الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يجلس على عرش مصر

طارق سعيد أحمد

2017 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف أثر حادث البطرسية الإرهابي على خريطة وزارة الأوقاف؟ لماذا وضعت خطة توحيد الخطبة لتنفذ على مدار خمس سنوات؟


في مصر الآن لا تنفصل القرارات الوزارية وغيرها قيد أنملة عن مزاج وتوجهات وأحلام وسياسات من يجلس على العرش، الغالب الأعم تخرج عيناه من كهوف جمجمته شاخصة راصدة كل تحركات ملامح وجه الرئيس، لا ملامح الفقر والعوز والمرض على الوجوه المنتشرة في بر مصر هائمة تبحث عن لقمة عيش ومعلقتان سكر وقرص لمرض السكري أو ضغط!، المهم ارضاء جنابه، فبدون أي مبالغة لا تدور في ذهن أي من الوزراء كلمة واحدة إلا وهي آتية من قاموس الرئيس، ولا تمر على لسان أحدهم إلا وإن كانت مرت على لسانه، ولم ولن يتخذ منهم أي قرار إلا وإن كان يدور في فضاءه، والشعب يغور في ستين داهية المهم وكل المهم أن يرضى من يجلس على العرش.
لا يشك أحد في أن مشهد ليلة خطاب "من يجلس على العرش" أمام أهالي شهداء البطرسية كان مفجعا وصادما للجميع، ومازالت قلوبنا عليه تنفطر، كما تنفطر على كل مصري استشهد إثر عملية إرهابية خسيسة، ففي خطابه صباح الفاجعة وقت ما أعلن عن اسم الإرهابي الذي فجر نفسه داخل الكنيسة، وجه بعض الرسائل المباشرة لكل أصحاب العمائم وكانت ومازالت بمثابة سلك الكهرباء العاري المتصل مباشرة بمحول ضغط عالي “كلبش” به شخص منحوس في ليلة شتوية كاحلة.
لا أحد يعرف على وجه التحديد والدقة ماذا دار بينهم وبين رئيسهم في كواليس مجلس الوزراء على اعتبار أن ما يقال في هذه الجلسات أسرار دولة ولا يمكن أن تقع في أذن الشعب، لكن أثر ما حدث بعد ذلك كفيل أن يشرح كيف كانت الأجواء المتوترة والموضوعات المطروحه على مائدة الجلسات التي عقبت حادث البطرسية الإرهابي، وكل ما يمكن أن يقال هو أن رئيسهم "بستفهم آخر بستفه وظبط الكلام معاهم ووراهم "..." والعين الحمرا.
وعطفا على ذلك نعيش ما نحن عليه الآن من تخبط بدءا من قانون الفتوى "أبو رخصة" ووصولا إلى آخر تداعيات لسعة الكهرباء التي تمثلت في قرار الموقر المبجل وزير الأوقاف بتوحيد خطبة الجمعة "مش بس كدا" بالفعل وضعوا خطة ومسودة لتستمر هذه المهزلة لمدة خمس سنوات كاملة، هيجيني واحد هيسألني اشمعنى خمس سنوات يا أستاذ؟ يعني ما ينفعش سنة نجربها على عقلنا الأول ونشوف هتركب عليه ولا لاء وبعد كدا نمدها لخمس سنوات ولا حتى عشرة؟ أقول له أنا بمنتهى الوضوح والشفافية والمباشرة يا صديقي العزيز وزير الأوقاف اللي قال إن الجسر الذي سوف يمتد بين مصر و السعودية والذي ستقام قواعده على جزيرتي تيران وصنافير مذكور في القرآن أكيد هو متأكد بأن السيسي هيكمل فترة رئاسية تانية أيوه احسبها معايه سنة + أربعة = خمس سنوات بالتمام والكمال.. واضح.

إذا بدت الأفعال التي تأتي في اطار تنظيم الحياة حولنا بشكل أو بآخر تضعنا خارج دوائر الحوار، بل وتفرض فرضا علينا، فيتعين مع ذلك أن نتبنى مبدأ المساءلة، وأعني بذلك مساءلة أنفسنا على وجه الخصوص، حتى نجيب على السؤوال المطروح وهو كيف أسهمنا نحن مع اختلاف أدوارنا في انتاج تلك اللحظة؟ وما هي الخيارات الممكنة للمشاركة في مايدور ويحاك؟ وما هي الإمكانات المفقودة حتى نسلك الطريق الأفضل؟.. أليست مصر هي وطننا جميعا؟.

المدهش هو أنهم مقتنعون أو بمعنى أدق يحاولو اقناعنا بأن خطبة الجمعة الموحدة والمعدة مسبقا والمنشورة على موقع الوزارة هي جزء لا يتجزء من الحرب على الإرهاب! وهي أيضا سيكون لها مفعول السحر على السامعين لها في تنظيم وترتيب الأفكار وأيضا سوف تهذب النفوس وتؤصل لسماحة الإسلام!، وعلى حسب كلام الدكتور محمد جمعة وزير الأوقاف أنه قال "إن كل سنة من السنوات الخمس القادمة تتضمن 54 موضوعا متنوعا من مختلف المجالات، وسيتم استطلاع الأمة، وإن أولى خطب العام الأول من الأعوام الخمسة تبدأ في شهر مارس، وإن فلسفة الخطبة تقوم على التنوع وعد الإفراط في جانب دعوي أو فكري على حساب الجانب الآخر أو إهماله، حيث عنيت الخطة بمختلف المحاور الفكرية فضمت القيم الأخلاقية والوطنية، ومعالجة قضايا التطرف والإرهاب، وتناول قضايا العمل والإنتاج والشباب والأسرة والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والإيمانيات، والمناسبات الدينية والوطنية، والقضايا العامة، كما أن الخطة الدعوية، رغم ارتباطها بالموضوعات المقترحة لخطبة الجمعة، فإنها أعم وأوسع من موضوع الخطبة حيث تهدف إلى تشكيل وعي عام إيجابي ومتكامل بالقضايا العامة والعصرية الهامة، وتجمع بين ذلك ومساحة الاجتهاد الواسعة، وطالب الوزير العلماء والأئمة والمهتمين، بقرأة الخطة بروح منفتحة، حيث تتلقى الوزارة أية ملاحظات أو مقترحات بشأنها، وأنها لم ولن تكون قيدا على التفكير والإبداع، لأن الأمر في الشأن الدعوي أوسع من خطبة الجمعة، وسيتضمن الدروس اليومية والندوات والمحاضرات والقوافل الدعوية بالمساجد والمدارس ومراكز الشباب، وقصور الثقافة والتجمعات المختلفة عمالية وغيرها، إضافة إلى وسائل الإعلام المتعددة مقروءة ومسموعة ومرئية، مما يتيح مساحة واسعة من الإجتهاد والإبداع".


أعتقد أن قرار توحيد خطبة الجمعة واختيار موضوعاتها مسبقا سيكون له ردود أفعال كارثية أقلها هي تنميط الدين والتحرك في مساحات ضيقة سوف تتحدد بين المصلي والخطيب في الورقة التي يحملها الأخير في يده وكأننا في كُتاب كبير اتسع ليشمل بر مصر كله الفرق بينه وبين الكُتاب القديم هو أننا سنقرأ الخطبة قبل الذهاب إلى المسجد!.

هامش: توحيد خطبة الجمعة قرار اتخذه وزير الأوقاف الحالي وصدر حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية والذى حسم مصير الخطبة الموحدة بمصر ورفض دعوى 80 مواطنا تتعلق بالمطالبة بإلغاء قرار وزير الأوقاف بتوحيد الخطبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن