الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك الأماكن المقتولة. تقتل ثانية !

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سورية المتعدّدة تعني سورية المقابر، واختصاراً للتعب فقد أصبحت كلّ قرية مقبرة دون بشر.
سارين. يا لجمال اللفظ!
اللغة العربيّة تحبّ أن يجتمع السين والنون، وقعها الموسيقي يكون أكبر.
أغلب السّوريين يخالفونني الرأي، فقد كنت أرى سوريّة بلونها الرّمادي، وليس الأحمر عندما كانوا يقتصرون في مديحها على اختصارها بالشام. لا عجب أن يتحوّل الرمادي إلى أحمر.
تلك القرى السّورية المزروعة على خطّ البؤس كنت أمرّ بها وأنا في طريق سفري إلى أمكنتي المتعدّدة داخل سورية، أحياناً أراها في حلمي تبكي. هذا يوم كان البعض " عايشين" وحتى دمشق الياسمين، وللأمانة لم أر فيها الياسمين إلا عندما كنت في سن المراهقة، وعندما كنا نركض في أزقتها أنا، والرفاق الذين كانوا من أجيالي حيث كان توزيع المطبوعات المعارضة متعة لنا، لكن بعد أوّل كفّ صمت أغلبنا، وتحوّل أغلب الصّامتين إلى المشاركة بشكل غير مباشر في هذا الاستبداد.
السارين ليس له شكل واحد. هو أشكال، فالأطفال الذين كانوا يموتون في الأرياف لنقص الطّبابة، والماء النّظيف، والغذاء. كان موتاً بالسّارين، والشباب الذين سلخت جلودهم، وقطعت أعضاءهم الذكرية قبل الموت كان سارين، والنساء اللواتي خرجن من السجن حوامل فانتحرن كان سارين، والمهندس الذي اضطر أن ينطر القمامة ليأكل طعامه كان سارين.
السوريين اليوم يقتلهم النّظام، والتحالف، وقوات سورية الديموقراطيّة ، والمجموعات المسلحة الذين يتلقون أوامرهم من دول عربية تلتقي أهدافها مع أهاف الغرب.
هذه القرية البائسة مات أهلها بالسّارين. سوف نكتب شعراً لهم، نلقيه في محفل بينما نلبس ثياباً نظيفة. تلك المنطقة فنيت بالسارين. هناك إعلامي كبير يطلب منكم أن تزودوه بمحطة ليزودكم برأيه عن السارين. هناك غوطة. يوجد فنان سوف يمثل عنها فيلماً ويأخذ جائزة مالية ويضع نجاحه على وسائل التواصل. أمّا الإعلام المكتوب والمرئي فحدّث ولا حرج، توثيقهم كما توثيق صحيح البخاري، وإن أرسلت لهم بحثاً موثّقاً بالأرقام. لا يردون عليك. تسألون : ألا يوجد منابر إعلاميّة صادقة لا تعتمد الهوبرة، وأقول وأنا كلّي ثقة: إطلاقاً.
ما الحلّ إذاً؟
كلّ الخطط على الأرض سوف تفشل، وكلّ الحماس القومي والديني هو نوع من العبث. وكل حديث عن العلمانية ذر للرماد في العيون. هناك جيل من الآباء والأبناء انتهى من على سطح سورية. بالسارين، أو بنيران صديقة . الجيل الذي تتراوح أعماره بين سنة وخمسين أغلبه قتل، هم فقراء سورية يموتون بالسارين، أو بالنفايات النووية، ومن اشتروا النفايات هم الآن معارضون.
لن أكتب تفاصيل عن السّارين، وعن موجة العنصرية ، لكنها في هذه المرة ليست عربية. هذه القرى التي تباد هي قرى عربية. لو كنت أيّها السوري فرنسياً، أو يهودياً، أو وثنياً. ألا تصرخ صوتاً واحداً ضد الاستبداد؟
السّارين ليس حديثاً ففي كل سجن قبضة منه. النفوس المملوءة بالحقد لن تكتفي بالسّارين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة