الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إخفاق الطفل وفشله مسؤولية الجميع

يوسف حمك

2017 / 4 / 16
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إخفاق الطفل وفشله مسؤولية الجميع

الطفل برعم رقيق يتأثر بعوامل عديدة ذاتية منها وخارجية ، ومدى انعكاسها على التكييف والتربية مع عموم الأجواء التي تحيط به من تلوث المجتمع إلى آفة تناقضات الأسرة .
إما تفتح بنهج سليم ، وتزهر بثمار الأمان ، وإيناع بالسلامة ، وإما إصابة بعقد نفسية وأمراض تتفشى فيصعب التغلب عليها والفوز بنشوة النصر.

مثلما يبدو جسم الطفل طرياً غضاً فإن أعماقه النفسية تعد أكثر طراوة ونعومة يستوجب الحذر الشديد في التعامل لتنشئتها لئلا يطالها الذبول ويتلوث نقاؤها الخالص .
لهذا أجمع المختصون والباحثون وعلماء النفس أن الأعوام الستة أو السبعة الأولى مسند أساسي يتوكأ عليها بناء شخصية الطفل ونموها (السليم والرديء على السواء ) .

مسؤولية عظمى تقع على عاتق الأبوين قبل غيرهما للعناية بالطفل وتنشئته بمنهج معافى .
فصراعهما على النفوذ داخل البيت ونادرا خارجه ، والخلاف بينهما يسدلان ظلالاً قاتمةً على مزاج الطفل ، و يوقعانه في شباك خفي من الحيرة مع من يقف ؟
مع الأب الذي هو نتاج ثقافة ذكورية بمفهومها الفحولي يحاول أن يلغي دور الأم الأنثى – كديك رومي ينفش ريشه – أم مع الأم المتسلطة تحاول الشطب على شخصية الأب ليبدو مهزوزاً ضعيفاً أمام عينيه صغير الحجم ؟

و كثيراً ما يوبخ الأب الطفل لتقصيره كأن ( يؤنبه على قلة تقصيره الدراسي ، أو ارتكابه الخطأ بغير عمد ، أو بعمد و سابق إصرار .....) فيقسو عليه و ربما بالضرب المبرح ، أو يشح من مطالب الطفل ، و حرمانه من الأشياء المحببة إليه ما يؤهله للتعرض إلى أمراض نفسية .
و على النقيض إغداقه بتلبية طلباته ، و الإفراط في منحه ما يزيد عن حاجاته الضرورية ، و مما لا يتناسب مع صغر سنه ( أي الدلال الزائد ) و انعكاسه على سلوكه في الكبر ، فيغدو متواكلاً يعتمد على غيره في كسب ما يلزمه لا على نفسه .

ما يجب على الوالدين بالدرجة الأولى و المعلمين و التربويين القيام به لغرض التنشئة و الوصول بالطفل إلى بر الأمان هو مخاطبته بلطف و ود . و خلق شعور جميل في أعماقه فيشعر أنه مثار اهتمام الغير تعزيزاً للثقة بالنفس ، و تقوية شخصيته برفض ما يراه باطلاً دون خنوع و إذلال .
وعدم هدر الوقت الثمين بتنظيمه له ، مع منحه الزمن اللازم للاستمتاع بطفولته ، كما الوقوف بجانبه إذا فشل ، بمواساته على أنه أمر هين .
و مدحه بين الحين و الآخر و لاسيما أمام الآخرين دعماً لإحساسه بقيمة ( أناه ) و السماح بالتعبير عن آرائه . و عدم الكذب أمامه ، أو وعوده بتأمين بعضاً من رغباته ، ثم المماطلة والتسويف إلا أن يقع في حبائل الكذب ، فيفهم الطفل أن الكذب مباح ويتخذه سلوكاً له في الكبر ، كما السعي الدائم لغرس جميل الصفات وحميدها في نفسه .

ولمطاردة آفة الخجل عليهم تشجيع الطفل على التحدث مع الآخرين ، وخصوصاً الكبار منهم والتفاعل ، لتوكيله القيام بأعمال لا يفوق قدراته العقلية لبلوغه النجاح المضمون .
كما علاج كل ما يجعله منطوياً يثير لديه الخجل ، وزجه في مواضع يشترك مع جمع من أقرانه في اللهو والتسالي .

و باعتبار أن الحياة لا تقتصر على النجاح وحده ، بل للفشل فيها مكان كبير .
ومثلما النجاح شهيقها فإن زفيرها هو الفشل أيضاً .
وما أكثر الفاشلين من ضحايا إهمال الوالدين لأبنائهم وتقاعسهم عن أداء دورهم التربوي ، أو سيرهم في الاتجاه الخطأ .
ولا أقصد الناجح الذي غالباً ما يكون نجاحه مقابل خسارته بفقد كرامته وقبوله الإذلال ( كأن يكون ذيلاً للسلطات ، أو من أحد ذيول ذيلها )، مما يضيق تنفس المبدع عن استنشاق هواء العدل والإنسانية ، ويختنق عزيز النفس ضحية مجتمع يسوده الجهل الرخيص والتخلف المدوي بمعتقدات تملا جوف الطفل رعباً من الأشياء الوهمية بغية تخويفه من ( الغول ...العفاريت ....الحكايات المرعبة ...) هذه الأوهام تترعرع مع تقدم مرور أيام عمره ، وتكبر مع أفكاره فلا يتجرأ على الخروج ليلاً حتى وهو في ريعان شبابه .
فيهبط مستوى إقدامه أمام أسطورة خرافة عمياء ، وتنهزم الجرأة من أعماقه كطفل صغير يطلب النجدة من براثن غول أو جني لا وجود له أصلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل