الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس علوم البيولوجيا و الجيولوجيا

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2017 / 4 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


في مرحلة الثانوي التأهيلي المغربي أي السنوات الثلاث قبل التعليم الجامعي ، من حيث الطريقة البيداغوجية لمادة علوم الحياة والأرض ، فإن مجموعة القسم – الأستاذ التي تجعل من هذا الاخير ايضا عضوا فيها ،حسب دينامية المجموعات ،يجب أن يلعب فيها الأستاذ دور منسق فقط يثير الإشكالات بشكل ذكي و يدفع التلاميذ لطرح التساؤلات حولها تمهيدا للخوض فيها و تشجيعهم على الوصول التدريجي، عبر عمل مخطط لمراحله مسبقا كإستراتيجية ضرورية لمختلف مراحل حل الإشكال و "صنع" درس علوم الحياة والأرض ضمن الطريقة التربوية التي تسمى تحفيزية . هذه الطريقة أنسب لأنها تجعل التلاميذ يخرجون من الجهل اللاواعي للجهل الواعي .أي للوصول لنتيجة انهم كانوا لا يعرفون ما توصلوا اليه من نتائج أي كانوا في الواقع لا يفكرون حتى في انهم يجهلونها .ثم تكسبهم مهارات وكفايات يكتشفون أنه كان يكفي تدريبهم عليها في تمارين بسيطة.بعبارة أخرى يتعرف التلاميذ على طاقاتهم الذاتية الكامنة.فيخرجون فرحين من الدرس بإكتسابهم الثقة في انفسهم.
للاسف ان هذه الطريقة لا تتحرك بسرعة كبيرة إذا أخذنا بعين الإعتبار إختلاف وضع التلاميد وذكائهم أو صعوباتهم أو إستعداداتهم في تلك اللحظات أو حالاتهم الاجتماعية . بالاضافة لذلك فبعض الوحدات من المقررات لا يمكن إجراء أي إختبار كبير للتلاميذ فيها إلا إذا إكتملت الوحدة كلها .
ومن المعروف أن علوم الحياة والأرض هي علوم تجريبية أي علوم تعتمد على المنهج التجريبي في البرهنة على صحة المعلومات و المعرفة العلمية. و لذلك تسمى علوم حديثة.
هذا المنهج يلخص في الخطوات التالية : الملاحظة – الفرضية- التجربة – النظرية أو القانون .و هو المنهج الذي يتكرر في كل درس من دروس علوم الحياة والأرض لتدريب التلاميذ عليه و جعل التفكير فيه سلوكا مكتسبا يغير طريقة تفكيرهم و تعاطيهم مع الوسط المادي المحيط و ظواهره المختلفة المحسوسة والملموسة .و تلعب التجربة وتحليل نتائجها دورا حاسما في إقامة الدليل والإقناع المنطقي لتفسير حادثة أو سلسلة حوادث أو مظهر أو مظاهر معينة لظاهرة ما قيد الدرس و الملاحظة أوالتساؤل .
و لذلك فقاعات الدرس لهذه المادة مرتبطة عضويا ولزوما بمختبر لعلوم الحياة والأرض فيه الأدوات اللازمة لإيضاح المعلومات و إجراء التجارب و السماح بالملاحظات سواء تعلق الامر بالمشاهدة المباشرة او عن طريق المجهر. خلال الدروس يمكن بسط تاريخ ظاهرة ما و كيف تم التوصل إليها عبر التاريخ و ما كان يعتقد خلال حقبة ما مع الاخطاء التي كان يقع فيها الأقدمون قصد دفع التلاميذ لإستنتاج أن العلم التجريبي هو في واقع الأمر تاريخ تراكم أخطاء تم تصحيحها عبر الزمن بدلالة تطور وسائل الرصد والملاحظة .لكنها ليست أي أخطاء . إنها أخطاء أنتجت معرفة و غيرت حياة و وعي الناس و نفعت البشرية و قضت على الكثير من أوجاعها التي كانت لوقت قريب تقض مضجعها مثل الأوبئة المعدية التي كانت تنتقل بسرعة البرق وسط البشر و غيرذلك .
و تشكل الملاحظة العلمية الموضوعية للظاهرة المدروسة بكل أنواعها بالعين المجردة للمايكروسكوب المتعدد الوظائف و الامكانيات ، مرحلة أخرى مهمة في جمع المعلومات الأولية حولها.فيجب أن تكون دقيقة مختصرة و وواضحة وموضوعية أي أن قارئها يجد نفسه مباشرة في الموضوع و يلم بكل تفاصيل الظاهرة المعنية و جوانبها المختلفة و يجد نفسه أمام معلومات محايدة لا تَدَخل لذات كاتبها في الموضوع.
و تبقى مرحلتي الفرضية والنظرية أو القانون هي مراحل ترميز العمل التجريبي و خلاصاته الفكرية بلغة خاصة واضحة و محددة و دقيقة و في نفس الوقت بسيطة .إنها بهذه المواصفات ليست أي لغة .و لذلك تحتاج لتدريب التلاميذ عليها خطوة خطوة عبر التمرين والتكرار المتنوع.
زيادة على أن درس علوم الحياة والأرض ليس فقط درسا لا تستعمل فيه معلومات تخصصات أخرى مثل الفيزياء و الكيمياء و الرياضيات و الطب..و غير ذلك .إنها علوم خاصة و غنية تهتم بالحياة اليومية للمجتمع و وعيه الجمعي ايضا.
ليس هناك مجال في علوم الحياة والأرض للإقناع فقط بواسطة الرواية أي أن تروي أي معلومات دون دليل مادي محسوس و ملموس و قابل للمشاهدة.
فالبيولوجيا العصرية التي لا يزيد عمرها عن قرنين و نصف كنمط تفكيرمتطور اثبت جدارته في اكتشاف الكثير من القوانين البيولوجية والاسرار التي كانت الى وقت قريب مخفية في كتاب الطبيعة و مدت الطب بسيل من المعلومات ساعدت في الزيادة من حظ البشر في الحياة ، لا يجب مقارنتها بمواد ، تتكلم عن ظواهر إجتماعية قديمة وقعت في بيئة غريبة و بعيدة كل البعد عن تربة و بيئة شمال افريقيا ، لازالت للاسف تدرس اليوم في المدارس و تحشر اذهان التلاميذ بمعلومات عن كائنات وعوالم متخيلة و مخيفة لا دليل علمي على وجودها تشوه وعيهم و تخلق في مجالهم الادراكي فضاء ملئيئا بالثقوب والتساؤلات المحظورة و تدفع لسلوكات عدوانية تتوج بالجنوح نحو الارهاب الدولي.
و لا ندري لماذا تم حذف تدريس نظرية التطور البيولوجي من برنامج الباكالوريا المغربية و قد كان المفروض ان يبدأ تدريسها قبل ذلك كنظرية مفسرة لوجود الانسان على الارض مثل ما هو موجود في كل العالم.
فحينما نقول نظرية التطور البيولوجي فهذا لا يعني كما يخلطها البعض مع "وجهة نظر" أو مع "فرضية" أنها ليست حقيقة علمية تماما مثل النظرية الخلوية معززة بجبل من الأدلة الدامغة التي لا تقبل شكا ولا جدالا.و كحقيقة علمية فهي لا علاقة لها بالسياسة أو الدين.
و الذين يعتقدون من الشيوخ غير المؤهلين في مجال البيولوجيا أنها مؤامرة غربية على العالم الإسلامي أو على الله ، فهم في الحقيقة يريدون فرض وصايتهم على الناس حتى لا يأخذوا حظهم من العلم الحديث وهم يا إما جاهلون أو متظاهرون بالجهل.لأنها تدرس في أعتى المعاهد الشرقية في الصين وروسيا و الهند و غيرها ايضا كحقيقة علمية تماما مثل كروية الارض .وعدم فهمها من طرفهم أو تظاهرهم بذلك ليس دليلا على بطلانها و انما هو دليل على فساد أذهانهم أو عدم امانتهم أو احتياطهم من جهة ما تمنعهم من قول الحقيقة.
في تونس مثلا القريبة جدا منا يمكن الدخول لموقع وزارة التربية التونسية التي كانت تشرف عليها حكومة الاسلاميين من حركة النهضة و الاطلاع على قسم برامج علوم الحياة والأرض .و سيجد القارئ نظرية التطور لا تزال تدرس هناك و بالفرنسية.
ما الذي جعل المغرب اذن يتخلف في هذه النقطة بالذات عن تونس وكلاهما لا يزال مكتوبا في دستوريهما انهما دولتان دينهما الاسلام ؟
إن كل ما يتم تدريسه في علوم البيولوجيا هو في الحقيقة فقط تفاصيل هذه النظرية..فالبيوكيماء مثلا أو علم الوراثة هما علمان لتفاصيل فقط من زوايا مختلفة لنفس الظاهرة في هذه النظرية الكبيرة .لفهمها بكل ما في الكلمة من معنى و بوضوح ذهني تام يجب ان يكون المرء ملما بهذه التفاصيل.
فهل فقهاء الدين ملمين بهذه العلوم الحديثة ؟؟
طبعا لا .فهم متخصصون في أكاذيب مسلم والبخاري و غير ذلك ...
لذلك تجدهم أول المعارضين للعلم الحديث ويهرفون بما لا يعرفون .و الغرب يسخر منهم .فيبدون كالسارقين في السوبرماركات الذين لا ينتبهون لكاميرات المراقبة و الناس تتفرج عليهم و تضحك من غبائهم.
إن نظرية التطور البيولوجي لا تعني عدم وجود الله و إن عنت خطأ الكتب المقدسة مثلا.فوجود الله يمكن اثباته عن طريق العقل والفلسفة و لبس عن طريق العلوم الحديثة حتى لو استعملنا ادلة تفصيلية علمية .لأن العلم الحديث يجبرنا على اقتراح تجارب يكون فيها الله احد عناصرها .و هذا مستحيل .
اذن اقتناعنا نحن كألوهيين بوجود الله نابع من تفكيرنا العقلاني الفلسفي الاستدلالي فحسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة