الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن أمام عصابات مؤسسات أم عصابات الشوارع ؟

ياسين عتنا

2017 / 4 / 14
كتابات ساخرة


هل نحن أمام عصابات الشوارع أم عصابات المؤسسات؟
وفق القاعدة الفيزيائية الضغط يولد الانفجار، نمارس بالكتابة الفضح السياسي، و بالوعي النقدي التحليل العلمي، وبمرجعية أكاديمية نؤصل للظاهر و نكشف عن تمظهراتها العميقة و جذورها الاقتصادية و السياسية و السوسيوثقافية من اجل تنوير الوعي الجماهيري. وبالكشف عن الشروط الموضوعية و التحديد المتين لجميع جوانب الحقل السياسي و الاجتماعي و الإقتصادي ندق جرس الموت وليس جرس الخطر، ونقر للرأي العام أن أفق المستقبل ظلام قاتم و واقع مشؤوم، لا يرجى منه الصلاح و لا التغيير
. إن القضية تتطلب منا بحث مورفولوجيا يكشف لنا عن الدواعي و الأسباب المباشرة و الغير مباشرة لهذه الأمراض الباطولوجية التي تكتسح البنيات الفكرية لجل الشرائح الاجتماعية. و التسلح بالشرعة الدولية و بالعقل العام الهيجيلي و النموذج المثالي الفيبري من أجل مقاربة عقلانية منطقية تؤمن بالبرهان و الحجة و الاستدلال . وعليه سننتقل ميتودولوجيا من المنطق الماكروسوسيولوجي للظاهر ( المغرب) إلى المعطى الميكروسوسيولوجي المتمثل في القليعة أنموذجيا.
بالمنطق الكمي نرشح المنطقة – القليعة – إلى أكثر المناطق في شمال إفريقيا كثافة سكانية، لكن نخفق في ملامسة هذا المعطى وفق البنيات تحتية و المشاريع التنموية و الرؤية الإستراتيجية، إذ تبقى رقعة جغرافية جافة من تداعيات التنمية و الترشيد العقلاني للموارد البشرية ، ومنه نرصد ملامح الخلل في التوازنات على مستوى الكم و الكيف . الشيء الذي يجعل جل أجهزة الدولة جوفاء من الفعل المؤسساتي سواء بعيد أو متوسط أو قريب المدى و غير حامية لجل الحقوق الإنسانية و الإدارية التي يكفلها القانون الوطني او الدولي، وباعتبار التنظيم المؤسساتي من أبجديات التنمية في جل أشكالها، تم تقويضه مقابل إعطاء أهمية للسلطة أللدونية التي تستمد قوتها من الأعراف و التقاليد المتعارف عليها في المنطقة، كما أصبحت المؤسسات ( الشكلية) يغزوها الطابع الشخصي و أصحاب النفوذ و القوة ( صحاب الشكارة) . إن تجليات العصبية القبلية الذي أقر بها مفكرنا الجليل ابن خلدون ما زالت تسود تفكيرنا، إلى أن هذه الصفات العصبية التي تم إعادة إنتاجها دهرا من الزمن أصبح الروح التي تسري في مؤسساتنا الموقرة . الشيء الذي نلمحه بشكل جلي في شوارع المنطقة المدروسة، رغم أنها لا تجسدها بشكل مباشر لكنها تبقى الدافع والمكون والمحرك للعقليات.و منه فنحن بعيدين كل البعد عن التفكير العقلي الرزين الذي دعت له الحضارة اليونانية ألاف السنين، وتبقى مسالة العقل و الفعل العقلاني ذو هدف و ذو قيمة محطة استنكار في تمثلات الفاعلين المحليين للمنطقة. وبه تسود مفاهيم الضمير الجمعي من قوة و نفوذ وعنجهية و سلطة تقليدية و هبات شخصية (الرشوة(
إن تراجع المصلحة العامة و التزايد المفرط في المصلحة الفردية و الانتهازية، جعل الوضعية في المنطقة جد متردية و قابلة لجميع الانتهاكات و الخروقات سواء من طرف أصحاب الجاه أو الشيوخوقراطين الذين احتكروا لنفسهم مؤسسات شعبية ذات بعد تمثيلي. وشوهوا الأسس البيروقراطية للمؤسسات و أعادوا إنتاج تاريخ الأسياد والعبيد، وهذا ما جعل من الفعل السياسي( الذي لا ينتمي إلى فعل السياسة وبعيد كل البعد عن اخلاق المسؤولية و الاقتناع و إتيقا النقاش ) ملاذ كل متعفن في النقود وراغب في تطوير أسطول أمواله. لكن الانتماء للحزب في هذه الرقعة الجغرافية يخضع إلى مبدأ الطلب و العرض و التقلبات الشخصية و المصلحة و المكتسبات ، و ليس من اجل تقعيد مشروع حزبي أو توجه أيديولوجي؛ حيث تبقى هذه المفاهيم الأخيرة كلمات تنتمي إلى كوكب المريخ .
إن هذه المعطيات المذكورة أعلاه، ما هي إلا إشارات بسيطة لصورة اجتماعية للمنطقة . و علاقة بالعنوان ، فإننا نشهد اليوم في شوارع و أزقة القليعة ، انتشار عظيم و انسياب كثيف لعصابات و تكتلات إجرامية، تقطع سبيل جل المواطنين و تنتزع منهم ممتلكاتهم ( محفظة - نقود - هاتف) و تصل في بعض المراحل إلى حد الضرب و الجرح .بالإضافة إلى أن هذا النوع من العنف المادي و الرمزي على حد سواء يجعل جل الضحايا لا يقدمون إبلاغ لسلطات ( الدرك الملكي). لأن هذه الأخيرة ما هي إلا اسم فوق لافتة معلقة على جدار صندوق إسمنتي، مطوق بحاجز من حديد في مدخله، معزول عن الأراضي القليعية رغم انتمائه لها. إنه ضريح تقدم له قرابين الرشاوي، وتطلب منه بركات الأمن من شر قدر الشوارع. جهاز من أجهزة الدولة الذي خولت له وظيفة الحماية و الأمن، طوق نفسه بالحديد و بقي أمنا من كل ما هو خارج عنه . أمن حبيس المكاتب ، بلباس رمادي مزركش ، لكنه بدون اعتراف ميداني مقنع، هذا ما جعل من شوارعها تتوغل فيها مسلكيات لامعيارية. سواء تعلق هذا السلوك بأجهزة الدولة كعصابات مؤسسات متواطئة مع عصابات الشارع في فعلها الإجرامي و تزكي لها امتلاك الشارع القليعي، و بلسان أبناء المنطقة : المخزن بايع الماتش .
إن هذا اللامنطق الذي يسود منطقة – القليعة- و التعسف على المواطنين الذي سيطر على شوارعنا، ما هو إلا دليل قاطع على غياب مؤسسات الدولة بجميع أصنافها و كذا الجمعيات، التي يتجاوز عددها 400 جمعية. كلها جمعيات صفراء ، تخرج للعيان في مرحلة توزيع المنح فقط ، و تبحث عن المصالح الشخصية و متشبعة بالانتهازية . لهذا لم تتجرأ في يوم أن تتكتل و تطالب بحقوقها المشروعة.
بقلم : ياسين عتنا
طالب موجز في علم الاجتماع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى