الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يحدثُ أحياناً ...- جُزءٌ من مشروع رِواية -

امين يونس

2017 / 4 / 18
الادب والفن


" ريان " شابٌ جميل الطلعة ، عيناهُ مُلونتان .. أكملَ دراسته الإبتدائية والمتوسطة في مدينته الصغيرة ويرانيا ، ثم دار المعلمين في الموصل بِتفوقٍ باهِر، وأصبحَ مُعّلِماً لامعاً في إختصاصه . وحيثُ أنهُ كانَ رشيق القَوام ورياضيٌ وسيم وفوق ذلك " أفندي " أي مُوّظَف حكومي بِقاطٍ ورِباط .. فأن اُمّهُ لم تجِد أي صعوبة ، في إقناع قريبتهم " فَتْحية " بالزواج منهُ .. فتْحِية رائِعة الجمال ، وتكادُ مفاتنها تقفزُ خارِج ثيابها من شّدَة أنوثتها ! . طارَ عّفان من الفَرَح حين أخبرَتْهُ أمّهُ بأن فتحِية وافقتْ .
ريان مُتفتِحٌ أصلاً .. وثقافته التي أتاحتْ لهُ الإطلاع على أخبار وأحوال الدُنيا من خلال التلفزيون والكُتُب ، زادتْ من إنفتاحه ، بحيث أنهُ لم يحمل على مَحمَل الجد ، الكلام الجارِح بِحَق خطيبتهِ ، من أفواه بعض أصدقائه ، وإدعاءهم بأن فتْحية كانتْ على علاقةٍ مع فلان وعّلان .. وإعتبرَ أن ذلك كلّه ، مُبالغات ، وقال لهم بالحرف الواحِد : ليس هنالك فتاةٌ في ويرانيا ، لم تكن لها علاقة بشكلٍ من الأشكال ، في مرحلة المراهقة المُبّكِرة ومن ضمنهُنَ أمهاتنا وأخواتنا جميعاً .. وأردَفَ ضاحِكاً : أنكُم تغارون منّي لأنني سأتزوج من فتْحية ! .
فتْحية لم تكُنْ مُثيرةً فقط ، بل كانتْ شَبِقة أيضاً ... وبعنفوان الشباب والصّحة الجيدة ، إستطاعَ ريان تلبية رغباتها وإحتياجاتها في الأشهُر الأولى من الزواج . لكّنهُ إكتشفَ تدريجياً ، أنهُ لن يستطيع الإستمرار في ذلك ولا مُجاراتها في شهوانيتها المُفرِطة .. فهو لديهِ إلتزامات عديدة ، أهمها الدوام الوظيفي اليومي ، وكذلك واجباته في التنظيم الحزبي الذي إنخرطَ فيهِ مُؤخَراً وحُبهِ للنشاطات الرياضية ، إضافةً إلى مواظبته على الذهاب الى المقهى مساء كُل يوم تقريباً ... مِما يجعلهُ يشعر بالتعب والإنهاك حين يعود إلى المنزل ، ولا يرغب بل لايستطيع ممارسة الجنس في بعض الليالي ... مما حدا ب فتْحية إلى التذمُر بشكلٍ صريح .
رُزِقا بمولودهما الأول ... وبعد أشهُرألحتْ عليهِ فتْحية بضرورة الإنتقال إلى منزلٍ خاص بهما والخلاص من إزعاجات ومشاكِل البيت المُكتظ بأهل ريان .. وإستجابَ الرجُل وإستأجَرَ داراً مُناسِبة ، وإستطاعَ بما إدخَره من مبلغٍ وببعض المُساعدةِ من أهلهِ ، أن يفرش منزله الجديد ويشتري تلفزيوناً وثلاجة وطباخاً .
لجأ الأستاذ إلى صيدلية المُستشفى المحَلي ، وطلبَ من أحد أصدقاءه العاملين هناك ، أقراصاً مُقّوِية . فقالَ لهُ الصديق مُداعِباً : .. تفضّل ياسيدي ، هذهِ سترفع رأسكَ عالياً في الليل . رّدَ الأستاذ ضاحِكاً : إعطني عُلبةً أخرى ، واحدة للليل والأخرى للنهار .. فإبنة الكلبة لا تشبَع ! .
..................
ريان وزوجته ، كانَ عليهما مُراجعة إحدى الدوائر لغرض إنجاز مُعامَلة ما ، ولأن الإزدحام كانَ شديداً كالعادة ، وطابورٌ من المراجعين من أهالي القُرى ينتظرون خلف الشبابيك الصغيرة . فأن الأستاذ توجهَ مُباشرة الى الباب الذي يحرسهُ شُرطيٌ مُتجهِم ، وقالَ لهُ بِلهجةٍ واثِقة : مرحبا .. رجاءاً ، قُل للعريف عبطان ، ان الأستاذ ريان عندهُ معاملة . دخل الشرطي الى الدائرة .. فقالَ ريان لزوجتهِ ، مُتباهِياً : أن العريف هو الكُل بالكُل في الدائرة ، وهو صديقي ونحن نلعب الرياضة معاً .
رّحبَ بهما العريف بحرارة ، وجلسا قبالته ، طلبَ العريف من شُرطي أن يأخذ المُعامَلة ويُمشيها . تبادَل عبطان الحديث مع ريان عن إجتماعاتهما الحزبية وعن الرياضة ، مُختَلِساً النظر بين الفينة والفينة إلى هذهِ اللوحة الجميلة المُبتسمة الجالسة أمامهُ . بعد إكمال المُعاملة وشُرب الشاي ، نهض العريف ليُصافحهما مُوّدِعاً ، وأحّسَ بأن فتْحية تعمدتْ الضغط على يده أثناء المُصافَحة ، بل ترائى لهُ إنها غمزتهُ قليلاً مع إبتسامةٍ مُغرِية قبل خروجها ! .
رُبّما شعرَ ريان بنظرات العريف إلى زوجتهِ ... لكنهُ كالعادة فّسرها ، بأنها إعجابٌ طبيعي بجمالها وأنوثتها الطاغية ، ثم قالَ في سّرِهِ مُختالاً .. ومَنْ لا يعجب بها هذهِ الفاتنة التي يعشقها ؟.
بعد فترةٍ ، لم تَعُد حتى الأقراص ، تسعفهُ أحياناً .. فإزدادتْ شكاوي زوجته وكانَ هو يشعرُ بالإحباط . وفي يومٍ قالتْ لهُ : غداً أدعو صديقك العريف على الغداء ، لأنهُ قّدمَ لنا خدمةً مهمة كما تعرُف ، وهو غريبٌ ، فمن اللطيف أن تدعوهُ رّداً لمعروفهِ . فوافقَها فوراً . وفي اليوم التالي ، إصطحبَ ريان العريف عبطان الى البيت لتناول الطعام . وبعد ان أكملا وشربا الشاي .. أرادَ العريف أن ينهضَ ويغادر لأنهُ يدرك ان ريان عندهُ إلتزامٌ ويجب أن يذهب .. لكن فتْحِية حلفتْ حلفاً غليظاً ، بأنهُ سيبقى لتناول الفواكه ، وقالتْ بما يشبه الأمر مُخاطِبةً زوجها : إذهب أنتَ إلى عملك لكي لا تتأخر ، وليبقى العريف لتناول الفاكهة ثم يُغادِر . وبالفعل خرجَ الأستاذ مودِعاَ .
رُبما فّكَر ريان للحظة ، بأنهُ لايجوز أن يتركهما لوحدهما في البيت .. لكنهُ أبعدَ الوساوِس عن نفسه . رغم ان بُقعةً صغيرة في أعماقهِ كانتْ شُبه مُتيقنة بأن فتْحية أبعَدَتْهُ مُتعمِدةً ليخلو لها الجو .. لكن ما أدهشهُ أنهُ ليسَ ناقِماً عليها ! . وقفزَ إلى ذهنهِ أن فتْحية رُبما قد خططتْ لهذا الأمر جيداً ، وحتى أنها أرسلتْ إبنهما إلى بيت أهله ... ولكن ياإلهي ، أنهُ يحبها جداً ولا يمكنهُ الإستغناء عنها ويعرف أنها هي أيضاً تحبهُ ، ولكن ما يقهره أنهُ لايستطيع إطفاء شهوتها المضطرمة .. وعلى أية حال ، فّوَضَ أمرهُ الى الله طالباً السِتر ، فرُبما لن يُلاحِظ أحدٌ من الجيران شيئاً .. وتمرُ الأمور بسلام ! . أدركَ ريان في قرارة نفسه ، أنهُ متواطؤٌ نوعاً ما ، ولم يكُن ذلك يُزعجه في الواقع ، مادامتْ حبيبتهُ ستستمتع ... لكن الذي يخشاهُ هو الفضيحة إذا إنكشفتْ الحكاية ... ثم إستدرك ، وحتى إذا إنكشفَ الأمر ، فأنهُ سيأخذ حبيبته ويرحل إلى مكانٍ آخر بعيد ولن يتخلى عنها .
