الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاناة الطفولة العراقية

صبيحة شبر

2017 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعاني الأطفال العراقيون ، من واقع معتم شديد الظلام ، ومن سلسلة طويلة من انعدام الحقوق ومواصلة الانتهاكات ، ومن تعثر الجهود في إيجاد بدائل للحياة المتدهورة ، التي يعيشها الأطفال في العراق في مختلف الميادين.
فمن سياسة دكتاتورية ، زجت البلاد في أتون حروب شرسة ، ضد الإخوة والجيران ، لم يكن لها دافع وطني ، ومن تشريد أعمى ، لكل المعارضين لتلك السياسة ، ونفي الآلاف من خيرة الكفاءات العراقية ، وإعدامات لم يشهد لها مثيل، في محاربة كل جميل ، هذه السياسة الدكتاتورية ومجيء الاحتلال الأمريكي ، لتحقيق مصالحه في الهيمنة ، على مقدرات الشعوب العربية ، وعدم السماح في تكوين قوة كبيرة ، قد تنافس إسرائيل في المنطقة ، كل هذه العوامل أدت الى نتائج كارثية ، في الواقع العراقي ، تكاثرت الأمراض الخطيرة بسبب الإشعاعات ، وتزايدت أعداد الأرامل والأيتام ، بشكل يمثل فجيعة كبرى ، تهدد الحياة العراقية ، وتقضي على التطلعات الطيبة ، في انبثاق حياة آمنة ، على أنقاض ذلك الخراب.
الطفولة في العراق تعاني من أمراض كثيرة ، لابد من إيجاد العلاج الناجع لها ، قبل فوات الأوان ، من يتم وفقدان الحنان الأبوي ، والرعاية الامومية ، ومن شحة في القدرات ، على تلبية الحاجات الأساسية ، ومن حرمان شبه كامل ، من الأصدقاء ومن الهوايات ، ومن تدهور الصحة النفسية ، والجسدية نظرا لمعاناة طويلة ، وحرمان من مصادر الدخل والأمان النفسي ، و عدم القدرة على إيجاد العلاج ، بسبب إجبار الأطباء على الهجرة ، او الاغتيال برصاصات طائشة ، لا تريد للعراق أن ينهض من جديد ، من رقاده المفروض عليه.
فماذا يمكننا ان نفعل لإيقاف ذلك التدهور ، في حياتنا على جميع الأصعدة ؟ وكيف يمكن للقلوب المخلصة للعراق ومستقبله ، أن تساهم ولو بأضعف الإيمان ، للتصدي لذلك الإصرار العجيب ، على اقتلاع أي أمل في نهوض العراق ،والعودة إلى ينابيع الخضرة من جديد ؟ أليس واقعنا الأليم هذا ، يدفعنا إلى التفكير بسبل للخلاص ؟ وكيف يمكننا إنقاذ أرواحنا ،مما يراد لها ، من يتم وتدهور ، وحرمان من الحب والحنان والأمان ، أليس من واجبنا أن نفكر ، بطرق إنقاذ طفولتنا البائسة ، من واقع شديد التعاسة ؟
نترك الماضي يولي بجراحاته الكثيرة ، ونفكر ان نصنع المستقبل ، عله يكون أكثر إشراقا ، من ماض تعيس مظلم ، وقد تعلم العراقي ، أن يبدأ من الصفر كل مرة ، وان يعيد النهضة ، وان يساهم في إرواء الشجرة ،التي حاولوا اقتلاعها ، لكنهم فشلوا ، وسوف يواصلون هذا الفشل ، لو كان في العراق ، أياد متفقة على إنقاذ الطفولة ، والمساهمة في صنع حياة باسمة لها ، كما هو الحال في كل ديار المعمورة.
علي مفكرينا وكتابنا ، ان يجدوا الطرق في إنقاذ طفولتنا ، من سياسة التنكيل والحرمان ، وان يعيدوا لأطفال العراق حياتهم الآمنة ، وأسرهم المتعاونة المتآلفة ، التي توفر كل حاجات الإنسان السوي ، من حب وحنان ، وتعليم اقتصاد وترفيه ، ومن تعزيز الثقة بالنفس ، التي سلبت ، ومن نظرة مطمئنة الى المستقبل ، الذي يجب ان يكون أكثر إشراقا ، من اليوم التعس ، والأمس المظلم ، لنفكر في إيجاد الطرق الناجعة ، تعيد الحياة لأطفال العراق اجتماعيا ، وسياسيا واقتصاديا ، وثقافيا ونفسيا ، وكل من هذه الميادين ، تتطلب تضافر الجهود وإمعان الفكر ، والرغبة الجادة.
تعتني الأسرة بحياة الطفل، وتوفر له ما يحتاج له من أساسيات ، وتغرس فيه حب النفس ، واحترامها وتقدير الآخرين ، وحب التعلم والوطن والرغبة في العمل والإحسان فيه ، وان يدرب منذ الصغر على احترام الرأي الآخر ، ليس نظريا فحسب ، وإنما عمليا أيضا ، بان يجد نفسه في بيئة تحترم اختلاف الآراء ، وان نعود إلى ماضي تعلمينا العراقي ، حين كانت هناك مكتبات عامة ،في كل مدرسة ، وكل منطقة سكنية ، وان كان هذا الأمر مقصورا على العاصمة بغداد ، فانه يجب ان يعمم ،على كل العراق ، لتكون الثقافة عامل بناء ، ويتعلم الطفل العراقي كيف يقرا الكتاب ، قراءة نقدية واعية ، وألا ينحاز إلى وجهة نظر الكاتب ، بدون إعمال فكر ووعي ، وان تحترم المدارس عقلية الطفل ومداركه ، وان تخلو الكتب المدرسية ، من أفكار التعصب وموالاة الاعتداء ، وتغليب القوة الجسدية ، على القوى الروحية والعقلية والنفسية ، كما يجب الاهتمام بالأنشطة اللاصفية ، وان يقبل عليها الطفل طواعية ، دون فرض او إكراه ، وعلى المربين ان يشجعوا الإبداع بكل ألوانه ، الأدب : شعرا ونثرا ،والفن، رسما وموسيقى ومسرح ، الذي يجب ان يأخذ العناية الواجبة ، من المسئولين عن تربية الطفل ،والقائمين عليها في العراق ، وان تخصص المبالغ المناسبة ، لتشجيع القدرات الإبداعية ونشر الجيد منها ، وإعفاء الأطفال من التكاليف المالية ، كما يجب الاهتمام بغرس المبادئ الجميلة ،التي تحترم الحياة وتدعو الى النضال ، من اجل تحسين ظروفها، وان نبتعد قدر الإمكان ، عن ثقافة الموت والدمار او تشجيع سياسة العنف وإلغاء الآخر.ماديا ومعنويا ، وقد ننجح وليس من المحاولة الأولى
بأن نساهم قليلا في إنقاذ الطفولة العراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا