الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطر السياسي !..

يعقوب زامل الربيعي

2017 / 4 / 15
الادب والفن


المطر السياسي !..
........
منذُ ساعة، وأنا أحتسي قهوتي خارج غرفتي، لحظات طويلة من التفكير الثاقب مع ما يلتمع في سياحة جديدة مع المطر. كأني أعيد تواً ربط ما أنقطع من وشائج وصوت قديم بيني وبين نبرات تساقط هذه القطرات المائية الحالمة. أحسست أن عليّ أن أعيد قوس قزح اللغة السحرية القديمة التي كنا نتحدث بها أنا وصديقي القديم ــ المطرــ .
أنا منذ انقطعت صلتي الروحية معه منذ اربعة أعوام وتعرضت علاقتنا لخراب وهجران، أخذت أفكر فيه وكأنه مستوطن غريب، أو نوعاً من كارثة بيئية، وأن ما تركه في نفسي، ليس سوى درجة واطئة من حميمية، فقدت معناها، من الصعب العثور عليها. في البدء، وأنا أفكر اللحظة بشيء من الوضوح، أشعر وكأننا نحاول نقترب بحذر.. كأنما نزحف للقاء بعضنا لبعض زحفاً. لقد رأيته اليوم وكأنه أحد الأصدقاء، بل أقربهم، من بقي على قيد الحياة. بهذه الدقة العاطفية، كنت أخذ رأسه بحنو لحضني. أحاول أن أعثر في ذاكرته عما بقي منا، كأنما ما حصل، حصل منذ قرون. في تلك اللحظات أحسست أنه أول انتصار لنا لما مزمع العيش فيه.. ملجأنا الداخلي الطلق. كنا نحاول استبقاء أحدنا للآخر أطول مدة ممكنة، للتفاهم من جديد. متابعة لتلك القوة العائدة تواً.. الكمية الوافرة من التحديق المشترك لملامحنا.. لجوهر الموضوع الصحيح.. لمحك تلك الحمية التي تجعلنا وسط التفاصيل الضرورية.. لنقاوم برد ما حدث لنا. أي إلى اللحظة التي تخلق الشعور الايجابي لحب الأمر والثقة فيه/ أنه شبيه بعملية غريزية/ تجري في أجزاءنا الحيوية لإعادة جسر اللحمة الذي نسفته ظروف لم تعد الآن غامضة كما كانت منذ أربع أعوام. كان علينا الآن أن نخلق جوا من الايجابية لعودة أواصرنا من جديد.
النوافذ كانت مفتوحة. والأفكار، كما الأطفال في مزاج البالونات الملونة، شعرت بها، وكأنها لم تعد تخشى الغارات الجوية، كانت تخرج، بكامل فرحها، خارج حالة الطوارئ لاستقبال الهواء النقي. فما فُقد من الشمال عليه أن يُعاد للشمال، والرسائل التي انقطعت عن الجنوب عليها أن تعاود وصولها لتبلغ آخر مكان في الجنوب.
ليس الذنب، ذنب المطر عندما كان بيتي يفيض لأعوام ثلاث متتالية، وتنقطع صلتي الطبيعية فيه، ليس ذنب تلك القطرات الجميلة عندما تُتدمر جراء هطولها كل نشاطاتنا الاعتيادية. ولا ذنبي أن اكرهه كل هذا الكره وكأنه عدوي وعدو عائلتي. إنما، وهذا أمر وجدته بحكم اليقين، أن النظام السياسي هو من حوله برأسي لعدو لدود. عندما حوله النظام الفاشل جملة وتفصيلاً، واحداً من أدواته الغاشمة لتسلطه الأرعن. بسبب فعل فاعل أو نتيجة فشل واقعي عن توفير المجاري السليمة، كأبسط من شروط نظام بيئي متوازن، أقول تم تحويل هذه النعمة الطبيعية من كون المطر جميلا وعميم الفائدة ، إلى مطر سياسي بامتياز، أكثر عداوة لي وللآخرين ممن تفيض بيوتهم لأيام عدة، وتتحول حياتهم لملهاة مضحكة ومبكية.
.............
من مجموعة ( براويز )..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى