الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله في فكر عمر الخيام10/ 25

داود السلمان

2017 / 4 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الدنيا:
ما هي الدنيا؟
يقول الخيام:
نمضي وتبقى العيشة الراضية
وتنمحي آثارنا الـــــــــماضية
فقبل أن نحيا ومن بعـــــــــدنا
وهـذه الدنيا على ما هــــــــيه
والشاعر هنا يشكو امر الدنيا وتقلباتها، وانه تأتي امور وتتغير احوال، ويرحلون عنا اعزاء، ونفارق احبة عزيزون علينا؛ والدنيا باقية كما هي، لا يتغير فيها شيء ابدا.
تعريف الدنيا:
هي فُعل من الدنو أي القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى، وقيل سميت دنيا لدنوها إلى الزوال. (لسان العرب، مادة دنيا، إتحاف القاري، 2/ 11). وفي قاموس المعاني: الدُّنيا: الحياة الحاضرة، عكسها الآخرة لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ.
واصطلاحاً: هي مدة بقاء الأنواع الحية على الأرض.
حقيقة الدنيا:
وربما يسأل سائل: ما حقيقة الدنيا؟ كيف جئنا اليها وكيف نتركها ونحن الى الآن لم نفقه طبيعتها ووجودنا فيها؟. ومثل هذه الاسئلة قد اجبنا عليها في فصل سابق، وهنا نضيف امور اخرى.
فمن وجهة النظر الاسلامية فقد "اختلف في حقيقتها فقيل-الدنيا- ما على الأرض من الهواء والجو، وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، والأول أولى، لكن يزاد فيه مما قبل قيام الساعة ويطلق على كل جزء منها مجازاً"(إتحاف القاري، 2/ 11).
والحياة فيها لعب ولهو تفاخر وجمع اموال؛ وهذا هو المضمون الآية: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} الحديد 20.
والمقصود من ذلك أن كل شيء في الدنيا فان، وغير دائم وقابل للزال، طال ذلك ام قصر؛ وهناك حياة اخرى هي الباقية الدائمة الى ابدا الآبدين، والعاقل أن يتمسك بشيء زائل ويترك شيء باق لا يزول. وورد في ذلك آيات كثيرة واحاديث جمة في هذا الخصوص، لا يعنيها ذكرها في هذا المبحث.
والذي نريد ان نقوله، هو فعلا أن الدنيا زائلة لا محالة، وان الموت سوف يأتينا عاجلا أم آجلا، لكن المصير لا يعلمه الا الله. وتبقى بعد ذلك تكهنات لا توصلنا الى حقائق ملموسة نطمئن اليها، ويقر فيها العقل.
والشاعر يقر هنا: ان كل شيء يتغير ويتبدل ويذهب سدى، تتغير امور وتتبدل احوال، تموت اناس ويولد آخرون، والدنيا باقية كما هي.
طبيعة الحياة الدنيا:
إن الكون من حولنا موجود ضمن نظام دقيق، نظام معقد ومترامي الاطراف ويدل على أن له صانع مدبر جعله بهذا الشكل الدقيق. "وهو يضم 300 مليار مجرة وكل مجرة منها تحتوي في المعدل على 300 مليار نجمة. ويتجلى النظام المدهش الموجود في الكون في أن هذه المجرات والنجوم والكواكب والأقمار تدور حول نفسها من جهة، وتدور ضمن نظامه الفلكي في مدارات معينة من جهة أخرى. ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير نشوء كل هذا النظام الرائع والترتيب المذهل، والحساب الدقيق عن طريق المصادفة. وبالإضافة إلى هذا فإن أخذنا بنظر الاعتبار سرعة الكون فإن أمر النظام والتصميم البديع يأخذ أبعادا لا يصدقه العقل البشري، فأوزان النجوم، والكواكب، والمجرات وعناقيد المجرات والتي تصل أوزانها إلى البلايين وملايين البلايين من الأطنان تتحرك في الفضاء بسرعات مدهشة. فالأرض مثلاً تدور حول محورها بسرعة تصل إلى 1670 كم /ساعة وتدور حول الشمس بسرعة 108000 كم/ساعة, بينما تدور المجموعة الشمسية حول مركز المجرة بسرعة تصل إلى 720000 كم/ساعة. كذلك تتحرك مجرة درب التبانة- أي مجرتنا- في الفضاء بسرعة تصل إلى 950000كم/ساعة. (راجع موسوعة الاعجاز العلمي).
وهذه الحقائق المذهلة قد حيرت عقول، واذهلت لباب، وارقت فلاسفة، حتى اقروا بأن هناك مبدع مصور اوجد هذه الاشياء بدقة متناهية، فأقر معظمهم بوجود خالق وهو الله.
ما جاء في الاثر في وصف الدنيا:
هناك من ذم الدنيا ودعا الى الآخرة، لأنها هي المستقر الاخير، وكل شيء سواء ذلك الا غرور، وتفاهات، وملذات موقتة اسرع، ما تصير الى الزال.
قال النبي: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وقال: "مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال أي نام في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها"
وقال علي بن أبي طالب: (لا تكن بما نلت من دنياك فرحاً، ولا لما فاتك منها ترحاً، ولا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل من شغلته دنياه خسر آخرته). (نهج البلاغة).
وقال بعضهم: المغرور من غرته الدنيا.
قال الإمام الشافعي شعرا:
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ....يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت لذي الدنيا معانقةً ...حتي تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها.... فينبغي لك ألا تأمن النارا

والعرفاء قد ذموا الدنيا، وانقطعوا الى العبادة التامة والاخلاص الى الله، مع الاخذ بعين الاعتبار بعدم ذم الدنيا مطلقا لأنها هي من توصلهم الى السعادة الابدية بالعبادة والانقطاع، حتى قال قائلهم:
"قد سمع خلق كثير ذم الدنيا مطلقاً، فاعتقدوا أن الإشارة إلى هذه الموجودات التي خلقت للمنافع، فأعرضوا عما يصلحهم من المطاعم والمشارب. وقد وضع الله في الطباع توقان النفس إلى ما يصلحها، فكلما تاقت منعوها، ظناً منهم أن هذا هو الزهد المراد، وجهلا بحقوق النفس، وعلى هذا أكثر المتزهدين، وإنما فعلوا ذلك لقلة العلم... أن الدنيا عبارة عن أعيان موجودة للإنسان، فيها حظ، وهى الأرض وما عليها، فإن الأرض مسكن الأدنى، وما عليها ملبس ومطعم ومشرب ومنكح، وكل ذلك علف لراحلة بدنه السائر إلى الله عز وجل، فإنه لا يبقى إلا بهذه المصالح، كما لا تبقى الناقة في طريق الحج إلا بما يصلحها، فمن تناول منها ما يصلحه على الوجه المأمور به مدح، ومن أخذ منها فوق الحاجة يكتنف الشره وقع في الذم، فإنه ليس للشره في تناول الدنيا وجه، لأنه يخرج عن النفع إلى الأذى، ويشغل عن طلب الآخرة فيفوت المقصود، ويصير بمثابة من أقبل يعلف الناقة، ويرد لها الماء، ويغير عليها ألوان الثياب، وينسى أن الرفقة قد سارت، فإنه يبقى في البادية فريسة للسباع هو وناقته".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