.............
كانَ العريف عبطان قوي البُنية ،أسمراً داكِناً ، مضى عليهِ أكثر من شهرٍ وهولم يذهب في إجازة إلى بلدتهِ النائية ... فكانتْ ساعةً خُرافية من اللذة لهُ ولفتْحية التي إرتوتْ تماماً ... إلى حين .
...........
بعد تسعة أشهر ، شّرَفَ مولودهما الثاني ، وكانَ ويا للغرابة ، أسمراً وعيونه سوداء بعكس أخيه الأكبر، ففرح بهِ الجميع ، وفسّرَتْ فتْحية لونه الغامِق ، بأنهُ يشبه جدّهُ لأبيهِ ، فوافقها ريان وأكدتْ النُسوة المجتمعات من الأهل والأقارب ، بأنهُ فعلاً يشبه المرحوم والد ريان .
..........
لم تُسنَح الفُرصة لِدعوة العريف عبطان مرةً أخرى ، فلقد نُقِلَ بعد فترةٍ قصيرة ، إلى مدينةٍ بعيدة . لكن جار ريان ، الأستاذ " سّلال " ، لاحظَ يوماً ، وهو في طريقهِ إلى منزله المُحاذي ، ومن خلال الشُباك المُطل على الزقاق ، فتْحِية في ملابس شفافةٍ فاضحة ، فأثارهُ ذلك ، رغم أنهُ متزوج وصاحب أطفال وذو سُمعةٍ ناصعةِ البياض . لكنهُ تَعّوَذ من الشيطان ودخل منزلهُ ... توظأ فوراً وقامَ للصلاة ... فضحكتْ زوجته قائلةً : ماذا تفعل يارجُل ، ما زال الوقت مبكراً لصلاة العشاء . أجاب : هذا ليسَ شغلك ، أنها صلاةٌ إضافِية ! . شعرَ سّلال بالذنب لأنهُ نظرَ في طريقه إلى شُباك جارتهم ورآها على ذلك الشِكل .. وطلبَ المغفرةَ من رَب العالمين .
لكنّ سّلالاً في اليوم التالي ، وحين عودتهِ إختلَسَ النظر إلى الشباك ، فرأى فتْحية وكما يقول عادل إمام " لابسه مِنْ غير هدوم " مع إبتسامةٍ مغرية وكأنها دعوةٌ للدخول . فأسرعَ إلى منزله ، وصّلى عِدة مراتٍ متواصِلة في خشوع ، وسط إستغراب زوجته ! .
لكن بعد مرور أيام .. إنتصرَ إغراء فتْحية على وَرَع وإيمان سّلال .. فألقى نظرةً فاحصة إلى الزقاق الخالي ، ودَلَف إلى منزلها ، وكانَ ما كان .
ريان ، إلى جانب صفاتهِ الأخرى ، فأنهُ ذكي ، فلقد أدركَ بأن هنالك " شيئاً ما " بين فتْحية وجاره سّلال ، لكنهُ تعامى عن ذلك وتغاضى .. بل في ليلةٍ وحين عودتهِ رأى سّلال يتسلل من باب منزله ويتوجه إلى بيته المُجاور . على أية حال .. فكر في نفسه : سّلال إنسانٌ مُحترَم والكُل يُقّدره في ويرانيا .. ولن يُصّدِق أحد ، ان سّلالاً يقوم بمثل هذا الشئ ... ومادامَ الأمر حاصل حاصل ، فمن الأحسن أن يكون شخصاً مُعتَبَراً مثل سّلال وليس آخَرَ تافِهاً ! .
........
بعد سنواتٍ .. إستقرتْ عائلة ريان في المدينة الكبيرة .. وهدأتْ فتْحية تدريجياً . أما ريان ورغم كُل صفاته المنفتحة وحُبه للحياة والمرح وعدم مُبالاتهِ ب " صغائِر الأمور " ، فلقد اُصيب بجلطةٍ قلبية قاتلة ، ومات وهو لم يبلغ الستين بعد . في حين ان فتْحية وهي تقترب الآن من السبعين ، والتي أدتْ فريضة الحَج مَرتَين لحد الآن ولا تفوتها أي صلاة .. فتْحية واثِقة بأن الله يغفر لها لاسَيما وهي لم تُؤذِ أحداً في حياتها .
أما صاحبنا سّلال ، فلقد بلغ الثمانين من عمره .. وهو يُصّلي الصلوات الخمس في الجامع وليس في البيت ، إيماناً منهُ ، أن ذلك سيمحو كُل ذنوبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف