الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُشكلة أنّهم لا شيئ ..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم, يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
" المتنبي "
بعد أن هدأ قليلاً الحديث عن رسائل الدكتوراة ذات المواضيع العجيبة والغريبة (كأحكام الضراط – وسلوك الحائض – ومضاجعة النفيس – وعلم نفس عذاب القبر- العالم في أثر بخار فم الصائم ..و ..و.. الخ . . والتي ينالها الطلبة بمراتب شرف في بعض جامعات الرمال من بلاد الحجاز ( المسماة حالياً بالسعودية ) وغيرها ، حيث يتخرج هؤلاء بدرجة " الدكتوراة " ومن ثم يُسمّى الطالب بعدها : بالدكتور أوالعلامة أوالشيخ الكبير .. بل ومنهم من يُصبح من كبار الوعاظ والدعوة، فقط لأنه أثبت مثلاً: أن عمر السيدة عائشة ليس ست أو تسع سنين حين وُطئت بل أكثر ..ومن هؤلاء البهلوان "عدنان إبراهيم " أو "كبهلول النجار" الذي ما انفك يُثبت لنا المرة تلو الأخرى، ( مؤخراً في المغرب ) أن شُرْبَ بول البعير يُشفي المرض العضال، تارةً من البهاق و البرص وتارة من الحمى وفقر الدم والسرطان ، معززاً أقواله وبراهينه المُتهافتة بعبارات بلهاء جوفاء دائمة ، آسرة لعقول الدهماء والعامة مثل :
ثبُتَ علمياً ..أو قال الغرب .. أو اكدت مراكز الأبحاث.. الخ.
حدث مؤخراً أن ضجّت وسائل الاعلام العربية ، بالطالبة الجهولة في احدى بلدان شمال أفريقيا ، والتي تقدّمت برسالة لنيل درجة "الدكتوراة "، تثبت فيها ان الأرض ليست كروية ، بل هي مسطحة، إعتماداً منها على بعض آيات الذكر الحكيم .. والأنكى حدث حين استفزت الأوساط العلمية وساءلت عن الأمر ، أراد "الدكتور" المُشرف عليها ، أن يُوضح الأمر للجمهور، ( وليته مافعل ) فقال أن هذا ليس صحيحاً أبداً ، وأن طالبته الذكية جداً ، تريد فقط ان تُثبتَ أنّ الأرض لا تدور حول الشمس بل العكس تماماً ، كما تعلمت من كتب كبااااااار العلماء الوهابيين والسلفيين (ابن باز وابن عثيمين وغيرهم ) وتؤكد بالدليل العلمي القاطع أن هناك شروق للشمس وغروب لها في عين حمئة ..
المضحك المُبكي في الأمر ، أنه وبالرغم من مرور مئات السنين على وعي البشرية جمعاء ، بأن الأرض ليست مركز الكون ، وأن هذا الكائن الكربوهيدراتي المُسمّى " الإنسان " ، لم يعد محور هذا الوجود الذي ندركه ، كما هدانا إلى ذلك بالطبع " العظيم كوبرنيكوس " .. ومن بعده أولياء العلم الصالحين ..
نجد أنّه - ومع كل أسف - مازالت بعض الأديان الإشكالية تُصرُّ على مناصرة " بطليموس " وإقناع المُؤمنين السُذج بها ، بأن يتصرفوا بإستعلاء وصلف ، وكأنّهم الكائنات الأعظم أهمية بين كل كائنات كوكب الأرض ..
والأدهى أنّهم ما انفكوا يتدافعون لأن يثبتوا بدوغمائياتهم البالية ومسالكهم الرّثّة ، أن الوجود برمّته مُسّخرٌ لهم ، وأنّ الحقَّ المُبين كلهُ محصور فيما سُطّرّ لهم وحدهم دون العالمين ، وأن ما قيل تنزيلاً عليهم هو عين الصواب ، وأن ما يتناقلوه تواتراً هو ما يجب على جميع الناس أن يفعلوه أو يؤمنوا به ...
وربما المُحزن في الأمر- في ظني - انهم ليسوا في انهم يقفون في آخر الصف من خصوم الحداثة والتنوير والعلم وحسب ، بل لبُّ المشكلة معهم ، يقع في كونهم ليسوا حتى أهلاً لأية خصومة علمية أو حضارية أو حتى ثقافية ، مع أي من الأقوام الأخرى ، ولا هم حتى بأندادٍ لأبسط الأفهام التي من حولهم في هذا العالم المعاصر ، والذي بدأ يتأفف من عبئ وجودهم الفعلي على الحضارة الإنسانية ككل..
وبات كثير من شعوب الأرض يرونهم ليس غباراً يزكم الأنوف وحسب ، بل ويعون وببساطة : أنّ المشكلة مع هؤلاء أنّهم لا شيء ..
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا


.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني




.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح