الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتلال شمال افريقية كان نتيجة أزمة ثقافية لا دينية أو طائفية

علجية عيش
(aldjia aiche)

2017 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لا مستقبل و لا حضارة لشعوب بلا ثقافة (غياب التواصل و الحوار وراء ضعف الأمة الإسلامية)
احتلال شمال افريقية كان نتيجة أزمة ثقافية لا دينية أو طائفية

--------------------------------------------------------------
هل يأتي الإصلاح قبل البناء أم العكس؟ سؤال يتجدد طرحه في ظل الحِراك السياسي التي تشهده الساحة العربية، من تغيرات و تحولات على كل الأصعدة و المستويات، و ما هو دور المثقف في إدارة الأزمات؟، كون الطبقة المثقفة تلعب دورا مهما في تحويل الخلافات الدائرة بين الشعوب و حتى المسؤولين في دولة ما إلى نوع من التعاون، للقضاء على كل أشكال الاستعمار ( الفكري، الثقافي، السياسي و الاقتصادي) الذي كان و ما يزال بمثابة السوط الذي يلهب ظهور الدول و الدعوة كذلك إلى التخلي عن الأفكار السلبية و العقيمة من أجل البناء و الإنماء

الثقافة و المثقف مرتبطان بالمجتمع كونهما عنصران مهمان في المجتمع، و الشعوب بلا ثقافة لا مستقبل لها و لا حضارة، كون هذه الثقافة التي تعبر عن "هُوِيَّة" مجتمع ما ذات صلة بعقيدته و السلوكات الفردية لهذا المجتمع، و المثقف هو ذلك الإنسان الذي يتكون تفكيره من تلك الأفكار تضاف إليها خبرته الناتجة من احتكاك مباشر لواقع ملموس، و لذا عليه أن يكون ملتزما بقضايا أمته، و هو مطالب بأن يتعرف على إمكانياتها و الطاقة المدخرة فيها، و أن يوازن بين الإمكانيات و الاحتياجات حتى لا تستهلك طاقة الجماهير، لكن عليه قبل كل شيء أن يبدأ دوره بالعناية بنفسه و إصلاح ذاته، فكثير من المثقفين مفرطون في حقوق الله، بحيث ترى نصيبهم من العبادة قليل جدا، لأن الاستعمار عندما غزا العالم الإسلامي استعمل أسلوب الهدم و تغييب الدين في المجتمعات الإسلامية، و الإسلام اليوم بقدر ما في حاجة إلى أفكار فهو في حاجة إلى قائد، لأفلا يمكن للمثقف أن يكون هو قائد هذه الأمة؟ فما هو دور المثقف تجاه أمته؟ هو السؤال الذي يلح على الطرح، خاصة و أن المؤرخين يجمعون على أن احتلال شمال افريقية كان أزمة ثقافية لا دينية، فالرومان مثلا فرضوا ثقافتهم على المجتمع الأمازيغي، و ظهر ما سمي بالصراع "الدوناتي"، و كان هذا الصراع أكثر دموية ، إذ كانت مسيحية الأمازيغي الأقرب إلى التوحيد، ما جعل القديس أوغسطين يقف ضد الثقافة الأمازيغية ، وظلت الأوضاع على تلك الحال إلى أن جاء الفتح الإسلامي الذي قرب بين المجتمعات، و تأقلمها مع الوضع الجديد ، بحيث لم تكن هناك صراعات بين الأمازيغ و الإسلام.
فالمثقف اليوم مطالب بتحليل الأسباب التاريخية و بعث الشعوب على الدفاع عن حقوقها و تقرير مصيرها بنفسها و تنظيم حياتها و نشاطها، كما هو مطالب بالوقوف على الآثار التي خلفتها الثورات الشعبية و ما هي الأمثلة التي يمكن الاحتذاء بها في تحرير باقي الشعوب من تعنت الحكام ونظامهم الفاسد، الذي وقف ضد التطور، في ظل الشعارات التي تطلقها الأطراف المعارضة لتغذية عقل المواطن العربي و النهوض بالمشاريع البناءة التي ما تزال على الورق، لاسيما و هذه المشاريع تعد جزء من المشاكل التي تعاني منها دول العالم الثالث التي عجزت عن توفير لقمة العيش و لم تضع أي خطوة محكمة و مدروسة لتنفيذ مشاريعها الحيوية و مسيرتها في الحياة و اتجاهها فيها، فإذا اهتزت هذه الصورة لن يكون للأمة شخصية تميزها او سمات تنفرد بها بل تصبح تبعا لغيرها، يقول بعض المفكرين إن مهمة المثقف هي تبصير الأمة و أن يكون له دور فعال في إدارة الأزمات و الوقوف إلى جانب الحق و مقاومة الظلم و الباطل و يعالج مشكلات المجتمع، غير أن الواقع يعكس ذلك، لأن الكثير من المثقفين يثيرون الإشكاليات و لا يطرحون الحلول لتلك الإشكاليات، بل يتعصبون لأفكارهم و يرفضون الحوار مع الآخر ( المخالف)، و يستعملون معه أساليب الترهيب و التهديد، وقد يذهبون إلى أبعد من ذلك، قد تصل الأمور حد التكفير أو التهديد بالقتل، إنهم أولئك المتشددين للرأي و الذين يمارسون سياسية القمع، و لم ينتهجوا نهج الرسول الذي درب الصحابة على حرية الرأي و التعبير و حث الناس بحقهم في الدفاع عن وجهات نظرهم، و لهذا يمكن القول أن ممارسة تضليل الناس و توريطهم فيما يضرهم ليس من حرية التعبير في شيء بل هي إفساد و تغرير، و من يسمع لهؤلاء سوى الضعيف و الجاهل و السفيه و المريض ممن لا يستطيعون تمييز الخبيث من الطيب، لقد عالج مالك بن نبي المشكلة الثقافية و المسخ الثقافي عندما رسم صورة للطفل المتوحش الذي افتقدته أمّه و ترعرع مع حيوان بري (غزالة)، و هو يعني بذلك انسلاخ المثقف عن ثقافته في محاولة منه خلق مجتمعا "افتراضيا"، و يمكن الوقوف على ما يحدث من سب و شتم للمسلمين فيما بينهم، و ما غذته الطائفية، وصل بهم الأمر إلى حد "التكفير"، فيما اكتفى البعض بدور المتفرج إزاء ما يحدث و كأنه غير معني لما يجري، في حين لبست فئة أخرى ثوب التشاؤم و أشاعت ثقافة اليأس.
و عادة ما يربط الباحثون إشكالية الثقافة بالمثقف والسلطة، و قد أطلقوا عليهم بمثقفي السلاطين، و هو ما ذهب إليه الدكتور عيساوي من جامعة باتنة ، حيث قسم المثقف إلى درجات فنجد ( مثقفو السلاطين و الحكام، ومثقفو العامة و الجماهير)، و هذه الفئة الأخيرة تشكل المعارضة، أي روح الثورة و التمرد على السلطة، فيما يوجد صنف آخر من المثقفين و هم مثقفو الإنتلجانسية، ثم يرسم صورة أخرى للمثقف و هو المثقف النرجسي الذي يؤكد أسبقيته على الآخر)، كما ربط الدكتور عيساوي مشكلة الأمة العربية و الإسلامية بالحداثة و العقلانية و ما بعد الحداثة، و الإصلاح في رأيه يأتي قبل البناء، في حين يقف البعض ضد هذه الفكرة و يرون أن الإصلاح يأتي بعد البناء و هو يعني إعادة البناء، و للبعض رأي آخر فهذا الدكتور محمد بوركاب من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في إحدى الملتقيات الدولية يرى أن الهجرة وراء تغييب المثقف و إبعاده عن البناء و الإصلاح، فيقول إن الذين هجروا الأوطان استفاد منهم الغير، ففي كندا على سبيل المثال 60 بالمائة من الجزائريين يديرون مصنع الطائرات، و قد وقف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 2007 على هذا المصنع، و رأى كيف تستثمر أوروبا في ما أنتجته المدرسة الجزائرية، فيما انطوى آخرون على أنفسهم، بسبب الاستبداد و مصادرة الحريات، و كم من العلماء من غُيِّبَ من أجل رأي من الآراء، فضعف الأمة سببه غياب التواصل و الحوار مع المثقفين في شكل ندوات، لقاءات ، حوارات، ملتقيات أو مناظرات فكرية ثقافية علمية دينية سياسية، و لهذا تبقى مشكلة هجرة الأدمغة قائمة إلى الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستعمار إسلامى
طاهر مرزوق ( 2017 / 4 / 5 - 19:09 )
السيدة علجية عيش
قرأت المقال لكن أستوقفتنى عبارة يرددها غير المثقفون أى الذين يجهلون التاريخ ولا يبحثون عن حقيقة الوقائع التاريخية والأبتعاد عن الحوادث المحرفة والمزيفة.
هذه العبارة تقول-جاء الفتح الإسلامى ..-. وكل دارس للتاريخ وكل مثقف يعلم أنه لم يكن هناك فتح إسلامى للبلاد التى قام العرب المسلمين بغزوها ثم أستعمارها، والتاريخ الإسلامى نفسه يشهد بذلك والجيوش الإسلامية كانت تدخل البلاد فى غزوات حربية وتقوم بتخيير شعوبها بين الإسلام أو الجزية لأهل الكتاب أو الحرب!!!
أعتقد أنك يا أستاذة علجية عيش إنسانة مثقفة لا تقبل بترسيخ المقولات المزورة والشعارات التاريخية الزائفة التى ثبت كذبها ولا علاقة لها بالسماء أو الأرض!!
وفى أنتظار كلمتك المنصفة للواقع الثقافى التاريخى للأجيال الحاضرة وشكراً.

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص