الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام التقسيم وواقع العراق ما بعد داعش ح 2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ح2
المشهد العراقي سياسيا وأجتماعيا اليوم أكثر تعقيدا وتشابكا من قبل وخاصة في مرحلة بدء عمليات التحرير وما تلاها، هناك تفاعلات أقليمية ودولية تلقي بظلالها على كل المشهد وتؤثر حتى في طريقة تفكير الساسة العراقيون من جميع الأطراف، التقسيم ليس شعارا متاح ولا هو عملية فردية يمكن أن تنجز بقرار فردي، أولا هناك قرارات دولية تنادي بحفظ وحدة وأستقلال العراق ومن ضمنها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ثانيا هناك مصالح مترابطة داخل البنية السياسية والأجتماعية وتداخلات فيهما لا يمكن تجاوزها أو إنكارها، تداخل من النوع الذي لا يمكن حتى التفاوض عليه أو الأتفاق على ترحليها لمرحلة لاحقة.
النفط والثروات المعدنية والمياه والتنوع السكاني حتى داخل المناطق المستهدفة بالتقسيم والديون المالية وقضايا الحدود والأمتدادات بين القبائل والعشائر العراقية، أضف لذلك أن عمليات مثل التهجير وتبادل السكان غير ممكنة ولا متاحة اليوم بين المكونات العراقية، كل ذلك مع الوضع الإقليمي عوامل نستبعد معها أن يكون الحديث عن التقسيم واقعيا وممكنا على الأقل في المرحلة الراهنة، وهناك حقيقة أخرى لا بد من الإشارة لها أن الأصوات السياسية التي تنادي بالتقسيم وقيادة العمل السياسي ليس لها فكرة ولا منهج موحد يمكن أن يؤسس لواقع، فهي منشغلة أيضا بصراعات داخلية وجانبية سواء في المنطقة الكردية أو حتى بما يقولون أنه الأقليم السني، وهذا أيضا مع توقع الأدارة الأمريكية أنها ستواجه صراعات داخلية في المناطق المستهدفة تنتج فكرة أخرى هي تفتيت المفتت أصلا.
لذا الخيار الأمريكي المتاح اليوم هو الأبقاء على الوضع الحالي وممارسة الضغوط على كافة الأطراف وفق خارطة طريق جديدة أكثر واقعية وأعمق برغماتيا من فكرة التقسيم، هذه الخطة أو الخارطة والتي شرعت إدارة الرئيس ترامب على تنفيذها تؤدي لاحقا إلى بلورة مشروع عراق جديد واحد، ولكنه لا مركزي في الإدارة وأكثر ديمقراطية فعلية على مستوى المشروع السياسي الحاكم وأكثر توافقا مع الهدف الأمريكي المعلن والمعدل، النتيجة ستكون أولا خفض منسوب التوتر الأجتماعي بين العراقيين أنفسهم، وثانيا عدم التفريط بالنفط العراقي الذي لو نجح التقسيم سيفقد الأدارة الأمريكية واحد من أهم المبررات التأريخية لغزو العراق، والرمي بكامل المنطقة الأستراتيجية إلى حضن العدو الأفتراضي لها وهو إيران ومحور المقاومة.
لذا فنحن لا نقول أفتراضا أن إيران ليس لها مصلحة بتقسيم العراق ولكنها تفضل بقاء العراق موحدا لها كعمق أستراتيجي في المرحلة المنظورة، وتبقى عينها منشدة نحو أقليم الوسط والجنوب لإيمانها أنها لونجحت في أحتواء غالبية العراقيين في هاتين المنطقتين، سيكون لها دورا محوريا حقيقيا في التأثير على كل مجريات وأحداث وتفاعلات الأقليم، مما يمكنها من لعب دور أقوى وأكثر قدرة على فرض الرؤية الإيرانية في الصراع الدائر الآن في المنطقة، ويجعلها في رحاب مشروعها الأكبر والذي لم يعد متداولا أعلاميا وهو تصدير الثورة الإيرانية، بمعنى تصدير الرؤية والسياسة المذهبية الخاصة قبال المشروع الوهابي الأخواني السعودي الخليجي في المنطقة.
هذه الحسابات لم ولن تغيب عن بال كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، كذلك هناك مصالح لدول بعيدة وإن كانت فيما يبدو ليست جزء من هذا الصراع ولكن في الأخر هناك توجس ومخاوف وطموح روسي صيني وحتى أوربي في بقاء العراق موحدا لأثبات موقفها أيضا في منظومة الصراع الأكبر، وهو الصراع الأممي على مناطق النفوذ والهيمنة الأقتصادية والأستثمار، الأمن العالمي والأقليمي في نظر القوى العالمية أهم من السنة والأكراد والشيعة وأهم من تلك المصالح الضيقة، الدول العالمية والمجتمعات المتحضرة تؤمن بحقيقة واحده أن وجودها الأمن ومصالحها المؤمنة أهم من كل صراعات الصغار على وهم السياسة، لا بد أن ينتبه المتصارعون على الأقاليم أنهم يسعون خلف وهم سيمهد لصراعات أكبر، وسيشعل نارا لا تسمح الكثير من القوى على إشعالها، وحتى حلفائهم الأساسيين قالوا لهم هذا الكلام وعلنا، وتبقى شعارات التقسيم مجرد معزوفة للكسب السياسي وسيبقى العراق واحدا لأنه الخيار الوحيد لأستقرار المنطقة برمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا