بمراكش ، وغابت عن حضور مؤتمراته كمؤتمر ( كريس مونتانا ) بالداخلة .
فإذا كانت الدولة البوليسية تحاول الظهور بمظهر المحافظ والمحترم لحقوق الإنسان ، فان لجوئها الى الخطط الخسيسة والدنيئة ، للإيقاع بأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، بمحاضر بوليسية مزورة ومطبوخة ، لرميهم في سجون الملك المختلفة ، للتخلص من مشاغبتهم وإزعاجهم بعض الوقت ، انتقاما منهم لمواقف سياسية وقفوها ، او عبروا عنها ، او كتابات سياسية نشروها ضد النظام الاستبدادي اللاّديمقراطي ، لهو تعبير دال على أنّ آلة القمع التي بناها الحسن الثاني ، لا تزال تواصل بنفس الطاقة الجهنمية ، مع تبديل الميكانيزمات والأدوات ، حتى لا تعتبر محاكمات المناضلين ، محاكمات سياسية ، ولا يعتبر السجن سياسيا ، وهناك أعداد كثيرة من الشرفاء وأحرار الشعب المغربي من طلاب ، وناشطين سياسيين ، يقبعون داخل سجون الملك بملفات مطبوخة ومزورة .
والغريب حين تلفق التهم للمواطنين بمقالب بوليسية مفضوحة ، واشد الخطورة ، حين يتبنى ( وكيل الملك ) ، تلك المحاضر ويدافع عنها ، سواء أثناء مرحلة الاستنطاق ، او عند المرافعة . لقد تعرّضْتٌ لاعتداء من قبل البوليس في العشرين من أكتوبر الفائت ، وقدموني بمحضر مزور مطبوخ ، وتبناه ( وكيل الملك ) ، و رغم إدراكه ان الملف مطبوخ ، دافع عنه في المرحلة الابتدائية ، وفي المرحلة الاستئناف . لقد كان من السهولة بمكان الوصول الى المجرمين الواقفين وراء الاعتداء علي ّ ، لو تمت مراجعة كل المكالمات الهاتفية التي جرت ، ابتداء من الساعة الخامسة مساء من يوم الخميس 20 أكتوبر ، والى الساعة العاشرة صباحا من يوم الاثنين 24 أكتوبر ، بين ما يسمى بفرقة الضابطة القضائية ، وبالأخص مراجعة هاتف عميد الشرطة الممتاز بمدينة ( تيفلت ) ، وبين المديرية العامة للأمن الوطني ، وبين هؤلاء وبين ( وكيل الملك ) بالمحكمة الابتدائية . لقد دعوت قاضي الاستئناف القيام بهذه المراجعة فرفض ، ووجهت دعوة الى المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات السيد ياسين المنصوري كجهاز من المفروض ان يكون محايدا ، وللأسف لم يتحرك ، خوفا مِنْ مَنْ يقف وراء المحضر المطبوخ ( فؤاد الهمة ) الذي كان وراء إبعاد رشدي الشرايبي كمدير عام للديوان الملكي من منصبه ، وكان وراء كل المشاكل التي تعرض لها حسن أوريد ، وتعرض لها العديد من المواطنين . كذلك ناشدت الفرقة القضائية للدرك الملكي كجهاز من المفروض ان يكون محايدا ، لكن للأسف سارت على نفس منوال الإدارة العامة للدراسات والمستندات ، ربما لتجنيب إغضاب صديق الملك الحميم ومستشاره ( فؤاد الهمة ومن معه ) .
لقد أدخلوني الى السجن ظلما ، وكانتقام سياسي من كتابات سياسية ، دأبت على نشرها بالموقع العربي الالكتروني " الحوار المتمدن " ، وبحائطي الفيسبوكي ، بل إن المجرمين لم يكفيهم إدخالي السجن ، فشرعوا في تحريض المجرمين في السجن ضدي وللاعتداء علي ّ . والمجرمون كلهم من مدينة ( تيفلت ) ، وهي المدينة التي تعرضت فيها للاعتداء البوليسي بمحضر مزور ومطبوخ . لقد قضيت بالسجن أربعة أشهر ، وعندما غادرته ، وجدت نفسي احمل أمراضا خطيرة ومزمنة بسبب ظروف السجن ، منها روماتيزم المفاصل الحاد ، حيث الألم في كل وقت ، ومنها مرض السكري ، وأمراض أخرى مثل مرض الأعين ، قلة النظر ، مرض البروستات ، الضغط الدموي ، ومرض القلب . ان من يقف وراء هذه الجريمة التي تعرضت لها ، هم المدعو عبداللطيف الحموشي ، والمدعو الشرقي ضريس ، والمدعو نورالدين بن ابراهيم ، والمدعو فؤاد الهمة . كما ان الملك يعتبر مسئولا ، لأنه لم يجب ولم يستجيب للتظلمات التي كُنّا نوجهها له كل ما اشتد الاعتداء علينا من طرف هؤلاء . بل لأسباب معروفة ، انحاز إلى هؤلاء المجرمين على حساب المظلومين ، وبما انه هو رئيسهم القانوني والدستوري ، فليتحمل نتائج جرائمهم ، جنائيا ، ومدنيا وقانونيا . كما انه من خلال وكيله بالمحكمة ( وكيل الملك ) ، تبنى محضرا مخدوما ، ودافع عنه وزكاّه ،عندما صدر الحكم باسمه ابتدائيا واستئنافا . وحتى يعرف الرأي العام الحقوقي الشريف ، وأحرار وشرفاء الشعب المغربي من هم هؤلاء ( الهمة ، ضريس ، الحموشي ، بن ابراهيم ) سأعالجهم بالتفصيل في بحث قادم ، حتى تظهر خطورة الأعمال التي يقومون بها ضد المعارضين ، من اعتداءات ، وطبخ للمحاضر البوليسية المزورة والمطبوخة ، وعنوان البحث سيكون " إنّي اتهم هؤلاء " في ضيافة سجن ملك . وبما أنني لن اسكت أبدا عمّا لحقني من ظلم واعتداء من قبل هؤلاء ، فاني والله سأقاضيهم جميعا ، ومن حقي مقاضاتهم أمام القضاء الدولي .
5 ) لكن في المقابل ، وبالرغم من هذا الانفتاح المشبوه الذي خلق إجماعا مخدوما ، والمسئول عن الأوضاع الخطير الذي انتهت إليها القضية الوطنية ، فان المد النضالي للشعب المغربي لم يتوقف عن التطور والتصعيد والتصاعد ، رغم القمع ، ورغم الخيانة والتواطؤ ، بل ان هذا المد تمكن من فرض نفسه في الساحة بانطلاق حركة 20 فبراير ، كما فرض نفسه على المستوى النقابي العمالي ، بظهور تيارات تصحيحية ، ومنددة بالتآمر بين ، النظام والباترونة ضد العمال والمستخدمين ، أثاء مجابهة جريمة إصلاح صناديق التقاعد ، او حذف صندوق المقاصة ، او ضرب مكتسبات الموظفين ، بضرب قانون الوظيفة العمومية ، بإلغاء التوظيف لصالح الارتباط بالإدارة بالتعاقد ، والطلابي من خلال مختلف الحركات الاحتجاجية التي تقوم بها الحركة الطلابية المغربية ، في مختلف المواقع الجامعية الصامدة ، ضمن منظمتها العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب .
اما على المستوى السياسي فقد تجسد المد النضالي للشعب المغربي وللجماهير المغربية رغم الخيانة والتواطؤ ، في بلورة الوعي السياسي الجذري بين مختلف الطبقات التي تكون المجتمع المغربي ، وفي توسيع رقعة النشاط الثقافي والسياسي والحقوقي والجمعوي الجاد ، وفي تطوير أساليبه وتعابيره المختلفة ، مما أدى إلى توسيع قاعدة المعارضة الجماهيرية الراديكالية ، بشقيها العلماني والإسلامي ، مما يبشر بإمكانية بناء الجبهة الوطنية التقدمية والديمقراطية ، او الكتلة التاريخية الثورية ، بين مختلف المكونات السياسية والإيديولوجية التي تنشد الدولة الديمقراطية .
كما لا ننسى هنا اليقظة الشعبية ، والوعي السياسي المتقدم ، الذي أضحى عليه الشعب المغربي ، حين قاطع انتخابات الملك بنسبة تراوحت بين 75 و 77 في المائة . ان هذه المقاطعة القوية لم تكن مقاطعة إجراءات تقنوية للعملية الانتخابية ، بل كانت مقاطعة لنظام استبدادي وعدواني ، بنى كل ترسانته القانونية على القمع والزجر .
وإذا كان النظام قد تمكن من اللعب على الوقت ، بفضل مقلب الانفتاح السياسي المشبوه ، وبفضل الإجماع المخدوم ، بحيث رغم استنفاده كل أوراق لعبه ، لا يزال يظهر بمظهر المتحكم في زمام الأمور ، فان ما جسدته الجماهير الشعبية ، والشعب المغربي من تضحيات ، منذ حركة 20 فبراير التي اعتبرت مفصلا غيّر الكثير من المعطيات المغلوطة التي ترسّختْ في الذاكرة الجمعية ، مثل الخوف ، والارتداد ، والانتظارية المقيتة ، والتطورات اللاحقة بها ، مثل تحرك الجماهير بالريف ، وبالأخص بالحسيمة ، وبمختلف المدن المغربية ، والنضالات القطاعية للفئات ، المتضررة من القرارات الظالمة ، مثل قرارات صناديق التقاعد ، والمقاصة ، والتراجع عن مكتسبات الوظيفة العمومية ، بل وضربها بتعويض التوظيف ، بالارتباط مع الإدارة بمقتضى عقد ادعاني ، يجعل الموظف دائما تحت رحمة الرؤساء ، مما يقتل كل دينامكية في الخلق والإبداع ، والتطوير والتطور ، وقتل المدرسة العمومية ، وفشل السياسة الصحية والاجتماعية ... الخ ، كل هذا يبشر بحركية الشعب وقواه الحية المناضلة على مختلف الواجهات ، وبمختلف الساحات والمواقع التي تشهد الاحتكاكات اليومية مع التحالف الطبقي المفترس .
ان عنوان المرحلة الحالية ، كما كان عنوان المراحل السابقة عبر التاريخ ، هو واحد لا يخرج عن الاستبداد المطلق للحاكم بأمر الله . هكذا نجد :
ا --- استيلاء الملك وبواسطة محيطه على كافة ( السلط ) الأسلاك بالدولة من تنفيذية ، وتشريعية ، وقضائية . أما الرعايا ، فدورهم ينحصر فقط أثناء رمي ورقة الانتخاب في صناديق الاقتراع .
ب --- تدجين كل الأحزاب والنقابات في بوثقة النظام ، حيث تتوزع بين أحزاب تُكون حكومة جلالة الملك ، وأحزاب تكون معارضة جلالته . ويستوي هنا كل الأحزاب التي رخصت لها وزارة الداخلية بالنشاط السياسي ، بعد وضع ملفاتها لدا دوائر العمالات والولايات . ويدخل في هذه الشريحة ، الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة ، وحتى النهج الديمقراطي رغم مداومته على مقاطعة المسلسلات الانتخابية للنظام . ومن هنا فان النظام يرفض الترخيص لأي تنظيم لا يقبل الاعتراف بمقدسات النظام " الله الوطن الملك " ، او يرفض الاعتراف له بالبيعة ، ويشكك في مشروعيته الدينية التي أساسها أمارة المؤمنين .
ج --- فرض مبدأ قدسية الحكم التي لا يجوز معارضة ( سياسته ) او الاقتراب منها . ا ن اي عمل سياسي في المفهوم القروسطوي للنظام ، يجب ان يمر وفقا ل ( قانون ) أعراف إقطاعية الحق اللاهي ، بالركوع للقيم ( السياسية ) الإقطاعية القورسطوية السائدة منذ 350 سنة خلت ، والتي يستمد منها اي عمل سياسي مشروعيته ، من مشروعية النظام الاثوقراطي وليس العكس . وما يزكي هذا التحليل ، هو ان رئيس الدولة في النظام السياسي العلوي ، هو أمير للمؤمنين ، وخليفة الله في الأرض ، يستمد سلطاته من القرآن ، ومن كونه سبطا للنبي رغم ان هذا لم يخلف بعد موته ولد ذكر . وهنا فان اي خروج عن طاعة الأمير هو خروج عن نظام الإمامة ، وعن الشرعية الدينية ، وعن إجماع الآمة ، وليس الشعب ، اي اعتبار اي معارض لهذا الترتيب الماضوي ، خارجا عن الملة والدين .
ان الأمير في هذا النظام الثيوقراطي المزيف ، هو امتداد لما صرح به الخليفة العباسي الذي أطاح بالحكم الاثوقراطي الجبري الأموي ، وبعد ان تمسك بالسلطة الدينية الكهنوتية ، خاطب الرعايا قائلا : " أيها الناس لقد أصبحنا لكم قادة ، وعنكم ذاذة ، نحكمكم بحق الله الذي والانا ، وسلطانه الذي أعطانا .. وإنما أنا سلطان الله في أرضه ، وحارسه على ماله ، جعلني عليه قفلا ، ان شاء يفتحني لإعطائكم ، وان شاء ان يقفلني " . أما عثمان فهو اعتبر الخلافة النظام الاثوقراطي " قميصا البسه الله إياه " ولم يعتبرها عبئا ومسؤولية . أما معاوية فقد صرح قائلا " أيها الناس ما أنا بخيركم ، وان منكم لمن هو خير مني ، عبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عمرو وغيرهم من الأفاضل ، ولكن عسى ان اكون نفعكم ولاية ، وألقاكم في عدوكم ، وأدركم حلبا " .
ان هذا التراث الماضوي الرجعي ، هو جوهر النظام المطلق الذي يجعل منه نظاما عدوانيا ومفترسا ، وامتدادا فزيولوجيا وذهنيا لما ساد الأمم السابقة من علاقات العبودية والإذلال والقهر والبطش والظلم . ان النظام حين يركز على السلطة الدينية لتبرير القداسة والحجب من اية مسائلة ، فذلك لإيجاد مسوغة تراثية كهنوتية حتى يجد التبرير الكافي ل ( مشروعية ) الاستفراد بالحكم من اجل الحكم ، والاستفراد بالثروة والعملة الصعبة ، وبالضيعات والقصور ، والحسابات البنكية المختلفة في داخل الوطن وفي خارجه .
هكذا سنجد ان النظام لم يترك فرصة من الفرص المواتية لمخططاته والخادمة لبرامجه ، إلاّ واستغلها أحسن استغلال . فهو لم يترك فرصة فراغ الساحة تمر دون ان يخلق انفتاحا مشبوها على صدفيات سياسية ونقابية تعيش منه واليه ، لإفراغ الديمقراطية من مدلولها الحقيقي ، وتمييعها بجعلها لعبة تنافس سياسي يتصدر دفتها الملك من موقع الحُكْمِ الْبَتْرِيرْكِي ( الابوي ) الذي تتهافت عليه كل الصدف ( كُوكِيياجْ ) للتظلم والتباكي على أعتابه ( الشريفة ) ، حتى تستفيد من خيراته ، واستمداد ( المشروعية ) منه لا من الشعب .
إذن من خلال تحليل المعطيات السياسية والإيديولوجية التي رافقت تشكيل النظام الاثوقراطي ، يمكننا ان نطرح السؤال عن الجذور التي يستمد منها النظام بقائه كنظام فريد من نوعه في العالم ، اي هل النظام يسود كبنية سياسية بفضل الانفتاح المشبوه على الصدفيات ، مما يعني ان هذه هي مصدر قوته ، ام ان هناك أدرع إيديولوجية هي التي يرجع لها فضل استمرار النظام ضمن معادلة الجمع بين الخصوصي والعمومي ، بين الأصالة وبين المعاصرة .
بالرجوع الى تحليل أصل النظام ، سنجد انه يحكم من خلال ثلاث وظائف أساسية هي : مشروعية الحكم ، والتحالف الحاكم ، وتقنين أساليب القمع السياسي والإيديولوجي .
ا ) المشروعية : هنا نجد النظام من جهة يركز على الخصوصية الفريدة التي يتميز بها ، وهي ربط الرعية بالنظام ، وبالضبط بشخص الملك ، كأمير او إمام يلعب دور الخليفة في الأرض ، وليس بالمؤسسات المفروض فيها ان تكون موازية ، مثل الأحزاب التي تكتفي دستوريا بتربية الرعايا المحتاجين الى تربية مخزنية . وهنا سنجد أصل القوة التي تجعل النظام فوق كل المؤسسات ، وبما فيها الدستور ، هي عقد البيعة التي تقام مرتين في السنة . مرة أثناء مراسيم الجلوس على كرسي الحكم ( عيد العرش ) ، ومرة في كل جمعة ثانية من كل شهر أكتوبر ، عند افتتاح رئيس الدولة الدورة التشريعية الأولى كأمير للمؤمنين وليس بصفته ملكا ، حيث يلقي خطابه المعهود ، ويكتفي موظفو الملك ( البرلمانيين ) بالإنصات والتصفيق ، وترديد " الله أيبارك في أعمر سيدي " .
إضافة الى هذه الأرضية الغريبة التي تتم باسم الدين ، سنجد ان الاستفتاءات الدستورية التي عرفها المغرب ، قد استهدفت إضفاء المشروعية الشعبية على طبيعة الحكم المطلق والمستبد ، لكن الانتخابات التي كانت تجري في مناسبات مُتحكّم فيها ، تعدت المشروعية الشعبية ، نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي بترتيبه الجديد ، اي بتكامل الصفة العشائرية الكهنوتية للنظام ، مع واجهة ليبرالية شكلية مركبة من برلمان ، وحكومة ، ومجالس ، وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها . وهكذا ، فبعد ان تمكن النظام من فك عزلته الداخلية نسبيا بتنظيم انتخابات ، وتشكيل حكومة بصيغة جديدة برئاسة العثماني ، زادت عزلته الدولية بسبب الوضع في الصحراء ، وبسبب ملف حقوق الإنسان الذي أخد أبعادا خطيرة ، حيث يتم تقديم المناضلين بملفات ومحاضر ، مزورة ومطبوخة بأسلوب بوليسي رديء . ان هذا التكامل بين عقد البيعة ، والدستور الممنوح ، الذي يمنح للنظام بعض النفوذ والقوة ، أضحى اليوم مهددا ، إذا خسر النظام معركة الصحراء ، وإذا كانت النتيجة لا قدر الله الانفصال . ان هذا التهديد لأصل النظام ، ليس منبعه فقط الجو المتوتر داخليا ، بل يرجع وبدرجة كبيرة ، الى الموقف الجديد للدول الغربية من النظام برمته ، فهي لم تعد تعيره أية أهمية كما كان عليه الحال إبّان الحرب الباردة . فرغم ان العواصم الغربية تدرك جيدا ، ان ذهاب الصحراء عن المغرب ، يعني السقوط الحتمي للنظام في ظرف اقل من 24 ساعة ، فهي مع ذلك تتمسك بحل الاستفتاء وتقرير المصير المؤدي الى الانفصال . ولو كان للنظام ولرأسه من مكانة لذا تلك الدول التي تعترف كلها بجبهة البوليساريو ، وهناك من يعترف بطرق ملتوية بالجمهورية الصحراوية التي اعترف بها الملك شخصيا ، لعارضت إطلاقا حل الاستفتاء المؤدي الى الانفصال بنسبة قد تتعدى 99 في المائة .
2 ) تجديد التحالف الطبقي البرجوازي الحاكم ، وإن كان في شكل صدفيات فارغة ، يسهر على استمرارها النظام الاوليغارشي الفيودالي شخصيا ، وبعد ان فقدت بريقها الذي كان باهتا منذ تربع محمد السادس على الحكم . ان هذا الانفتاح على الصدفيات ، والإجماع المشبوه ، والذي هو إجماع ضد الشعب ، يبرز من خلال ظاهرتين .
أولهما تذويب ما يسمى تجاوزا بالبرجوازية المتوسطة ، او على الأقل الفئة العليا منها ، في إطار ، وضمن الطبقة الإقطاعية – الرأسمالية ، وتحريرها و تجريدها من كل صفات الوطنية ، ومن إمكانية التطور المستقل المتبقية لديها ، وهنا يندرج الاتحاد الاشتراكي برئاسة لشكر ، والتقدم والاشتراكية برئاسة بنعبدالله ، وحزب الاستقلال برئاسة شباط الذي رفض الإملاء ، والتحنيط ، وسياسة التلفيف ، المفروضة من قبل الدولة البوليسية برئاسة مستشار الملك فؤاد الهمة ، ومستشاره الشرقي ضريس ، وعبداللطيف الحموشي . وللتوضيح أكثر ، فان الغرض من تعيين إدريس لشكر على الاتحاد ، ونبيل بنعبدالله على رأس التقدم ، وشباط على رأس الاستقلال ، كان مخططا ، هدفه تذويب هذه الأحزاب ضمن أحزاب القصر ، ومن جهة تجريدها من آية مشروعية تاريخية ، باسم الوطنية التي تحتكم أليها كلما هُجِمَتْ من قبل التحالف الطبقي الحاكم ، ومن جهة المسح والتشطيب النهائي لنعت ووصف ، ما يسمى بالأحزاب الإدارية التي فبركتها وزارة الداخلية في فترات متعاقبة ، وكان آخرها حزب الأصالة والمعاصرة .
ان انخراط حزبيْ الاشتراكي الموحد والطليعة في هذه الهيكلة المخزنية ، جعلت الحزبان شأنهما شأن بقية الأحزاب الأخرى ، لا يخرجان عن وصف حكومة جلالة الملك ، ومعارضة جلالة الملك ، بل وللتّلْطِيف قد نسميها بأحزاب المعارضة البرلمانية ، داخل برلمان جلالة الملك ، كما كان عليه الحال بالنسبة للاتحاد الاشتراكي ، والتقدم والاشتراكية ، ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي في ثمانيات القرن الماضي .
3 ) ان هذا التغيير على مستوى الخطاب ، وإعادة الهيكلة الحزبية والسياسية ، ودخول الجميع لِلَعِبِ ادوار محددة ، في مسرحيات من إخراج النظام ، من قبيل المشاركة في الانتخابات ، وتسبيح الجميع بحمد وفضائل النظام عليه ، مكنت النظام المتحكم في قواعد اللعبة ، في ان يحتكر ولوحده ، سلطة تحديد الحق السياسي المشروع ، ومن ثم رمي اي عمل ، او نضال ديمقراطي حقيقي ، وغير انتخابوي ، او سياسوي ، في اللاّشرعية . هكذا وعكس ما يذهب إليه أصحاب الخط الانتخابي الجدد ، فان الانتخابات ستسمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، ومن ثم التمكن من تعريض قاعدة التنظيم وسط الشعب . لكن الواقع يشهد وبخلاف هذا الترويج اليميني الكاوتسكي ، ان هذا المسلسل ، لم يكن في الحقيقة ، غير تطبيع مع النظام المستبد ، للمزيد من تهميش الجماهير الشعبية ، باسم الجماهير الشعبية التي يتاجر بها في هذا التراجع اليميني ، الذي لاحت خيوطه منذ مؤتمر الارتداد في يناير 1975 ( المؤتمر الاستثنائي ) ، وبالتالي انتهاك حقوقها الدنيا باسم الديمقراطية المفترى عليها هذه المرة . هكذا بقيت تلك الجماهير مُبْعدة عن اللعبة الديمقراطية التي قاطعتها بنسبة تراوحت بين 75 و 77 في المائة ، كما ظلت الجماهير في تعامل هؤلاء ، كاحتياط للمتاجرة والتداول ، بحيث لا يتم اللجوء إليها ألاّ بشكل ظرفي وموسمي .
ان محاولة إضفاء المشروعية على نظام قروسطوي و ( اثوقراطي كهنوتي ) ، وباسم الديمقراطية الانتخابية ، ليست في نهاية الأمر ، سوى شكل من القمع الإيديولوجي ، الذي اثبت القمع الجسدي لكل تحرك شعبي جماهيري . ويخطر بنا اليوم ما سبق للحسن الثاني قوله ، عندما ردد عبارته المشهورة عن انتفاضة الشعب في سنة في سنة 1984 " ان انتفاضة 1984 كانت خروجا عن الديمقراطية " . لكن من جانبنا كمثقفين ، وكتاب ، وفاعلين سياسيين ، وكمهتمين ومرتبطين بالهم الوطني ، وبالشأن العام المغربي ، ان انتفاضة يناير 1984 ، وانتفاضة 25 مارس 1965 ، وانتفاضة يونيو 1981 ، وانتفاضة فاس في 1990 ،وانتفاضة 20 فبراير 2011 ، كانت كلها خروجا عن مفهوم النظام للنظام الديمقراطي ، ولم تكن خروجا عن المطالب الديمقراطية في شكلها الصحيح .
الخلاصة ان ما يسمى ب ( الانفتاح ) السياسي المشبوه ، هو انفتاح على الصدفيات ، وما يسمى ب ( الإجماع ) الوطني مع الصدفيات ، هو إجماع ضد الشعب .
ستتشكل حكومة موسعة تضم كل الأحزاب الملكية ، قد يعتبرونها حكومة وحدة وطنية ، لمواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الوطنية . لكن السؤال هل سينجح من ضيع اللبن في الشتاء القارص ، ان يحافظ عليه في صيف القحط . إن فاقد الشيء لا يعطيه . والقادم خلال السنتين القادمتين ، وبالضبط في أواخر صيف السنة الجارية ، وبداية السنة القادمة ، وبعد القرار الصدمة الذي سيتخذه مجلس الأمن في ابريل القادم ، وبعد توصله بتقرير للاتحاد الإفريقي ، بخصوص كل ما حصل وجرى ، منذ اعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، واحتلاله مقعدا الى جانبها بالاتحاد ، سيكون صادما ، ولن ينفع فيه لا انفتاح هزيل ومشبوه مع الصدفيات ، ولا خلق إجماع وهمي كاذب حول الملك وضد الشعب ، تقف وراءه مجموعة البوليس الانتهازية والكاذبة ، والتي ستترك ما تردده نفاقا وبهتانا ( سيدنا ) وحيدا في أول منعرج خطير بفعل أزمة الصحراء .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجين محكوم عليه بالمؤبد نفذ أكبر سرقة فندق في نيويورك


.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق




.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟


.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف




.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح