الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العرب ساهموا في بناء تاريخ الفكر العلمي والفلسفي، أم مجرد معلقين على الإرث اليوناني ؟

ارحو عيسى

2017 / 3 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتبر سؤال الثراث الفلسفي، العلمي، العربي أحد الأسئلة الإبستمولوجية التي اتخذته تقاليد فكرية موضوعا للدراسة من منظورات معاصرة مختلفة، من ثمة راهنية التساؤل حول هذا الإرث، و حول دلالات حضوره، و الفائدة التي يمكن أن يقدمها لما نعيشه اليوم من معضلات في مختلف الميادين الفكرية ؟
فأحيانا يتحول مضمون هذا التراث إلى حقل صراع التأويلات الفكرية بين من ينتصر لفهم إيديولوجي معين و بين من يستخدم بعض المضامين الفكرية للتراث توظيفا سياسيا يسعى من خلاله لدعم موقف سياسي...
و أحيانا أخرى يتحول هذا التراث الفكري إلى آليات لحل مشكلات معاصرة بل يرى فيه البعض نبراسا لفك لغز المعضلات التي نشكوها في حاضرنا الثقافي منه و الفكري سائلين من هذا التراث تحقيق حداثة، لإستكمال أو إحياء نهضة، ربما لم يفلح أسلافنا في تحقيقها.
سوف نحاول على مثن هذه المقالة التصدى لبعض الرؤى التي تبخس مجهودات العقل العربي بواسطة أحكام مسبقة لها أبعاد إيديولوجية لا تمثل واقع الفلسفة العربية بصلة، كما سنحاول الإنفتاح على تصور جديد لواقع الفلسفة العربية، تصور يحركه هاجس كشف النقاب عن عوالم مبهمة على مستوى الوعي بمنجزات التاريخية للفلسفة و العلم العربيين في عصورهما الذهبية، إنها عوالم يحيط بها الجهل و التهميش و الفقر و تتصارع فيه رغبات الإقصاء لتراث الآخر عبر لكتابة أسطورة المركزية التاريخية للغرب.

إن تصفح كتب تاريخ الفلسفة يكشف عن ميل غير مبرر لحجب مساهمة الفلاسفة العرب في مسار رحلة الحكمة، و ما يؤكد قولنا هذا هو بعض مواقف أدلى بها مفكرين عظام تحمل عناصر نظرية تسعى لتحطيم قيمة و أصالة الفلسفة و العلم العربيين، في مقدمة هذه المواقف نجد، موقف الفيلسوف الإنجليزي الكبير برتراند راسل في كتابه "حكمة الغرب " حيث يقول " الفلسفة العربية ليست ذات أهمية كالفكر الأصلي، وأن الشخصيات مثل ابن سينا وابن رشد عبارة عن معلقيين بالأساس" يبدو على أن موقف راسل من الفلسفة الإسلامية، يحمل دلالات تنم عن نظرة النقص تجاه هذا التراث الفكري.

فعلا هناك توظيف الفكر الإغريقي في علم الكلام كما تم توظيفه في سياقات سياسية و إيديولوجية و هذا التوظيف كان له وزنا حاسما في بلورة تصورات فلسفية عربية، وهذ الإرتباط بين اللإرث الإغريقي و العربي قد يساعدنا على فهم سوء فهم الكبير الذي تعرض له التراث الفكري و العلمي العربيين، وسيساعدنا أيضا على إتأكيد بأن الفلسفة العربية تشكل مرحلة عبور لبناء الحداثة الغربية.
لقد تغلغل الفكر اليوناني في كل المجالات الحيوية في الفكر الفلسفي و العلمي العربيين، إلى حد جعل منه مادة معرفية إشتغل عليه العرب في كل الفروع (الفلسفة، العلم، الطب ...) لكن هذا الإشتغال على فكر لآخر لم تطبعه سمات الإستيلابية للذات العربية بل الذات العربية حاظرة وتتجلى بشكل واضح في أصدائها النقدية، لقد سعوا لإحتواء هذا الإرث و توضيفه فيما كان يشغلهم من معضلات عقدية و سياسية، علمية، ثقافية.
هذا الإرتباط بين اليونان و العرب سيشق طريقه نحوى الأفق الثقافي العربي في فترة زمنية كانت فيه الحضارة العربية تمثل مهد التقدم. …
تستطيع العناصر النظرية التي إستحضرناها حتى الآن أن تتجمل تحت مقولة التجديد الذي تحمله الفلسفة العربية. و تدعوا مؤرخي الفكر الغربي الى الإنتباه لخاصية أساسية تحكم تاريخ الفكر البشري و هي أن هذا التوظيف لمكونات الفكر القديم في سياقات جديدة يفضي الى تصور جديد، و أكبر دليل على ذلك هو الرفض الذي تعرضت له الأرسطية الرشدية في الغرب، هذا الرفض سيكشف على أن أرسطو اليونان ليس هو أرسطو العرب، ويؤكد على عنصر الجدة و الإضافة في الفكر الفلسفي العربي و يوحي بأن أرسطو الوافد من العرب لحقه التجديد يحمل شهادة المساهمة العربية في إعادة هيكلت تصورات الإغريق، و ينغي فرضية كون المساهمة العربية في التاريخ الفكري مجرد تعليق على الفكر اليوناني فقط كما أكد رسل و آخرون.

فالكنيسة التي قبلت بتعاليم الأرسطية، و أخذت تدرسها في معاهدها اللاهوتية، لما كانت تقدمه الصرامة المنطقية الأرسطية من خدمات جلية للاهوت المسيحي، سنجد بأن الكنيسة نفسها رفضت أرسطو العرب بشكل عنيف و نص التحريم كما قال الجابري "واضح ومدلوله بالنسبة لتاريخ الأرسطية العربية ذو أهمية رئيسية، إن الكنيسة مصممة على سد الطريق أمام أرسطو العرب،ط" _56 (نحن و التراث).

كل هذه عناصر النظرية، التاريخية تلغي كل محاولات طمس إنجازات العقل العربي في في مسار تقدم تاريخ الفلسفة.
إن أي تتبع بريء لمسار رحلة الحضارة من الإغريق إلى الغرب الأوروبي سيتوقف لا محالة عن دور العرب في هذا المسار بل ودورهم المركزي في تسليم مشعل الحداثة للغرب ، في مختلف دروب الفلسفة و العلم.

في مجال الفلسفة نجد مساهمات متنوعة مع إبن رشد إبن باجة وابن طفيل ... في المغرب العربي وفي المشرق نجد إبن سينا، الغزالي .... قدموا أعمال فكرية أصيلة، شكلت تمهيدا نظريا اشتغلت عليه الحداثة الغربية في مختلف فروعها.

أما في مجال العلم و الطب نجد أعلام خلدت أسمائها بنظريات هامة كإبن هيثم مثلا في مجال البصريات وكذلك الخوارزمي مكتشف الصفر في الرياضيات، و أبو بكر الرازي في مجال الطب الذي حا ز على لقب جالينوس العرب بالإضافة إلى نزعته العقلانية الفذة في الفلسفة.
كل هذه المؤشرات التاريخية تنفي النظرة الاستشراقية التي تنتصر لرؤية إيديولوجية غير بريئة للتاريخ سمتها الأساسية هي تسويغ المركزية التاريخية الأوروبية.

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا